رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تعديلات جديدة فى «قسيمة الزواج» لإنقاذ الأسر المصرية من الضياع

قسيمة الزواج
قسيمة الزواج


جدل ديني اجتماعى سياسي يطرح نفسه على المشهد المصري وداخل السرة المصرية، عقب طرح تقنية جديدة بعقد الزواج تساعد في الحد من الطلاق في مصر، المبادرة الجديدة تأتي عقب الجدل الماضي حول شرعية الطلاق الشفهي، الذى وقف ضده بشدة الأزهر الشريف رغم تبني جهات بالدولة الفكرة، ومؤخرا أثارت مبادرة "زواج التجربة"، حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن أطلقها أحد المراكز المتخصصة في الأسرة، بهدف وضع حلول فعالة لتقليل من معدلات الطلاق، وتحديدًا التي قد تحدث في السنوات الأولى من الزواج بسبب العديد من المشكلات التي يتعرض لها الطرفان.

أرقام مخيفة

وتمثل ظاهرة الطلاق في مصر أزمة حقيقية للمصريين على مدار السنوات الماضية، حيث كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن وقوع 1.9 مليون حالة طلاق في مصر خلال الـ 10 سنوات الماضية منذ عام 2010 وحتى 2019، فإن إجمالى عدد حالات الطلاق بلغ 237 ألفا و748 حالة بنهاية عام 2019، منها 11 ألفا و819 أحكام طلاق نهائية.

تصدرت محافظة القاهرة قائمة أعلى عشر محافظات على مستوى الجمهورية في عدد حالات الطلاق خلال عام 2019، حيث سجلت القاهرة حالة طلاق كل 10 دقائق، تليها الجيزة حالة كل 17 دقيقة، ثم الدقهلية حالة كل 29 دقيقة، ثم الشرقية حالة كل 35 دقيقة، ثم البحيرة حالة كل 38 دقيقة، ثم الإسكندرية حالة كل 38 دقيقة، ثم القليوبية حالة كل 44 دقيقة، ثم الغربية حالة كل 49 دقيقة، ثم كفر الشيخ حالة كل ساعة و13 دقيقة، وأخيرًا قنا حالة كل ساعة و18 دقيقة.

كما كشف تقرير مركز معلومات رئاسة الوزراء، أن حالات الطلاق في مصر أصبحت بواقع حالة واحدة كل دقيقتين ونصف الدقيقة، وتبين أن نسبة غير المتزوّجين بين الشباب والفتيات وصلت إلى 15 مليون حالة، كما يقدر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 ملايين على يد مأذون، ونتج عن ذلك تشريد ما يقرب من 7 ملايين طفل، بالإضافة إلى 250 ألف حالة خلع.

ذلك في الوقت الذي تؤكد فيه الإحصاءات الرسمية أن المحاكم المصرية شهدت تداول نحو 14 مليون قضية طلاق في العام 2015، يمثل أطرافها 28 مليون شخص، أي نحو ربع تعداد سكان المجتمع المصري، حيث تشهد محاكم "الأسرة" طوابير طويلة من السيدات المتزوجات والراغبات في اتخاذ القرار الصعب في حياتهن، بلجوئهن إلى المحكمة المتخصصة في الأحوال الشخصية.

وبحسب تقرير حديث لمركز معلومات مجلس الوزراء، يتردد نحو مليون حالة طلاق سنويًا على محاكم الأسرة بمصر، وتقع 240 حالة طلاق يوميًا بمعدل عشر حالات طلاق كل ساعة، كما بلغ إجمالي عدد حالات الخلع والطلاق عام 2015 ربع مليون حالة، بزيادة 89 ألف حالة عن عام 2014.

تفاصيل المبادرة

أوضح أحمد مهران، المحامي المتخصص في قضايا الأسرة، صاحب مبادرة "زواج التجربة"، أن هذه المبادرة لا تستهدف الزواج لمدة محددة كما يراه البعض، بل إن إطلاق اسم "التجربة" جاء بهدف تشجيع الأطراف على خوض التجربة والزواج، مشيرًا إلى أن 90% من الفتيات المطلقات في عمر العشرينيات يرفضن خوض تجربة الزواج مرة أخرى، حيث إن الطلاق له خطورة كبيرة على الأسرة المصرية، وتهدف المبادرة إلى تحقيق التوازن ما بين الزواج المدني وحالات الطلاق والبحث عن المشكلات التي تواجه الزوجين خلال العام الأول من الزواج.

وتابع مهران، أن حالات الطلاق متزايدة بنسبة كبيرة في مصر، ومعظمها يكون عن طريق المحكمة، موضحا أنه بالدراسة تم الوصول إلى أن أغلبية حالات الطلاق تحدث عند حديثي الزواج، مضيفًا أن أعلى نسبة طلاق تحدث في السنة الأولى من الزواج والنسب التالية تحدث في ثاني سنة أو ثالث سنة.

وحول تفاصيل مبادرة "زواج التجربة"، قال أحمد مهران، إن عقد الزواج شرعي رسمي على كتاب الله وسنة رسوله، متابعًا أن الطرفين سيوقعان بجانب عقد الزواج على عقد يتضمن الشروط والمتطلبات التي يحتاجها كل طرف، والمشكلات المحتملة والمتوقعة، موضحًا أنه من ضمن هذه الشروط على سبيل المثال رفض الزوج عمل زوجته أول ثلاث سنوات من الزواج، أو رفض الزوجة زواجه من سيدة أخرى، مؤكدًا أن الشروط لا تحلل حرامًا أو تحرم حلالًا، فهو غير مخالف للشرع أو القانون، حيث إن هذه الشروط تؤدي إلى تقييد الحق في الطلاق بشكل قانوني وبإرادتهم، قائلًا إن بنود العقد تشمل الآثار المترتبة على الإخلال بالشروط، ومنها التزام المخالف بتحمل كل الخسائر، لافتًا إلى أن الزوج سيكون ملزمًا بتطليق الزوجة ومنحها حقوقها كافة إذا أخل بالاتفاق وخالف بنود العقد، كما إن الزوجة تتنازل عن نفقة العدة والمتعة ومؤخر الصداق وتترك قائمة المنقولات، إذا أخلت بالشروط.

في السياق ذاته فقط كشفت المصادر داخل مشيخة الأزهر، عن رفض الدكتور أحمد الطيب مناقشة زواج التجربة من الأساس داخل مجمع البحوث الإسلامية وتحديدا اللجنة الفقية بالمجمع، كذلك رفض طرح القضية للنقاش داخل هيئة كبار العلماء بالأزهر، حيث يتمسك الأزهر بعدم إضافة أى شروط جديدة على عقد الزواج، أو وجود عقد إضافي بجانب قسيمة الزواج يوقع عليها الزوجان، معتبر ذلك محرما شرعا، ويرى الأزهر في زواج التجربة كما هو سائد حاليا بين علماء المشيخة وموقف شيخ الأزهر، أن وضع شرط يمنع الطلاق لمدة معينة في فترة الزواج، هو أمر مخالف للشريعة الإسلامية، فأي شرط يحل حراما أو يحرم حلالا يبطل عقد الزواج، فالطلاق والزواج حق مقرر في الشريعة الإسلامية غير معلق بزمان أو بمكان، والشروط التي يمكن وضعها بالعقد هي شروط معينة لها أدلة من الحكماء وليست مطلقة.

وفقا للمعلومات فإن هناك اهتماما كبيرا من قبل الأزهر بخصوص مبادرات الحد من الطلاق التى تطرح من وقت لآخر، حيث يبحث الأزهر عن وضع حلول شرعية لتلك الأزمه، وكشف المصادر، أن الأزهر مستمر في تقديم الحلول ومنها ما حققته وحدة لم شمل الأسرة التي استطاعت عام 2020، حققت اللجنة، بحسب بيان للأزهر، نجاحات مبهرة في هذا الشأن، حيث تم التعامل مع نحو 21 ألف حالة أسرية، تم الحل في 15 ألفا و50 حالة، وجار حل نحو 5950 حالة، ليبلغ عدد المستفيدين من جهود الوحدة، ما يزيد على مليون شخص داخل نطاق الأسرة الصغيرة، ليمتد أثرها الإيجابي إلى الأسر الكبيرة، ومن ثم المجتمع كله.

كما سوف ينظم الأزهر العديد من القوافل الدعوية تجوب المحافظات للتوعية ضد ظاهرة الطلاق، وحل الخلافات بين الأزواج، عن طريق علماء ووعاظ الأزهر، وكانت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف استحدثت مؤخرًا نظامًا جديدًا للحد من الطلاق، وهو اعتماد رأي ابن حزم وابن تيمية وابن القيم، بعدم وقوع يمين الطلاق والزوجة حائض، بشرط أن يكون لديهم أبناء، أما في حالة عدم وجود أولاد أو زواج الزوج من أخرى فيقع طلاق الحائض. كما أعددنا نموذجًا يوقع عليه الزوجان يسمى "توصيف الطلاق" بحيث يوصف بداخله المشهد والظروف والحالة التي كان عليها الزوج وقت حلف يمين الطلاق.

عقد باطل

من جانبه أبدى الشيخ إسلام عامر نقيب المأذونين، رفضه الشديد لفكرة زواج التجربة، مؤكدا أن أي زواج يشترط في أن يحرم الحلال ويحل الحرام فهو باطل وكأنه لم يكن، فالطلاق يعتبر أبغض الحلال إلا أنه حلال ويجوز الطلاق في أي وقت في حالة استحالة العشرة بين الطرفين.

ويوضح الدكتور إسلام عامر، الشروط الخاصة بالزواج، وهي، أن يتفق الزوجان على أن تكون العصمة بيد الزوجة ولها الحق في أن تطلقه أينما شاءت، أو أن يتفق الزوجان على استحقاق الزوجة مؤخر الزواج كاملا في حالة طلاقها غيابيا، وأخيرا أن يتفق الطرفان على أن تقوم الزوجة بإتمام دراستها بعد الزواج، ولكن لا يمكن وضع شرط عدم الطلاق ضمن شروط الزواج الخاصة.

نهائيا لأنه يبطل العقد

في السياق ذاته أكد الدكتور عبد الغنى سعد أستاذ الفقة جامعة الأزهر، أن موقف الأزهر سليم من فكرة تغير شرع الله بهدف الحد من ظاهرة الطلاق، معتبرا أن تلك الظاهرة أسبابها اجتماعية واقتصادية وليست شرعية.

واضاف، أن وضع شروط محددة إلزامية للأزوج بحيث يكون ارتباطهم تحت التهديد يعتبر باطل شرعا، حيث إن الزواج مبني على الاستمرارية والمودة وليس تحت التجربة، فهي ليست شركة اقتصادية أو مشروعا يفسخ عقدة بمجرد الاختلاف بينهم.

وقال إن الشرع أباح الطلاق للمعرفة المسبق بحدوث أزمات وعدم اتفاق بين الأواج ولكن في الوقت نفسة لا يجوز وضع شروط إلزامية بين الطرفين.