عادل توماس يكتب: مافيا المقابر واستغلال التعويضات وتحويلها للسوق السوداء

خصصت الدولة للأهالي المتضررين من هدم ترب الغفير والسيدة عائشة بدائل تعرف بأسم مقابر التعويضات، على أن يحصل كل صاحب حق على عدد محدد من المدافن بما يتناسب مع العيون الموجودة سابقًا في أرضه.
لكن الواقع مختلف تمامًا: فبالرغم من أن معظم الأحواش كانت تحتوي على أكثر من 10 عيون، يحصل المتضرر على عينين فقط، بينما يتم استئصال الباقي لصالح مسؤولين محليين بالتعاون مع شركات مقاولات، التي تقوم بتوزيع المقابر على أشخاص محددين تابعين لهم، ثم بيعها بالسوق السوداء بأسعار تتراوح بين 400 و600 ألف جنيه، وتم رصد هذه الممارسات في مناطق ترب الروبيكي بالعاشر من رمضان ومدينة 15 مايو.
استغلال موظفي التوثيق والفساد الإداري
رغم أن القانون يمنع إصدار توكيلات أو تنازلات للمقابر بصفة عامة ولمقابر التعويضات بصفة خاصة لأنها حقوق انتفاع وليست ملكية، إلا أن مافيا الجبانات استغلت فساد بعض موظفي التوثيق في مناطق عين شمس، والوراق، والنادي الأهلي بمدينة نصر لتسجيل هذه التوكيلات بشكل مخالف للقانون.
وينص القانون على أن التنازل عن المقابر دون الرجوع للجهة الإدارية جريمة يعاقب عليها بالسجن وغرامة تصل إلى 100 ألف جنيه، إضافة لسحب المقابر، إلا أن هذه القوانين تم تجاوزها بشكل ممنهج.
انتهاكات التربي وشركات المقاولات
قامت المحافظة بتسليم تربي تابع لشركة مقاولات 50 جبانة، على الرغم من أن القوانين تمنع أن يكون للتربي أكثر من جبانة واحدة تحت إشرافه، كما تم بيع 22 ألف مقبرة في الروبيكي بطريقة غير قانونية، إضافة إلى بناء مقابر تفوق العدد المخصص للمتضررين والاستيلاء على مساحات مجاورة وبيعها عبر صفحات شركات المقاولات على مواقع التواصل الاجتماعي.
أساليب البيع والشراء المشبوهة
الموظفون يبيعون محاضر التسليم للمقاولين بأسعار مضاعفة، ثم يعيد المقاولون بيعها على الإنترنت بسعر يعادل أربعة أضعاف.
والمواطنون الذين يسألون عن دورهم في الحصول على مدفن يُخاطبون بجملة: "لما يجي دورك"، والدور لا يصل أبدًا.
يستغلون موظفة حسنة النية لتنفيذ هذه العمليات بناء على تعليمات مغلوطة من رؤسائها، دون علمها بحجم الجرائم.
تبييض الأموال واستثمار الثروات غير المشروعة
الأموال المحصلة من هذه الممارسات يتم استثمارها بشكل غير قانوني عبر شراء عقارات وفلل وشقق في امتداد 15 مايو والقاهرة الجديدة، وافتتاح مولات ومطاعم، وتوجيه الأموال للخارج إلى دول الخليج لشركات تابعة تعمل في خدمات البترول لإخفاء مصدر الثروة.
خطر غياب الرقابة
الأجهزة الرقابية التي قد تراجع دفاتر المستلمين ستكتشف أن أغلب الحاصلين على المدافن ليس لهم أي صلة بالتعويضات، ما يثبت حجم الفساد المنظم في هذا الملف، ويطرح تساؤلات حول المسؤولية القانونية والإدارية للجهات المختصة.




