رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بلطجة وإهانة للمرأة وتهميش للقانون.. مسلسلات رمضان ضد توجهات الدولة

النبأ

 ناقد: بعض مسلسلات رمضان وعلى رأسها «جعفر العمدة» تتضمن إهانات للحارة الشعبية والمرأة 

عاشور: الدراما المصرية تراجعت واصطدمت بالحائط

 عبدالقادر: «ضرب نار» يخالف توجه الدولة في تنظيم الأسرة  و«جعفر العمدة» يدعم البلطجة

 عبدالقادر: لمصلحة من تشويه صورة المجتمع وإظهاره همجيًا يسعى خلف الغرائز لا يحكمه قانون ولا أخلاق!

تعظيم للبلطجة على حساب القانون، انحطاط وإسفاف، إيحاءات وإهانة للمرأة، تلميع لفكرة البطل الأوحد الذي لا يُقهر، رسائل تحملها الكثير من مسلسلات رمضان، على رأسها مسلسل «جعفر العمدة» و«ضرب نار»، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى محاربة تلك الظواهر بكل ما أوتيت من قوة، من خلال تكريم الدولة ورئيسها للمرأة ومكانتها، الأمر الذي أثار غضب الكثير من الجمهور والمختصين، معتبرين أن ما يحدث من شأنه تمير صناعة الدراما وإفساد الوعي الجمعي، فما أبرز تلك الرسائل التي حملتها تلك المسلسلات؟

إفلاس فني

كان لمسلسل «جعفر العمدة» بطولة محمد رمضان، نصيب الأسد من الغضب الذي حمله الجمهور تجاه الأعمال التي وصفها الكثير من الجمهور بـ«مسلسلات البلطجة» والإفلاس الفني، لاسيَّما وأن المسلسل حمل الكثير من الرسائل التي تعارض توجه الدولة، أبرزها إهانة المرأة، من خلال تصوير «جعفر» وكأنه بطل ومثل يحتذى به، وهو المتزوج من أربع سيدات، ويعامل معهن من خلال جدول تم تعليقه على الحائط، وتتسابق الزوجات على إمتاعه، من خلال السعي إلى التجميل والتجمل بملابس ساخنة، بخلاف حجر الحمل على زوجاته، فضلًا عن الإيحاءات غير المباشرة، فالمرأة بالنسبة لصناع العمل مجرد جسد لا قيمة له، ولا دور سوى إمتاع الرجل في الوقت الذي يريده.

وتأكيدًا على فكرة أن المرأة مجرد أداة لتفريغ الشهوة، خلال مشهد آخر من المسلسل، والذي تعاتب فيه «صفصف» هالة صدقي، ابنها «جعفر»، على زواجه للمرة الرابعة من «عايدة» زينة، رغم أنها طامعة في أمواله، فيرد عليها قائلًا: "النفط مقابل الغذاء"، في إشارة إلى أن أمواله مقابل الاستمتاع بـ«عايدة»، لترد عليه والدته، قائلة: "غذاء إيه وفط إيه ونط إيه!".

تلك الرسالة الجلية التي يقدمها مسلسل «جعفر العمدة»، أغضبت الجمهور والمختصين من أهل الفن، ورأوا أنها تعمل ضد توجه الدولة والرئيس السيسي، الذي يعمل على تكريم المرأة وتعظيم دورها في المجتمع.

محمد رمضان من مسلسل «جعفر العمدة»

تزكية البلطجة

الأزمة لم تقف عند ذلك الحد، فلم تخلٌ حلقة من حلقات المسلسل، إلا ويصدر صناع العمل تغييب دور القانون ورجال الأمن عن المشهد، مقابل سيادة مبدأ «أخذ الحق بالذراع»، وظهر ذلك جليًا في أكثر من مشهد منذ بداية عرض المسلسل، إلا أنها فاقت الحد من خلال مشهد ضرب خطيب زوجته الرابعة السابق، أمام شركة الحراسات الأمنية الخاصة به، بعدما حشد أكثر من 200 بلطجي في سيارات شحن بضائع، متوجهًا إليه في شركته والاعتداء عليه لاسترداد مبلغ مالي سبب الخلاف بينهما.

ومنذ عرض ذلك المشهد، استنكر المتابعون والنقاد ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، بمختلف توجهاتهم، إصرار صناع العمل على تجاهل دور رجال الأمن والاستخفاف بفكرة الخوف من القانون، مقابل تعظيم وتزكية فكرة أخذ الحق بالذراع، وتفخيم «جعفر» الذي لم يأبه بالقانون، وترقب الجميع رد فعل «دودي» المعتدى عليه، الذي قرر يأخذ حقه بذراعه هو الآخر.

الطامة الكبرى التي زادت من موجة الغضب ضد العمل، تمثلت في مشهد تعليق «دودي» ورفاقه على المعبرة بالشارع، بعد التعدي عليهم بالضرب، رغم ذهابهم إليه لأخذ حقه من «جعفر» في منطقته، لـ«يعلم عليه»، ذلك المشهد أعاد إلى أذهان الجمهور ومستخدمي السوشيال ميديا، التساؤل بشأن أين رجال الشرطة في العمل من كل تلك الوقائع الخارجة عن القانون!

شبحنة وذكورية

من بلطجة «جعفر العمدة» إلى «شبحنة» وذكورية «جابر الكوماندا» أحمد العوضي، في مسلسل «ضرب نار»، الذي كان له من اسمه نصيب، بعدما «ضرب» بتوجه الدولة في تنظيم الأسرة عرض الحائط، وظهر ذلك في مشهد، يجمع «جابر الكوماندا» و«مهرة» ياسمين عبدالعزيز، وتخبره أنها تتمنى أن تُنجب منه طفلًا، ليرد عليها قائلًأ: "عيل واحد! أنا نفسي أجيب منك 5 6 7 عيال، ولاد وبنات بس أجيب ولد الأول.. نفسي منك ولد يشيل اسمي"، في الوقت التي تحمل الدولة على عاتقها قضية تنظيم الأسرة، وتشجيع الناس على تحديد النسل من خلال إنجاب كل أسرة طفلين فقط، على أن يكون لها مكافأة.

ذلك المشهد لم يضرب حملات الدولة لتنظيم الأسرة في مقتل وحسب، إلا أنه رسخ لفكر ذكوري والذي تناهضه الدولة أيضًا، لاسيَّما وأنه بدأ بظهور «مهرة» جالسة تحت أقدام «جابر الكوماندا»، وتغسل له قدميه في شهر العسل، بعدما  قدمت له وصلة رقص معتبرة في مشهد سابق، وكأن المرأة وسيلة للمتعة والإنجاب وحسب.

إيحاءات مبتذلة

ولم يخل مسلسل «الكبير أوي 7»، من المشاهد المبتذلة، بين «الكبير» أحمد مكي، وأحمد السقا، من خلال حوار يبدو كوميديًا إلا أنه يحمل إيحاءات -حسب وصف الناقد خالد عاشور- والذي جاء فيه سؤال «الكبير» عن زوجته «مربوحة» رحمة أحمد، ورد عليه «السقا» قائلًا: "هجيب لك مربوحة وأنا راكبها"، قاصدًا فرسته «مربوحة» وليست زوجة «الكبير»، معتبرًا أن الحوار مبتذل ومهين وتافه.

أحمد العوضي من مسلسل «ضرب نار»

انتقادات واتهامات

الصورة التي تصدرها تلك المسلسلات، تثير تساؤلات مهمة، أبرزها لمصلحة من تشويه صورة المجتمع وإظهاره في شكل همجي، يسعى خلف الغرائز وحسب، ولا يحكمه قانون ولا أخلاق، ومن الذي يختار تلك الموضوعات التي تتقدم للدولة وتحمل رسائل ضدها وضد خططها، حسب الناقد الفني، جمال عبدالقادر، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

ويرى أن مسلسل «ضرب نار» يعارض توجه الدولة نحو تنظيم الأسرة، الذي تدعم خلاله الأسر على إنجاب طفلين فقط، بخلاف تصويره للمرأة وكأنها وسيلة للإمتاع والإنجاب، فمازلنا ندور في دوامة صراع العام قبل الماضي على «وحش الكون» بين «الخديوي» و«عابد»، مع اختلاف الشخصيات هذا العام ليكون الصراع بين «جابر» و«زيدان» على «مُهرة»، كما نجد مسلسل «جعفر العمدة» يهين المرأة ويدعم البلطجة.

الناقد جمال عبدالقادر

نكسة كبيرة

تمر الدراما المصرية بنكسة كبيرة، لدرجة أن جثتها تطفو على السطح بوضوح، وظهر في بعض المسلسلات لاسيَّما مسلسل «جعفر العمدة»، الذي تضمن كمية إهانات للحارة الشعبية والمرأة وابتذال الحوار واللغة، وتخطاها إلى تزكية الفكر الذكوري، فضلًا عن تصوير المرأة كوسيلة لإفراغ شهوة الرجل، حسب الناقد الدكتور خالد عاشور، عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

ويستنكر «عاشور»، غياب الرقابة  ودور المسؤول عن تمرير السيناريوهات المقدمة إليها، وكيف سمحت بتمرير هذا الانحطاط من تحت أعينها، مُتسائلًا عن غياب الرقابة على المصنفات الفنية، في ظل هذا الكم من العنف والانحطاط والابتذال وحوارات السرسجية.

تستمر الأزمة في التفاقم، ما أدى إلى تراجع الدراما المصرية، ولم تعد السيارة ترجع إلى الخلف، بل اصطدمت بالحائط، حسب الدكتور خالد عاشور.

قد تكون صورة ‏شخص واحد‏
الناقد خالد عاشور