عادل توماس يكتب: بعد فيتو الرئيس انتخابات أُعيدت وخريطة سياسية أُعيد رسمها
في مشهد انتخابي غير مسبوق، أُعيدت الانتخابات في 19 دائرة بعد قرار بإلغاء نتائج الجولة الأولى، القرار الذي وُصف شعبيًا بـ“فيتو الرئيس” لم يُعد فقط فتح الصناديق، بل أعاد رسم المشهد الانتخابي من جديد، وغيّر مسارات كانت تبدو محسومة. وبين أرقام انهارت وأخرى صعدت، تكشف القراءة التحليلية أن الإعادة لم تكن جولة ثانية، بل انتخابات مختلفة تمامًا في المزاج والاتجاهات ونتائج التصويت.
قرار الإلغاء… خطوة قلبت موازين القوى
لم يكن قرار الإلغاء إجراءً إداريًا عاديًا، بل نقطة تحول سياسية أعادت ضبط العملية الانتخابية في عدة دوائر شهدت تنافسًا حادًا أو جدلًا واسعًا، إعادة الانتخابات أخرجت المشهد من حالة “الحسم المبكر” التي فرضتها نتائج الجولة الأولى، ودفعت الناخبين والمرشحين معًا إلى إعادة الحسابات.
مصادر محلية في بعض الدوائر وصفت المشهد بعد القرار بأنه “بداية انتخابات جديدة لا علاقة لها بما سبق”.
قوص: تراجع هائل لمعتز محمد محمود
شهدت دائرة قوص واحدة من أوضح صور التحول في الأرقام، فالمرشح معتز محمد محمود، الذي كان قد حصل على 65 ألف صوت قبل الإلغاء، تراجع بشكل حاد بعد الإعادة، مكتفيًا بـ12 ألف صوت فقط، ليخرج من السباق تمامًا.
هذا الهبوط الحاد يطرح أسئلة حول طبيعة المشاركة في الجولة الأولى، ومدى اختلاف الظروف التي جرت فيها الإعادة.
الرمل: تآكل الأصوات وتراجع الثقل السياسي
دائرة الرمل في الإسكندرية قدمت مثالًا آخر على تغير المزاج الانتخابي، عمر الغنيمي: نصف القوة الانتخابية اختفى
والغنيمي، الذي خرج قبل الإلغاء بـ50،912 صوتًا، عاد بـ19،680 صوتًا فقط بعد الإعادة، والفارق الكبير يعكس تحولات عميقة داخل الدائرة، سواء في نسب المشاركة أو اتجاهات التصويت.
أحمد عبد المجيد: من 51 ألفًا إلى 15 ألفًا
مشهد مشابه تكرر مع المرشح أحمد عبد المجيد، الذي تراجع من 51،857 صوتًا إلى 15،457 فقط.
وهو ما يؤكد أن الدائرة فقدت جزءًا كبيرًا من قوتها التصويتية بين الجولتين، وأن التحالفات تغيّرت بصورة واضحة.
دوائر أخرى… نفس السيناريو بنسب مختلفة
الدوائر الـ19 التي شملها قرار الإلغاء شهدت تغيرًا مشابهًا في النمط العام: انخفاض ضخم في الأصوات، تراجع نفوذ بعض المرشحين، وصعود آخرين كانوا خارج دائرة الضوء في الجولة الأولى.
بعض المرشحين خسروا ما يقرب من 70% من أصواتهم، بينما ظهرت أسماء جديدة صعدت اعتمادًا على قواعد اجتماعية محلية، بعيدًا عن الضغوط التي صاحبت الجولة الأولى.
صعيد مصر: تحولات لافتة في موازين القوة
الصعيد كان الأكثر تأثرًا بإعادة الانتخابات، نظرًا لقوة العائلات والقبائل وتأثيرها على اتجاهات التصويت، فمثلًا فتحي قنديل… صعود لافت لمرشح مستقل
ضمن هذا المشهد، برز اسم فتحي قنديل، المرشح المستقل الذي تضاعفت أصواته بصورة كبيرة مقارنة بالجولة الأولى في دائرته.
والمشهد يعكس أن المستقلين في الصعيد أصبحوا أكثر قدرة على المنافسة، وخاصة في ظل إعادة توزيع التحالفات بعد الإعادة.
خالد خلف الله… تراجع يعكس تغيّر المشهد
في المقابل، تراجع رصيد مرشحين كانوا يحظون بدعم حزبي قوي، وفي مقدمتهم خالد خلف الله الذي فقد جزءًا كبيرًا من قوته التصويتية بعد الإعادة.
الصورة تكشف أن الدوائر القبلية لم تعد ثابتة كما كانت، وأن الناخب الصعيدي أعاد تقييم خياراته في ضوء اللحظة السياسية الجديدة.
ماذا تكشف الأرقام؟ قراءة أولية في دلالات الإعادة
الأرقام التي خرجت من الدوائر الـ19 تشير إلى عدة دلالات مهمة:
1. الإعادة لم تكن استكمالًا للجولة الأولى بل انتخابات جديدة بالكامل.
2. تراجع نسب المشاركة بشكل واضح أعاد ترتيب المشهد الانتخابي.
3. انهيار أرقام بعض المرشحين يعكس تغيرًا في توجهات الكتل التصويتية بعد الضجة والجدل.
4. صعود المستقلين يؤكد أن الناخب أصبح أكثر ميلًا للاختيار بعيدًا عن القوائم الحزبية في لحظات التوتر السياسي.
5. إعادة الانتخابات كشفت الوزن الحقيقي لبعض المرشحين بعيدًا عن العوامل التي أثرت على الجولة الأولى.
انتخابات أُعيدت… وخريطة سياسية أُعيد رسمها
ما حدث في الدوائر الـ19 لم يكن مجرد إجراء انتخابي، بل لحظة فارقة أعادت رسم الخريطة السياسية في عدد من المحافظات.
الفارق الكبير بين الأرقام قبل الإلغاء وبعد الإعادة يؤكد أن المزاج الانتخابي في مصر قادر على التغير بسرعة عندما تتغير الظروف.
وإذا كانت الجولة الأولى قد رسمت صورة مؤقتة، فإن الإعادة قدمت الصورة الحقيقية للمشهد- بأصوات أقل، لكن بوضوح أكبر.







