رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«تفخيخ» انتخابات الصحفيين.. روايات الخروج الآمن لـ«عبد المحسن سلامة» (1)

سلامة ورشوان - أرشيفية
سلامة ورشوان - أرشيفية


حتى نهاية ديسمبر الماضى، كان عبد المحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأهرام»، ونقيب الصحفيين المنتهية ولايته، مُصرًا على خوض انتخابات التجديد النصفى على مقعد «النقيب»؛ بدت الساحة خاليةً أمامه - كما كان يتصوّر - لإعادة انتخابه في المنصب الذي يعد رأس «مهنة الصحافة» في مصر، محاولًا الهروب من مصير «3» نقباء سابقين له لم يستمروا فى المنصب سوى دورةٍ واحدةٍ (عامين) وهم ممدوح الولى، وضياء رشوان، ويحيى قلاش.



«سلامة» قرأ المشهد من عدة زوايا ربما كانت منطقيةً فى البداية؛ فالكاتب الصحفى ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم»، لم يعد قادرًا صحيًا على الوفاء بالمهام والجهود التي يحتاجها منصب «النقيب»؛ لاسيما بعد عودته من رحلته العلاجية الأخيرة، الأمر الذى رجح عدم الإقدام على خطوة الترشح نقيبًا للصحفيين، وربما انتظارًا لمنصب آخر قد يكون قادمًا في المستقبل القريب.


أما النقيب السابق يحيى قلاش، فمن المعروف أنه «مغضوب» عليه من الدولة؛ بعد واقعة اقتحام النقابة، وبإرادته قرر الرجل عدم خوض تلك الانتخابات؛ بسبب ما وصفه بـ«المُناخ السيئ» المحيط بالمهنة، وضياء رشوان، مشغول بعمله في الهيئة العامة للاستعلامات، والرد على التقارير «المغلوطة» التى تصدرها جهات ووكالات أنباء دولية، كما أنّ مقربين منه تحدثوا كثيرًا عن أنّه (أى ضياء) لن يخوض الانتخابات على مقعد «النقيب»؛ لأنه فى منصب يُعادل «وزير الخارجية».


إذًا من يُنافس عبد المحسن سلامة الذي وُصف في انتخابات مارس 2017 بأنه «مُرشح الحكومة»، ووصل لمنصب نقيب الصحفيين بدعمٍ و«رافعةٍ» من جهات عُليا كان كل همها الإطاحة بـ«قلاش».


لكن خلف الكواليس كانت تجرى عملية «التجهيز» للدفع بـ«ضياء رشوان» مرشحًا على منصب «النقيب»، فرغم حصول عبد المحسن سلامة على «تطميناتٍ» من جهاتٍ معينةٍ بدعمه مرةً ثانيةً نقيبًا للصحفيين، إلاّ أنّ كل الأحاديث بعد ذلك كانت تُشير إلى «سقوطه» لو ترشح على المنصب؛ هذا الأمر دفع تلك الجهات لخوض رحلة البحث عن مُرشحٍ يمثلها؛ خوفًا من ظهور «نقابيّ» من التيارات التي تصفها الدولة بـ«المشاغبة»، يترشح على منصب «النقيب»، ويلتف حوله المعارضون لـ«سلامة» وتكون النهاية فوزه بالمنصب، وتتكرر أزمة «النقيب المشاغب» أو الذي لا يكون على «مزاج» السلطة، كما حدث في تجربة «قلاش».


نرشح لك: أميرة العادلى.. رهان شباب الصحفيين على «تاء التأنيث» (بروفايل)



في البداية.. ترك ضياء رشوان المنصات الإخبارية تنشر تقارير وأخبارًا عن اعتزامه خوض الانتخابات، لم يخرج إعلاميًا - لفترة قصيرة - لنفى أو تأكيد إقدامه على هذه الخطوة، وكأنه كان يُريد إجراء عملية «جس نبض» من المعارضين والمؤيدين معًا، شهدت الكواليس تحركاتٍ كثيرةً - سنتحدث عنها فى حلقاتٍ قادمةٍ -، ثم أعلن رسميًا الترشح على المنصب.


جرت محاولات كثيرة لإبعاد «رشوان» عن المنافسة؛ إما بطرح فكرة حذفه من جدول «المشتغلين» بحجة تعيينه فى الهيئة العامة للاستعلامات بقرارٍ جمهورى، وبعد فشل تلك الطريقة، لجأ آخرون لرفع الدعاوى القضائية.


فى الكواليس، دارت الأحاديث عن أنّ «سلامة» لن يخوض الانتخابات؛ لأنّ الدعم كاملًا سيذهب لـ«ضياء رشوان»، وسيكون ممثل الدولة الوحيد فى هذا السباق المهم، طالبت شخصيات صحفية بالإبقاء عليه حتى لا تكون الانتخابات «استفتاءً» على منصب «النقيب»، ولزيادة مكاسب الجمعية العمومية.. نشرنا الخبر، ونفى «سلامة» واصفًا هذا الأمر بـ«الشائعات»، مؤكدًا أنّه يُعد برنامجه الانتخابىّ.


لم يستمر الأمر طويلًا، خرج عبد المحسن سلامة بنفسه، معلنًا أنّه لن يخوض انتخابات التجديد النصفى، كاشفًا عن عدد من الإنجازات التي حققها خلال توليه المنصب.


نرشح لك: «شعارات» انتخابات الصحفيين.. أسلحة «ناعمة» تخدم المرشح وربما تؤذيه أحيانًا (تقرير)



في القصة الخاصة بعدم ترشح عبد المحسن سلامة هناك أكثر من روايةٍ طُرح بعضها لتفسير خروج رئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأهرام» من السباق؛ أولها تلك الرواية التي ساقها «سلامة» بنفسه عندما قال فى بيان الخروج من المعركة إنّه يُريد التفرغ لـ«الأهرام»؛ ولهذا السبب قرر عدم الترشح مجددًا لمنصب نقيب الصحفيين.


لكنّ هذه الرواية تُدين «سلامة» قبل أن تُنصفه؛ لأنها تكشف عن أنّه لم يكن متفرغًا للمؤسسة الصحفية الأكبر فى الشرق الأوسط طوال فترة وجوده فى منصبه النقابيّ، كما أنّه على رأس القائمة المرشحة بعدم التجديد له فى التغييرات الصحفية المقبلة التى ستجرى بعد الانتخابات، فما الذي يُريد التفرغ لإدارته؟.. هي مجرد رواية لـ«حفظ ماء الوجه».


أما الرواية الثانية التي تُفسر خروج «سلامة» من المشهد فهي رواية «جاهزة» يُرددها غالبية العاملين في «بلاط صاحبة الجلالة»، وهي أنّه انسحب بـ«تعليمات أو أوامر من فوق»؛ لأنه لن يستطيع «التحدى» والترشح أمام ضياء رشوان الذى حصل على «الضوء الأخضر» لدخول الماراثون.


ورغم قوة هذه الرواية ومنطقيتها، إلاّ أنّ عبد المحسن سلامة نفسه «ينفيها» خلال جلساته الخاصة، ويؤكد أنه خرج من السباق بإرادته.


نرشح لك: «فرملة» معركة مارس.. أسئلة «ملغومة» تكشف أسباب الهروب الكبير من انتخابات الصحفيين «تقرير»



الرواية الثالثة تتردد بقوة بين أروقة مؤسسة «الأهرام» وهى تشبه «الصفقة أو المساومة»، وملخصها عدم ترشح عبد المحسن سلامة فى الانتخابات، مع وعود بالتجديد له فى منصب رئيس مجلس الإدارة لمدة عامٍ.


عند «تفنيد» هذه الرواية يمكن الوقوف بسهولة على «ضعفها»؛ فدائمًا المساومات والصفقات تُعقد مع «الأقوياء»، أو الذين يكونون أرقامًا قويةً وصعبةً فى المعادلة الانتخابية، وعبد المحسن سلامة لم يكن كذلك، رغم أنّ هناك أصواتًا كانت ترى ارتفاع شعبيته فى الفترة الأخيرة؛ بسبب حله مشكلات «القيد» فى عدة صحفٍ، والموافقة على «تكويد» أخرى، وتدشين موقع «الخبر» للصحفيين الحزبيين.


ومع ذلك يكفي أن تدفع السلطة بمرشح من «دولابها» حتى يُدرك «سلامة» أنّه لم يعد مرغوبًا فيه، وأنّه لن يجد دعمًا، فينسحب مباشرةً من السباق، وهو ما حدث بالفعل.


رواية رابعة تدور حول أنّ الانسحاب من السباق، كان السبب فيه منع حدوث «تفتيت» فى الأصوات بين عبد المحسن سلامة وضياء رشوان، ويكون المستفيد فى تلك الحالة رفعت رشاد، المرشح لمنصب «النقيب»، وهي رواية «دبلوماسية» لتفسير الخروج.


أما الرواية الأخيرة فهى تشبه «الخروج الآمن» للنقيب المنتهية مدته، وتدور هذه الرواية حول «تخوف» عبد المحسن سلامة من الداعمين والمساندين لـ«ضياء رشوان» فى «الأهرام»، والذين قد «يقلبون الطاولة» على رئيس مجلس إدارة المؤسسة لو ترشح فى الانتخابات أمام من يريدون فى المنصب.


بالطبع نمتلك قائمة بأسماء هؤلاء، والإصدارات التابعين لها، ولكن فضلنا عدم النشر. 


تعددت الروايات والنتيجة واحدة وهى خروج «سلامة» من انتخابات التجديد النصفى التى ربما لم يتوقع لها كثيرون أن تكون بتلك السخونة.


نرشح لك: «الصايم».. مُحارب «أولاد الأكابر» فى انتخابات الصحفيين (بروفايل)