رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«السيسي وأهل الشر».. عملية تحنيط الفرعون قبل انتخابات الرئاسة بـ 120 يومًا

مرشحون محتملون للرئاسة
مرشحون محتملون للرئاسة


لن يكون عام 2017 سهلًا من الناحية السياسية بالنسبة للرئيس عبد الفتاح السيسي، خاصة أنه ستبدأ رسميًا في نهاية هذا العام، ومطلع العام القادم 2018، إجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، والتي ستأتي بعد شهور «عجاف»، قضاها المصريون في «فرن» الإجراءات الصعبة التي كثيرًا ما تحدث عنها الجنرال القادم من «بيروقراطية» الحياة العسكرية، والذي أثبت حتى الآن أنه كان بالفعل رئيسًا للمصريين بـ«شيك على بياض».


اقرأ أيضًا:  



حتى الآن، يبدو المشهد قاتمًا وخاليًا من وجود أية شخصية قد تكون منافسًا قويًا للرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات القادمة، ما يجعل البعض يردد أننا مقبلون على استفتاء جديد على غرار ما حدث في عام 2005 في عصر «مبارك»، بالرغم من فشل السيسي الواضح على المستوى الاقتصادي، خاصة أن وعوده بالنهوض خلال عامين، ذهبت «أدراج» الرياح، ثم ها هو الآن يطالب المصريين بالصبر 6 أشهر أخرى.



الأخطر من ذلك أن الآلة الإعلامية التابعة للرئيس عبد الفتاح السيسي، بدأت مبكرًا حرب الترهيب والتخويف لأية شخصية قوية ترى في نفسها ندًا للرئيس الحالي، ومحاولة الترشح في الانتخابات القادمة، فدائمًا ما تكون حرب التشويه جاهزة ضد الشخصيات السياسية المعارضة، أو حتى ممثلي الأحزاب السياسية التي قضى عليها النظام الحالي بالتضييق والمراقبة، و«خنق» الأفق أمام الإبداع السياسي، والترويج لمفاهيم تداول السلطة.



أبرز دليل على ذلك ما قاله الإعلامي المقرب من دوائر صنع القرار، أحمد موسى، الذي يعد واحدًا من أكبر داعمي نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي خرج مبكرًا لـ«تصفية» المرشحين المحتملين أمام الرئيس في انتخابات 2018.



ظهر الإعلامي أحمد موسى في برنامجه «على مسئوليتي» الذي يُذاع على فضائية «صدى البلد» مخاطبًا الأحزاب والقوى الثورية قائلًا: «أنتوا بتشتغلوا علشان الانتخابات، جمعوا نفسكم بدل الزيطة اللى بتعملوها وشوفوا مين الجدع اللى هينزل الانتخابات، عايزين دكر ينزل انتخابات 2018».



وأضاف موسى:«بدل ما بتلموا نفسكم وتعملوا اجتماعات في مقر حمدين صباحي أو الحزب الاشتراكي، أو الأحزاب الكرتونية للحديث، جمعوا نفسكم زي ما جمعتوا نفسكم في 2012 و2014 وشوفوا هتعملوا إيه؟».



وختم:«الدولة مستهدفة منذ فترة، سواء من الداخل أو الخارج، مشيرًا إلى أن الشعب يعرف مصلحته جيدًا، مشددًا على أنه لن يستطيع أحد تضليل الشعب»".



قبل انتخابات 2014، كان الموالون لـعبد الفتاح السيسي، يرونه المنقذ والمخلص من نظام جماعة الإخوان المسلمين، بدأ الحشد له رئيسًا للجمهورية، منذ إلقائه بيان 3 يوليو الذي أطاح فيه بالدكتور محمد مرسى من سدة الحكم في مصر، ودأبت الصحف الداعمة له على إطلاق العديد من الأوصاف عليه

اقرأ أيضًا:






مثل: أخطر رجل في مصر، والمنقذ، ومعشوق الملايين، حتى إن إحدى الصحف الخاصة أطلقت عليه لقب «المسيح المخلص»، ونظمت الأغنيات الوطنية في تمجيده والحشد له، ورقصت السيدات له أمام اللجان، وصوتت العجائز له، حتى وصل للرئاسة بسهولة.



لكن هل يتغير مشهد الانتخابات الرئاسية القادم في 2018؟ هل تستغل القوى السياسية التي تحب أن تصف نفسها دائمًا باليسارية والمعارضة للنظام حالة الغضب الحالية في إيجاد بدائل قوية ومرشحين أمام عبد الفتاح السيسي في 2018؟.



المتابع للخريطة السياسية الحالية يستشف بسهولة أن هناك ثمة تحركات سياسية لفرض بدائل للرئيس عبد الفتاح السيسي؛ فجماعة الإخوان المسلمين من الممكن أن تعود خلال العام الحالي لتنظيم تظاهرات وفعاليات ضد الرئيس، وتنشيط الآلة الإعلامية الخارجية المناهضة له من منطق «العيار اللي ميصبش يدوش».



أما فلول نظام مبارك، فمن الممكن أن يلتفوا بأحزابهم و بأموالهم حول الفريق أحمد شفيق الذي يراه كثيرون شخصية قوية تصلح منافسًا للسيسي.



على الجانب الآخر، من الممكن أن نرى بديلًا رئاسيًا تقدمه مبادرة التوافق لفريق رئاسي التي تقودها الدكتورة هالة البناي، خبيرة التنمية البشرية، والدكتور عصام حجي، والتي تعمل من الخارج على 5 ملفات مهمة: هي التعليم والصحة والاقتصاد والمرأة والمساواة.



أما الجزء الآخير فربما يتمثل في الأسماء المطروحة لمنافسة السيسي في انتخابات 2018، مثل المحامي اليساري خالد علي، المدعوم من الحركة العمالية و الاشتراكين الثوريين وحركة 6 إبريل، والذي رفع شعار «يسقط النظام»، في مظاهرات «جمعة الأرض»، وتتهمه دائمًا أجهزة الدولة بالتحريض على قلب نظام الحكم.



كما تظهر على السطح أيضًا «حرب أجنحة» النظام التي ربما ترى في السيسي  «كرتا محروقًا» وتبحث هي الأخرى عن بديل سياسي له.



الخلاصة، يبدو الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه سيكون في العام الجديد هدفًا لكل الجبهات السابقة، والتي ربما ستعمل على «تحنيط» هذا الفرعون السياسي قبل الانتخابات الرئاسية القادمة بـ120 يومًا، وهي الفترة التي حددها الدستور لبدء إجراءات الانتخابات القادمة في 2018، وهو ما سنحاول توضيحه عبر السطور التالية.

اقرأ أيضًا:









البداية من الفريق أحمد شفيق، الذي يراه كثيرون أنه «بعبع» نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لاسيما أنه لا يزال حتى الآن، وبالرغم من وجوده في منفاه الاختياري بالإمارات، يتمتع بشعبية كبيرة بين فلول نظام مبارك، وبعض أجنحة النظام نفسه.



كان رفع اسمه من قوائم «الترقب والوصول»، بداية مهمة لعودة الحديث عن إمكانية عودته للبلاد، وممارسة العمل السياسي من جديد، والترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، لاسيما مع وجود أحاديث عن ضغوط إماراتية على نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي تصب في هذا الاتجاه، وهي الدولة التي تعد الجناح الداعم له سياسيا في القاهرة.



من منطق «أهل الشر»، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي يرى الفريق أحمد شفيق واحدًا من الذين يحاولون إزاحته عن كرسي الحكم في مصر؛ ولما ولا، والسيسي يكن كرهًا دفينًا لـ«شفيق»، منذ كان أصغر عضو في المجلس العسكري بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي، وقتها كان شفيق مرشحًا رئاسيًا قويًا حصل على 12 مليون صوت، وفاز عليه الدكتور محمد مرسي بصعوبة شديدة.



في تصريحات صحفية سابقة، قال الدكتور شوقي السيد، عضو هيئة الدفاع عن الفريق أحمد شفيق، شوقي السيد، «إنه لا يستبعد الخيارات المواتية أمام شفيق في المرحلة المقبلة بعد رفع اسمه من قوائم الترقب والوصول وزوال أسباب منع عودته إلى مصر».



وتابع:«أحمد شفيق رجل دولة وطني، من خلفية عسكرية، مشهود له بالكفاءة والنزاهة، ويتمتع بعلاقات طيبة مع أجهزة الدولة، رجل نظيف و صفحته نظيفة منذ البداية.. ولا يوجد أي اشتراطات من جانب السلطات المصرية تلزمه بعدم الانخراط في العمل السياسي حال عودته إلى مصر».



هلع نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي من الفريق أحمد شفيق ظهر واضحًا قبل الانتخابات البرلمانية الماضية؛ حيث اتهمت وسائل الإعلام المقربة من الرئيس، شفيق بأنه يتزعم فريقًا يحاول السيطرة على الإعلام ومجلس النواب؛ ليشكل الحكومة ويبدأ خطة إسقاط الرئيس، من خلال الاتصالات بالشخصيات الداعمة له في جهات نافذة بالدولة لا تزال تدعم شفيق.



الإمارات حاليًا ترى في الفريق أحمد شفيق البديل المناسب للسيسي الذي أصبح بقائه في المنصب لمدة جديدة أمرًا بالغ الصعوبة.

اقرأ أيضًا



يظهر في قائمة المرشحين المحتملين، المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، والذي يتمتع بشعبية كبيرة بين المصريين، في الوقت نفسه يكرهه النظام الحالي.



الكاتب «عبد الناصر سلامة» قال في مقال له بـ«المصري اليوم»، حمل عنوان «حديث هشام جنينية»، إن إقالة المستشار هشام جنينة من منصبه في رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات، قد تكون سببًا في طرح السؤال حول نيته أو إمكانية ترشحه للرئاسة مستقبلاً، مشيرًا إلى أن «جنينة» أصبح شخصية وطنية من الدرجة الأولى، خاصة أنه قاوم الفساد، ولكن الدولة فرطت فيه بسهولة، بدعوى التشهير بالنظام، والترهيب من المستقبل، كما أطلقنا عليه المتردية والنطيحة، بدعوى الأخونة والأسلمة.



وقال «سلامة»، إن «جنينة» لم يؤكد، أو ينف الترشح للرئاسة من عدمه، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن يتم تنفيذ سيناريو لحرق «جنينة» من خلال إطلاق «كلاب السكك» عليه، مثلما حدث مع الدكتور عصام حجي.



وأضاف «سلامة»، أن الأيام القادمة ستشهد ظهور وجوه أخرى على الساحة السياسية فى المستقبل القريب، شئنا أم أبينا، كبديل لكل ذلك الذى تم حرقه، عن حق أحياناً، وتنكيلاً وظلماً فى أحيان أخرى، ذلك أننا أمام مجتمع «ولاد» بطبيعته.



في الفترة القادمة ستظهر بقوة أيضًا حالة صراع الأجنحة في النظام الحالي؛ وتتمثل في رجال الأعمال الذين يكنون عداءً للسيسي منذ أجبرهم على التبرع لصالح المشروعات القومية، وظهرت جهات خفية لتشكيل ما سمي بـالقوائم السوداء لمن لم يتبرعوا.



كما يظهر أيضًا الحديث عن نظام المخلوع مبارك الذين لا يزالون يلعبون دورًا كبيرًا في جهات ومؤسسات الدولة، فضلًا عن بعض الأجهزة التي ربما ترى السيسي أغرق البلاد في أزمات طاحنة لا خروج منها.



الكاتب عبد الله السناوي، قال في مقال له تحت عنوان «الصراع على النفوذ»، إن صراعات النفوذ من طبيعة النظم السياسية بغض النظر عن مدى التزامها بالقواعد الحديثة، وطالما تعددت المؤسسات العامة والأجهزة الأمنية ومراكز صنع القرار، فإنه لا يمكن استبعاد هذه الصراعات.



وتابع «السناوي» في مقاله الذي نشره في جريدة الشروق:«هناك فارقًا جوهريًا بين صراع منضبط على قواعد يصعب تجاوزها دون حساب وصراع مفتوح على كل تفلت بلا قيود، وما يجرى في مصر الآن ينتسب إلى النوع الأخير من صراعات النفوذ».



واستكمل:«غياب السياسة تقدم الأمن لملء الفراغ واكتساب نفوذ يتجاوز مهمته وتحولت إدارات الدولة إلى ما يقارب إقطاعيات المماليك دون سياسات تحكم التصرفات، كما نشأت مراكز قوى جديدة تضم بعض الأمن وبعض الإعلام وبعض رجال الأعمال اتسع نفوذها بغير سند دستوري في صناعة القرار والتحكم في التوجهات العامة.



وختم:«بيقين فإن مصر تشهد أسوأ أنواع صراعات النفوذ بالقياس على أية مراحل أخرى في التاريخ المصري الحديث».


اقرأ أيضًا