رئيس التحرير
خالد مهران

فضيحة جديدة.. رجال أعمال وموظفون متورطون في تزوير مستندات وتقنين أراضي بالقاهرة

رشوة داخل محافظة
رشوة داخل محافظة القاهرة

كشفت تحقيقات النيابة العامة تفاصيل واحدة من أكبر قضايا الفساد والتزوير التي طالت بعض دوائر الأجهزة التنفيذية بمحافظة القاهرة، والمتورط فيها موظفون عموميون وعدد من رجال الأعمال أصحاب شركات الرخام والجرانيت، القضية التي تهز الأوساط الاقتصادية والإدارية، تتعلق بتلاعب واسع النطاق في ملفات تقنين أوضاع أراضٍ مملوكة للدولة ووضع اليد عليها، بهدف سداد مبالغ أقل من المستحقات القانونية والحصول على أرباح طائلة دون وجه حق.

تفاصيل الواقعة

حسب أوراق التحقيق، فقد أسندت النيابة العامة للمتهمين من السابع وحتى العاشر، وهم رجال أعمال أصحاب شركات متخصصة في الرخام والجرانيت، ارتكاب جرائم التزوير والاشتراك في الاستيلاء على المال العام، وذلك بطريقتي الاتفاق والمساعدة مع باقي المتهمين، من بينهم المتهمون الثانية والثالثة وآخرون، حيث اتفقوا معهم على تنفيذ المخطط الإجرامي، وقدموا الدعم اللازم لتنفيذه.

آلية التلاعب

التحقيقات أوضحت أن رجال الأعمال المتهمين قاموا بإمداد شركائهم ببيانات ملفات تقنين أوضاع أراضي ووضع اليد الموجودة ضمن ملفاتهم المحفوظة في غرفة الأرشيف بالإدارة العامة لأملاك الدولة بمحافظة القاهرة. تلك الملفات كانت تخص أراضي مملوكة للدولة، وكان يجري تقنين أوضاعها قانونيًا.

إلا أن المتهمين لم يكتفوا بتقديم البيانات الحقيقية، بل زودوا شركاءهم أيضًا بالبيانات المراد إثباتها على غير الحقيقة في قراري اللجنة الفنية ولجنة التقييم المختصتين بملف التقنين. وجرى التلاعب بهذه القرارات بحيث تظهر أن قيمة المبالغ المستحقة على تلك الأراضي أقل بكثير من قيمتها الفعلية.

طلبات سداد وهمية

وبعد تجهيز البيانات المزورة، تقدم المتهمون بطلبات رسمية لسداد مبالغ أقل من المستحقات القانونية بحجة وجود "سابقة تعامل" على تلك الأراضي، أي أنهم سبق أن دفعوا مبالغ أو أبرموا اتفاقات بشأنها. لكن التحقيقات كشفت أن تلك الادعاءات كانت وهمية، ولا تستند إلى أي أساس قانوني أو مستندات صحيحة.

الأرباح غير المشروعة

النتيجة المباشرة لهذا التلاعب كانت أن المتهمين حصلوا على أرباح ومكاسب مالية كبيرة دون وجه حق، تمثلت في عدم سداد كامل مقابل التقنين المستحق عليهم، وهو ما ألحق ضررًا بالغًا بالمال العام. وتشير التقديرات الأولية إلى أن المبالغ التي جرى التلاعب بها تقدر بملايين الجنيهات، إلا أن الجهات المختصة ما زالت تحصي الأرقام النهائية للقيمة الفعلية للخسائر.

تنفيذ الجريمة

أوضحت النيابة أن الجريمة تمت بناءً على اتفاق مسبق وتنسيق كامل بين جميع الأطراف، حيث لعب موظفون داخل محافظة القاهرة دورًا محوريًا في تسهيل دخول وخروج الملفات من الأرشيف، وإمداد رجال الأعمال بالبيانات المطلوبة، وتسجيل معلومات مزيفة في قرارات اللجان الرسمية، وكل ذلك مقابل منافع غير مشروعة.

كما أن بعض رجال الأعمال لم يكتفوا بالدور التخطيطي، بل تابعوا إجراءات التقديم والسداد المزيف بأنفسهم لضمان إتمام المخطط دون عراقيل.

خطورة الواقعة

ترى جهات التحقيق أن هذه القضية تمثل نموذجًا صارخًا لجرائم التزوير والاستيلاء على المال العام التي تعتمد على شبكة من المصالح المشتركة بين موظفين ورجال أعمال، حيث يُستغل النفوذ والمعلومات الداخلية في المؤسسات الحكومية لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الدولة.

التحقيقات كشفت كذلك أن المخطط لم يكن حالة فردية، بل جاء ضمن سلسلة من الممارسات المشابهة التي استهدفت أراضي الدولة في مناطق مختلفة بمحافظة القاهرة، ما يزيد من خطورة الوضع ويفرض الحاجة لاتخاذ إجراءات صارمة للرقابة على عمليات التقنين.

الأبعاد القانونية

من الناحية القانونية، يواجه المتهمون وهم مدير إدارة أملاك الدولة بمحافظة القاهرة السابق، ومدير أو مديرة إدارة الشؤون العقارية بمحافظة القاهرة، ومدير إدارة الشؤون العقارية بإدارة أملاك الدولة بمحافظة القاهرة السابق، موظف بقسم شق الثعبان بالإدارة العامة لأملاك الدولة بمحافظة القاهرة، ورئيسة قسم الأراضي بالإدارة العامة لأملاك الدولة بمحافظة القاهرة، باحثة شؤون عاملين ورئيسة قسم شق الثعبان سابقًا بمحافظة القاهرة، عدد من أصحاب شركات الرخام والجرانيت وشركائهم، عدة اتهامات خطيرة، أبرزها التزوير في محررات رسمية، وهو جريمة معاقب عليها بالسجن المشدد، والاستيلاء على المال العام، وهي جريمة تُعد من الجرائم الماسة بأمن الدولة الاقتصادي، والإضرار العمدي بالمال العام، والذي يشمل كل فعل أو إهمال يترتب عليه ضياع أموال الدولة أو الانتقاص منها.