الضرائب: النظام المبسط للمشروعات متاح لمن تقل أعماله السنوية عن 20 مليون جنيه

أطلقت مصلحة الضرائب المصرية حزمة جديدة من التسهيلات الضريبية تهدف إلى فتح صفحة جديدة بين الممولين والإدارة الضريبية، وتشجيع أصحاب الأعمال الحرة والمنشآت غير المسجلة على الانضمام إلى المنظومة الرسمية، بما يضمن لهم الاستقرار والنمو، ويُعزز من موارد الدولة في الوقت نفسه.
ويأتي ذلك في إطار توجه الدولة نحو دعم الاقتصاد الرسمي وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
علاقة شراكة
وخلال جولة توعية حديثة نظمتها مصلحة الضرائب المصرية في منطقة ضرائب البحر الأحمر، برعاية حزب مستقبل وطن، أكدت رشا عبد العال، رئيس مصلحة الضرائب، أن الدولة جادة في بناء علاقة شراكة قائمة على الثقة مع مجتمع الأعمال، خاصة أصحاب المهن الحرة والمشروعات متناهية الصغر، مشيرة إلى أن التسهيلات الجديدة تفتح الطريق أمام تلك الفئات لتحقيق طفرة في حجم أعمالها دون أعباء أو ملاحقات ضريبية عن الفترات السابقة، وفق مبدأ "عفا الله عما سلف".
المحاسبة الضريبية
وأوضحت رئيسة المصلحة أن النظام المبسط للمشروعات الذي أقره القانون رقم 6 لسنة 2025، متاح لكل من يقل حجم أعماله السنوي عن 20 مليون جنيه، سواء من المنشآت الصغيرة أو أصحاب المهن الحرة كالأطباء والمهندسين والفنانين والمحامين والمحاسبين والحرفيين وغيرهم، ويتيح لهم نسبة ضريبية مبسطة تتدرج من 0.4% لأصحاب الأعمال الأقل من 500 ألف جنيه سنويًا، وتصل إلى 1.5% كحد أقصى لأصحاب الأعمال حتى 20 مليون جنيه سنويًا، على أن تبدأ المحاسبة الضريبية من اليوم التالي للتسجيل، دون أي التزام عن السنوات السابقة.
المهلة القانونية
وأشارت عبد العال إلى أن التوعية مستمرة في جميع المحافظات لمخاطبة الممولين في أماكنهم، وتشجيعهم على الإسراع بالانضمام قبل انتهاء المهلة القانونية، التي تمثل فرصة ثمينة للاندماج الآمن في المنظومة الضريبية، بما يعزز من استقرار أعمالهم ويفتح أمامهم أبواب التعاملات الرسمية مع البنوك والجهات الحكومية المختلفة.
الفحص الضريبي
من جانبه، أكد الدكتور رجب محروس، مستشار رئيس مصلحة الضرائب، أن القانون يمنح المنضمين للنظام المبسط إعفاءً كاملًا من الفحص الضريبي لمدة خمس سنوات، وهو ما يمثل ضمانة كبيرة لهم، ويزيل المخاوف من أي مراجعات أو تدخلات ضريبية ما دام التزموا بالتسجيل الصحيح وسداد النسب المستحقة وفق حجم أعمالهم الحقيقي.
التحول الرقمي
في السياق ذاته، قال الدكتور محسن الجيار، مدير عام خدمة العملاء بمنطقة مدن القناة، إن هذه الحزمة من التسهيلات تأتي في سياق مشروع إصلاحي أشمل بدأته وزارة المالية ومصلحة الضرائب منذ عام 2018، تمثل في التحول الرقمي الكامل لأنظمة العمل، بداية من ميكنة الإقرارات الضريبية، ومنظومة الأعمال الضريبية الرئيسية (SAP)، مرورًا بمنظومتي الفاتورة الإلكترونية والإيصال الإلكتروني، وصولًا إلى مشروع توحيد معايير احتساب الضريبة على الأجور والمرتبات، مؤكدًا أن هذه الأنظمة مكّنت المصلحة من رصد المشاكل وتقديم حلول فورية للممولين بشكل أكثر كفاءة.
فرصة قانونية
وأشار الجيار إلى أن هناك فرصة قانونية إضافية متاحة من خلال القانون رقم 5 لسنة 2025، الذي تنتهي فترة العمل به في 12 أغسطس المقبل، والذي يتيح تسوية النزاعات الضريبية القائمة عن الفترات من 2020 حتى 2024 دون توقيع أي غرامات مالية، بشرط التقدم بتسوية أو تعديل الإقرارات قبل الموعد المحدد.
دعوة مفتوحة
وتعد هذه الإجراءات مجتمعة دعوة مفتوحة إلى كافة أصحاب الأعمال في الاقتصاد غير الرسمي للانضمام إلى المنظومة الرسمية في بيئة آمنة، وبشروط مبسطة وواضحة، تضمن حقوقهم وتُسهم في استقرار أعمالهم على المدى الطويل، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى تحقيق العدالة الضريبية، وتعظيم الموارد العامة دون إثقال كاهل أصحاب الأنشطة الصغيرة أو ملاحقتهم إداريًا أو قضائيًا.
فلسفة الإدارة الضريبية
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن هذه الحزمة من التيسيرات قد تكون الأكبر من نوعها في تاريخ مصلحة الضرائب المصرية، وتعكس تحولًا جوهريًا في فلسفة الإدارة الضريبية، من منطق الجباية إلى منطق الشراكة، وهو ما يهيئ المناخ العام نحو دعم الاستثمار، ويشجع فئات واسعة من المواطنين على تقنين أوضاعهم، ما يساهم في توسيع القاعدة الضريبية دون تحميل الممولين أعباء إضافية.
بداية جديدة
هكذا تسير مصلحة الضرائب المصرية في مسار إصلاحي واضح، يتكامل فيه القانون مع التقنية، والتيسير مع الرقابة، وتُمنح فيه الفرص الحقيقية أمام من يرغب في بداية جديدة نظيفة ومستقرة، بعيدًا عن العشوائية والمخاوف القديمة، في وقت تحتاج فيه الدولة إلى تعبئة كل مواردها وتحفيز اقتصادها الإنتاجي، عبر مد جسور الثقة مع المواطن والممول على حد سواء.






