رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

علي الهواري يكتب: الممكن والمستحيل في تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية

علي الهواري يكتب:
علي الهواري يكتب: تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية

اتفقت المملكة العربية السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتي البلدين، حسب بيان مشترك صدر في بكين نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية اليوم الجمعة.

وذكر البيان المشترك أن الاتفاق تضمن تأكيد السعودية وإيران على "احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".

وبحسب البيان المشترك، أعربت الدول الثلاث عن حرصها على بذل كافة الجهود لتعزيز "السلم والأمن الإقليمي والدولي".

وورد في البيان توجيه المملكة وإيران الشكر للعراق وعمان على استضافة المحادثات بين الجانبين في 2021-2022.

وقال وزير الخارجية الصيني، أن محادثات السعودية وإيران في بكين انتصار للسلام، أما البيت الأبيض فقد أعلن ترحيب واشنطن بأي جهود تساعد في إنهاء الحرب في اليمن وخفض التوتر بالمنطقة، كما رحبت سلطة عمان باستئناف العلاقات بين السعودية وإيران، فيما رحبت دولة العراق بالاتفاق، مؤكدة أنه بداية صفحة جديدة، أما وزير الخارجية الإيراني فقال أن استئناف العلاقات مع السعودية يوفر امكانيات كبيرة للمنطقة.

هذا الإعلان المفاجئ لتطبيع العلاقات بين السعودية وإيران برعاية الصين، طرح الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول مدى ترجمة هذا الاتفاق إلى واقع، في ظل العلاقات المعقدة والمتشابكة بين طهران والرياض، وفي ظل أطماع إيران التاريخية في المنطقة، وعلى رأسها نشر المذهب الشيعي، وحلم إعادة الامبراطورية الفارسية، واحتلال مكة والمدينة؟. 

أذرع إيران العسكرية في المنطقة 

من المعروف أن هناك أذرع عسكرية لإيران في المنطقة، يأتي على رأسها، ميليشيا حزب الله في لبنان، وميليشيا الحوثي في اليمن، والجماعات المسلحة في العراق.

فإلى أي مدى إيران مستعدة للتخلي عن هذه الجماعات التي تصنفها المملكة العربية السعودية «منظمات إرهابية»؟، فهل إيران مستعدة للتخلي عن هذه الأذرع من أجل تطبيع علاقتها مع المملكة العربية السعودية، أحد الدول الكبرى المؤثرة في المنطقة؟.

الوجود الإيراني في سوريا واحتلال الجزر الإماراتية

أحد الملفات المهمة والمعقدة التي ربما تعيق أي تقارب حقيقي بين طهران والرياض، هو الوجود الإيراني في سوريا والعراق واحتلالها للجزر الإماراتية الثلاثة، فهل إيران مستعدة لسحب قواتها وميليشياتها من سوريا والانسحاب من الجزر الإماراتية ورفع يدها عن العراق؟.

إيران ونشر المذهب الشيعي

إيران دولة توسعية، لها أحلام وأطماع قديمة في المنطقة، من أبرزها نشر المذهب الشيعي في الدول العربية، فهل طهران مستعدة للتخلى عن هذا المشروع من أجل تطبيع علاقاتها مع السعودية ودول المنطقة؟.

أحلام عودة الأمبراطورية الفارسية

في 2017، قال كاتب بصحيفة واشنطن تايمز الأمريكية إنه إذا لم تقف الولايات المتحدة بوجه إيران، فلا قوة أخرى في العالم تستطيع إيقافها عن تحقيق ما حلم به مؤسس جمهوريتها آية الله الخميني من إقامة إمبراطورية تذعن لها جميع دول العالم.

وأوضح الكاتب كليفورد دي ماي إنه من الضروري أن يدرك الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ومستشاروه ما لم يدركه كثيرون آخرون وهو أن حكام إيران يمثلون "قضية"، وهي الحلم بإمبراطورية ولا يمثلون "دولة"، كما قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر قبل 11 عاما.

فإذا كان حكام إيران -يقول الكاتب- يمثلون دولة، فيمكن أن تلتقي مصالح دولتهم ومصالح الولايات المتحدة، لكن إذا أصروا على الجمع بين تقاليد إمبراطوريتهم الفارسية القديمة والحماسة الدينية الجديدة، فإن صداما مع أميركا سيكون حتميا.

وأضاف أن حكام إيران لم يتركوا ثغرة للشك في أنهم يعملون لتحقيق ذلك الحلم، فقد ظلوا يعملون بمثابرة وقوة على نشر "ثورتهم" وإقامة ما لا يمكن تسميته إلا بالإمبراطورية الفارسية الجديدة.

وفي لقاء قديم، قبل أكثر من 30 عاما، أي إبان الحرب الإيرانية العراقية، مع قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي قتل في 3 يناير/كانون الثاني 2020، بغارة أمريكية في العراق، ظهر سليماني، يقول: إن القوات الإيرانية تقاتل في العراق وتبسط نفوذها في الأراضي العربية من أجل إعادة الإمبراطورية الفارسية.

وأضاف سليماني: "عداؤنا مع العرب ليس جديدا، قدمنا تضحيات لكسر شوكتهم وكبح جماحهم وتدمير أمجادهم المزعومة، نحن نقاتل لأجل هدف سام وكبير، نقاتل من أجل إعادة إمبراطورية لم يتبق منها سوى الأطلال".

وتابع سليماني: "نضحي ونقاتل ونموت، لكي لا يبقى شبر واحد من أرضي فارس ولا ساعة واحدة تبقى فيها تحت سيطرة أناس كانوا يسكنون في الصحراء، المشروع الأهم هو بسط النفوذ وليس هزيمة العراق".

الخلافات الدينية والمذهبية.. أطماع الدولة الصفوية في الأماكن المقدسة

أما الأطماع الإيرانية الشيعية في مكة والمدينة فلا تخفى على أحد، ففي 2016، كشف رجل الدين الإيراني مهدي طائب المقرب من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، عن مخطط إيراني لاستخدام الحوثيين اليمنيين لـ«احتلال مكة المكرمة».

وفي كتابه «الأطماع الإيرانية في الخليج»، للكاتب والباحث السعودي عبد الله العلمي، يستشهد بما قاله محمد جواد لاريجاني، الشقيق الأكبر لـ«علي لاريجاني» أبرز خبراء إيران في مجال الفيزياء، ورئيس مؤسسة دراسات العلوم، الذي تولى منصب مساعد وزير الخارجية لعدة سنين في عهد الخميني، الذي قال: «بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران والقيادة الحقة للإمام الخميني أصبحت إيران أم القرى دار الإسلام، وأصبح عليها واجب أن تقود العالم الإسلامي، وعلى الأمة واجب ولايتها، أي أن إيران أصبحت لها القيادة لكل الأمة».

ويؤكد العلمي في كتابه أنّ «لاريجاني» يسعى مع مجموعة من ملالي إيران لاستبدال «قم» الإيرانية بـ«مكة المكرمة» وفق موروث ديني مملوء بزخمٍ هائل من الكراهية والطائفية لأرض الحرمين الشريفين.

وأكد «لاريجاني»، أن أطماع المشروع الفارسي الصفوي الإيراني تمتد في المنطقة بأسرها، وأن أرض الحرمين هي الجوهرة الكبرى التي يسعى الصفويون للحصول عليها، وقلعة السنّة الأخيرة وعاصمة الإسلام التي أرادوا بسط سيطرتهم عليها.

وقال صاحب كتاب «لله ثم للتاريخ» مُتحدّثا عن لقاء خاص جمعه بـ«الخميني»: «قال لي الخُميني: سنمحو مكة والمدينة من وجه الأرض لأن هاتين المدينتين صارتا معقل الوهابيين، ولا بد أن تكون كربلاء أرض الله المباركة المقدسة، قبلة للناس في الصلاة وسنحقق بذلك حلم الأئمة عليهم السلام، لقد قامت دولتنا التي جاهدنا سنوات طويلة من أجل إقامتها، وما بقي إلا التنفيذ».

وفي كتابه «الإسلام على ضوء التشيّع»، قال حسين الخراساني أحد رموز الجمهورية الإيرانية: إن كل شيعي على وجه الأرض يتمنى فتح وتحرير مكة والمدينة وإزالة الحكم الوهابي عنها.

وهناك نظرية معروفة لدى الإيرانيين، تسمى نظرية «أم القرى»، ولا تخلو منها خطب ودروس المساجد، وتتحدث عنها المراجع العلمية الشيعية منها كتاب «مقولات في الاستراتيجية الوطنية» لمؤلفه محمد جواد لاريجاني.

هذه النظرية تنطلق من ولاية الفقيه الذي يجب أن يخضع له الجميع، وأن إيران لها موقع جغرافي ممتاز، وأن لها مسئولية تجاه العالم الإسلامي، ومن ثم تصبح إيران هي أم القرى ودار الإسلام، وكل الدول الأخرى تكون ولايات تابعة لها.

 فدولة أم القرى عند الإيرانيين لا تقوم إلا بعد احتلال مكة والمدينة، وهذا ما تعمل عليه إيران، عن طريق بناء جيش قوي، ومد نفوذها في الخليج، ودعم الخلايا النائمة وأتباعها من الشيعة في كل بقعة.

ويقول «لاريجاني» في شرح النظرية بكتابه الذي اشتهر به، وأصبح بسببه من العقليات التي صاغت السياسة الخارجية لإيران: «وفي إطار ذلك يجب ألا تعترف إيران بالحدود الجغرافية والأيديولوجية؛ لأنها حدود مصطنعة ينبغي على إيران أن تزيلها بالقوة أو دعم العنف داخل الدول العربية».

وقال عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح، عن الحوثيين: «نحن أمام مجرمين دمويين قتلة لا يريدوا بناء دولة، زرعوا في الجسد اليمني لتحقيق أطماع ايران وتهديد المنطقة والمقدسات، طموحهم ليس اليمن، فهو مجرد مخزون بشري لقتال المنطقة والوصول إلى مكة والمدينة، هذا إذا أردنا أن نعرف من هو الحوثي وما هي أجندته».

وفي 2015، هاجمت جماعة «أنصار حزب الله» الإيرانية المسلحة، والمقربة من المرشد الإيراني علي خامنئي، المملكة السعودية، وتوعدت بـ«فتح مكة والمدينة» وتنصيب حكومة شيعية في السعودية.

وفي مقال للشيخ خالد الشايع، تم نشره على موقع «CNN»، تحت عنوان «سر عداء الثورة الخمينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي ودوافع حكومة إيران في خرب بيوت الله»، قال فيه: جاءت «الثورة الخمينية» لتستهدف حرمات المسلمين، ومنها مساجد الله وكعبته المشرفة، وهذا ما أفصح عنه الخميني في حديث علني مشهور بثته إذاعة طهران بتاريخ 20/7/1988، حيث قال: «سوف نزيل آلام قلوب شعبنا بالانتقام من أمريكا وآل سعود إن شاء الله في وقت مناسب، وسنضع وسم حسرة هذا الجرم الكبير على قلوبهم، ونضع حلاوة في حلق أسر الشهداء بإقامة حفل انتصار الحق، وبتحرير الكعبة من يد الآثمين، سوف نحتل المسجد الحرام».

ويضيف: «ولم تزل تصريحات ساسة الثورة الخمينية منذ انطلاقاتها تتوالى مؤكدة مؤامراتها ضد الحرمين الشريفين».

ونشرت «مجلة الشهيد الإيرانية»، وهي لسان مراجع ملالي إيران الناطق في مدينة قم، في عددها «46» الصادر بتاريخ 16 شوال 1400هـ، صورة تمثل الكعبة المشرفة، وإلى جانبها صورة تمثل المسجد الأقصى المبارك، وبينهما صورة يد قابضة على بندقية، وتحتها تعليق نصه: «سنحرر القبلتين!».

ويستطرد: «وهذا رفسنجاني رئيس جمهورية إيران في الفترة من «1989-1997» يعلنها دون تقيّة ودون خجل بتاريخ «17/4/1983» في كلمته التي ألقاها في وفد معلمي شيراز حيث قال: «إيران ليست هي الوطن العربي ولا العالم الإسلامي هي الكل لأنها دار الإيمان، وما عداها دار كفر، ويتعين على مسلمي إيران وأصدقائهم أن ينهضوا بمهام تحرير كافة البلدان الإسلامية».

وفي إجابته عن سؤال، «لماذا تعادي الثورة الخمينية البيت الحرام والمسجد النبوي والمساجد في بلدان المسلمين؟»، يقول الشايع، إنها باختصار ليست أطماعًا شيعية بقدر ما هي أحلام صفوية وهوس فارسي يراد من خلاله جعل مدينة «قم» الإيرانية هي العاصمة المقدسة التي يتجه إليه الحجاج بدلًا من مكة المكرمة، فتدمير الكعبة أو إلغاء ‏دورها هدف تاريخي مجوسي وقومي فارسي جوهري.

وهذا ما تفصح عنه العديد من وثائق ومؤلفات ساسة طهران، منها مثلًا: كتاب «مقولات في الاستراتيجية الوطنية» الإيرانية الفارسية، لمؤلفه الدكتور محمد جواد لاريجاني منظّر النظام الإيراني، ومن أبرز ما تضمنه كتابه: ما سماه «نظرية إيران أم القُرى»، والتي تمثل قطب رحى السياسة الخارجية الإيرانية، وهذه النظرية لا تعترف بمكة المكرمة مركزًا للمسلمين ومهوىً لأفئدتهم، بل ترى أن إيران ممثلة بـ «قُم» و«طهران» هي التي يجب أن تكون مركزًا لقيادة المسلمين والعالم الإسلامي، وأن يخضع الجميع لولاية الفقيه، وأن تصبح «قُم» الإيرانية هي أم القرى ودار الإسلام، لا مكة ولا المدينة شرفهما الله، ولا غيرهما، وكل ذلك تحت تقية وحدة العالم الإسلامي.

موقف أمريكا من الصين

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الصين هي التحدي الأكبر الذي يواجه أمريكا اقتصاديا وعسكريا وتكنولوجيا، وهناك صراع كبير بين بكين وواشنطن على جزيرة تايون، مرشح للوصول إلى الصدام العسكري،  كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تتهم الصين بدعم روسيا في الحرب الروسية الأوكرانية، كما تخشى الولايات المتحدة الأمريكية من أي تقارب صيني عربي في المنطقة، لما في ذلك من تأثير على المصالح الأمريكية الجيوسياسة في المنطقة، لا سيما وأن الصين أصبحت لاعب رئيسي في ملفات المنطقة وأحد أقطاب المحور الروسي الإيراني السوري في المنطقة، هذا بخلاف العداء التاريخي بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تعتبر إيران الولايات المتحدة الأمريكية «الشيطان الأكبر».

العلاقات بين إيران وإسرائيل

بعيدا عن نظرية المؤامرة وعن العلاقات السرية بين الدولتين، فإن التصريحات العلنية تؤكد على وجود صراع وعداء بين البلدين، حيث ترفع إيران شعار «الموت لإسرائيل»، كما أن إسرائيل تقاتل من أجل منع إيران من امتلاك سلاح نووي، كما تقاوم الوجود الإيراني في سوريا وتمددها في المنطقة، سواء من خلال ضرب أهداف إيرانية في سوريا والعراق أو من خلال تقوية العلاقات بالدول العربية المعادية لإيران.

لذلك عبرت إسرائيل أكثر من مرة عن قلقها وتحفظها على أي تقارب بين السعودية وإيران.

وتدرك إسرائيل أن أي تقارب بين الرياض وطهران سيكون له تأثير سلبي على المصالح الحيوية لإسرائيل في المنطقة، لا سيما خطة تطوير وتوسيع اتفاقيات السلام مع الدول العربية، وكذلك جهودها تأسيس حلف الناتو العربي لمواجهة ما يسمى بالخطر الإيراني في المنطقة، وكذلك مخطط دمجها في المنطقة العربية.

وقد حذر مركز أبحاث "إسرائيلي" من تداعيات الجهود الثنائية، التي تبذلها كل من السعودية وإيران لنزع فتيل التوتر بينهما، على مصالح "إسرائيل "الاستراتيجية.

وفي ورقة تقدير موقف، صدرت عنه، لفت "مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" إلى أن الرياض وطهران أظهرتا مؤخرا عدة "مؤشرات مقلقة" على سعيهما لتنفيس الأزمة الحالية بينهما، لا سيما من خلال استعدادهما لحل المشاكل العالقة عبر الحوار.

ولفتت الورقة، التي أعدها كل من يوئيل جوزنسكي، مسؤول برنامج الدراسات الخليجية في "المركز"، والذي سبق أن عمل في قسم الأبحاث التابع لديوان رئيس حكومة الاحتلال، وسيما شاين، الباحثة الرئيسة في المركز، والتي شغلت سابقا منصب قائد لواء الأبحاث في جهاز الموساد، إلى أن "أي تحول على طابع العلاقة القائمة بين السعودية وإيران سيمس حتما بمصالح إسرائيل ومكانتها في المنطقة، ويفاقم من حجم الأعباء الأمنية على عاتقها".

وأبرزت الورقة أن التقارب السعودي الإيراني المحتمل سيجبر "إسرائيل" على إعادة صياغة استراتيجيتها الإقليمية، على اعتبار أن هذه الاستراتيجية قامت على وجود مصالح مشتركة بينها وبين السعودية في مواجهة إيران.

ودعت الورقة صناع القرار في "تل أبيب" إلى الاستعداد لمرور السعودية بالمزيد من مراحل الضعف، بحيث تصبح "إسرائيل" مرغمة على تحمل كل عبء مواجهة إيران، داعية إلى "توخي الحذر وتكثيف متابعة تطور الاتصالات الإيرانية السعودية خشية أن تفاجأ إسرائيل بتطورات تتعارض مع مصالحها الحيوية".

وحذرت الورقة من أن "شعور السعودية بالعجز يمكن أن يدفعها لتكثيف محاولاتها الحصول على سلاح نووي، وهو ما يقلب موازين القوى في المنطقة رأسا على عقب، بما لا يتوافق مع مصالح إسرائيل".

وأكدت أنه "على الرغم من أن التفاهم السعودي الإيراني المحتمل لن يكون عميقا وشاملا، لأن محاور الخلاف الجذري بين الجانبين تستند إلى عوامل جيوسياسية ودينية، إلا أنه سيؤثر بشكل فوري على بيئة إسرائيل الإقليمية ومكانتها الاستراتيجية".

وحسب الورقة، فإن السعي السعودي الإيراني المتبادل للتقارب جاء في أعقاب الهجمات التي شنتها إيران على المنشآت النفطية السعودية في الرابع عشر من الشهر الماضي، والتي أسفرت عن تعطيل نصف إنتاج شركة "أرامكو" من النفط.

ولفت التقدير إلى أن ما عزز من استعداد السعودية لفحص سبل حل الخلاف مع إيران، رغم الهجمات على منشآتها النفطية، حقيقة أنها باتت تعي أن إدارة الرئيس دونالد ترامب غير مستعدة لخوض غمار مواجهة عسكرية مع إيران من أجل الدفاع عنها؛ علاوة على أن نظام الحكم السعودي أدرك قابلية المرافق الاستراتيجية في المملكة للإصابة والمس على نحو خطير.

وقدرت الورقة أن اضطرار السعودية لمحاولة التقارب مع إيران لا يرجع فقط بسبب خيبة أملها من رد ترامب على الهجمات الإيرانية، بل أيضا لإدراكها أن الرئيس الأميركي شخصيا معني بفتح حوار مع إيران، إلى جانب قلق الرياض من الحملة التي يشنها الكونغرس بمجلسيه ضد المملكة، مشيرة إلى أن "هذا الواقع دفع الرياض لمحاولة العثور على آفاق جديدة في السياسة الخارجية".

وزعمت الورقة، فإن ما عزز من دافعية السعودية للتقارب مع إيران حقيقة أن الإمارات العربية، التي كانت شريكة لها في الحرب داخل اليمن، تعمل على إنهاء وجودها هناك، إلى جانب أنها "قطعت شوطا في محاولاتها لفتح قنوات اتصال مع طهران، فضلا عن شروعها في تفاهمات مع الإيرانيين حول تأمين الملاحة البحرية في الخليج؛ إلى جانب أنه قد تم الكشف أن نظام الحكم في الإمارات سمح بنقل 700 مليون دولار لإيران عبر المنظومة المصرفية الإمارتية".

وزعمت أن الفشل في الحرب داخل اليمن وعدم مقدرة السعودية على حسم المواجهة ضد الحوثيين، المدعومين من إيران، عزز من الدافعية لمحاولة التفاهم مع إيران.

وأشارت إلى أن محاولات التقارب بين الرياض وطهران جاءت في ظل إدراك الأخيرة وجود أنماط من التعاون الاستخباري بين السعودية و"إسرائيل".

ضغوط أم رغبة؟

ومن بين الملفات التي ربما تتسبب في فشل هذا الاتفاق، هو تمسك المملكة العربية السعودية بمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، حيث هددت المملكة العربية السعودية أكثر من مرة بالدخول في برنامج نووي ما لم يتم حل أزمة البرنامج النووي الإيراني ويتم منع طهران من امتلاك السلاح النووي، كما تطالب المملكة بمشاركة دول الخليج في مفاوضات «برنامج إيران النووي»، كما تمارس أمريكا والدول الغربية ضغوطا هائلة على طهران لدفعها لوقف برنامجها النووي والصاروخي، كما تعاني طهران من مشاكل اقتصادية داخلية كبيرة، ربما دفعتها كل هذه المشاكل والضغوطات إلى الدخول في هذا الاتفاق كخطوة تكتيكية وليست حقيقية.