كيف أصبحت السوشيال ميديا محركًا لعمل الداخلية؟

في السنوات الأخيرة، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر إلى ساحة موازية لعرض الجرائم والمخالفات، سواء كانت مشاجرات في الشوارع، أو وقائع تحرش، أو حتى سرقات غريبة من المقابر. مقاطع الفيديو التي ينشرها المواطنون سرعان ما تتحول إلى تريندات تجذب أنظار الرأي العام، وهو ما يدفع أجهزة وزارة الداخلية إلى التحرك السريع لكشف ملابساتها، وضبط المتهمين، وطمأنة الشارع.
وبالعودة إلى الأيام والأسابيع الماضية، سنجد مجموعة من الوقائع التي تكشف بوضوح هذه الظاهرة المتصاعدة.
مشاجرات "على الملأ"
أولى هذه الوقائع كانت بمحافظة الإسكندرية، حيث رصدت الكاميرات اعتداء شقيقين على مالك مغسلة سيارات باستخدام أسلحة بيضاء في دائرة قسم شرطة ثان الرمل.
الفيديو انتشر بسرعة، مثيرًا حالة من الغضب، خاصة مع ظهور مشاهد الدماء والعنف. وبالفحص، تبين أن المشاجرة نشبت نتيجة خلافات قديمة بين الطرفين تتعلق بالجيرة.
الداخلية تحركت سريعًا، وضبطت المتهمين والأسلحة المستخدمة. لكن اللافت أن الحادث ما كان ليحظى بكل هذا الاهتمام لولا تداول المقطع على نطاق واسع.
خلاف عائلي يتحول إلى قضية رأي عام
واقعة أخرى شهدتها منطقة دار السلام بالقاهرة، حين أقدم شاب يعاني من اضطراب نفسي على تحطيم واجهة محل هواتف محمولة مملوك لعمه، مستخدمًا سلاحًا أبيض.
المشهد المصور أثار الذعر بين المتابعين على "فيسبوك" و"تيك توك"، ورغم أن الواقعة لم يُحرر بشأنها بلاغ رسمي في البداية، إلا أن انتشار الفيديو أجبر الأجهزة الأمنية على التدخل، وضبط المتهم، وإحالته إلى جهات التحقيق.
هذه الواقعة تطرح سؤالًا مهمًا: هل باتت السوشيال ميديا بديلًا للبلاغات التقليدية؟
طفل يقود سيارة في المقطم
أحد المقاطع الأكثر تداولًا خلال الفترة الأخيرة، أظهر طفلًا لا يتجاوز التاسعة يقود سيارة "فان" في شوارع القاهرة، معرضًا حياته وحياة الآخرين للخطر، بينما جلس جده بجواره مبتسمًا.
الفيديو أثار عاصفة من التعليقات الساخرة والغاضبة في آن واحد. وبالفحص، تبين أن مالك السيارة هو الجد نفسه، الذي سمح لحفيده بالقيادة "بهدف تعليمه". الداخلية تدخلت، وتم التحفظ على السيارة، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد الجد.
الواقعة كشفت خطورة "التطبيع" مع السلوكيات غير القانونية، وكيف أن نشرها على الإنترنت قد يضاعف من آثارها.
من لهو الأطفال إلى محاولة اقتحام منزل
في الإسماعيلية، تداول رواد التواصل الاجتماعي فيديو لشخص يحاول اقتحام منزل ربة منزل مستخدمًا "كتر" بعد مشادة كلامية بسبب خلاف بين الأطفال.
الفحص الأمني أثبت صحة الواقعة، وتم ضبط المتهم، ليتبين أن الخلافات التافهة قد تتحول إلى مشاهد خطيرة تهدد الأمن الشخصي، خاصة حين تُصور وتُنشر للعامة.
سائق ميكروباص يرعب الجيزة
واقعة أخرى شهدتها الجيزة، حيث نشرت طالبة مقطعًا مصورًا تشكو فيه من تهور سائق ميكروباص تسبب في حادث تصادم وإصابات عدة.
رغم فرار السائق من موقع الحادث، فإن انتشار الفيديو ساعد الأجهزة الأمنية في تحديد هويته وضبطه بسرعة. القضية أبرزت الدور المتنامي لمقاطع الفيديو في "تسريع العدالة"، وربما الضغط على الأجهزة للتحرك.
سرقة "أبواب المدافن"
من المشاجرات وحوادث المرور إلى واقعة أكثر غرابة في محافظة المنيا، حيث أظهر مقطع فيديو شقيقين يسرقان أبوابًا حديدية من مقابر.
رغم أن الشرطة لم تتلق بلاغًا رسميًا في البداية، فإن المقطع أثار استياء شعبيًا واسعًا، ودفع الداخلية للتحرك وضبط المتهمين، واستعادة المسروقات التي شملت ثمانية أبواب وثلاث نوافذ حديدية.
المشهد يعكس كيف يمكن أن يتحول "فيديو عابر" إلى نقطة انطلاق لتحقيق أمني كامل.
الجرائم الاقتصادية
لا تقتصر بيانات الداخلية على جرائم الشوارع فقط، بل تمتد إلى قضايا اقتصادية وأخلاقية، في أحد بياناتها، أعلنت الوزارة ضبط قضايا اتجار غير مشروع في النقد الأجنبي بقيمة تقترب من 11 مليون جنيه خلال 24 ساعة فقط، مؤكدة أن المضاربة على أسعار العملات باتت تهدد الاستقرار المالي للدولة.
وفي واقعة أخرى، ضبطت الأجهزة الأمنية سيدة تدير ناديًا صحيًا غير مرخص في المعادي، تستغله في أعمال منافية للآداب. التحريات أكدت أنها كانت تستقطب زبائن مقابل مبالغ مالية، وتم ضبطها وبصحبتها سيدات ورجال.