رئيس التحرير
خالد مهران

الأموال العامة تكشف المستور في واقعة الاستيلاء على مليارات رجل أعمال قطري

الإدارة العامة لمباحث
الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة

قضية جديدة تهز الأوساط الاقتصادية والقضائية في مصر، بعدما كشفت نيابة الأموال العامة العليا عن تفاصيل شبكة إجرامية منظمة، جمعت بين مصري وكويتيين اثنين، استهدفت أموال رجل الأعمال القطري المعروف محمد بن سحيم حمد عبد الله آل ثاني.

القضية، التي تجاوزت قيمة الأموال المستولى عليها 3.5 مليار جنيه مصري، اعتبرتها النيابة واحدة من أخطر قضايا الأموال العامة في السنوات الأخيرة، لما تضمنته من تزوير ممنهج، وخيانة أمانة، واستيلاء واسع النطاق على الأسهم والأرصدة البنكية.

البداية: تحريات تكشف المستور

التحريات التي أجراها العميد شريف محمد دسوقي عامر بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، وضعت يدها على أول خيوط الجريمة.
حيث اتضح أن المتهمين تمكنوا من الحصول على توقيع المجني عليه خلسة على ستة عقود بيع أوراق مالية على بياض. وبموجب تلك العقود، تم الاستيلاء على جزء من أسهم شركة إستيت القابضة، ليحصل المتهم الأول على نحو 950 ألف سهم، بينما استولى الثاني على ما يقارب 2 مليون و739 ألف سهم، في عملية منظمة خلت من أي سند قانوني أو تفويض صحيح.

الصفقة الكبرى: مليارات تحت السيطرة

لم تتوقف الجريمة عند هذا الحد، بل امتدت إلى صفقة كبرى عام 2018، حينما جرى الاتفاق على بيع أسهم شركة ستيت القابضة في شركتي يونايتي ستيل وناشنال ستيل لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، بقيمة إجمالية بلغت 2 مليار و720 مليون جنيه.
وكشفت التحقيقات أن المتهمين نجحوا في تجاوز عقبات تحويل هذه الأموال عبر استخدام حسابات شركتي ستيت القابضة والطاقة القابضة، المملوكتين للشركة الشاكية، ليضعوا يدهم على المبالغ الطائلة دون وجه حق.


أوامر تحويل مزورة بقيمة 1.8 مليار جنيه

في موازاة هذه الوقائع، كشفت النيابة أن المتهمين لجأوا إلى اصطناع ثلاثة أوامر تحويل بنكية مزورة منسوبة إلى بنك "عودة مصر"، تجاوزت قيمتها 1.8 مليار جنيه.
جرى إعداد تلك الأوامر باستخدام طابعة ملوّنة وتوقيعات مزورة، قبل أن يتولى المتهم الثالث تقديمها إلى موظفي البنك – حسني النية – مدعيًا أنها صادرة من المجني عليه، ليتم تمرير التحويلات البنكية على خلاف الحقيقة.

 

تزوير محاضر جمعيات وعقود شركات

ولم يتورع المتهمون عن تزوير محررات أخرى بالغة الخطورة، من بينها عقد بيع شركة جرين دايموند كابيتال بجزر الكايمان، وخطاب مزور منسوب إلى المجني عليه، ومحاضر جمعيات عمومية لشركتي استيت القابضة والصفة القابضة.


وأظهرت التحقيقات أن هذه المحررات تضمنت بيانات وهمية تفيد ببيع وشراء حصص مالية وسداد قيمتها من حصيلة بيع أسهم في شركات كبرى مثل حديد المصريين، وهو ما تبين عدم صحته نهائيًا.


الاستيلاء على الأسهم: ضربة بـ732 مليون جنيه

من بين الجرائم التي رصدتها النيابة، نجاح المتهمين في الاستيلاء على 2،367،960 سهمًا مملوكًا لشركة "استيتك القابضة" التابعة للمجني عليه، بقيمة سوقية قدرت بنحو 732 مليون جنيه.
وقد جرى ذلك عبر تقديم عقود بيع أسهم مزورة لشركة "جراندي" لتداول الأوراق المالية، حيث أوهم المتهم الثالث الموظفين بصفته وكيلًا عن المجني عليه، ليتم قيد الأسهم بأسماء المتهمين.


خيانة الأمانة: ورقة على بياض تكلف الملايين

كشفت النيابة أيضًا أن المتهم الثالث استغل ورقة موقعة على بياض تخص المجني عليه – عبارة عن طلب تحويل بنكي – فقام بملئها ببيانات وهمية تفيد رغبة الأخير في تحويل مبلغ 907 ملايين و838 ألفًا و90 جنيهًا لصالح المتهم الأول. وبالفعل، تم تنفيذ التحويل، لتضاف هذه الواقعة إلى سلسلة الخسائر التي تكبدها رجل الأعمال القطري.

المتهمون في القضية

حسب أمر الإحالة، فإن المتهمين هم، عبدالله أحمد شاهين يوسف شاهين، 54 عامًا، كويتي الجنسية، وعصام قاسم حبيب، 58 عامًا، كويتي الجنسية، وعمر عادل المغاوري، 49 عامًا، مصري الجنسية، مقيم بمدينة الشيخ زايد.


وتلاحقهم النيابة في جرائم التزوير في محررات عرفية، واستعمال محررات مزورة، وخيانة الأمانة، والاستيلاء على أموال الغير بالاحتيال.

النيابة: جريمة منظمة وجسيمة

أكدت النيابة أن حجم الأموال موضوع الجريمة – الذي تجاوز 3.5 مليار جنيه – يجعلها واحدة من أخطر قضايا الأموال العامة في تاريخها الحديث.
وأشارت إلى أن وقائع القضية تكشف عن شبكة منظمة نجحت في استغلال الثغرات المالية والإدارية لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب رجل أعمال بارز.

الإحالة إلى محكمة الجنايات

وبناءً على ما ثبت من أدلة ومستندات، أمرت نيابة الأموال العامة العليا بإحالة المتهمين الثلاثة إلى محكمة الجنايات، مع استمرار التحقيقات بشأن المجهول الذي اشترك معهم في تزوير المحررات، وسط ترقب واسع لما ستسفر عنه المحاكمة من تفاصيل وحقائق إضافية.