رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

دخلة بلدي

عمر حبيب
عمر حبيب


كبرت نسمة .. إشتد عودها و خرطها خراط البنات ، بلغت من الشباب مبلغها وصار جسدها الفتيّ كإعلان عنها ، ورسمت خطوطه وانحناءاته صورة هذا الإعلان ، حقيقة واضحة جلية لا يمكن إخفاء معالمها .. وصار يدق الأبواب طابور من الخطاب.

تلك كانت كلمات أم نسمة لأبيها ، حينما رأت إبنتهما ذات الخمس عشرة عاما وهي جالسة أمام الفرن وبيديها كرات العجين تلعب بها ككرات الثلج .. إن كرة الثلج الصغيرة حينما تتدحرج تزيد وتزيد في الحجم حتى تصبح كرة كبيرة يصعب إيقافها .

البنت كبرت .. ولازم نسترّها .

تلك كانت الكلمات .. كلمات الحكم الصادر بحق نسمة .

ولكن من يستحق ؟؟ .. من يستحق كل هذا الجمال والشباب ؟؟ .. هل نرمي إبنتنا الوحيدة لأي عريس يطرق الباب ونقول له : إحنا بنشتري راجل ؟! .

لا ، لن نشتري رجلا .. فنحن لا نملك من حطام الدنيا غير تلك الصبية الجميلة .. ليس لدينا ما نملكه لكي نشتري ، ولكن لدينا ما نملكه لكي نبيع .. نبيع ولأعلى سعر .

من يقدر قيمتها ويعرف كم تساوي سوى الحاج أمشير ؟ .. الحاج أمشير هو أثرى أثرياء البلدة .. جمع مالا وثروة لو وقف فوقها بقدميه لأمسك الشمس بيمينه والقمر بيساره .

عيبه الوحيد أنه طاعن في السن .. خمس وستون عاما ليس كهلا ! .. بل هو رجل ناضج ، متزن ، وصاحب تجارب في الحياة .. وسوف يسعدنا .. أقصد يسعد إبنتنا ، ويحفظ لها مستقبلها ويحميها من غدر الزمان .. على بركة الله .

وضع والد نسمة يده في يد الحاج أمشير وقرأ الفاتحة .. فبعد أن دفع أمشير الثمن ؛ أقصد المهر .. لابد أن نقرأ جميعنا الفاتحة .. على نسمة .

فرح كبير ، سرادق إمتد بطول البلدة وعرضها ، الكل فرح ، الكل أكل ، الكل رقص ، الكل يحسد نسمة وأهلها على هذه الزيجة المحظوظة .

الكل يزف العروسين السعيدين إلى عش الزوجية ، الحاج أمشير في جلبابه الحريري الثمين ، وبجواره عروسه الصغيرة في فستانها الأبيض الذي إشتراه أمشير من البندر ، تتعلق بذراعه وعلى وجهها إبتسامة طفولية بريئة ، فالأمر بالنسبة لها لا يختلف كثيرا عن لعبة ، فقد أخبراها أبويها أن الحاج أمشير سوف يلعب معها كثيرا ، وسوف يشتري لها كل الألعاب التي تريدها .. فقد إشترى الحاج أمشير كل شيء في تلك الليلة .. كل شيء .

استقبلتهما إحدى السيدات عند باب الغرفة و تحمل في يديها كأسين من اللبن ، فاللبن الأبيض يفك النحس ويجعل الزوجين يبدآن حياتهما باللون الأبيض ، لم تفهم نسمة عن أي نحس تتحدث تلك السيدة ، لكنها شربت كأسها عن آخره ، فهي طفلة – كأي طفلة – تحب اللبن .

دخل الزوجان غرفتهما وسط الزغاريد وأغلق أمشير الباب وراءه .. أخذت نسمة تتطلع حولها وتجول بنظرها في غرفتها الجديدة الأنيقة ، الستائر الحريرية ، والأنوار المتلألئة كالنجوم ، كل ما كانت تحلم به دوما و لم تجده في بيت أبيها الفقير المتواضع .. إنه حقا منزل الأحلام .

ولكن من هؤلاء ؟؟ .. من هؤلاء النسوة الجالسات على فراشها ؟ .. إنها تعرف واحدة منهن ، إنها مسعدة الداية ومعها ثلات نسوة أخريات يبدو أنهن من أقارب العريس .. ولكن أين العريس ؟؟ .

نظرت نسمة إلى العريس فلم تجده بجوارها كما دخلا من الباب ، بل وجدته إختفى في أحد أركان الحجرة بعيدا عن الجميع وجلس وانتظر .

وقبل أن تسأله نسمة أو تستفسر عما يحدث .. أسرعن هؤلاء النسوة ليحملنها بقوة ويضعنها فوق السرير، جردوها من ملابسها بالقوة .. صرخت نسمة ، صرخت بكل قوتها ، وبكل ضعفها أيضا .. أخرجت الداية منديلا أبيض اللون ، لقد رأت نسمة هذا المنديل منذ يومين ، فقد إشترته أمها من البندر .. منديل كريب أبيض ، وحينما سألت أمها ما هذا المنديل أجابتها : إنه منديل الدخلة .

أحست نسمة بأصابع تخترقها ، أصابع عديدة تقتحم جسدها الصغير ، أنوثتها تنتهك ، طفولتها وبراءتها لم يعد لهما أثر ، تصرخ ولا أحد يسمعها ، تنادي ولا أحد يجيب ، وكل ما تسمعه حولها هو صوت هؤلاء النسوة يسألن الداية : ها .. طمنينا ؟ .. وترد الداية : لسة .

لم تجد نسمة بُدا سوى الإستسلام ، لا جدوى من المقاومة ، فتلك اللعبة تختلف عن أي لعبة أخرى كانت تلعبها مع أطفال القرية ، تُرى هل هذه هي اللعبة التي كان يقصدها أبويها ؟؟ .. ليت تلك اللعبة المقيتة تنتهي ، وأنتهي معها ! .. هكذا صرخت نسمة داخل رأسها .

سمعت إحدى النسوة تسأل الداية : طمنينا يا مسعدة .. حلقي ولا هلالي ولا غربالي .. ردت مسعدة : لأ  , ده شكله مطاطي .. لازم نبذل مجهود أكبر .

واستمرت عملية الإغتصاب الشرعي لمدة ساعة كاملة حتى لم تعد نسمة قادرة على تمييز يد من تدخل ويد من تخرج .. حتى خرج المنديل الأبيض ملطخا .. بدماء الشرف .

شكر الحاج أمشير هؤلاء النسوة الذين غادروا الغرفة وسط الزغاريد ملوحين بالمنديل بفرحة الظفر والإنتصار .

أغلق أمشير باب الغرفة واتجه إلى عروسه الملقاة على الفراش ليمارس حقوقه الشرعية .. حقه .. فقد دفع الكثير من أجل تلك اللحظة .

ماذا تفعل نسمة ؟؟ .. نسمة رقيقة وسط زعابيب أمشير ، عاصفة كاسحة لا تبقي ولا تذر .. ألف مبروك للعروسين .. و مبروك يا ابو نسمة .

" قولوا لأبوها إن كان جعان يتعشى ..

روّح يا بابا .. الدم بل الفرشة  " .