رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الصين تحارب الإرهاب وتحمي سيادتها ووحدة أراضيها

أحمد سلام
أحمد سلام


في شهر الخامس عشر من مايو الماضي، شاركت بمؤتمر حوار الحضارات الآسيوية في العاصمة الصينية بكين، والذى حضره حوالي ألف وخمسمائة خبير من جميع أنحاء العالم من ضمنهم رؤساء دول وممثلون حكوميون رفيعو المستوى، ويسعى المؤتمر إلى تعزيز الحوار بين الثقافات في ضوء بناء "المستقبل المشترك للمجتمع الآسيوي". وكان المؤتمر مناسبة للقاء عدد كبير من الباحثين وأصحاب الرأي من دول العالم، وكان من ضمن اللقاءات لقاء خاص مع بعض المشاركين حول مناقشة قضية الإرهاب ومدى تأثيرها علي الحوار بين حضارات الأمم، وإلي أي مدى يمكن لأي دولة أن تتجنب التحديات الخطيرة للإرهاب والتطرف. وكيف أن الصين نجحت في تحقيق التعايش السلمي بين القوميات والديانات المختلفة، خاصة في ضوء أن الصين تعد أكثر دول العالم من حيث الأمن والاستقرار، في ظل عدد سكان يقترب من مليار وأربعمائة مليون شخص ويعيش بها 56 قومية.

وقال أحد الأصدقاء الأجانب والمقيم بالصين منذ ما يقرب من عشر سنوات والمشارك بالمؤتمر أيضاً أنه لمس بنفسه كيف يمارس المواطنون الصينيون الشعائر الدينية وأنهم يمتلكون الحرية الكاملة في اختيار المعتقدات الدينية.

وقال إن هناك مشكلات حالية تواجهها الصين تتمثل في التطرف والإرهاب، الذي يعكر صفو الحياة ويعطل الحق في التنمية والرخاء والبقاء، وهناك حلول لمشكلات الإرهاب تطبقها الحكومة في شينجيانغ.

وتطرقنا إلى الإصدار المعنون "الكتاب الأبيض حول مكافحة الإرهاب والتطرف وحماية حقوق الإنسان في شينجيانغ". الذي أصدره مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الصيني والذى احتوى بين دفتيه علي سبعة أبواب رئيسية وكانت العناوين هي:-

- لطالما كانت شينجيانغ جزءا لا يتجزأ من الأراضي الصينية.
- أصل الإرهاب والتطرف في شينجيانغ.
- الإرهاب العنيف والتطرف الديني انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان .
- مكافحة الإرهاب والتطرف وفقًا للقانون.
- إعطاء أولوية قصوى لنهج المكافحة الوقائية للإرهاب.
- البحث عن تجربة لمكافحة الإرهاب واجتثاث التطرف.
- التبادل والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب.

ومنطقة شينجيانغ التي يتمتع بالحكم الذاتي ويسكنها عدد كبير من المسلمين، وهي واحدة من المناطق الحدودية الهامة بشمال غربي الصين ، يوجد بها حاليا 24400 مسجد أي أنه يوجد مسجد لكل 530 مسلم.

وفي إطار خطة مكافحة الإرهاب والتطرف أقامت حكومة شينجيانج مراكز للتعليم والتدريب المهني ، كأجراء وقائي بهدف تصحيح مسار من تأثروا بسبب الإرهاب والتطرف و العودة بهم الي المسار الصحيح، واكساب المتدربين المهارات اللازمة لدعم أنفسهم والاندماج في المجتمع، إلى جانب حماية حياة الافراد والممتلكات ، ومن حسن الحظ أنني قمت العام الماضى بزيارة الي أقليم شينجيانج وزرت هذه المراكز التدريبية والتي أقيمت وفقاً للقانون وبمستوي رائع من حيث الإقامة والتشغيل والحافز والمنتج المتميز .

وقد لاحظت من خلال المتابعة للعديد من التقارير أن الاقتصاد في شينجيانغ ينمو بشكل مضطرد وصحي حيث تتحسن الحياة المعيشية للمواطنين بشكل مستمر، وازداد التبادل والاندماج بين كافة المجموعات القومية المختلفة .

إلا أن هناك تقارير مغرضة تستخدم لمحاولة تشويه صورة الصين أو استغلال "شينجيانغ" للتدخل في الشئون الداخلية للصين ، ومحاولات عرقلة النجاحات التي حققها الحزب الشيوعي الصينى خلال الاربعون عاماً الماضية.

وتناقشنا في عدة نقاط حول هذا الكتاب الذى ذكر أن الحكومة الصينية تقف بحزم ضد جميع أشكال الإرهاب والتطرف، وتكافح وفقا للقانون أي سلوك يدعو إلى الإرهاب والتطرف، وأي عمل ينطوي على تنظيم وتخطيط وتنفيذ الأنشطة الإرهابية، أو التعدي على حقوق الإنسان للمواطنين. وأنه قد وقعت هجمات إرهابية متكررة في شينجيانغ لفترة من الزمن، مما عرض حياة وممتلكات الناس من جميع المجموعات العرقية في شينجيانغ للخطر.

وأوضح الكتاب أنه منذ عام 2014 ، دمرت شينجيانغ 1588 عصابة عنيفة وإرهابية، واعتقلت 12995 إرهابيا، وصادرت 2052 عبوة ناسفة، وعاقبت 30645 شخصا على 4858 نشاطا دينيا غير قانوني، وصادرت 345229 نسخة من مواد دينية غير شرعية.

وأكد الكتاب الأبيض أن مكافحة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان الأساسية تتماشى مع مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة. كما أشار الكتاب إلى أن التطرف الديني تحت راية الإسلام يتعارض مع التعاليم الإسلامية، مؤكدا أن "هذا ليس الإسلام".

وقد أظهرت بعض الاحصاءات أنه منذ عام 1990 إلى عام 2016، شنت قوى الإرهاب والتطرف و الانفصال الآلاف من الهجمات الإرهابية في منطقة شينجيانغ، مما أسفر عن مقتل أعداد كبيرة من الأبرياء ومئات من ضباط الشرطة، فضلا عن التسبب في أضرار لا حصر لها في الممتلكات الخاصة والحكومية.

ولا شك أن هذه القوى الظلامية تورطت في قتل أشخاص عاديين واغتيال شخصيات دينية وتعريض الأمن العام للخطر ومهاجمة الأجهزة الحكومية والتخطيط لأعمال شغب.

وأشار الكتاب إلى أن هذه الأنشطة المناهضة للمجتمع والبربرية و اللاإنسانية تسببت في معاناة كبيرة لكافة القوميات في شينجيانغ  ، وإن الجهود الرامية لمكافحة الإرهاب واستئصال التطرف في شينجيانغ تستند إلى واقع المنطقة وبقية البلاد، فيما تستفيد من تجارب الدول الأخرى.

وتعمل الصين علي تطوير وسائل فاعلة وفعالة ترتكز على أساس القانون لمكافحة الإرهاب واستئصال التطرف لحماية أفراد جميع الجماعات العرقية من آفة الإرهاب والتطرف، وحددت تجارب ناجحة وإجراءات فعالة، وأن هذه التجارب تشمل مكافحة الإرهاب حسب القانون وحماية حقوق الإنسان والتمسك بممارسة أن مكافحة الإرهاب لا تستهدف أي منطقة أو جماعة عرقية أو دين محدد، والتوازن بين اللين والشدة وأخذ إجراءات للوقاية والتعليم وإعادة التأهيل، والحفاظ على الاستقرار وتحسين المستويات المعيشية.

وتتمسك حكومة شينجيانج بمبادئ حماية الأنشطة القانونية، وكبح الأعمال غير القانونية، واحتواء التطرف، ومقاومة التسلل، والوقاية من الجرائم والمعاقبة عليها. وتحترم الحكومة المحلية الحقوق المدنية وتحميها تماما، بما في ذلك حرية المعتقد الديني.

كما تحمي الأنشطة الدينية المشروعة، وتلبي المطالب الدينية المعتدلة، وتحمي الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنين والمنظمات، وتضرب بشدة جميع أشكال الإرهاب، وتمنع انتهاكات القانون والجرائم مثل نشر التطرف والتحريض على الكراهية العرقية، وتقسيم البلاد عن طريق الدين.

وباتخاذ الحقائق كأساس والقانون كمعيار، تتبنى الأجهزة القضائية في شينجيانغ سياسة تحقق التوازن الصحيح بين التعاطف والشدة.

وبينما تتأكد من معاقبة المجرمين الحقيقيين، فإن الأجهزة القضائية في شينجيانغ تحمي حق المتهمين في الدفاع ، وحقهم في استخدام لغتهم الخاصة في التقاضي لضمان العدالة الإجرائية وحماية الحقوق المدنية الأساسية.

لقد تم اطلاق إزالة التطرف بناء على القانون فى شينجيانغ، ما كبح بشكل فعال تكاثر التطرف الدينى وانتشاره، وفقا لما ذكره الكتاب الأبيض.

وقال الكتاب الأبيض أن جهود ازالة التطرف ومكافحة الارهاب القائمة على أساس القانون، قضية عادلة تفي بتطلعات الناس من جميع القوميات في شينجيانغ للأمان. وقال "من خلال مثل هذا الجهد، حافظنا على الانسجام والاستقرار الاجتماعي". 

إن الحفاظ على التناغم والاستقرار والتنمية هدف تحرص القيادة الصينية على تحقيقه، ليس في داخل الصين فحسب، وإنما في العالم كله. وهنا تنبغي الإشارة إلى أن مفهوم المستقبل المشترك للبشرية بدلالته الحديثة ولد في الصين، إذ ظهر في التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني في نوفمبر 2012. جاء في في ذلك التقرير  أن "البشرية ليس لها سوى أرض واحدة تعيش عليها، والبلدان لديها عالم واحد فقط تتقاسمه."

ودعا التقرير إلى بناء عالم متناغم من السلام الدائم والازدهار المشترك من خلال رفع مستوى الوعي بأن البشر يتقاسمون مجتمع مصير مشتركا.

إن مجتمع المستقبل المشترك للبشرية يهدف إلى عالم يسوده السلام والأمن والازدهار والانفتاح والشمول. لقد صارت لعبة المحصلة الصفرية منتشرة في العالم مرة أخرى، نتيجة لـ"عدم الشعور بالأمان"، الذي يزحف في جميع أنحاء العالم، مما يشكل خطرا كبيرا على البشرية جمعاء. الصين تدعم التعايش بين الحضارات المتعددة، وتبحث عن المصالح المشتركة على أساس هذه النقطة.

 في عام 2018، واصلت الصين تمسكها بمبدأ التعاون والفوز المشترك، وسعيها لتشكيل الشراكات بين الدول على أساس التفاهم والتعاون المتبادل. وتواكب الصين توقعات المجتمع الدولي بالتمسك بمفهوم الحوكمة العالمية القائم على "تقاسم المنافع من خلال التشاور المتبادل والتعاون المشترك". 

تتقدم الصين على طريق الانفتاح والاندماج في العالم من خلال سياسة الانفتاح المتسعة والمتنامية باستمرار.

 منذ أكثر من أربعة عقود، شرعت الصين في تبني سياسة الانفتاح فصارت الآن جزءا من العالم ولاعبا رئيسيا في القضايا الدوليةالهامة. ولعل هذا يفسر ما تتعرض له الصين من افتراءات من الدول الغربية ومحاولات لتشويه صورتها وتعطيل مسيرة نموها، من خلال إثارة قضايا التبت وشينجيانغ وهونغ كونغ والتدخل في شئون الصين الداخلية. ولكن الصين تمضي قدما على طريقها، واثقة من خطواتها التي تحقق المصلحة لشعبها ولشعوب العالم.

أكرر وأكد أن سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الصين لاقتلاع الإرهاب من جذوره في منطقة شينجيانغ لا تقتصر على الضربات الأمنية وإنما الأهم القضاء عليه من  خلال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  وأن مكافحة الإرهاب مهمة عالمية مشتركة ودروس مستفادة لكافة دول العالم.