رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

اللواء رأفت الشرقاوي يكتب: كواليس مواجهة أشهر حوادث نشر الفضيحة بالقانون

اللواء رأفت الشرقاوي
اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية للأمن العام سابقًا

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو لشاب وفتاة على كوبرى الساحل بالقاهرة يقوما بافعال منافية للأداب لا تتفق وأخلاق المصريين؛ ولدى بث الفيديو قامت أجهزة وزارة الداخلية ومن خلال التقنيات الحديثة بتحديد مرتكبى الواقعة المخلة؛ وتبين أنهما من منطقة الشرابية، (شاب يبلغ من العمر ١٧ عاما، وفتاة تبلغ من العمر ١٨)، وهما فى المرحلة الثانوية، وعلى علاقة عاطفية ببعضهما البعض وأن المقطع كان فى شهر أبريل الماضي، ولا يعلما من المتسبب فى النشر، وبعرضهما على النيابة العامة قررت إخلاء سبيلهما إذا دفع كل منهما مبلغ مالي قدره ألف جنية.

قرار النيابة العامة انتصار لقيم المجتمع

وما جاء في قرار النيابة العامة بشأن طلبها التحرى عن مصور وناشر الواقعة المتداولة؛ يعد انتصارًا لقيم المجتمع الذى تحرص عليه النيابة بصفتا (محامي الشعب)، فى ظل أنها المحركة للدعوى الجنائية، لمنع نشر الفضيحة في المجتمع.

وانتشرت فى الأونة الأخيرة ظاهرة نشر الفضيحة من خلال مقاطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعى بكافة أشكالها لأغراض سيئة من شانها النيل من الأعراض وتلويث السمعة والشرف وإهانة الإنسان بين بنى وطنه؛ وأصبح هذا الأمر بمثابة ساحة مفتوحة لشن أقذر المعارك وتلقيح أبزء الألفاظ والشتائم، التي من شأنها إثارة الفتن، والنيل من الآخر، فضلًا عن إساءة استخدام حرية التعبير، والذي يؤدي في بعض الأحيان إلى التنمر، والتشهير، وترويج الشائعات، لتصفية الحسابات؛ ظننا من مرتكبي هذه الأفعال السلوكية السيئة ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعى؛ انهم بمنأى عن ملاحقة القانون، باعتبارها حديثة على المجتمع، وهو الأمر الذي يثير تساؤلًا مهما حول كيف يواجه القانون حوادث نشر الفضيحة خاصة بعد واقعة الفعل الفاضح أعلى كوبري الساحل بالقاهرة؟. 

وهنا لا بد من التفرقة بين جريمتين، الأولى: السب باعتبارها أنها لا تشمل لإسناد واقعة بعينها للمجنى عليه، ولكنه يتضمن خدش الشرف والاعتبار، والثانية: القذف وهى إسناد أمور معينة للمجنى عليه لو صحت لأوجبت عقابه بالعقوبات المقررة قانونا، وأوجبت احتقاره بين بنى وطنه.

ونظم كل من قانون العقوبات المصرى وقانون تنظيم الاتصالات رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣، وقانون مكافحة جرائم الإنترنت رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨، العقوبات التى توقع على الجانى فى هذه الجرائم بشروط تتمثل فى الشروط الثالثة الآتية:

شروط تقديم بلاغ لمباحث الإنترنت

  1. سكرين شوت أو نسخة من صفحة المتهم من قبل المجنى عليه، أو وكيله بتوكيل خاص فى هذه الجريمة، أو وجود المجنى عليه ووكيله فى آن واحد بمباحث الإنترنت لتقديم شكوى وتحرير المحضر اللازم.
  2. توافر ركن العلانية.
  3. تعمد إهانة المجنى عليه.

كيفية تقديم بلاغ لمباحث الإنترنت

عزيزي القارئ؛ لا بد أن تعرف أنه إذا كانت أفعال السب والقذف تمت على «فيسبوك»، فيجب عليك التوجه إلى مباحث الإنترنت بوزارة الداخلية، أو بمكاتبها المنتشرة الآن بكافة مديريات الأمن على مستوى الجمهورية؛ ولكن إذا كانت تلك الأفعال حدثت على «وتسآب» فلا بد من التوجه إلى مباحث الاتصالات.

ما هى العقوبات المقررة

قد تصل العقوبات في هذه القضايا إلى الحبس ثلاث سنوات، وغرامة مالية قدرها مائتى ألف جنيه.

أما فى حالة التشهير من أجل منفعة مادية أو جنسية؛ فقد تصل العقوبة إلى السجن خمس سنوات.

يشار إلى ضرورة تقديم البلاغ خلال ثلاثة شهور من تاريخ علم المجنى عليه.

تعتبر جرائم الإنترنت من الجرائم الخطر - أي- لا يشترط فيها وقوع ضرر، ويتم عقاب الشخص الذى يقوم بنشر أو مشاركة؛ للمنشور الذى يحتوى على سب وقذف من الآخرين بعقوبة الفاعل الأصلى؛ لذا نحذز من مشاركة أى منشور خشية وقوع العقوبة أيضا على كل من شارك هذا المنشور أو الفيديو الذي يحمل هذه الأفعال.

وقد تقع الجريمة من شخص طبيعى إلى شخص طبيعى آخر، أو من شخص طبيعى لشخص اعتبارى، أو من شخص اعتبارى لشخص طبيعي، أو من شخص اعتباري إلى شخص اعتبارى آخر.

أشهر حوادث نشر الفضحية

هل تتذكرون واقعة التشهير التي ارتكبها شاب صعيدى؛ لفتاه من ذات البلدة؛ وهو الأمر الذي كان دافعًا لقيام 8 أشخاص من ذوي الفتاة، إلى قتل شقيقى الشاب المذكور؛ لهروبه بعد ارتكابه الواقعة، حسب اعترافاتهم؛ وقضت المحكمة بمعاقبتهم بأ«الإعدام شنقًا».

ومن واقعة التشهير إلى واقعة آخرى تمثلت في قيام شاب باستدراج سيدة متزوجة؛ ووقوعه معها فى الخطيئة، بأن مارس معها الجنس وصور مقطع فيديو لحظة ممارستها معها، ونشر المقطع على وسائل التواصل الاجتماعى؛ وهو ما دفعا أسرة الفتاة إلى قتلهما بسبب «العار».

وفي واقعة أخرى، تمثلت في قيام سيدة باستدراج أحدى الشباب لممارسة الجنس معه، واكتشفت قيامة بتصويرها أثناء العلاقة، لابتزازها جنسيًا وماديًا، وتم ضبط المتهم ومحاكمته.

ومن واقعة الابتزاز الجنسي إلى قصة العنتيل الذي مارس الجنس مع السيدات بإحدى الصالات الرياضية، ومن ثم قيامه بابتزازهم بفيديوهات جنسية لهم لحظة علاقته غير المشروعة معهم.

ومن العنتيل إلى الديوث، حيث تمثلت في قيام زوج بتصوير علاقته الحميمية مع زوجتة، ومحاولة ابتزازها به بعد انفصاله عنها.

ومن واقعة الدياثة إلى قيام عامل بمطعم بتركيب كاميرا داخل حمام السيدات.

أما الجريمة الأبشع هي تلك التي نكثلت في قيام سيدة بقتل زوجها لادمانة مشاهدة الافلام الإباحية ومحاولتة تقليد ذلك معها، وأخرى تمثلت في قيام عامل بعرض صور إباحية لشقيقة زميله؛ ما تسبب فى قتله للحصول على الموبيل.

والواقعة الأغرب هي تلك التي تمثلت في قيام عريس بإحضار عدد اثنين مصور داخل غرفة النوم  لتصوير وقائع ليلة الزواج الأولى كاملة، ورفض العروس ذلك، وتركها مسكن الزوجية فورا.

القانون يعاقب

وتعتبر جريمة الابتزار الإلكترونى؛ تهديدًا وترهيبًا للضحية بنشر صور أو مواد فيلمية أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية مقابل دفع مبالغ مالية، أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين؛ مثل الإفصحاح بمعلومات سرية خاصة بجهة العمل، أو غيرها من الأعمال غير القانونية، وعادة ما يتم ذلك من خلال البريد الإلكتروني، أو وسائل التواصل الاجتماعى بكافة تطبيقتها، وتتزايد عمليات الابتزاز الإلكترونى فى ظل تنامى عدد مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى، وبرامج المحادثات المختلفة.

وتنص المادة ٣٢٦ من قانون العقوبات المصرى، على أنه فى حالة الابتزاز المادى على كل من حصل بالتهديد على مبلغ من النقود أو أى شى آخر؛ يعاقب بالحبس، ويعاقب الشروع فى ذلك بالحبس مدة لاتتجاوز سنتين.

كما تنص المادة ٣٢٧ من قانون العقوبات المصرى، على أن كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس، أو المال معاقب عليها بالسجن المؤبد أو السجن المشدد، أم إفشاء أسرار أو أمور خادشة للشرف، وكان التهديد مصحوبا بطلب أو تكليف بأمر؛ فيعاقب بالسجن، ويعاقب بالحبس ما لم يكن مصحوبا بطلب مدة لا تزيد عن سنتين.

وتنص أيضًا المادة ٢٥ من قانون تقنية المعلومات رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨، على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسون ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية؛ لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقة.

وقبل الختام؛ اوجه تنبيه هام لكل من يتعرض للابتزاز عبر البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعى بكافة تطبيقها؛ عليه بالتوجه إلى مباحث الانترنت التى أصبحت منتشرة بكافة مديريات الأمن على مستوى الجمهورية؛ لتقديم بلاغ ضد هؤلاء الأشخاص المبتزين أو الشخص الذى قام بتهديدك، لاتخاذ الإجراءات القانونية، والفنية لتعقبه، وضبطه بعد إصدار أمر من النيابة المختصة،

أما إذا كان التهديد باستخدام التليفون أو رسائل SMS؛ فلا بد أن يتوجه المجني عليه إلى مباحث التليفونات.

وإذا كانت عملية الابتزار مجرد شروع؛ فإن المجني عليه يتوجه إلى قسم الشرطة المقيم بدائرته؛ لتحرير محضر بالواقعة، والعرض على النيابة العامة لاتخاذ شئونها.

ونناشد كل المؤسسات الدينية على رأسهم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا تواضروس، والمؤسسات الاجتماعية، والإعلام، ومراكز الشباب والأندية ووالمدارس، والجامعات، بعمل حملات توعية من شأنها تقويم السلوك السيئة، ونشر الفضيلة في المجتمع والرفع من قيمه وأخلاقها، وإبراز شهامة المصريين، وذلك من أجل لم شمل الأسرة المصرية، والتى تفرقت.

ختامًا، لا تنسوا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه).. وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: «الخير فيّ وفي أمتى إلى يوم القيامة».. حفظ الله مصر وشعبها وقائدها وجيشها ورجال أمنها وكافة المخلصين من أبناء هذا الوطن.