رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسرار هروب المرضى من العلاج على نفقة الدولة واللجوء لحملات التبرع

العلاج على نفقة الدولة
العلاج على نفقة الدولة

نتشرت حملات جمع التبرعات لعلاج الأمراض المزمنة والمستعصية بقوة خلال الفترة الأخيرة، ولعل كانت أكثرهم تأثيرًا، حملة إنقاذ الطفلة رقية، والتي نجحت في تخطى المبلغ المستهدف لشراء حقنة لعلاج مرض ضمور العضلات، والذي كان يقدر بنحو 41 مليون جنيه.

وأعادت هذه الحملات الحديث مجددا حول العلاج على نفقة الدولة، ومدى قدرة الدولة على تغطية نفقات علاج الأمراض مرتفعة التكلفة، خاصة مع التطورات الأخيرة التي يشهدها العالم من أزمات اقتصادية، وارتفاع أسعار جميع السلع، من بينها الخدمات الصحية.

بدوره، قال الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، إن العلاج على نفقة الدولة في الموازنة العامة الجديدة، للدولة يفوق الـ7.3 مليار جنيه، وبه شقان للعلاج أحدهما التأمين الصحي الشامل والآخر على نفقة الدولة، متابعًا: «الناس مش واخدة بالها أن هناك 60 مليون مواطن يخضعون لقانون التأمين الصحي الحالي والبقية يكون علاجهم على نفقة الدولة»، مؤكدًا أن هناك توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي لتطبيق التأمين الصحي الشامل على الجميع.

كما أعلنت وزارة الصحة والسكان، إصدار مليون و694 ألفًا و467 قرار علاج على نفقة الدولة، وذلك بداية من أول شهر يناير 2022 وحتى نهاية يونيو الماضي، بتكلفة إجمالية بلغت 6 مليارات و337 مليونا و851 ألف جنيه.

وأوضح الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، أن قرارات العلاج على نفقة الدولة، شملت تخصصات أمراض الدم، والأورام، والأنف والأذن، والجراحة، والنسا، والعيون، والعظام، والمسالك، والباطنة، بالإضافة إلى الأمراض الجلدية والعصبية، وفقًا لبيان.

ومن جانبه، أشار الدكتور محمد زيدان رئيس المجالس الطبية المتخصصة، إلى أن إجراءات إصدار طلب العلاج على نفقة الدولة، تبدأ بالتوجه إلى أقرب مستشفى بالمحافظة التابع لها المريض، وإجراء الفحوصات الطبية لتشخيص الحالة بواسطة أطباء المستشفى، تمهيدًا لتحرير «تقرير اللجنة الثلاثية».

وتابع أن الموظف المختص في قسم العلاج على نفقة الدولة بالمستشفى، يقوم بتسجيل بيانات المريض على الشبكة الإلكترونية للمجالس الطبية المتخصصة، وتتضمن صورة بطاقة الرقم القومي، وتقرير اللجنة الثلاثية، والتقرير الطبي والأبحاث الحديثة، عن طريق الشبكة القومية للعلاج على نفقة الدولة، دون تحميل المريض أي مشقة.

وذكر «زيدان» أن الموافقة على طلب العلاج تصدر إلكترونيًا من المركز الرئيسي للمجالس الطبية بالقاهرة، ليتم إصدار القرار، والإخطار برسالة قصيرة على الهاتف المحمول الخاص بالمريض، ليتوجه إلى المستشفى لتلقي الخدمة العلاجية المقررة له.

وأثارت التصريحات السابقة، تساؤلات، حول المبالغ المخصصة للعلاج على نفقة الدولة، ومدى قدرته على استيعاب جميع الحالات.

وفي هذا السياق، قال الدكتور أيمن سالم، الأمين لنقابة الأطباء السابق، إن جميع الأمراض تعالج على نفقة الدولة حتى الأورام المتأخرة، مشيرًا إلى أن الأمر يتوقف على فائدة من عدمه.

وأضاف في تصريح خاص لـ«النبأ» أنه يتم عرض الأمر على لجنة لفحص جدوى العلاج، وخاصة في علاجات الأورام إذا وجدوا أن العلاج المطلوب سيكون لحالة في مرحلة متأخرة، وغير ذى جدوى، فإنه يتم اللجوء للعلاج الذي يتماشى مع التوجهات العلمية وبالتي يتم السير في الاتجاه التحفظي، الذي معه يتم السيطرة على المرض.

وتابع أمين نقابة الأطباء: «وبالتالي لا توجد أمراض خارج مظلة نفقة الدولة»، معقبا: «كله يرجع للجنة، ويتم توفير ذلك تحت أي بند مهما ارتفعت قيمة العلاج، ولو كانت تحتاج الحالة استثناء من الرئاسة فإنه يتم استصدار قرار رسمي من رئيس الجمهورية».

وأشار إلى أن الأزمة الاقتصادية أثرت بالفعل على العلاج على نفقة الدولة، قائلًا: «أمريكا نفسها تأثرت واتخذت قرارات للحد من الإنفاق على بعض أمراض الأورام، فأقوى دولة في العالم لا تستطيع أن تفي باحتياجات كل الحالات لأن هناك حالات تتكلف مبالغ غير طبيعة».

وأشاد «سالم» بالمبادرة الرئاسية الخاصة بقوائم الانتظار، قائلًا: «جيدة جدًا، إذ أن حجم ضخ الأموال وما حققته الدولة من جهود يعد أضعافا ما كان في الماضي».

وأضاف أنه رغم الظروف الاقتصادية، إلا أننا لم نشهد أي تقصير  للقرارات الخاصة بالعلاج مازال كل ما نطلبه يتم تنفيذه، وكل الحالات يتم معالجتها وخاصة قوائم الانتظار.

بدوره، قال الدكتور محمود فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء، إن العلاج على نفقة الدولة في مصر يقوم بخدمات كبيرة، وهو فلسفته تقوم على توزيع الثروة بشكل عادل، للفئات الأقل إنفاقًا على الصحة، خاصة للفئات التي لا تملك تأمين صحي، كالمراة المعيلة، والعمال دون عقود، والباعة الجائلين، مشيرا إلى أننا نواجه إشكالية تتعلق بأن أغلب المستلزمات الطبية يتم استيرادها من الخارج، وهو ما يعنى أنها تأثرت بالأزمة وبقيمة العملة.

وأشار إلى أن المبلغ المُخصص لبند العلاج على نفقة الدولة، به أكثر من 60% منه يتم صرفه على بند الرواتب والمكافآت والصيانة والتجديد.

وتابع: «رغم أنه يتم إجراء مئات العمليات يوميًا على نفقة الدولة، إلا أنه تظل هناك مشكلة حقيقية تتعلق بفاتورة الأمراض المزمنة، العالية مثل ضمور العضلات، وكذلك الهيموفيليا، والتصلب المتعدد، بعض أمراض القلب والأورام السرطانية، وبعض أمراض القلب الشديدة والتمثيل الغذائي لا يستطيع العلاج على نفقة الدولة تغطيتها بنسبة 100%»، معقبا: «لا توجد هيئة تقوى على التعامل معهم نتيجة ارتفاع تكاليف علاجها».

وتابع: «لا يمكن حصر الأمراض غير المدرجة على نفقة للدولة، كتير لأن فيه أمراض كتير نادرة في مصر، وما ذكر يعد أبرزهم»، لافتًا إلى أن البعض يلجأ لرفع دعوى قضائية للعلاج على نفقة الدولة ولكنها أحكام فردية وغير مجمعة.

وواصل: «القانون ينص على حق المواطن في العلاج على نفقة الدولة، وبالتالي يجب ألا تقل ميزانية الصحة عن 3% من الموازنة العامة للدولة، حتى يكون لدينا مستوى رعاية صحية مناسب»، متابعًا: «الأزمة الاقتصادية، تسببت في وجود فاقد كبير في الناتج الإجمالي مما جعل هناك صعوبة في تخصيص المبالغ المناسبة للعلاج على نفقة الدولة».

واستطرد مدير مركز الحق في الدواء: «تقدمنا بمقترح لمجلس النواب بوجوب وضع نص قانوني في عقود لاعبي الكرة والمشاهير والحفلات بخصم نسبة من 1 إلى 0.5% للعلاج مخصصة لصالح الفئات الفقيرة، معقبًا: «العالم كله يعمل كدا في محاولة للتعامل مع هذه الإشكالية».

من جانبه، قال محمود أبو الخير، وكيل لجنة الصحة بالبرلمان، إننا، طلبنا أكثر من مرة زيادة المخصصات المالية على الصحة وخاصة بعد كورونا، ونتمنى أن تكون الزيادة الأخيرة مقبولة في السنة المالية الجديدة.

وأضاف في تصريح لـ«النبأ»: «نتوقع أن يتم زيادتها أكثر من ذلك خلال السنوات القادمة»، مشيرًا إلى أن أغلب الأمراض موجودة في بروتوكول العلاج على نفقة الدولة، خاصة أن هناك فئة منهم الأطفال لديها مظلة للتأمين الصحي.

وتابع: «في السنوات الأخيرة تم إضافة أمراض أخرى، منها بعض الأورام السرطانية، وغيرها من الأمراض ذات التكلفة المالية العالية، وخلال الفترات ستكون هناك ماهو أفضل من ذلك».