رئيس التحرير
خالد مهران

عادل توماس يكتب: الالتزام الوطني فوق الالتزام الحزبي.. حين يكون الولاء لمصر لا للشعار

عادل توماس
عادل توماس

في السياسة، كما في كل مجالات الحياة، لا يُقاس الانتماء بما نحمله من بطاقات عضوية أو شعارات حزبية، بل بما نحمله من ضمير وولاء حقيقي للوطن.

الفرق بين السياسي الوطني والسياسي الحزبي، هو أن الأول يضع مصلحة الناس في قلبه، بينما الثاني يضع مصلحة الحزب في جيبه.

الوطن لا يحتمل المزايدة

كثيرون يتحدثون عن الوطنية، لكن القليل فقط من يعيشها بالفعل، الالتزام الوطني ليس شعارًا يُرفع في المواسم الانتخابية، بل هو سلوك مستمر يترجم في المواقف، لا في الخطب.
هو أن تقول "لا" في وجه الخطأ، حتى لو صدر من حزبك أو من قيادتك، هو أن تضع الحق فوق الولاء، والضمير فوق الحسابات.

عندما يتحول الحزب إلى عبء على الوطن

الأحزاب السياسية جزء أساسي من أي نظام ديمقراطي، فهي تصنع التوازن، وتعبّر عن الأفكار المختلفة داخل الدولة.

لكن حين تتحول الأحزاب إلى كيانات مغلقة لا ترى إلا نفسها، وتضع ولاء العضو للحزب فوق ولائه للدولة، فإنها تفقد معناها الوطني وتتحول إلى خطر حقيقي على استقرار المجتمع.

لقد رأينا عبر التاريخ نماذج كثيرة لأحزاب رفعت شعارات براقة، لكنها في الممارسة اليومية كانت تُغلب مصالحها على حساب الوطن.
فالسياسي الذي يصوّت لصالح قانون يضر بالناس لأن حزبه أمره بذلك، هو سياسي فقد بوصلته الأخلاقية، مهما كان موقعه أو شعبيته.

الالتزام الوطني لا يضر

قد يخطئ الالتزام الحزبي، لكنه لا يمكن أن يكون الالتزام الوطني خطأ، لأن الالتزام الوطني لا يصدر إلا من نية خالصة ورؤية صادقة لمصلحة البلد.

السياسي الوطني حين يعترض، لا يفعل ذلك لمكايدة أو معارضة من أجل المعارضة، بل لأنه يرى ضررًا على الناس أو خطرًا على الوطن، هو لا يعرف المجاملة على حساب الحق، ولا يعرف الصمت حين تكون الكلمة واجبة.

الحزب وسيلة لا غاية

الأحزاب في أصلها وسيلة لتنظيم العمل العام، لكن لا يجوز أن تتحول إلى مرجعية عليا فوق الوطن، والحزب الحقيقي هو الذي يربّي أبناءه على حب الوطن، لا على تقديس الكيان، أما الحزب الذي يُعلم أفراده الطاعة العمياء، فهو في الحقيقة مدرسة لتكرار الخطأ لا لتصحيح المسار.

السياسي الوطني لا يعادي الأحزاب، بل يدعمها ويؤمن بدورها، لكنّه يدرك دائمًا أن الولاء للوطن هو الأصل، والانتماء الحزبي هو الفرع، فإذا تعارض الأصل مع الفرع، لا تردد في أن يختار الوطن.

مصر تحتاج رجال ضمير لا رجال شعارات

في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ مصر، لا نحتاج إلى أصوات تردد ما يُقال، بل إلى رجال يسمعون صوت ضميرهم قبل صوت الحزب، إلى نواب ومسؤولين لا يعرفون المجاملة، ولا يترددون في اتخاذ المواقف الصعبة حين تكون مصلحة الوطن على المحك.

البلد لا تُبنى بالشعارات ولا بالولاءات الضيقة، بل تُبنى بالعقول المخلصة التي تضع مصر أولًا، مهما كانت الخسارة الحزبية أو الشخصية.

كلمة إلى كل سياسي

الالتزام الحزبي قد يمنحك منصبًا، لكن الالتزام الوطني يمنحك احترام الناس والتاريخ، والأول قد يرفعك يومًا ثم يتخلى عنك، أما الثاني فيرفعك في عيون وطنك إلى الأبد، فاختر طريقك بعقلك وضميرك، فمن يضع الوطن في قلبه لا يخسره أبدًا.