رئيس التحرير
خالد مهران

ضبط متهم أثناء التنقيب عن الآثار في حلوان: الحلم الملعون بالكنز المدفون

التنقيب عن الآثار
التنقيب عن الآثار

في واقعة جديدة تكشف عن استمرار هوس البحث عن الكنوز المزعومة، تمكنت الأجهزة الأمنية بالقاهرة من إحباط محاولة للتنقيب غير المشروع عن الآثار داخل عقار سكني بمنطقة حلوان، بعد ورود معلومات مؤكدة عن قيام أحد الأشخاص بأعمال حفر داخل منزله في محاولة لاستخراج قطع أثرية وبيعها في السوق السوداء.

بداية الخيط

مصادر أمنية أكدت أن معلومات سرية وردت لقطاع مباحث القاهرة، تفيد بقيام شخص مقيم بحلوان بأعمال حفر داخل منزله بطريقة مريبة، الأمر الذي أثار الشكوك حول نشاطه، وبناءً على التحريات التي قادها ضباط المباحث، تم التحقق من صحة المعلومات، وتبين أن المتهم يقوم بأعمال حفر عميقة باستخدام أدوات بدائية ومتطورة على حد سواء، في محاولة لاكتشاف ما إذا كان أسفل العقار مقابر أثرية أو قطع تعود للعصور القديمة.

المداهمة وضبط المتهم

بعد تقنين الإجراءات واستصدار إذن من النيابة العامة، داهمت قوة أمنية العقار محل الواقعة، حيث عثرت على حفرة كبيرة بعمق عدة أمتار، وبجوارها أدوات تنقيب شملت (شواكيش، وأجولة رمال، وحبال، ومعدات إنارة). وجرى ضبط المتهم متلبسًا أثناء الحفر.

وأكدت التحريات أن المتهم تصرف بدافع الطمع في الحصول على ثروة سريعة عبر استخراج قطع أثرية وبيعها لتجار السوق السوداء، الذين ينشطون في مثل هذه القضايا ويشكلون شبكة تمتد من سماسرة محليين وصولًا إلى مافيا دولية تهرّب الآثار المصرية للخارج.

النيابة تتولى التحقيق

تم التحفظ على الأدوات المستخدمة في الحفر، وإحالة المتهم إلى النيابة العامة التي تولت التحقيق، ووجهت النيابة للمتهم اتهامات تتعلق بمخالفة قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018، والذي يجرّم التنقيب غير المشروع عن الآثار ويعاقب مرتكبيه بالسجن المشدد والغرامة التي قد تصل إلى ملايين الجنيهات.

ظاهرة متكررة

هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها في حلوان، إذ تشهد المنطقة – بحكم موقعها الجغرافي وتاريخها الممتد منذ العصر الفرعوني – العديد من المحاولات المشابهة، فالكثير من الأهالي ينساقون وراء أوهام "الكنز المدفون" نتيجة اعتقادات موروثة بأن بعض الأراضي أو المنازل قد تخفي آثارًا تحتها، لكن هذه المحاولات غالبًا ما تنتهي بكوارث، إما بانهيار العقارات جراء الحفر غير المدروس، أو بسقوط المتهمين في قبضة العدالة.

خبراء: التنقيب جريمة تدمر التاريخ

يقول أحد خبراء الآثار إن التنقيب العشوائي جريمة لا تقل خطورة عن التهريب، إذ يؤدي إلى تدمير مواقع أثرية محتملة وإضاعة السياق التاريخي للقطع حتى وإن تم العثور عليها،وأكد أن القطعة الأثرية التي تُنتزع من مكانها دون دراسة علمية تفقد أكثر من نصف قيمتها التاريخية والعلمية، حتى لو كانت نادرة.

الأمن يلاحق "مافيا الآثار"

الأجهزة الأمنية شددت من جانبها على استمرار حملاتها لرصد وملاحقة كل أشكال التنقيب غير المشروع عن الآثار، مشيرة إلى أن الظاهرة باتت مرتبطة بشبكات وهمية تخدع المواطنين بادعاءات القدرة على استخراج الكنوز مقابل مبالغ مالية طائلة.

وبينما يظل حلم "الذهب الفرعوني" يطارد خيال بعض البسطاء والطامعين، فإن الحقيقة المؤكدة أن تلك المحاولات تنتهي غالبًا إما خلف القضبان أو تحت أنقاض منازل منهارة، وتبقى جهود الدولة قائمة لحماية التراث المصري من العبث، باعتباره ليس مجرد كنز اقتصادي، بل هو جزء أصيل من الهوية والتاريخ.