رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية أم جشع التجار..

نكشف أسباب ارتفاع أسعار السلع الغذائية واللحوم بنسبة 50% قبل شهر رمضان

ارتفاع أسعار السلع
ارتفاع أسعار السلع الغذائية

حالة من التذمر تنتاب الشارع المصري نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل كبير بمختلف السلع الغذائية وغيرها، وسط حالة من السكون وعدم المواجهة من جانب الحكومة المصرية، وقد انتشرت على مدار الأيام الماضية العديد من الشائعات بشأن تعرض البلاد لأزمة حادة في نقص المخزون الاستراتيجي من المنتجات الغذائية خلال الأشهر الماضية.

وجاء ذلك في الوقت نفسه الذي يشهد فيه العالم حالة من الموجة التضخمية، وهو الأمر الذي حذر منه برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ولا سيما مع عواقب الحرب في أوكرانيا خارج حدود البلاد.

ويسعى مجلس الوزراء لتأمين الأسواق المحلية، إذ يتابع الرئيس السيسي على مدار ساعات اليوم، مدى توافر السلع الإستراتيجية التي تعتمد عليها الدولة بشكل أساسي، بالإضافة إلى موقف استقرار الأسواق المحلية، من خلال التنسيق مع المسئولين في البنك المركزي ووزارتي التموين والمالية، والوزارات والجهات المعنية، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الكريم.

وخلال التقرير التالي، نستعرض خطة مواجهة الحكومة النقص في المخزون الاستراتيجي للسلع الأساسية، وكيف يمكن مواجهة حالة الغلاء الحالية، لا سيما بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

قال ديفيد بيسلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي في بيان: «إنه لأمر مأساوي أن نرى الجوع يرفع رأسه بسبب ما يحدث بمنطقة تعرف لفترة طويلة بأنها سلة خبز أوروبا، ويمكن للذخيرة والقنابل في أوكرانيا أن تنقل أزمة الجوع العالمية إلى مستويات تتجاوز أي شيء رأيناه من قبل».

وتابع: «ارتفع مؤشر الأمم المتحدة لأسعار الغذاء بنسبة 4% تقريبًا في فبراير، وارتفعت التكاليف بأكثر من 50% منذ منتصف عام 2020، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار في متاجر البقالة، كان جزء كبير من هذا الارتفاع مدعومًا بارتفاعات في أسعار الزيوت النباتية مثل زيت النخيل، الذي يستخدم في حوالي نصف سلع السوبر ماركت».

آثار الحرب الروسية على السلع الأساسية

وتضمنت قراءة الأمم المتحدة في فبراير، آثار حرب أوكرانيا جزئيًا، لافتة إلى أنه منذ ذلك الحين، ارتفعت أسعار السلع الأساسية إلى مستويات قياسية، أو ارتفاعات تجاوزت ارتفاعاتها في عدة سنوات.

وتلعب روسيا وأوكرانيا دورًا مهمًا في توفير الغذاء، وتشكلان معًا حوالي ربع شحنات القمح والشعير وخُمس الذرة، والجزء الأكبر من زيت عباد الشمس، مع توقف كميات كبيرة من إمدادات المنطقة، سيضطر المشترون إلى البحث عن أماكن أخرى، رغم أن بعض المستوردين يكافحون لتأمين الإمدادات في مواجهة ارتفاع الأسعار وقلة عروض الشحن.

وبالرغم من أن الحرب الأوكرانية الروسية بدأت منذ 3 أسابيع، إلا أن آثارها ظهرت في مصر بشكل واضح خلال الأيام القليلة الماضية، حيث ارتفعت أسعار «10» سلع بشكل مباشر والتي من المتوقع استمرار ارتفاعها حتى شهر رمضان، وهم «السكر – مكرونة - الألبان  -  الدقيق – الخبز السياحي – الأرز – الزيت – الدواجن – البيض - اللحوم».

وأرجع بعض التجار والمصنعين، سبب ارتفاع الأسعار في بعض السلع، إلى أن جشع التجار وتخوفات من الأزمات القادمة لتعظيم مكاسبهم، ولا سيما مع وجود احتياطي كاف من السلع يمتد إلى أكتر من 6 أشهر، مطالبين بضرورة وجود رقابة من الحكومة لضبط المتلاعبين في الأسعار خلال هذه الفترة.

مصر مهددة بنقص إمدادات الزيوت

وفي ظل التهديدات بإغلاق الموانئ الأوكرانية وفرض المزيد من العقوبات على روسيا، من المتوقع أن تقل إمدادات الزيوت الواردة من الجارتين المتحاربتين، الأمر الذي يهدد العديد من الدول العربية بنقص في الإمدادات، وعلى رأس هذه الدول مصر.

وبحسب تقرير، فإن مصر استوردت ما يقرب من 54.5% من احتياجاتها من زيت عباد الشمس من أوكرانيا في عام 2020، فيما حصلت على 18.83٪ أخرى من روسيا، طبقًا لأحدث البيانات الصادرة، وخلال العام الماضي، ارتفعت أسعار الزيوت النباتية المدعومة من الحكومة المصرية والتي يجرى مراجعتها على أساس ربع سنوي، بنسبة 23.5%.

وقال الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، إن مصر تأثرت مثل كل دول العالم بالتضخم العالمي، متابعًا أن سعر طن السكر وصل إلى 10200 جنيه، وهناك ارتفاع مستمر، والأسعار في ارتفاع ولا يمكن أن تنخفض حاليًا.

وأضاف: «الناس صادقة هناك ارتفاع في الأسعار، لكن جزءا كبيرا مستورد من الخارج، وللأسف سيستمر فترة بسبب ما يحدث عالميا من ارتفاع أسعار النفط»، مشيرا إلى أن مصر كانت تستورد 1.1 مليون طن سكر خلال 2017، ثم انخفضت كمية الاستيراد إلى 400 ألف طن فقط العام الماضي، بنسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى 87%.

وأوضح أن تحديد سعر السكر بـ 10.20 جنيه ساهم في تحقيق توازن بالسوق، موضحا أن حجم استهلاك السكر يصل إلى 3.2 مليون طن سنويا.

وأشار إلى أن مصر تستورد معظم الزيوت من الخارج، قائلا «نحصل على 30% من احتياجنا من عصارات محلية، أسعار الزيت شهدت جنون العام الماضي، بعدما ارتفع منذ 7 شهور إلى 1400 دولار للطن، الدولة تحملت 60% من زيادة أسعار الزيت، ولكن الاحتياطي الإستراتيجي من الزيت يصل إلى 5.3 شهر».

ويأتي ذلك مع توقعات التجار بارتفاع «جديد» في أسعار الزيت والسكر خلال الأيام القليلة القادمة مع تفاقم الحرب الأوكرانية الروسية، حيث ارتفع متوسط سعر طن الزيت خلال الفترة الماضية إلى 30 ألف مقابل 25 ألف قبل الزيادة بسبب التخوفات من تداعيات الحرب وأزمة سلاسل التوريد.

وتستورد مصر أكثر من 87% من استهلاكها من الزيوت من الخارج، بمراحل إنتاجية مختلفة، تتنوع بين استيراد بذور وعصرها وتكريرها، أو استيراد زيوت وتكريرها، أو الاكتفاء بمرحلة التعبئة فقط.

انخفاض معدلات استيراد القمح

أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن قيمة واردات مصر من القمح سجلت 2.4 مليار دولار خلال الـ11 شهر الأولى من عام 2021، مقابل 2.9 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 16.2%.

وبلغت كمية واردات مصر من القمح 6.1 مليون طن خلال الـ11 شهر الأولى من عام 2021 مقابل 11.8 مليون طن خلال نفس الفترة من عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 48.4%.

روسيا وأوكرانيا تتصدران قائمة الدول الموردة للقمح

وتأتي روسيا على رأس الدول التي تستورد منها مصر القمح، وذلك خلال الـ11 شهر الأولى من عام 2021، حيث سجلت قيمة واردات مصر منها 1.2 مليار دولار وبكمية بلغت 4.2 مليون طن بنسبة 69.4% من إجمالي كمية واردات مصر من القمح، وذلك وفق البيانات الرسمية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

أما أوكرانيا فقد جاءت في المرتبة الثانية بقيمة 649.4 مليون دولار، وبكمية 651.4 ألف طن بنسبة 10،7%، ثم رومانيا بقيمة 407.7 مليون دولار، وبكمية 387.2 ألف طن بنسبة 6،2%، ومن ثم أستراليا بقيمة 105،5 مليون دولار، وبكمية 190.2 ألف طن بنسبة 3،1%، خلال أول 11 شهر من عام 2021.

وتأتي بعدهما فرنسا بقيمة 63،8 مليون دولار، وبكمية 63 ألف طن بنسبة 1%، ثم ليتوانيا بقيمة 16،9 مليون دولار، وبكمية 61 ألف طن بنسبة 1%، ثم مالديف بقيمة 3،6 مليون دولا، وبكمية 20 طنا، ثم كندا بقيمة 1.8 مليون دولار، وبكمية 517 ألف طن بنسبة 8،5%، ثم الصين 843،2 ألف دولار، وبكمية 3 آلاف طن بنسبة 0،05%، وأخيرًا كوريا الجنوبية 280.6 ألف دولار، وبكمية 100 طن.

الخبز السياحي والدقيق

وفي هذا السياق، يقول عطية حماد رئيس شعبة المخابر بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن أسعار الدقيق والخبز السياحي شهدت زيادة خلال الأيام القليلة الماضية تأثرا بالعمليات العسكرية الروسية الأوكرانية، مؤكدًا أنه لم يتم المساس بأسعار الخبز المدعم نهائيًا.

وأضاف أن سعر طن الدقيق السياحي كان 9 آلاف جنيه والآن أصبح 12 ألف جنيه، متسائلًا: «ماذا يفعل صاحب المخبز بعد زيادة أسعار المستلزمات الخاصة بصناعة الخبز؟».

وأشار «حماد»، إلى أن الخبز السياحي يخضع للعرض والطلب بناء على أسعار السوق، متابعًا أن هناك البعض من ينتظر حدوث أزمات من أجل التربح من ورائها، وعلى البنك المركزي مراجعة الدقيق الذي تم استيراده قبل الحرب الروسية الأوكرانية.

وطالب رئيس شبعة المخابز بالغرفة التجارية بالقاهرة، المتعهدين والمستوردين والتجار بعدم استغلال الأزمة الروسية الأوكرانية، مع ضرورة تكثيف الرقابة على المتعهدين والمستوردين للدقيق لمنع احتكاره.

وأوضح، أن المخزون الاستراتيجي من القمح في مصر يكفي حتى نهاية العام الجاري، مؤكدًا على توافر الدقيق وتوزيعه بانتظام لجميع مخابز الجمهورية.

الأرز

وقال رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، إن أسعار الأرز ارتفعت بقيمة 500 جنيه خلال الأسبوع الجاري.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن ارتفاع أسعار الأرز ليس له علاقة بالحرب الروسية الأوكرانية ولا بالأسعار العالمية ولكنها مرتبطة بأسعار الأعلاف التي ارتفعت وأصبح يتم استخدامه «للمواشي» ومنعًا لذلك تم رفع سعره.

وأكد «شحاتة»، أن مصر لديها مخزون آمن من الأرز وحتى الآن الأسعار مستقرة، مؤكدًا أنه لن يحدث أزمة في الأرز قبل رمضان، مشيرًا إلى أن أسعار الأرز خلال الأسبوع الجاري ارتفعت 20% وهو ما يعادل 500 جنيه لكل طن.

وبحسب تقرير الغرف التجارية، فإن سعر كيلو الأرز (1 كيلو) تراوح بين 11.75 وحتى 14 جنيه، والأرز (5 كيلو) بين 58.50 وحتى 69.50 جنيه.

الدواجن والبيض

فيما قال الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن ارتفاع أسعار الدواجن ليس له علاقة بالحرب الأوكرانية الروسية، متابعًا: «الأزمة دي محشورة بالموضوع ومش مأثرة على الأسعار في مصر».

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن مصر لديها احتياطي استراتيجي من الأعلاف والدواجن تكفي لمدة 6 أشهر، وهو مخزون آمن تمامًا أمام الأزمة الأوكرانية الروسية، قائلًا: «أحنا لم نستورد حتى الآن لترتفع الأسعار».

وأشار «السيد»، إلى أن الزيادات التي حدثت الآن غير مبررة، مؤكدًا أن هناك أشخاصا تريد أن تتربح من وضع سياسي خارجي وبعيد عن أمن واستقرار مصر.

وطالب بتشديد الرقابة من قبل الحكومة على الأسواق حتى لا يتم زيادات جديدة في الأسعار وخاصة مع دخول شهر رمضان المبارك، متابعًا: «لا يصح التعامل بالأسعار الجديد ونحن لم نستورد جديد ولدينا احتياطي كافي».

وأوضح رئيس الشعبة، أن سعر الدواجن بالمزرعة 33 جنيهًا ويباع للمستهلك بسعر 37 و38 جنيهًا وأسعار البيض بين 54 و55 جنيهًا في المزرعة، وويباع للمستهلك بين 62 و65 جينهًا.

اللحوم 

وقال محمد وهبة رئيس شعبة القصابين بالاتحاد العام للغرفة التجارية، إن أسعار اللحوم البلدي ارتفعت مع اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية، بنسبة تتراوح بين 5 إلى 6%.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن سعر اللحوم ارتفع في الأسواق بقيمة 10 جنيهات في الكيلو، حيث يتراوح من 170 إلى 180 جنيهًا، بدلًا من 150 و170 جنيهًا الأسبوع الماضي.

وأشار «وهبة»، إلى أن هناك مخزونا آمنا في مصر من اللحوم مع دخول شهر رمضان المبارك، موضحًا أن الدولة توفر لحوما بكميات كبيرة في الجمعيات والخدمة الوطنية وأمان بسعر 120 جنيهًا.

وتوقع رئيس الشعبة، انخفاض أسعار اللحوم مرة أخرى بعد رمضان، ومع هدوء الأوضاع العالمية واستقرار أسعار الأعلاف.

فيما أعلن سليمان رئيس قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة، أن الأعلاف زادت من 40% إلى 45%، والمنتج النهائي لـ اللحوم زاد من 10 إلى 15%.

وبلع سعر اللحوم المستوردة، بين 120 إلى 125 جنيهًا، في منافذ وزار الزراعة بدلًا من 80 جنيهًا.

المكرونة والألبان

حول أسعار المكرونة والألبان، فأكد تجار في السوق المحلي، أن أسعار المكرونة ارتفعت حوالي 2000 جنيه للطن، بسبب زيادة الدقيق، حيث يصل سعر طن المكرونة حاليا إلى 10 آلاف جنيه مقابل 7500 جنيه و8 آلاف جنيه.

وأضاف التجار، أن سعر كيلو المكرونة السائب يصل حاليا إلى 10 جنيهات والمعبأ إلى 12 جينها، متوقعين مزيدا من الارتفاع في الأسعار في ظل استمرار أسعار الدقيق في زيادة، مع استمرار تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وعن الألبان، أشار التجار إلى أن سعر اللبن البودرة ارتفع بنحو 10%، ليسجل متوسط سعر الطن حوالي 67 ألف جنيه مقابل 65 ألف جنيه.

وأوضح التجار أن مصر تستور الألبان البودرة من ماليزيا ودول شرق آسيا وأمريكا، وتستخدم كمواد خام في صناعة منتجات الألبان والجبن، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع جديد في الآلبان مع ارتفاع أسعار النفط ونقص سلاسل الإمدارد وارتفاع تكلفة الشحن.

مشكلة ضخمة في الاستيراد

من جانبه قال الدكتور إبراهيم صالح الخبير الاقتصادي بمعهد التخطيط القومي، إنه في حال استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وبالتالي سنواجه مشكلة كبيرة في الاستيراد، خاصة وأن مصر تعتمد على مجموعة من السلع الغذائية المستوردة وفي مقدمتها اللحوم والحبوب، وعلى رأسها القمح والذرة والصويا والدواجن، لافتًا إلى أن روسيا وأوكرانيا تسيطر على نحو 20% من تجارة القمح العالمية، مؤكدا أنه في حال عدم توافر سوق بديلة سنواجه أزمة في المستقبل؛ لذلك يجب اتخاذ خطوات إيجابية.

وأوضح، أن مصر لديها اكتفاء ذاتي من الدواجن وما يتم استيراده 150 ألف طن دواجن، قائلًا: إن الحرب ستؤثر على استيراد مستلزمات الإنتاج من الخارج، وبالتالي ستؤثر على أسعارها لذلك يجب أن نبحث عن الدول البدائل مثل الأرجنتين وكندا وبلجيكا والبرازيل وأمريكا.

وتابع: «لا بد من إيجاد البدائل المتاحة في حال تصاعد التوتر بين روسيا وأوكرانيا منها وضع خطط مستقبلية للتوسع في زراعة الأراضي بالمحاصيل الزيتية والتوسع في زراعة الأعلاف خاصة بعد ارتفاع سعر طن الذرة لـ500 جنيه، حيث تستورد مصر 10 ملايين طن ذرة صفراء أكثر من نصفهم من روسيا وأوكرانيا»، مشيرًا إلى أن هناك مخزونًا استراتيجيًا لبعض السلع يكفي من 3 إلى 6 أشهر.

وأكد الخبير الاقتصادي، أنه في حال استمرار الحرب سيكون أهم التبعات هي ارتفاع أسعار بعض السلع، لأن مصر تستورد مجموعة من السلع الغذائية الاستراتيجية ومصر تستورد 13 مليون طن سنويًا من القمح من روسيا وأوكرانيا، وتستورد من أوكرانيا الذرة والشعير وفول الصويا، بالإضافة إلى زيت الطعام.

وتوقع، أن ترتفع أسعار بعض هذه السلع بنسبة 50%، بخلاف زيادة أسعار البترول والغاز، بالإضافة لارتفاع تكاليف النقل البحري والبري داخل الدول ونظرًا إلى أن كلا من روسيا وأوكرانيا يسيطر على التجارة العالمية للحبوب والزيوت النباتية ونتيجة عدم الاستقرار بالمنطقة، فمن المتوقع إغلاق الموانئ مما يؤدي إلى ارتفاع في أسعار القمح والزيوت على المدى القريب.

وأضاف «صالح»، أن سعر النفط  يشهد ارتفاع غير مسبوق بعد بدء الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث إن هناك صعوبة في تقدير سعر النفط في الموازنة المصرية عند مستوى 61 دولارا للبرميل، بينما تجاوز بفعل تلك الأزمة سقف الـ100 دولار للبرميل، وقد يحد من هذا الضرر ارتفاع أسعار صادرات مصر من الغاز والصادرات البترولية التي وصلت إلى نحو 12،9 مليار دولار خلال عام 2021.

موجة من التضخم

في السياق ذاته توقع محسن عبد المسيح عضو الغرف التجارية سابقًا، حدوث موجات تضخم كبرى نتيجة لأزمة روسيا وأوكرانيا ليس فقط في أسعار الطاقة والغذاء، ولكن تشمل مجموعة أخرى من السلع والخدمات، منها النقل والمعادن.

وأضاف، أن مصر تنتج ما يقرب من 10 ملايين طن قمح محلي، ويتم استيراد ما يقرب من 12 مليون طن، وإجمالي الاستهلاك 22 مليون طن قمح، كما أن المواطن يستهلك سنويًا 182.5 كيلو قمح، وهو تقريبًا 3 أضعاف أى مستهلك فى العالم.

وأوضح، أن روسيا ثالث أكبر منتج للقمح فى العالم وتنتج حوالى 86 مليون طن، وأوكرانيا التاسع عالميًا بإنتاج 27 مليون طن، والدولتان تنتجان 15% من الأقماح فى العالم، مشيرًا إلى أن النظام الاقتصادي على مستوى العالم أصبح جديدًا، كما أن الصين هي أكبر منتج للقمح في العالم بكمية تصل إلى 134 مليون طن قمح في السنة، وكل الدول تنتج ما يقرب من 780 مليون طن قمح.

وأشار «عبد المسيح» إلى أن مصر الشريك التجاري الأول لكل من روسيا، وأوكرانيا في إفريقيا، والشرق الأوسط، ومن ثم فإن لهذا الصراع تداعيات مُتشابكة جدًا بالنسبة للاقتصاد المصري، حيث تعد روسيا هي المورد الأول للقمح لمصر بينما أوكرانيا هي المورد الثاني، بالتالي فإن مصر مدعوة لمراجعة إجراءات سلاسل إمداداتها من تلك السلعة الاستراتيجية.

وأكد أن مصر لديها احتياطي يكفيها لمدة نحو 5 أشهر، وقد تمتد لأكثر من 9 أشهر مع حصاد القمح المصري في منتصف إبريل القادم، كما أن وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية على أتم استعداد من قبل بدء تلك الحرب، لإمكانية السيطرة على الوضع الفترات المقبلة.

وقال عضو الغرف التجارية، إن الأزمة الروسية الأوكرانية لها تأثيرات وعواقب وخيمة ستلحق بدول العالم كافة ومنها مصر، مشيرًا إلى أن التأثير الأكبر يتركز في مدى توافر مخزون القمح، حيث تعتمد مصر على حوالي 90% من استيرادها للقمح من دولتي روسيا وأوكرانيا ومن ثم ستكون هناك مشكلة في توفير القمح.

وتابع أن أسعار القمح ستواصل ارتفاعها الفترات القادمة نظرًا للجوء إلى أسواق دولية أخرى، معلقًا: «سيكون هناك أزمة في  استيراده من دول أخرى لاحتمالية أن المعروض، مش هيكفي الطلب»، موضحًا أن أوكرانيا وروسيا من أكبر الدول المنتجة لمحصول القمح على مدار العام.

ويرى محسن عبد المسيح، أن الدولة لن تستطيع وقف الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية لأنها بالطبع سوف ترتفع نتيجة النقص المنتظر في توافرها سواء عن طريق الاستيراد أو الصناعة محليًا، مشيرًا إلى أن الأمر الأكثر أهمية هو وجود حالة من الاحتكار الشديد من قبل التجار والمصانع الكبرى في تخزين منتجات السلع الغذائية وتعطيش السوق المحلي، متابعًا: «هنا لا بد من وجود دور واضح لوزارة الصناعة والغرف التجارية والأجهزة الرقابية في ضبط السوق من جشع التجار والمصانع الكبرى».