رئيس التحرير
خالد مهران

تفاصيل جديدة تكشف السبب الحقيقي وراء حريق مستشفى حلوان العام

إشعال النيران داخل
إشعال النيران داخل مستشفى حلوان العام

شهدت قضية الحريق العمد داخل مستشفى حلوان العام تطورًا جديدًا بعد أن انتهت نيابة حلوان الكلية بإشراف المستشار هشام الشريف المحامي العام الأول لنيابات حلوان، من التحقيقات في واحدة من أخطر الوقائع التي شهدها القطاع الصحي خلال الأشهر الماضية، والمتهمة فيها فني تمريض بإشعال النيران عمدًا بعدد من غرف المستشفى.

خلفية الواقعة

تعود تفاصيل القضية إلى إحدى ليالي شهر أغسطس الماضي، حين اندلعت النيران في عدد من الغرف داخل أقسام الرعاية المركزة والباطنة بالمستشفى، ما تسبب في حالة من الهلع بين المرضى والأطقم الطبية، وأسفر عن تلفيات جسيمة بالأجهزة والمعدات قدرتها لجنة المعاينة بنحو 27 ألفًا و500 جنيه.

وأوضحت التحقيقات أن النيران شملت خمس غرف بالرعاية المركزة وغرفتين بقسم الباطنة، وتسببت في احتراق أجزاء من الأجهزة الطبية والأسِرّة والفرش والملفات، قبل أن تتمكن قوات الحماية المدنية من السيطرة على الحريق وإنقاذ المرضى ونقلهم إلى مواقع آمنة داخل المستشفى.

شهادات المسؤولين والعاملين

ذكرت الدكتورة نهى زكي محمد نائبة مدير المستشفى، أنها تلقت اتصالًا يفيد باندلاع الحريق أثناء تواجدها خارج المستشفى، ولدى عودتها فوجئت بالنيران تشتعل في أكثر من موقع بالطابقين الرابع والخامس.

وأكد الدكتور إيهاب مرزوق أحمد مدير المستشفى، في أقواله أمام النيابة أن الحريق تكرر في أكثر من غرفة خلال فترات زمنية متقاربة، وهو ما أثار الشبهة بوجود فعل متعمد وراء تلك الحرائق.

كما أجمع عدد من الممرضين، من بينهم محمد عبادة فتحي وأحمد عزوز عبد السميع، على أنهم لاحظوا اندلاع النيران في أماكن متفرقة بشكل متتابع، بحيث كانت كلما تُخمد نيران غرفة تشتعل أخرى بعدها مباشرة.

وشهد طيبي حنفي سلام مشرف الأمن بالمستشفى، بأن المؤشرات تؤكد أن الواقعة جنائية وليست عرضية.

تحريات المباحث

كشفت تحريات الرائد أحمد الدالي معاون مباحث قسم شرطة حلوان، أن إحدى الممرضات العاملات بالمستشفى هي من أقدمت على إشعال النيران عمدًا بعدد من الغرف، مستخدمة قدّاحة وقفازًا طبيًا مبللًا بالكحول كمادة معجلة للاشتعال.

وتم ضبط الأداة المستخدمة، التي طابقت آثارها نتائج الفحص الفني، وأكدت تحقيقات الأدلة الجنائية أن الحريق نتج عن لهب مكشوف عقب تشبّع الأسطح بمواد كحولية لا يمكن أن تصل إليها إلا بفعل بشري مباشر.

الأدلة التقنية والمادية

أظهرت كاميرات المراقبة في الطابق الخامس، أن المتهمة كانت تتنقل بين الغرف في فترات متقاربة، وكان يُكتشف اندلاع النيران في كل غرفة فور مغادرتها لها، في تسلسل زمني وثقته اللقطات بدقة.

وخلال معاينة النيابة العامة، تم إثبات وجود تلفيات داخل سبع غرف، إلى جانب آثار احتراق واضحة في الأرضيات والأسِرّة وأجهزة التنفس الصناعي.

اعتراف المتهمة

في اعترافات مثيرة، أقرت المتهمة أثناء استجوابها في بداية التحقيقات بأنها أضرمت النيران عمدًا داخل المستشفى باستخدام القدّاحة والقفاز المبلل بالكحول، وأكدت أن الأداة المضبوطة بحوزتها هي نفسها التي استخدمتها.

كما واجهتها النيابة بمقطع فيديو يظهر رجال الإطفاء أثناء اقتحام غرفة تشتعل فيها النيران وإخراجها منها، فأقرت بأنها هي الظاهرة في الفيديو وأنها أشعلت النيران بنفسها.

القيد والوصف القانوني

خلصت النيابة العامة في ختام تحقيقاتها إلى أن المتهمة فني تمريض بمستشفى حلوان العام، أضرمت عمدًا النيران في منشأة عامة مخصصة لتقديم الخدمات الطبية، مما تسبب في إتلاف ممتلكات وأجهزة مملوكة للدولة دون وقوع خسائر في الأرواح.

وبناءً على ذلك، وجهت إليها النيابة تهمة الحريق العمد في منشأة عامة، المعاقب عليها وفقًا للمواد (252، 253، 254) من قانون العقوبات المصري، وأمرت بإحالتها إلى محكمة الجنايات المختصة لمعاقبتها طبقًا للقانون.

تطورات جديدة

وبحسب مصادر قضائية مطلعة، فإن محكمة جنايات القاهرة – دائرة حلوان حددت جلسة لنظر أولى جلسات المحاكمة، وسط اهتمام واسع من الأوساط الطبية والمجتمعية، نظرًا لحساسية الواقعة وخطورتها.

وأكدت المصادر أن النيابة أحالت المتهمة محبوسة على ذمة القضية، مع إرفاق الأدلة الفنية والتسجيلات المرئية وتقارير الأدلة الجنائية ضمن ملف الإحالة.

ردود الفعل داخل القطاع الصحي

أثارت الواقعة موجة من الغضب والدهشة بين العاملين في مستشفيات وزارة الصحة، خاصة أن الحادث كان يمكن أن يتحول إلى كارثة إنسانية لولا سرعة تدخل فرق الإطفاء والأمن الداخلي.

وطالبت نقابات مهنية ومؤسسات طبية بضرورة تشديد الرقابة على المستشفيات الحكومية، وإخضاع العاملين لفحوص نفسية ودورات توعية دورية، لضمان سلامة المرضى والمنشآت العامة.

تبقى قضية ممرضة مستشفى حلوان العام مثالًا صارخًا على خطورة الإهمال أو التهور داخل المؤسسات الحيوية، ورسالة واضحة من النيابة العامة بأن الاعتداء على المال العام أو تعريض الأرواح للخطر لن يمر دون عقاب.