رئيس التحرير
خالد مهران

ورش تدريبية بمصلحة الضرائب بالتعاون مع OECD لرفع كفاءة إدارة الاتفاقيات الدولية

ورش تدريبية بمصلحة
ورش تدريبية بمصلحة الضرائب

في إطار سعي الدولة المصرية نحو تحديث منظومتها الضريبية، ورفع كفاءة العاملين في الهيئات والمؤسسات المعنية، شهدت مصلحة الضرائب المصرية خلال شهر يونيو 2025 فعالية تدريبية مهمة، تمثلت في تنظيم ورشة عمل متخصصة بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، استمرت على مدار أربعة أيام في مركز التدريب الضريبي بمقر "برج بدر".

هذا التعاون الفني يأتي في سياق جهود الدولة لبناء جهاز ضريبي قادر على التعامل بكفاءة مع متغيرات الاقتصاد العالمي، وتطبيق الاتفاقيات الدولية وفقًا لأحدث الممارسات المتبعة عالميًا.

الدولة تستثمر في الكفاءة البشرية

أوضحت رشا عبد العال، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، أن وزارة المالية ومصلحة الضرائب تؤمنان بأن الاستثمار الحقيقي في الجهاز الضريبي يبدأ من الإنسان. ومن هنا، يأتي التركيز على التدريب والتأهيل المستمر للعاملين، خصوصًا في الإدارات الفنية المتخصصة، التي تمثل العمود الفقري للعمل الفني الدقيق، مثل إدارة الاتفاقيات الدولية.

وأكدت أن هذا التدريب لا يقتصر فقط على الجوانب النظرية، بل يشمل حالات عملية ومحاكاة واقعية، تساعد في تعزيز الفهم التطبيقي للعاملين، بما ينعكس إيجابًا على جودة الأداء، ويُسهم في تحقيق العدالة الضريبية ومكافحة التهرب.

مكافحة إساءة استخدام الاتفاقيات الضريبية

ناقشت ورشة العمل عددًا من الموضوعات الفنية الدقيقة، من أبرزها اختبار الغرض الرئيسي للمعاملة الضريبية (Principal Purpose Test - PPT)، وهو أحد الأدوات المعتمدة ضمن الإطار الشامل لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لمكافحة التهرب الضريبي وإساءة استخدام الاتفاقيات الدولية، وخاصة اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي.

يسعى هذا الاختبار إلى الكشف النية الفعلية وراء المعاملة الضريبية، من خلال تحليل شامل لكافة الوقائع والظروف المحيطة، بهدف التأكد مما إذا كان الغرض الأساسي من المعاملة هو الحصول على مزايا ضريبية غير مستحقة، أم أن لها غرضًا اقتصاديًا حقيقيًا.

وتعد هذه الآلية جزءًا من الجهود العالمية لمحاصرة التهرب الضريبي العابر للحدود، وضمان تطبيق عادل وشفاف للاتفاقيات الدولية.

أرباح المنشأة الدائمة.. ضبط القواعد وتحسين الممارسات

تناولت الورشة كذلك موضوعًا شديد الأهمية في تطبيق الاتفاقيات الضريبية، وهو كيفية تنسيب أرباح المنشأة الدائمة. وتمت مناقشة الأساليب المثلى لتحديد الأرباح التي تُنسب إلى منشأة دائمة تابعة لكيان أجنبي يعمل داخل مصر، أو العكس، بما يتماشى مع التوصيات الدولية الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وتضمن النقاش عرضًا لمجموعة من النماذج التطبيقية من دول مختلفة، مع تحليل الطرق المحاسبية المتبعة، والإطار القانوني المنظّم لهذه النسبة، وكيفية التأكد من دقة التقييم المالي والتجاري للمنشآت الدائمة داخل النطاق الضريبي المصري.

دعم فني دولي وشراكة مستمرة

تعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية واحدة من أهم المنظمات الدولية التي تقدم دعمًا فنيًا عالي المستوى في مجال السياسة الضريبية والإدارة المالية. ويُعد التعاون معها علامة على التزام الدولة المصرية بتطوير منظومتها الضريبية وفقًا للمعايير الدولية، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها التحولات الاقتصادية الرقمية وعولمة الأنشطة التجارية.

وصرحت "رشا عبد العال"، بأن مصلحة الضرائب تسعى لتعزيز هذا التعاون وتوسيعه ليشمل مجالات أخرى، خاصة ما يتعلق بالحوكمة الضريبية، وتطبيق قواعد BEPS (تآكل الوعاء الضريبي وتحويل الأرباح)، والانتقال إلى النظم الرقمية الحديثة.

الأثر المباشر على أداء المنظومة

أبرز ما خرجت به الورشة من توصيات تمثّل في أهمية توسيع قاعدة التدريب لتشمل مزيدًا من العاملين في مختلف القطاعات الفنية، مع ضرورة نقل الخبرات المتحصلة من الورش الدولية إلى باقي الإدارات، من خلال حلقات نقاشية داخلية، وتحديث الأدلة الاسترشادية التي يستخدمها مأمورو الضرائب.

كما أوصت الورشة بالاستمرار في استخدام الحالات العملية كنموذج للتدريب، لما لها من أثر كبير في ترسيخ المفاهيم الفنية، وتعزيز قدرة العاملين على اتخاذ قرارات مبنية على تحليل شامل ومعمّق.

رؤية نحو الإصلاح المؤسسي

تأتي هذه الورشة ضمن استراتيجية مصلحة الضرائب التي تتكامل مع جهود الدولة في الإصلاح المؤسسي والمالي، وتهدف إلى بناء جهاز ضريبي عصري يتماشى مع التحولات العالمية، والحد من التهرب الضريبي عبر آليات فنية وقانونية فعّالة، وخلق بيئة عمل قائمة على الكفاءة والشفافية، وتحسين ترتيب مصر في المؤشرات الدولية ذات الصلة بالشفافية والحوكمة المالية.

إن ورشة العمل التدريبية بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ليست مجرد فعالية تدريبية عابرة، بل هي جزء من رؤية أشمل تنفذها الدولة المصرية ومصلحة الضرائب لإعادة تشكيل بنية العمل الضريبي، ليصبح أكثر مواكبة للعصر، وأكثر قدرة على دعم الاقتصاد الوطني.

وبينما تخطو مصر بثبات نحو رقمنة الإدارة الضريبية، وتطبيق المعايير الدولية، فإن بناء الكفاءة البشرية سيظل الركيزة الأهم لإنجاح أي إصلاح ضريبي مستدام.

1000077293
1000077296
1000077295
1000077294
1000077297
1000077298
1000077299