رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أحمد عمران يكتب: قصة تكرار كارثة الطفل «ريان المغربي» في سوهاج

أحمد عمران الصحفي
أحمد عمران الصحفي بقسم القضايا بجريدة النبأ الوطني

وكأن «كارثة» الطفل «ريان» تتكر في سوهاج، حيث أنظار العالم كانت تتجه أمس الأربعاء، إلى الجهود الأمنية المبذولة لاستخراج جثمان الطفل الغارق في فتحة البئر المكشوفة الخاص بترعة «قلفاو» المغطاة بشارع سيتي في مدينة سوهاج، أثناء عودته من درس لحفظ القرآن الكريم.

تكرار حادث الطفل ريان المغربي بمدينة سوهاج

لكن يبدو أن المحاولات المستميتة التي بذلها رجال الإنقاذ البري بإدارة الحماية المدنية بمديرية أمن سوهاج، من أجل إنقاذ حياة الطفل «عمر أشرف عبدالعال»، البالغ من العمر 11 عامًا، ابن قرية باصونة التابعة لمركز المراغة شمالي محافظة سوهاج، جميعها باءت بالفشل، وتمكنوا من استخراجه «جثة هامدة» من داخل البئر المكشوفة الذي سقط به، والخاص بترعة «قلفاو» المغطاة بشارع سيتي في مدينة سوهاج

وكشف التقرير الطب الخاص بمفتش الصحة بسوهاج عقب توقسع الكشف الطبي على الطفل، عن أن سبب الوفاة (إسفيكسيا الغرق)، لكن الحادث أصاب الجميع بحالة شديدة من الحزن لأنه كان بشعًا، والضحية «طفلًا بريئًا»، فـ«المصاب جلل» وخلف وجعًا وألمًا وحزنًا ورسم الندم والحسرة على وجوه (أم وأب، وأسرة، وعائلة، وأبناء بلدة، ومركز، ومحافظة بأكملها)، لفقدان الصغير، أثناء عودته من درس لحفظ القرآن الكريم.

منذ انتشار خبر سقوط الطفل وقلوبنا جميعًا اعتصرها الحزن، وتعلقت بالسماء للدعاء له بالخروج سالما من ظلام البئر الذي سقط به إلى نور الحياة مجددا، لكن كانت إرادة الله نافذة حيث صعدت روحه إلى خالقها.

الحقيقة أن الطفل عمر ذهب إلى ربه، وسيشكو له حال أهل الأرض وما يفعلونه، من إهمال المسؤلين وغيرهم، وتغير النفوس وانتزاع الرحمة من قلوب البشر، وانعدام الضمير، فحين تنعدم من القلوب الرحمة وتحل القسوة بدلا منها فإنها تصبح مثل الحجارة أو أشد قسوة، وقد ذمَّ الله ـ عز وجل ـ أقوامًا وصلوا إلى تلك الحالة من القسوة وانعدام الرحمة، فقال تعالى عن بني إسرائيل: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}.. (البقرة من الآية: 74)، وفسر العلماء أن قسوة القلب تعني البعد عن الله، وتؤدي إلى الشقاء، حيث قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ}.. (الزمر الآية: 22).

ونعود إلى الطريقة التي توفى بها الطفل «عمر» كانت بشعة، واهتزت لها الوجدان والأبدان، وترك حزنًا وألمًا ووجعًا وجرحًا في قلوب الجميع لن يندمل بهذه السرعة التي اقتطف به عمر الصغير من الدنيا، فحالة التعاطف ستظل قائمة حتى يعلم الجميع من المسؤول عن حادث سقوط الطفل داخل البئر في مدينة سوهاج.

الكارثة هذه المرة لم تكن حدثت بسبب إهمال الأسرة مثل الطفل «ريان المغربي»، لكنها كانت نتيجة إهمال مسئولي الحي الذي ترك فتحة الترعة المغطاة مكشوفة دون غطاء في شارع عام بالمحافظة، كما أن المحافظ هو المسئول الأول عن تحديد مسئولية الكارثة التي حلت بسبب إهمال المحليات بالمحافظة.

اللواء طارق الفقي محافظ سوهاج: «حضرتك المسؤول الأول عن ما حدث للطفل الغارق في البئر المكشوف بشارع سيتي بمدينة سوهاج، فمتابعة الشوارع في صميم عملك، ومن المفترض أن هناك تقارير تأتي لحضرتك بصفة مستمرة بأعمال ومتابعات السادة مسئولي الوحدات المحلية والأحياء بالمحافظة لجميع الشوارع».

يا سيادة المحافظ حضرتك تكترث للمصيبة التي حدثت وحلت على رأس أهل الطفل وراح ضحيتها الصغير.. كيف تعوض أسرته عن فقدانهم الطفل؟!! وهل الصغير يستحق ما حدث له؟! وما الخطوات والإجراءات الحاسمة التي ستتخذها بحكم مسئوليتك في ديوان عام المحافظة لعدم تكرار هذا الحادث الأليم؟!، وهل ستتخذ إجراء قانوني ضد المسئول عن الحادث بسبب إهماله؟!.. أم أن الحادث سيمر مرور الكرام.

ألا تعلم يا سيادة المحافظ الجليل أنك مسؤلًا أمام الله عن حياة هذا الطفل!!، فالصغير كان عائدًا من مكتب تحفيظ القرآن الكريم.. فقد مات وآخر كلامه ترديد لكلمات الله من أجل حفظه في قلبه وعقله، وكان في يده المصحف الشريف.

وقبل أن أختتم حديثي؛ أتوجه بالشكر إلى المهندس محمد صلاح الدين عبدالغفار، رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى بسوهاج، على تحركه العاجل والسريع، بعدما نفى مسئولية الشركة عن الفتحة المكشوفة التي سقط بها الطفل، حيث قال: «إنها ليست بلاعة ولكن الطفل المذكور وقع في فتحة ترعة مغطاة مسروق غطائها، وتم انتشال جثته، والموضوع ليس له علاقة بشركة المياه، ورغم ذلك قامت الشركة بإرسال فريق عمل قام بتغطية 4 فتحات مكشوفة في الترعة بعد سرقة أغطيتها»، وتأكيده على تعاون الشركة مع أي بلاغات بوجود بلاعات أوفتحات ترع مكشوفة وتغطيتها.

لكن ختامًا.. حادث طفل سوهاج الغارق في الفتحة المكشوفة بترعة «قلفاو» المغطاة بشارع سيتي في مدينة سوهاج؛ كشف حقائق كثيرة تستدعي اتخاذ إجراءات صارمة، إضافة إلى أنه أظهر الإهمال الذي ينخر في كل أركان سوهاج من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها!!.