عزبة زين.. البوابة الشرقية المنسية من الأجهزة التنفيذية في حلوان

على أطراف مدينة حلوان، وتحديدًا من ناحيتها الشرقية، تقف عزبة زين كمنطقة منسية تمامًا من أجندة الأجهزة التنفيذية، رغم أنها تُعد المدخل الرئيسي الذي يمر منه يوميًا آلاف العمال المتوجهين إلى المصانع الحربية.
ورغم هذا الموقع الحيوي، يعيش الأهالي وسط واقع قاسٍ من الإهمال وغياب الخدمات الأساسية، وكأن العزبة تُفتح كل صباح على مشهدٍ منسي من قلب القاهرة.
طرق متهالكة ومرافق غائبة
يبدأ المشهد من أول شوارع العزبة: مساكن السكة الحديد، شارع الجبلاية، شارع المرصد، امتداد مسجد عزام، وشارع المحطة، جميعها تعاني من تدهور واضح في البنية التحتية.
الطرقات غير ممهدة، الصرف الصحي مكشوف، والإنارة غائبة منذ سنوات طويلة، حتى أصبحت الحركة ليلًا مغامرة محفوفة بالمخاطر.
وفي مشهد أكثر غرابة، دفنت بعض علب الكهرباء الرئيسية تحت الأرض في شارع الجامع والصول، ما تسبب في انقطاع متكرر للتيار ووقوع مشكلات فنية متكررة.
يقول الأستاذ أحمد برعى أحد السكان: "كل أسبوع الكهرباء بتفصل، ومهندسين الشركة نفسهم بيقولوا إن مكان العلب خطر ومش سليم، لكن محدش بيتحرك."
مسجد مهدد بالانهيار وقرار إزالة معطل
وسط هذا المشهد، يقف مسجد جمال عبد الناصر كقصة أخرى من الإهمال المتراكم، فقد صدر له قرار إزالة من محافظة القاهرة منذ عامين، وتم منع الصلاة فيه رسميًا بعد أن أثبتت لجنة هندسية خطورته الإنشائية.
ورغم وجود متبرع أعلن استعداده لتحمل تكلفة الهدم وإعادة البناء بالكامل، فإن الإجراءات الإدارية ما زالت حبيسة الأدراج دون تصريح رسمي للهدم أو إعادة الإعمار.
النتيجة أن أكثر من عشرين ألف نسمة يعيشون اليوم دون مسجد رسمي لأداء الصلاة، بينما يهدد المبنى الآيل للسقوط المنازل المجاورة.
يقول الأستاذ زكريا راتب أحد الأهالي: "منعونا نصلي جواه، لكن كمان مش سايبين الناس تهده وتبنيه، وكأننا بنستنى الكارثة تقع."
غياب الأمن
يشكو الأهالي من أن المنطقة تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى بؤر غير آمنة بسبب غياب التواجد الأمني، خاصة في فترات الليل، والطرقات المظلمة والمنازل المتلاصقة جعلت عزبة زين بيئة خصبة لتنامي السرقات والمشاجرات.
يقول الأستاذ إبراهيم مسلم أحد السكان في شارع المحطة: "بعد المغرب مفيش شرطة خالص، والناس بتخاف تمشي في الشوارع، حتى الطلبة والعمال اللي بيعدّوا الصبح بيبقوا قلقانين."
ويطالب الأهالي بإنشاء نقطة ارتكاز أمني ثابتة داخل العزبة، لتأمين الأهالي وردع الخارجين عن القانون، خصوصًا أن المنطقة ممرًا يوميًا لعشرات الآلاف من العاملين والطلاب.
شباب بلا مركز ولا متنفس
من المفارقات المؤلمة أن عزبة زين كانت تمتلك مساحات خضراء يمكن استغلالها كمركز شباب يخدم الأهالي، لكن هذه المساحات تُركت مهجورة حتى تحولت إلى أوكار لممارسات سلبية في غياب أي رقابة أو إشراف رسمي.
ويطالب شباب المنطقة باستغلال حديقة عزبة زين وتحويلها إلى مركز شباب ومتنفس حضاري، مؤكدين أن التنمية الرياضية والاجتماعية جزء لا يتجزأ من الأمن المجتمعي.
أحد الشباب يدعي أحمد عزت قال لنا: "مفيش مكان نقعد فيه غير على الرصيف، الحديقة اتحولت لمكان مهجور، ولو الدولة عملت فيها مركز شباب، هتفرق مع كل ولاد المنطقة."
منطقة على الهامش من العاصمة
ورغم أن عزبة زين تمثل نقطة مرور رئيسية داخل حلوان، فإنها ما زالت تعاني من غياب كامل للخدمات الأساسية،
لا خطة واضحة للرصف، ولا تطوير للصرف، ولا إنارة كافية، ولا حتى متابعة أمنية أو خدمية وبينما تستمر الوعود على الورق، تبقى العزبة أقرب إلى منطقة “خارج الخدمة” من خريطة العاصمة.
نداء عاجل للجهات التنفيذية
يطالب الأهالي السيد محافظ القاهرة، ورئيس حي حلوان، وجميع الجهات التنفيذية المختصة، بسرعة التدخل لإنقاذ المنطقة من هذا الوضع المتدهور، عبر رصف وتمهيد الشوارع الرئيسية والفرعية، وإصلاح منظومة الصرف والكهرباء، وتأمين علبة الكهرباء المطمورة، استخراج تصريح عاجل لهدم وإعادة بناء مسجد جمال عبد الناصر، وإنشاء نقطة ارتكاز أمني دائمة داخل العزبة، واستغلال الحديقة المهملة وتحويلها إلى مركز شباب يخدم الأهالي.
عزبة زين ليست مجرد تجمع سكني عشوائي، بل بوابة حلوان الشرقية التي يمر منها يوميًا آلاف العمال والطلاب، وهي شاهد على معاناة سكانٍ لم يطلبوا أكثر من أبسط حقوق الحياة الكريمة.
حتى لا تبقى عزبة زين شاهدًا على زمنٍ يُكافأ فيه الإهمال بالصمت، ويُترك فيه المواطن البسيط يواجه وحده معركة العيش والخطر.


































































