رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حبكات مهلهلة وخطوط درامية ضالة.. أزمة السيناريو وراء انهيار صناعة الدراما

حبكات مهلهلة وخطوط
حبكات مهلهلة وخطوط درامية ضالة.. أزمة السيناريو وراء انهيار

خالد عاشور: كتابة السيناريو تحتاج إلى هندسة لمعرفة المساحات والأبعاد التي يكتب عنها السيناريست عالمه وشخصياته

ناقد فني: مسلسل «تغيير جو» حالة إنسانية راقية في الكتابة والإخراج كشفت عن أزمة الورق في الدراما المصرية

ماجدة موريس: السيناريوهات كشفت أزمة الكتابة التي تعاني منها الدراما بشكل عام حاليًا

ناقدة فنية: لا بد من إيجاد حلول لأزمة السيناريو وإلا سنظل نترحم على كُتَّاب الدراما في الماضي

 

«تحتاج ثلاثة أشياء لصناعة فيلم جيد.. السيناريو، والسيناريو، والسيناريو»، مقولة المخرج الأمريكي هيتشكوك، تلك يتخطى عمرها قرنًا من الزمان، وبالرغم من ذلك لم يفطن إليها صناع الدراما المصرية في الفترة الأخيرة، بدليل ما شهدته دراما موسم رمضان الماضي من تكرار وتشابه، وحبكات مهلهلة، وخطوط درامية تضل الطريق، من خلال سيناريوهات تخلو من الاتقان وكأن مؤلفيها من عوام الناس معتادي الجلوس على «المصاطب» و«القهاوي».

ورغم  تميُز بقية عناصر في الكثير من الأعمال، إلا أن ضعف السيناريو أهوى بمسلسلات عدة إلى الفشل، ورغم أن ذلك الوصف ربما يُغضب معظم صُناع الدراما إلا أنهم لن يصلوا إلى حالة الغضب التي بات عليها المشاهدون، بعد صدمتهم في المنتج الدرامي المصري مؤخرًا، والتي كشفت عن أزمة السيناريو المستفحلة، الأمر الذي أشارت إليه أصابع الجمهور والنُقاد على حدٍ سواء، مستنكرين ما آلت تلك الصناعة بعدما كانت أكثر تميزًا.

داخلين قافية

انتقادات عدة وجهها الجمهور لعدد من مسلسلات موسم رمضان الماضي، لاسيَّما بعد أزمة السيناريو التي لا يمكن أن يغفل عنها حتى المشاهد العادي، وأصبح حال السيناريو والحوار في السواد الأعظم من المسلسلات، يخيم عليه ما أطلق عليه الجمهور «حكم التكاتك»، وبات أبطال كل تلك الأعمال وكأنه «داخلين قافية»، وأصبح الحديث بحوار يطغو عليه الجمل المركبة والمصنوعة، ليظهرون في صورة البطل الجامد، الذي لا يتحدث بكلمات عادية.

ظهرت تلك الأزمة جليَّة في مسلسل «بابا المجال» بطولة مصطفى شعبان، والذي كان له نصيب الأسد من انتقادات الجمهور والنقاد، لاسيَّما وأنه الذي لم يخلٌ كل حوار جاء فيه من ترديد جميع الممثلين المشاركين بالعمل، لأمثال وحكم ذات سجع تشبه «حكم التكاتك»، ولم تقتصر على بطل العمل وحسب كما اعتاد الجمهور مع ظهور تلك «التيمة» في المسلسلات المصرية، قبل قرابة 5 سنوات تقريبًا، إلا إنها امتدت إلى كل الفنانين داخل العمل، حتى أن المشاهد الرومانسية لم تسلم من تلك الآفة، لتجد مصطفى شعبان يردد «يا رب تبوري لحد ما أظبط أموري»، وكان من أشهر تلك الجمل على لسان البطل أيضًا، «أخوك على قده ومافيش حد قده»، بخلاف ما جاء مع بعض الممثلات على غير العادة، مثل «لو الكلام دا لينا يبقى أنت من أعادينا»، وغيرها.

الدكتور خالد عاشور

كتابة فاشلة

وعلى غرار أبطال «بابا المجال»، سار صناع أعمال مسلسلي «ضرب نار» و«الأجهر»، فكان من أشهر الجمل التي جاءت على لسان عمرو سعد «أبيض على الأبيض»، والتي كانت حديث السوشيال ميديا، لاسيَّما وأن بطل مسلسل «ضرب نار»، أحمد العوضي كان ينافسه بجملته «أحلى على أحلى».

لم تقف الأزمة هنا إلا أنها امتدت إلى أعمال أخرى، توافرت فيها كل عناصر النجاح، عدا الإخفاق في سيناريو المسلسل، والذي يُعد عصب المسلسل، وهذا ما لاحظه الجمهور في مسلسلات عدة أبرزها، «جعفر العمدة» و«كشف مستعجل» و«سوق الكانتو»، و«الكبير أوي 7» الذي وصفه البعض بأنه «سكتشات»، ومسلسل «تغيير جو»، رغم إشادة بعض المختصين والنقاد به.

مسلسل «ستهم» بطولة روجينا، وصفه الكثير من الجمهور والمختصين بأنه أحد مساخر الدراما، لاسيَّما وأن المؤلف والمخرج لم يُكلفا نفسهما دراسة الأبعاد النفسية أو الاجتماعية أو حتى المكانية للصعيد؛ ما جعل المسلسل يخرج مجوفًا تافهًا مفرغًا حتى من الإخراج الحقيقي أو المتعب فيه، ما جعل الجمهور والمختصين يوجهون رسالة إلى صناع المسلسل بشكل خاص، وكُتاب المسلسلات الصعيدية بشكل عام، بالتحلى بقدرٍ من المنطق عند صناعة عمل درامي عن الصعيد، لاسيَّما وأن ما تنقله الدراما عنه لا يمت للواقع بصلة.

هندسة الكتابة

كتابة السيناريو تحتاج إلى هندسة لمعرفة المساحات الداخلية والخارجية والأبعاد التي يكتب عنها السيناريست عالمه وشخصياته، الأمر لم يقف عند ذلك الحد، فدراسة الكاتب لعلمي النفس والاجتماع أمر مهم جدًا؛ لمعرفة ردود أفعال وتصرفات أبطاله، وقبل هذا وذاك يجب أن يضع الكاتب نفسه مكانهم؛ ليتحولوا إلى سطور نابضة بالحياة واللحم والدم، في كتابته، وليست مجرد شخصيات مسطحة من بُعد واحد وأرواح تشبه الزهور البلاستيك، حسب الناقد الفني، الدكتور خالد عاشور.

الصورة الجيدة التي يتحدث عنها «عاشور»، تجسدت في مسلسل «تغيير جو»، الذي وصفه بأنه حالة إنسانية راقية في الكتابة والإخراج وحتى كلمات التتر التي أوجزت ما يريد قوله السيناريو وصناع العمل، وكشف أن أزمة الدراما المصرية الحقيقية تتمثل في «الورق».

الكاتب الذي يكتب عن عالم لا يعرفه كاتب فاشل، وإن لم يدرس العالم الذي يكتب عنه نفسيًا واجتماعيًا جغرافيًا، ستخرج أعمالًا مهلهلة وفاشلة، وهذا ما آلت إليه حال الدراما المصرية مؤخرًا، وفقًا للدكتور خالد عاشور.

ماجدة موريس

الجهد الكبير الذي شهدته معظم المسلسلات كان في الإخراج والتصوير والتمثيل، إلا أن السيناريوهات كشفت أزمة الكتابة التي تعاني منها الدراما بشكل عام حاليًا، والتي يجب البحث عن حلول لها، وإلا سنظل نترحم على كُتاب الدراما في الماضي، والذين مازال بعضهم على قيد الحياة، فلم لا تتم الاستعانة بهم لحل الأزمة؟، حسب الناقدة الفنية ماجدة موريس.