رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يكتب: دعوة لتشريع يحد من تدخل غير المتخصصين في قضايا التاريخ والثقافة والإعلام

الدكتور محمد حمزة
الدكتور محمد حمزة

أويد  موقف لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري في مطالبتها بمنع غير المؤهلين وغير المتخصصين أكاديميًا وعلميًا من الحديث في الدين وإبداء الفتاوى الدينية. ومن هذا المنطلق، طالبت  من قبل اللجان البرلمانية الأخرى المعنية بالثقافة والآثار والتراث والإعلام، وكذلك الهيئة الوطنية للإعلام، بضرورة استصدار تشريع يمنع غير المؤهلين وغير المتخصصين أكاديميًا وعلميًا من الحديث أو الكتابة في كل ما يتعلق بالتاريخ والثقافة والتراث والآثار في وسائل الإعلام المختلفة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي المقروءة والمسموعة والمرئية.

 أن هذا المطلب يجب أن يشمل أيضًا المعنيين بكتابة الدراما والأفلام التاريخية والدينية، نظرًا لغلبة وشيوع الأخطاء العلمية والتاريخية في العديد من البرامج الثقافية والمسلسلات والأفلام التاريخية منذ ما يقرب من قرن من الزمان، بل وازداد الأمر خطورة واستفحل في العقود الثلاثة الأخيرة.

وأكد أن وسائل الإعلام المختلفة والسينما في عصر العولمة والشملنة والكوكبة أصبحت مكونًا أساسيًا ورئيسًا في صناعة الهوية الثقافية للمجتمعات المعاصرة، ومن هنا يأتي دور التربية الإعلامية السليمة والصحيحة في مواجهة تحديات الإعلام الجديد وحروب الجيل الرابع، لا سيما وأن الثقافة هي إثبات الذات ومعيار الخصوصية لكل مجتمع. وبالتالي، يجب أن يكون القائمون على إعداد وكتابة هذه البرامج وتلك المسلسلات والأفلام من المؤهلين والمتخصصين وتحت إشرافهم، تمامًا كما هو الحال في البرامج القانونية والسياسية والطبية والفنية والرياضية.

غياب هذا التخصص قد يؤدي إلى تزوير وتضليل وتشويه وتثبيت الأخطاء، ومن ثم تفتيت الهوية الثقافية. وعلى ضوء ما تقدم، فإن التشريع الذي يُطالب به يُعد نوعًا من الإجراء الاستباقي قبل أن يستفحل الأمر ويستشري وتزداد الخطورة. فإدارة العقول وتوجيه الرأي العام وجهة سليمة وصحية لا بد أن تنطلق من الحقيقة والمصداقية، وفقًا لقواعد المنهج العلمي السليم في كل ما يتم تداوله في وسائل الإعلام المختلفة والسينما والمسرح.

 التاريخ كعلم وفن يشمل الماضي والحاضر والمستقبل

 

 التاريخ كعلم وفن يشمل الماضي والحاضر والمستقبل، فهو نهر الحياة المتدفق الجاري بما تأتي به منابعه وما تأتي به روافده، وأن الأمم تحمل معها ماضيها إلى حاضرها وتحمل ماضيها وحاضرها إلى مستقبلها. فدراسة الماضي تساعد في فهم الحاضر، ودراسة الحاضر تساعد في توجيه المستقبل، وعلى أساس فهم الحاضر وسياساته واتجاهاته يمكن تصور المستقبل وحسابه وتوقعاته، وهو ما يسمى بالتخطيط للمستقبل. ولذلك أصبح التاريخ أحد مواد التحدي الأربعة في التعليم والثقافة الأمريكية إلى جانب الرياضيات والفيزياء والكيمياء.

أما في الواقع المحلي، فكل من هب ودب يتكلم ويتحدث ويكتب في التاريخ والثقافة على اعتبار أنها مجرد حكايات وروايات وتسليات وحواديت، وكأنها كالكلام المباح يستحله لنفسه من يشاء لمجرد أنه قرأ كتابًا أو يقرأ من كتاب أو يكتب الاسكربت من السوشيال ميديا أو غيرها، أو يستعين بغير المؤهلين والمتخصصين تحت زعم أنه حاصل على الليسانس أو البكالوريوس، أي الشهادة الجامعية الأولى.

هناك برامج كثيرة تُذاع حاليًا تحمل عناوين مثل "حواديت" و"باب الخلق"، وتحتوي على أخطاء علمية وتاريخية. وتساءل عن إصرار بعض الإعلاميين ومقدمي تلك البرامج من الأدباء والأطباء على إعداد وتقديم المادة التاريخية والثقافية بأنفسهم أو من خلال الاسكربت المعد من هيئة التحرير، وهم من غير المتخصصين، مما يؤدي إلى تكرار الأخطاء.

 الكارثة تتفاقم 

 

 الكارثة تتفاقم بوجود ضيوف غير متخصصين، وغالبًا ما يكونون من الوجوه المكررة، ومن بينهم د. وسيم السيسي، ود. يوسف زيدان، ود. سيد القمني، بل وبعض الشيوخ وعلماء الدين، مع احترامه لتخصصاتهم. وعلى النقيض من ذلك، عندما تتعلق الفقرة بالدين أو الطب أو الفن أو الرياضة أو السياسة، يتم الاستعانة بالمتخصصين في تلك المجالات.

والسؤال  لماذا  هذا التناقض؟، ولصالح من يُصر على تجاهل التخصص في قضايا التاريخ والثقافة، داعيًا إلى حماية مصر وشعبها وآثارها وتراثها وثقافتها وحضارتها وتاريخها، ومؤكدًا أن "تحيا مصر دائمًا وأبدًا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، اللهم آمين يا رب العالمين".