رئيس التحرير
خالد مهران

تلاعب بالملايين في "جهينة": إحالة 5 متهمين للجنايات بتهمة الاستيلاء على منتجات بقيمة 9 ملايين جنيه

شركة جهينة
شركة جهينة

في واحدة من قضايا الفساد المالي التي تكشف عن ثغرات خطيرة في منظومات التوزيع والمحاسبة الإلكترونية داخل كبرى الشركات، أمر المستشار معتز الحميلي، المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا، بإحالة خمسة متهمين إلى محكمة جنايات الجيزة، من بينهم ثلاثة مشرفين بمبيعات شركة طيبة للتجارة والتوزيع، وهي إحدى الشركات التابعة لمجموعة جهينة للصناعات الغذائية، وموزعان يملكان شركات توزيع وتوريدات، وذلك لاتهامهم بالاستيلاء على منتجات الشركة بطرق احتيالية بلغت قيمتها قرابة 9 ملايين جنيه.

خطة محكمة لنهب المنتجات

كشفت التحقيقات التي باشرتها نيابة الأموال العامة، عن أن المتهمين الثلاثة الأوائل، بصفتهم مشرفين على مبيعات الموزعين، قاموا بتسهيل حصول المتهمين الرابع والخامس، مالكي شركات توزيع، على منتجات الشركة دون سداد قيمتها، وذلك عبر تسجيل مبيعات وهمية لا أساس لها من الصحة في النظام المحاسبي الإلكتروني الخاص بالشركة.

وطبقًا لتحقيقات النيابة، تمكّن المتهمون من التلاعب في نظام SAP التابع لشركة "جهينة" والنظام الإلكتروني الخاص بالموزعين SalesBuzz، بإدخال بيانات غير حقيقية تُظهر أن منتجات قد تم توزيعها للمستهلكين، في حين لم يتم بيعها فعليًا، وهذا التلاعب أتاح للموزعين الحصول على خصومات مالية كأنهم استوفوا شروط التوزيع، ما مكّنهم من الاستيلاء على المنتجات دون سداد مقابلها.

الاستيلاء عبر "الخصومات"

تبيّن من التحقيقات أن الشركات الموزعة، وهي: "فرست كلاس – بحري" و"فرست كلاس – قبلي" و"تراست للتوكيلات التجارية"، حصلت على منتجات بقيمة إجمالية تجاوزت 9 ملايين جنيه، من خلال هذه العمليات الاحتيالية، واستغل مشرفو المبيعات سلطاتهم لتوثيق تلك المبيعات في النظام على أنها تمت فعليًا، مما جعل الخصومات تظهر كديون مستحقة للموزعين، تم خصمها لاحقًا من فواتير المنتجات، رغم أن البيع لم يتم أساسًا.

عمولات ومكافآت على عمليات وهمية

لم تتوقف الاستفادة عند الموزعين فقط، بل حصد مشرفو المبيعات أيضًا مكافآت وعمولات مالية نظير تلك العمليات الوهمية، بعدما جرى احتسابها كأنها مبيعات حقيقية ووفقًا للنيابة، حصل كل من المتهمين الثلاثة الأول على مبالغ مالية كالتالي، المتهم الأول: 58 ألف جنيه، والمتهم الثاني: 58 ألف جنيه، والمتهم الثالث: 51 ألف جنيه، وتم تحويل هذه المبالغ إلى حساباتهم البنكية بشكل دوري، ما اعتبرته النيابة استيلاءً بغير وجه حق على أموال مملوكة للشركة، بنية التملك.

التزوير في محررات إلكترونية

وجهت النيابة للمتهمين تهم التزوير في محررات إلكترونية رسمية، حيث ثبت أنهم تلاعبوا ببيانات نظامي المحاسبة لإثبات عمليات بيع غير حقيقية، وأرسلوا تلك البيانات إلى الإدارة المركزية بالشركة للاحتجاج بها كأدلة على توزيع المنتجات، مع علمهم التام بعدم صحتها.

تواطؤ وتسهيلات

أكدت التحقيقات أن الجريمة تمت بناءً على اتفاق مسبق وتنسيق بين المتهمين، إذ استخدم المتهم الرابع حسابات المستخدم وكلمات السر الخاصة بالموظفين في النظام المحاسبي للموزعين، ما مكّنه من الدخول وتسجيل الطلبات الوهمية بنفسه، بالتعاون مع المشرفين المتهمين.

شهادة حاسمة

استندت النيابة في توجيه الاتهام إلى شهادة عبد الرحمن محمد، مدير المبيعات بشركة "طيبة"، الذي شرح آلية عمل منظومة توزيع المنتجات والرقابة عليها، وأكد أن الموزعين المتهمين حصلوا على خصومات وعمولات دون وجه حق، مستفيدين من بيانات وهمية تم إدخالها بمعرفة المشرفين الثلاثة.

وأشار إلى أن النظام الإلكتروني للموزعين يخضع لإشراف الشركة الأم، وأن تلك العمليات تم اكتشافها بعد فحص أجرته الإدارة المالية بالشركة، والتي أثبتت وجود تلاعب ممنهج وتواطا مباشر بين مشرفي التوزيع والموزعين.

نهاية مفتوحة

ووفقًا لمصادر داخل الشركة، فقد تم استدعاء المشرفين الثلاثة لمناقشتهم في الواقعة، إلا أن أحدهم فرّ هاربًا، قبل أن تتمكن إدارة الأمن بالشركة من ضبطه وتسليمه للنيابة.

النيابة: استيلاء ممنهج وضرر جسيم بالمال العام

أكدت النيابة العامة أن ما جرى يمثل استيلاءً منظمًا على المال العام، وتزويرًا في مستندات إلكترونية رسمية، وطلبت توقيع أقصى العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات على المتهمين، مع الإشارة إلى أن القضية تُعد نموذجًا للجرائم الاقتصادية المعقدة التي تستهدف الشركات الكبرى من الداخل، عبر تواطؤ موظفين مع أطراف خارجية.