أوامر تحويل مزورة ومليارات منهوبة.. القصة الكاملة لقضية الاستيلاء على أموال آل ثاني

في واحدة من أكبر قضايا الاستيلاء على الأموال والتحايل عبر الحسابات البنكية، استمعت النيابة العامة إلى شهادة محمد خيري عثمان، 59 سنة، مدير عام بقطاع الرقابة الميدانية بالبنك المركزي المصري، والذي تم انتدابه لرئاسة لجنة فحص وقائع الاستيلاء على أموال رجل الأعمال القطري محمد بن حسين عبد الله آل ثان.
البنك المركزي المصري
أكد مدير عام بقطاع الرقابة الميدانية بالبنك المركزي المصري أنه من خلال الفحص تبين فتح حسابين بنكيين باسم شركتي استيت القابضة والصفة القابضة القطريتين، وأنه جرى تحويل مبالغ ضخمة إلى تلك الحسابات تنفيذًا لصفقة بيع أسهم مملوكة للشاكي في شركتي ناشنال استيل لإدارة مصانع الصلب والخليج جاهز لمشروعات الخدمة الوطنية.
وأوضح أن جملة المبالغ المحولة بلغت 2 مليار و720 مليون جنيه، وأن تلك الأموال لم تُحوَّل لصالح الشاكي كما كان مفترضًا، وإنما تم تحويلها بالكامل لصالح المتهم الأول.
وأضاف الشاهد أن ذلك جرى بموجب أربعة أوامر تحويلات بنكية تحمل توقيع الشاكي نفسه، إلا أن هذه الأوامر لم تُقدَّم من قبله مباشرة، وإنما جرى تقديمها إلى البنك من خلال المتهم الثالث، والذي زعم أنه وكيل عن الشاكي. كما أرفق المتهم الثالث مستندًا إضافيًا عبارة عن عقد بيع صادر عن إحدى الشركات بجزر كايمان لتغطية الصفقة وتبرير التحويلات.
وانتهى تقرير لجنة الفحص – التي ترأسها الشاهد – إلى أن جميع تلك الإجراءات استُخدمت كغطاء لتمكين المتهم الأول من الاستيلاء على المبالغ المالية الضخمة المملوكة للشاكي، عبر استغلال توكيل مزعوم ومستندات ظاهرها قانوني وباطنها مخالف للحقيقة.
المتهمون في قبضة النيابة
لم تتوقف القصة عند حدود الشهادة، فقد كشفت أوراق النيابة العامة أن المتهمين في القضية هم، عبدالله أحمد شاهين يوسف شاهين، 54 سنة، كويتي الجنسية، وعصام قاسم حبيب، 58 سنة، كويتي الجنسية، وعمر عادل المغاوري، 49 سنة، مصري الجنسية، مقيم بمدينة الشيخ زايد.
ونسبت إليهم النيابة ارتكاب سلسلة من الجرائم شملت التزوير، الاستعمال، خيانة الأمانة، والاستيلاء على أموال الغير بطرق احتيالية، في واقعة تجاوزت قيمة الأموال المتحصل عليها مليارات الجنيهات المصرية.
بداية الخيوط: أوامر تحويل مزورة
التحقيقات كشفت أن البداية كانت عبر اصطناع ثلاثة أوامر تحويل بنكية منسوبة زورًا إلى بنك "عودة مصر"، تجاوزت قيمتها 1.8 مليار جنيه.
المتهمون، وبالاشتراك مع آخر مجهول، لجأوا إلى تزوير تلك المستندات باستخدام طابعة ملوّنة وتوقيعات مزورة منسوبة إلى المجني عليه، وأثبتوا أوامر تحويل وهمية من حسابات شركتيه "استيت" و"الصفة" القابضتين، لصالح الحسابات البنكية للمتهم الأول.
الاستعمال.. الحلقة الثانية من الجريمة
بعد تزوير الأوامر، قام المتهمان الأول والثاني بتسليمها إلى المتهم الثالث، الذي تقدم بها إلى موظفي بنك عودة – حسني النية – ليقنعهم بأنها صادرة عن المجني عليه نفسه.
وبهذه الطريقة، جرى تمرير عمليات تحويل بمئات الملايين من الجنيهات على خلاف الحقيقة.
تزوير المحررات والاستيلاء على الأسهم
لم يقف الأمر عند ذلك، بل نسب للمتهمين تزوير محررات أخرى من بينها: عقد بيع لشركة "جرين دايموند كابيتال" بجزر الكايمان، ومحاضر جمعيات عمومية لشركتي "استيت" و"الصفة"، وخطاب منسوب زورًا إلى المجني عليه.
هذه المحررات استُخدمت لإضفاء مشروعية مزيفة على نقل ملكية 2.3 مليون سهم من أسهم شركة "استيتك القابضة" إلى المتهمين، بقيمة سوقية تقارب 732 مليون جنيه.
مليارات في قبضة المتهمين
التحقيقات أكدت أن الشبكة نجحت في الاستيلاء على مبالغ تجاوزت 2.7 مليار جنيه عبر التحويلات البنكية المزورة، بخلاف الاستيلاء على الأسهم، وخيانة الأمانة في ورقة موقعة على بياض استُغلت لتمرير تحويل إضافي بقيمة 907 مليون جنيه.
النيابة: جريمة منظمة عابرة للحدود
خلصت النيابة في أمر الإحالة إلى أن المتهمين الثلاثة شكّلوا شبكة منظمة جمعت بين التزوير، استعمال المحررات المزورة، والاستيلاء على أموال الغير بالطرق الاحتيالية، وأن حجم الأموال محل الجريمة – والذي تجاوز 3.5 مليار جنيه – يجعلها من أخطر قضايا الأموال العامة المعروضة على القضاء المصري.
أمام محكمة الجنايات
بناءً على ما تقدم، أحالت نيابة الأموال العامة العليا المتهمين الثلاثة إلى محكمة الجنايات، مع استمرار التحقيقات بشأن المجهول الذي اشترك معهم في اصطناع المحررات المزورة.