رئيس التحرير
خالد مهران

السجن 5 سنوات لثلاثة متهمين في أخطر قضايا غش الأدوية بالمعصرة

محكمة حلوان
محكمة حلوان

قضت محكمة جنح المعصرة بمعاقبة ثلاثة متهمين من أعضاء تشكيل عصابي مكوَّن من خمسة أشخاص، بالحبس خمس سنوات مع الشغل والنفاذ، وغرامة 40 ألف جنيه لكل منهم، بينما قضت ببراءة متهمين آخرين، وذلك على خلفية اتهامهم بـغش الأدوية والاتجار في مواد صيدلية دون ترخيص، وبيع عقاقير غير مصرح بها من وزارة الصحة، وإدارة مخزن تجاري غير مرخص.

القضية وُصفت بأنها واحدة من أخطر القضايا التي تهدد صحة المواطنين خلال السنوات الأخيرة، نظرًا لما كشفت عنه التحقيقات من كميات ضخمة من العقاقير المغشوشة التي جرى ترويجها في السوق المحلي.

البداية.. بلاغ سري وشقة مشبوهة

البداية جاءت بورود معلومات سرية إلى وحدة مباحث قسم شرطة المعصرة، تفيد بوجود نشاط مريب داخل شقة سكنية بشارع ترعة الخشاب في حدائق حلوان.
التحريات، التي جرت تحت إشراف المقدم إسلام بكر، رئيس مباحث المعصرة، أكدت أن الشقة تحولت إلى مصنع سري لتعبئة وتغليف الأدوية المغشوشة.

وتبين أن التشكيل العصابي يضم خمسة متهمين، استخدموا أدوات بدائية لإعادة تعبئة أقراص مجهولة المصدر داخل عبوات تحمل أسماء علامات دوائية شهيرة، بهدف خداع المرضى مستغلين حاجتهم إلى الأدوية المستوردة.

تصنيع في الظلام.. وعبوات مزيفة

كشفت التحقيقات أن المواد الخام كانت تصل إلى المتهمين من مصنع غير مرخص بإحدى المحافظات المجاورة.
وبداخل الشقة، كان يتم تجهيز الأدوية في ظروف غير صحية، واستخدام أدوات طباعة مقلدة لإنتاج استيكرات مزورة تحمل شعارات كبرى شركات الأدوية.

كما تبين أن المتهم الخامس كان مسؤولًا عن تشغيل وحدة طباعة سرية متخصصة في تقليد العلامات التجارية، لتعبئة العبوات وتجهيزها للتوزيع عبر وسطاء وشركات متعاونة مع العصابة.

خطر داهم على حياة المرضى

الفحص المبدئي للمضبوطات أكد أن بعض العينات تحتوي على تركيبات كيميائية خطيرة قد تؤدي إلى مضاعفات قاتلة، خاصة لمرضى القلب والسكري.
وأشارت مصادر أمنية إلى أن بعض المواد قد تندرج ضمن جداول المخدرات، ما يضاعف من خطورة الجريمة على الصحة العامة.

المداهمات والضبط.. النهاية في حدائق حلوان

بناءً على إذن من النيابة العامة، نفذت الأجهزة الأمنية حملة موسعة قادها العقيد أحمد البنداري، مفتش فرقة حلوان، بالتنسيق مع العميد أحمد هدية، مدير قطاع جنوب القاهرة.

داهمت القوة الشقة السكنية بحدائق حلوان، إضافة إلى مخزن وجراج سري في منطقة المقطم، حيث تم ضبط المتهمين متلبسين أثناء عمليات التعبئة والتغليف.

وأسفرت المداهمات عن ضبط، كميات ضخمة من الأدوية المغشوشة، أدوات تعبئة وتغليف، واستيكرات مزورة لشركات كبرى، سيارة تُستخدم في التوزيع، ودفاتر توضح حجم الأرباح ونطاق التوزيع الجغرافي

اعترافات صادمة أمام النيابة

أمام جهات التحقيق، اعترف المتهمون تفصيلًا بارتكاب الوقائع، مؤكدين علمهم بخطورة الأدوية التي كانوا يعبئونها.
وبرروا أفعالهم بأنهم كانوا يسعون لتحقيق أرباح سريعة في ظل ارتفاع أسعار الدواء وضعف الرقابة على الأسواق، وأشاروا إلى أنهم كانوا يوزعون منتجاتهم في عدة محافظات بمساعدة وسطاء وشركات غير مرخصة.

قرار النيابة العامة

أصدر المستشار عمر شاهين، المحامي العام الأول لنيابة حلوان الكلية، قرارًا بحبس المتهمين احتياطيًا على ذمة التحقيقات.
وكلف المستشار عبد الظاهر كامل، وكيل النائب العام، لجنة فنية من هيئة الدواء المصرية والتفتيش الصيدلي بفحص المضبوطات والتأكد من مدى صلاحيتها.

وبعد تسلم تقارير الفحص، التي أثبتت أن الأدوية غير مطابقة للمواصفات وتحتوي على مواد ضارة ومحظورة، قررت النيابة إحالة المتهمين إلى المحاكمة العاجلة أمام محكمة جنح المعصرة.

قضية تهز الثقة في سوق الدواء

أثارت الواقعة حالة من القلق داخل الأوساط الطبية، إذ حذر خبراء من أن انتشار الأدوية المغشوشة يمثل خطرًا يفوق الإرهاب الصحي.
وأكدوا أن القضية تمثل ناقوس خطر يستوجب: تشديد الرقابة على الأسواق، وملاحقة مصانع "بير السلم"، وتجريم حيازة أو ترويج الأدوية المجهولة المصدر، وتفعيل دور الجهات الرقابية في تتبع سلاسل التوزيع

وشددت تقارير أمنية وصحية على أن مثل هذه الجرائم تستغل حاجة المرضى وتفتح الباب أمام كوارث إنسانية، تستدعي تكاتفًا بين أجهزة الدولة والمجتمع المدني والإعلام لفضح مافيا الدواء المغشوش.