رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«ليست حربًا أهلية صحفية».. انتخابات «قلعة الحريات» إلى جولة جديدة من «صراعات المحاور»

عمرو بدر وهبة باشا
عمرو بدر وهبة باشا وممدوح الصغير وياسر سليم - تعبيرية

بقرار مجلس نقابة الصحفيين الخاص بتأجيل إجراء انتخابات التجديد النصفي إلى يوم «2» أبريل المقبل، تدخل المعركة الانتخابية بـ«قلعة الحريات» جولةً جديدةً من «صراعات المحاور» المسيطرة على هذا المشهد الانتخابي، والتي تقود معارك طاحنةً داخل الغرف المغلقة بالمؤسسات الصحفية المختلفة، لا سيما الحكومية، وبالحملات الانتخابية الموجودة على الأرض أو الإليكترونية؛ لحسم هذا السباق الصعب لصالح المرشحين المحسوبين عليها.

وعلى الرغم من أنّ الجولة الانتخابية التي يمكن تسميتها الآن بـ«الجولة الأولى» كانت قصيرةً وهادئةً، فإنّها لم تكن بعيدةً عن الاتهامات الموجهة إلى جميع المحاور الانتخابية، والخاصة بالتحيزّ والدعم والحشد لقائمةٍ معينةٍ من المرشحين المحسوبين على مؤسساتٍ صحفيةٍ قوميةٍ، في مقابل حشدٍ آخر من «تيار الاستقلال النقابي» لصالح مرشحيه الذين يخوضون الانتخابات لدعم القضايا الخاصة بالحقوق والحريات، وفي الوقت عينه تظهر أسماء المرشحين الذين قد يحظون بدعم كتل تصويتية لـ«الصحفيين الصعايدة».

وبعيدًا عن هذه التقسيمات التي تجد معارضةً من أصوات «أبناء صاحبة الجلالة» المطالبين بالتصويت فقط لمن يمتلكون برامج انتخابية جيدة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، صارت «الجولة الثانية» قبل 2 أبريل، فرصةً للمرشحين الذين لم يحظوا بتواجد قويّ من ناحية الترويج لبرامجهم وأفكارهم عن طريق الدعاية الانتخابية خلال الفترة القصيرة الماضية.

وسط كل هذه التجاذبات والصراعات بين المرشحين البارزين وأنصارهم، تُطرح العديد من التساؤلات عن شكل الدعاية الانتخابية خلال الأسبوعين المقبلين، وحقيقة «الحرب الدائرة» بين المحاور المختلفة لحسم المقاعد لصالح مرشحيها، وهل تلعب المؤسسات الحكومية دورا في فوز المرشحين المنتمين لها، وما مدى ظهور شائعات ودعاية مضادة لإسقاط مرشحين بعينهم؟

نرشح لك:


«فكرة التغيير» مسيطرةٌ على أعضاء الجمعية العمومية
تؤكد هبة باشا، مدير تحرير مجلة «نصف الدنيا»، إحدى إصدارات مؤسسة «الأهرام»، والمرشحة لمقعد «فوق السن»، وجود العديد من العوامل التي تجعل قراءة المشهد الانتخابي الحالي بها لغز في التقدير، والتنبؤ بمؤشرات الفوز «صعبة»، منها قلة عدد المرشحين عن السباقات الانتخابية الماضية، والظروف الاستثنائية التي تُجرى فيها الانتخابات.

في حديثها لـ«النبأ»، ترى المرشحة لمقعد «فوق السن» وجود إخفاقاتٍ كثيرةٍ لمجلس نقابة الصحفيين الحالي، إضافةً لعدم إيجاده حلولًا لمشكلاتٍ كثيرةٍ، كاشفةً عن أنّ «فكرة التغيير» مسيطرةٌ على أعضاء الجمعية العمومية، وأنّ هناك وجوهًا جديدةً بين المرشحين محسوبةً على أكثر من تيارٍ، أو تنتمي لعصبياتٍ قبليةٍ، وكذلك المؤسسات الصحفية العريقة مثل «الأهرام»، «أخبار اليوم»، «دار التحرير للطبع والنشر»، ووكالة أنباء الشرق الأوسط.

وترى «باشا» أن هناك وجوهًا نسائيةً ظاهرةً في المشهد الانتخابي، وبالتالي توجد فرصة لاقتناص مقعد للعنصر النسائي، وبرأيها فإن هذا الأمر أصبح مطلبًا ملحًا، لا سيما أنّ 40 % من الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين من العنصر النسائي، ولا بدّ أن يكون هناك نوع من تكافؤ الفرص، والتمثيل العادل طبقا لتقسيمة الجمعية العمومية.

وتنفي وجود «دعاية مضادة» في تلك الانتخابات، ولكن يوجد ما يمكن تسميته بـ«حرب الشائعات» التي تشهدها أي انتخابات، متابعةً أن هذه الشائعات سببها عدة أشياء منها ملابسات تأجيل الانتخابات، وفيروس كورونا، شارحةً: «هذه أشياء تفتح بابًا للتشكيك فيما يخص تأجيل الانتخابات، وتحبط عددًا كبيرًا من أعضاء الجميعة العمومية والمرشحين».

تقول أيضًا: «هذه انتخابات غريبة، لا أنت قادر تشكك، ولا قادر تتعاطف، لأن كورونا مكبلاك تماما، وربما تطرح سؤالًا مثل: لماذا لم يكن هناك إدارة مسبقة لأزمة إجراء الانتخابات في ظل كورونا قبل حدوثها؟ في الوقت عينه هناك التزام أخلاقي أن تجرى هذه الانتخابات بإجراءات سلامة للزملاء بسبب التخوف من كورونا».

وبشأن تأجيل الجمعية العمومية لـ2 أبريل، وعلاقتها بالدعاية الانتخابية، تقول هبة باشا، إنّ «التأجيل» ميزةٌ نسبيةٌ لعدد من المرشحين يعطيهم فرصةً أكثر للتواصل والتعريف بنفسهم، ولكن في النهاية «الكل في خندقٍ واحدٍ»، لأن الفكرة المسيطرة هي إجراء الانتخابات في مكانٍ مناسبٍ متسعٍ، بإجراءاتٍ احترازيةٍ مثل التعقيم والتطهير من جانب «الصحة» والقوات المسلحة، وكذلك متابعة الإجراءات تأخذ وقتًا من المرشحين.

تشير «باشا» إلى أنّ انتماء المرشح لمؤسسةٍ صحفيةٍ كبيرةٍ من ناحية الكتلة التصويتية، لا يساعده على النجاح، ولكن يمكنه من امتلاك أرضيةً، خاصةً أنّ الزملاء في المؤسسات القومية من الممارسين والمشاركين في العملية الانتخابية منذ سنواتٍ طويلةٍ، ما يعني أنّ «قاعدتك الانتخابية لن تجهدك في إقناعها بالنزول لهذه الانتخابات».


تكتلات صغيرة تحاول «اغتيال» العرس الديمقراطي
ويكشف ممدوح الصغير، رئيس تحرير «أخبار الحوادث» الأسبق، إحدى الإصدارات الصحفية التابعة لمؤسسة «أخبار اليوم»، والمرشح لمقعد «فوق السن»، عن أنّه عندما اختار شعارًا لخوض الانتخابات استقر على «اختر صح».. الذي يعني أنّ الكرة في ملعب الجمعية العمومية وهي التي ستختار؛ وفقًا لرغبتها وثقتها، للابتعاد عن العصبيات الفكرية أو العصبية أو المؤسسية.

يشير «الصغير» في حديثه لـ«النبأ»، إلى أنّ المهنة تواجه خطرًا حقيقيًا، وأنه يطرح محاولة للإنقاذ؛ في ظل العدد الكبير من المشكلات التي تواجه الصحفيين في التدريب والتأمينات والمعاشات والفصل التعسفي، مضيفا أنّه على الرغم من «سخونة» المنافسة في هذه الانتخابات، إلاّ أنها ليست حربًا بين المؤسسات الصحفية، أو القبليات، أو المرشحين، ولكن هذا الماراثون «استحقاق ديمقراطي»، والكلمة الأولى والأخيرة فيه لرأي الجمعية العمومية بنقابة الصحفيين.

وعلى الرغم من قصر الفترة الماضية للدعاية الانتخابية، وظروف فيروس كورونا التي كانت سببًا في اختفاء العديد من صور الترويج للمرشحين، إلا أنّ «الصغير» يكشف عن أنّ هناك تكتلاتٍ صغيرة تحاول «اغتيال» هذا العرس الديمقراطي؛ وتمارس نوعًا من الدعاية المضادة ضد مرشحين بعينهم؛ للحشد وكسب كتلٍ تصويتيةٍ لصالح مرشحين آخرين (لم يسمهم).

يتابع: «هذه الانتخابات لن تتحكم فيها التيارات الفكرية، أو العصبيات القبلية والمؤسسية؛ لأن المهنة بها أمراض كثيرة، والجمعية العمومية تبحث عن مَنْ يخلع رداءه، عندنا ضعف في الأجور، وصحفيون يعيشون فقط على بدل التدريب والتكنولوجيا، وزملاء يعانون من الأمراض، ومن المفروض أن يكون لدينا خطة تدريب»، متسائلًا: «أين تسفير الصحفيين للدول الخارجية للتدريب»؟ فالمفروض أنّه يكون لدينا صحفي يمتلك القدرة على التعامل مع كل المنصات التكنولوجية الحديثة.

في رأي «الصغير» المؤسسة الصحفية الكبرى قد تدعم فوز المرشح في حالتين؛ الأولى أن يكون هذا المرشح يمتلك علاقاتٍ جيدةً مع العاملين في المؤسسة، والثانية أن يكون لهذا المرشح تاريخ طويل في هذا الكيان الصحفي العملاق.

في ما يخص تأجيل الانتخابات لمدة أسبوعين، وهل يلعب ذلك دورًا في دعم الدعاية الانتخابية للمرشحين وظهور منافسين جدد، أكدّ «الصغير» أنه يوجد مرشحون وصلوا لعددٍ كبيرٍ من أعضاء الجمعية العمومية، وكذلك ناخبين حددوا اختياراتهم وفقا لمعرفتهم وثقتهم في المرشح، ومن الصعب تغيير هذه الاختيارات بسبب أسبوعين دعاية انتخابية.

يختم «المعركة الانتخابية ستكون طاحنةً في المنافسة على مقاعد تحت السن بين 8 مرشحين، وكذلك 8 مرشحين فوق السن، أما المنافسة على منصب النقيب، فإن التصويت العقابي سيلعب دورًا كبيرًا في حسمها».


«التأجيل» سيزيد المعركة الانتخابية «سخونةً»
في السياق عينه، يقول عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين المنتهية مدته، والمرشح لمقعد «تحت السن» في الانتخابات المقبلة، إنّه لا يعترف بأي تقسيماتٍ سواء كانت قبليةً مؤسسيةً أو قبلياتٍ فرعيةً، ولكن اعترافه يكون بالجمعية العمومية التي ستحدد الفائزين والخاسرين في هذا الماراثون، وفقًا لعدة اعتباراتٍ.

يؤكد «بدر» في حديثه لـ«النبأ» أن هذه التقسيمات والتحزبات تخصم من رصيد «انتخابات الصحفيين»، ومن إرادة الجمعية العمومية، ومن الشعار العريض لهذه الانتخابات الذي يدور حول فتح العديد من الملفات التي كانت مغلقةً مثل الحريات الصحفية والزملاء المحبوسين، مضيفًا أنّ الجمعية العمومية تختار الأصلح للمجلس، وأنّه يتعامل مع الزملاء أعضاء الجمعية العمومية في الانتخابات وفقًا لبرنامجه ورؤيته.

ينوه «بدر» أنّ انتماء المرشح لمؤسسةٍ صحيفةٍ تمتلك كتلةً تصويتيةً كبيرةً في الجمعية العمومية، قد يكون «قوةً» تُضاف لهذا المرشح، ولكن فرز الجمعية العمومية أيضا يكون وفقًا للأصلح، أو لصاحب البرنامج والرؤية، وهذا هو «الوعي» الذى نتحدث عنه كثيرًا، مشيرًا إلى أنّ التكتلات والتربيطات الانتخابية في الغالب لا تنجح.

يُحدد المرشح لعضوية مجلس نقابة الصحفيين عاملين سيتحكمان في نسب نجاح المرشحين فى هذه الانتخابات تحديدًا، وفي زمن كورونا، وهما، «الشهرة» و«الدعاية»، ويفسر أكثر: «بسبب ظروف كورونا فقدنا الجولات على المؤسسات الصحفية بصورةٍ كبيرةٍ، هذا الأمر جعل الاتصال متراجعًا، وهنا الناس ستعرفك عن طريق إما الشهرة في الوسط الصحفي، أو بسبب الدعاية القوية التي يتواصل بها المرشح مع أعضاء الجمعية العمومية من خلال جميع وسائل الاتصال.

يؤكد أنّ الدعاية الانتخابية القوية قد تكون سببًا في نجاح مرشح جديد من الـ55 مرشحًا لعضوية المجلس، خاصة إذا قدم شيئًا «مُلفتًا» للجمعية العمومية، مؤكدًا: «هذه المرة الدعاية ستكون فارقةً».

وعن العلاقة بين تأجيل الانتخابات لـ«2 أبريل المقبل»، وفترة الدعاية الانتخابية، قال إنّ الكل استفاد من هذا التأجيل؛ أعضاء الجمعية العمومية من خلال الحفاظ على صحتهم وسلامتهم، ثم المرشحين الذين سيجدون فرصةً كبيرةً في الدعاية الانتخابية والوصول للناس، لا سيما الجدد، مؤكدًا في الوقت ذاته أنّ هذا التأجيل سيزيد المعركة الانتخابية «سخونةً»، وهذا سيتضح أكثر في الأسبوعين المقبلين.


المؤسسات الصحفية القومية لم تعد قادرةً على الحشد
إلى ذلك، قال ياسر سليم، الصحفي المتخصص في القطاع الاقتصادي، والمرشح لمقعد «فوق السن»، إنّه ضد التقسيمات الخاصة بقبلية المؤسسات الصحفية الحكومية، أو العصبيات والقبليات، أو التيارات التي تدعم مرشحين بعينهم في الانتخابات، وبرأيه، فإنّ هناك حالة غضبٍ في الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين ضد هذه التقسيمات، مثل الصحفيين الصعايدة الذين بدؤوا يعلنون أنهم ضد فكرة التصويت القبلي.

يؤكد «سليم» لـ«النبأ» أنّ الواقع فرض أجندته أيضًا؛ كاشفًا عن المؤسسات الصحفية القومية «ضعُفت» ولم تعد قادرةً على الحشد لصالح مرشحين مثلًا، وكذلك تغيب فكرة تحكم رؤساء مجالس الإدارات والتحرير في التصويت لصالح مرشحٍ بعينه، ضاربًا المثل بصحيفة «الأهرام» التي لها 12 مرشحًا يتنافسون على مقاعد «فوق السن»، الأمر الذي سيؤثر على فرصهم جميعًا بالسلب، كما يؤكد غياب «شخص» أو «عقل مدبر» للدفع بزميلٍ أو مجموعة زملاء بعينهم في المعركة الانتخابية.

يرى المرشح لمقعد «فوق السن» أنّ الجولة الانتخابية الأولى كانت قصيرةً ومرتبكةً، وبالتالي هذه الجولة «صبّت» في صالح الأسماء النقابية الشهيرة والتي تنقسم إلى «3» أنواع؛ الأول: الأعضاء الموجودون في المجلس والذين انتهت مدتهم ويخوضون الانتخابات من جديدٍ، والنوع الثاني: الأعضاء السابقون في مجلس النقابة الذين ترشحوا ويريدون العودة للمجلس، ثم النوع الثالث والذي يضم المرشحين الذين خاضوا سباقاتٍ انتخابيةٍ ماضيةٍ وحصلوا على كتلٍ تصويتيةٍ كبيرة.

يكشف «سليم» عن أنّ الانتخابات إذا أُجريت في ظل هذه المعطيات، فإنّ المشهد كان سيستقر على هذه الوجوه نفسها، ولكن تأجيل الانتخابات أسبوعين يصب في صالح الوجوه الجديدة التي أصبح لديها فرصة في الدعاية وطرح برامجها الانتخابية.

يكمل: «الجولة الثانية من الدعاية الانتخابية ستكون لأصحاب البرامج الانتخابية، ومدى قدرة على إقناع الناخب بها، ولن تكون لمشاهير العمل النقابي أو الذين يعتمدون على العصبيات والتيارات»، فضلًا عن أنّ هذه الجولة فرصة للأعضاء الحالين في المجلس لمحاولة امتصاص حالة الغضب ضد بعضهم.

يشير «سليم» إلى أنّ فترة الدعاية الانتخابية ليست «حربًا»، ولكن أجواء تبدو «تنافسيةً»، وبها مشاهد عديدة مثل «الضرب تحت الحزام» من خلال توجيه اتهامات بالتحرش ضد مرشحٍ كُتب اسمه بالأحرف الأولى، وكذلك تداول ما يسمى بـ«قائمة السقالات» التي تضم مرشحين مدعومين حكوميًا، ومنهم من يجد «زفةً» عند زيارته للمؤسسات الصحفية القومية، وكذلك «الضرب» في المنتمين لتيار نقابيّ معين أو حتى القريبين منه.


نرشح لك: