قائد غواصين الخير المتطوعين في حوار لـ "النبأ": المنقذين السبب في كثرة أعداد الوفيات بحادث “أبوتلات”

شهدت الشواطئ خلال الفترة الأخيرة، ولا سيما شاطئ "أبو تلات"، عددًا كبيرًا من حالات الغرق، حتى أصبحت المصايف مقابر غير متوقعة، لهذا، حاورت صحيفة "النبأ" الكابتن إيهاب المالحي، قائد فريق "غواصين الخير المتطوعين"، حول مأساة شاطئ "أبو تلات"، وأسباب تزايد حالات الغرق هذا العام، ودور الفريق في إنقاذ وانتشال الغرقى في أنحاء الجمهورية والوطن العربي.. وإلى نص الحوار:

ما هي مشكلة شاطئ "أبو تلات" بالتحديد؟
مشكلة شاطئ "أبو تلات" أن البحر كان عاليًا، وهي مشكلة تتكرر في شهري يوليو وأغسطس.
تزداد هذه المشكلة في شواطئ مثل "أبو تلات" وشواطئ العجمي بشكل عام، فهي شواطئ مفتوحة، وأي نسمة هواء تجعل السباحة فيها أمرًا خطيرًا.
عندما وقع الحادث، كان الموج عاليًا، وطلب المنقذون من طلاب الأكاديمية عدم النزول إلى الماء، وكانت الراية الحمراء مرفوعة، مما يعني منع السباحة تمامًا. امتثل معظم الطلاب للأمر، لكن طالبة واحدة نزلت فغرقت.
وعندما حاول المنقذون إنقاذها، نزل بقية الطلاب إلى الماء — وكانوا أكثر من 100 طالب — مما أدى إلى غرق ستة منهم، ثم عُثر على جثة أخرى في اليوم التالي. كانت المشكلة الحقيقية هي الموج العالي وكون البحر مفتوحًا في هذا الشاطئ.

ما سبب وفاة كل الطلاب الذين تم إخراجهم من الماء في حادث "أبو تلات"؟
السبب الرئيسي هو أن الشاطئ عام ولا توجد به نقطة إسعاف مجهزة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المنقذين الموجودين على الشاطئ غير مؤهلين لتقديم الإسعافات الأولية، مما أدى إلى وفاة جميع الحالات التي تم إخراجها من الماء نتيجة لغياب التدخل الطبي العاجل. هذا الحادث تسبب في إغلاق جميع شواطئ الإسكندرية في اليوم التالي لمدة يومين.

هل توجد شواطئ معينة تحذرون من نزولها؟
المشكلة تكمن في الشواطئ المفتوحة التي لا توجد بها حواجز للأمواج، مثل شواطئ "الأبيض" و"أم الرَخَم" و"عجيبة" في مطروح. يتم إغلاق هذه الشواطئ عندما يكون الموج عاليًا، لكن المشكلة أن الشباب لا يمتثلون لإجراءات السلامة، خاصةً عندما يجدون الراية الحمراء وتعليمات المنقذين التي تمنع السباحة.
ما هو أكثر وقت واجهتم فيه حالات غرق هذا العام؟
تزيد حالات الغرق عادةً في شهر يوليو من كل عام، لكن الجديد هذا العام أن الحالات زادت في شهري يوليو وأغسطس معًا، وذلك بسبب “المَلْتَم”، و"المَلْتَم" هي كلمة متعارف عليها بين الصيادين والغواصين، وتعني أن الموج عالٍ جدًا أشبه بالطوفان، وأن الجو غير مناسب للصيد أو السباحة أو الغطس.
ومع الازدحام وزيادة عدد المصطافين في الإسكندرية، تزداد حالات الغرق في شهر يوليو، لكن الجديد هذا العام – مع التغيرات المناخية وزيادة النشاط الزلزالي في منطقة حوض البحر المتوسط – هو ارتفاع أمواج البحر في شهر أغسطس أيضًا، مما زاد معه حالات الغرق في هذا الشهر.
ويعود جزء من هذه الحالات إلى عدم استجابة المصطافين أنفسهم لنداءات وتعليمات السلامة.
وما يدل على قوة البحر هذا العام هو ما حدث في شاطئ ستانلي، حيث تبلغ مساحة الرمل 60 مترًا على الأقل، لكن الأمواج نجحت في تآكل هذه الطبقة الرملية بالكامل.
لماذا زادت حالات الغرق هذا العام في الساحل الشمالي؟
الساحل الشمالي يواجه نفس مشكلة العجمي، وهي أن البحر مفتوح، ولذلك يتأثر بشدة بالتيارات الهوائية التي تجعل السباحة فيه خطرة، والمفترض على المصطافين في الساحل الشمالي، عندما يجدون البحر عاليًا وتيارات المياه شديدة، عدم نزول البحر والاكتفاء بحمامات السباحة، وهي متوفرة بكثرة هناك، فمن يجد البحر عاليًا ويصر على النزول، فهو يضحي بنفسه وبأولاده.
تقل المشكلات في الشواطئ الخاصة لوجود عدد كبير من المنقذين، لكن المشكلة أن ليس كل المنقذين مؤهلين لتقديم الإسعافات الأولية.
وتتركز معظم حالات الغرق في الساحل حول عدم استماع الشباب لتحذيرات المنقذين، والسباحة ليلًا خاصة بعد الساعة السابعة مساءً عند مغادرة المنقذين، ويستغل من لديهم شاليهات أو فيلات على البحر هذا الوضع ويسبحون ليلًا، مما يزيد من حالات الغرق، لذلك، نؤكد دائمًا على ضرورة السباحة في أوقات عمل المنقذين.
ومما يزيد من أعداد الغرقى أن من يسبح ليلًا ويتعرض للغرق، يتطوع أصدقاؤه لإنقاذه، فيغرقون معه.
ما هي انتقاداتك للمنقذين؟
من المفترض أن يكون المنقذ مؤهلًا للإنقاذ والإسعافات الأولية في آنٍ واحد، خاصة وأن الاتحاد المصري للغوص والإنقاذ يقدم دورات متكاملة، وهذا العام دخلت القوات البحرية أيضًا وأصبحت تعطي دورات في الإنقاذ البحري والإسعافات الأولية، ومن الوارد أن يتم إنقاذ شخص من الغرق، لكنه يموت على الشاطئ بسبب عدم تلقيه الإسعافات الأولية الصحيحة.
ينقسم الغرق إلى ثلاث حالات إذا كان الغريق لديه نبض وتنفس يحتاج إلى عمليات إفاقة فقط، وإذا كان لديه نبض ولكن لا يتنفس يحتاج إلى تنفس صناعي "قبلة الحياة"، وإذا لم يكن لديه نبض أو تنفس فهو يحتاج إلى إنعاش قلبي رئوي (CPR)، وهذا يتطلب شخصًا مدربًا.
ما هي النصائح التي توجهها للمصطافين لتجنب الغرق؟
أولًا، يجب النظر إلى راية الشاطئ لأن الراية الحمراء تعني أن السباحة ممنوعة تمامًا والبحر خطر، والراية الصفراء تعني أن الوضع غير مستقر، والسباحة مسموحة في أماكن معينة فقط. في هذه الحالة، يجب سؤال المنقذين عن الأماكن الآمنة، والراية الخضراء تعني أن البحر معتدل والسباحة آمنة.
ثانيًا، وهي النصيحة الأهم، هي السباحة فقط خلال أوقات عمل فريق الإنقاذ، والتي تمتد دوليًا من الشروق إلى الغروب، ومعظم حالات الغرق تحدث إما في الصباح الباكر قبل الشروق أو ليلًا بعد الغروب.
وأخيرًا، يجب الاستماع لتعليمات المنقذين، وحتى لو كانت الراية خضراء والبحر معتدلًا ونصحك المنقذ بعدم النزول، فالأولى أن تستمع له لأن وظيفته هي الحفاظ على سلامتك، وهذا بالضبط ما حدث في مأساة "أبو تلات" عندما تجاهل الشباب كلام المنقذين.
ما هي أصعب حالة غرق واجهتكم هذا الموسم؟
كانت حالة الغرق في منطقة لوران هي الأصعب، لأنها حدثت أثناء فترة إغلاق شواطئ الإسكندرية. وقعت الحادثة في شاطئ صخري تابع للقوات المسلحة، وكان البحر هائجًا جدًا لمدة ثلاثة أيام بعد الحادث، مما منع الفريق من النزول لانتشال الجثة. في اليوم الرابع، يوم الجمعة، بعد أن هدأت الرياح، نزلنا وعثرنا على الغريق فورًا. لكن الصعب على الفريق كان الانتظار ثلاثة أيام دون القدرة على فعل شيء.
ما هو جديد "غواصين الخير" هذا العام؟ وكم وصل عددكم؟
بفضل الله، زادت أسرة "غواصين الخير" هذا العام وأصبح عددنا 20 ألف متطوع في مصر، على سبيل المثال، في حالة لوران تطوع سبعة غواصين للمساعدة.
يزداد عدد المتطوعين باستمرار، خاصةً عندما يعلمون أن كل العمل مجاني، وينضم إلينا الكثير من أقارب الغرقى الذين يكونون غطاسين بأنفسهم.
كيف تقبلون المتطوعين الجدد في الفريق؟
أولًا، يجب أن يغطس معي مرة واحدة على الأقل لأقيّم مهاراته وقدراته، كما يتم تصنيف الغواصين، لأن ظروف الغطس في البحر تختلف عن النهر أو البحيرة، ونحن نعمل في كل مكان في مصر، لذلك لا ينزل إلى البحر إلا المتخصصون، لكننا نستعين بالأقل خبرة كـ "مساعد غواص"، وهو دور لا يقل أهمية، حيث يساعد في تجهيز الغواص أو إنزال الحبال. لكن للنزول إلى الماء، يجب أن يكون المتطوع حاصلًا على شهادة غطس بمستوى "نجمتين" على الأقل، وكل أسبوع، أعقد دورات إعادة تأهيل للغواصين في الإنقاذ والإسعافات الأولية وأعمل على تقوية نقاط ضعفهم.
ماذا عن وجود "غواصين الخير" في الوطن العربي؟
حاليًا، انتشر الفريق في كل أرجاء الوطن العربي، فلدينا فرق في الأردن، السعودية، المغرب، فلسطين، لبنان، وقطر. كل الفرق في الدول العربية تعمل بنفس المبادئ والقواعد الموجودة في مصر، وأهم شرط هو أن أي عمل لإنقاذ الغرقى هو عمل تطوعي ومجاني تمامًا.
ما هي رسالتك للمنقذين؟
يجب أن يكون كل تركيزك على الماء، لأن حالة الغرق تحدث في دقيقة واحدة، وإذا اضطررت لمغادرة برج المراقبة لأي سبب، يجب أن تضع بديلًا لك لمراقبة الشاطئ.