رئيس التحرير
خالد مهران

جولة داخل متحف كاراماي.. من بئر النفط إلى مدينة نابضة بالحياة

متحف كاراماي
متحف كاراماي

(مقدمة القاعة)

يروي المتحف قصة تطور مدينة كَاراماي من منظور زمني، انطلقت المسيرة من "فريق الحفر 1219" الأصلي المكون من 36 فردًا ينتمون إلى 8 مجموعات عرقية، وصولًا إلى المدينة الحديثة التي يقطنها 530 ألف نسمة من 46 مجموعة عرقية. إن تاريخ كَاراماي على مدى السبعين عامًا الماضية هو تاريخ كفاح من أجل النفط للوطن الأم، وتاريخ تضامن أبناء وبنات جميع القوميات في كَاراماي من أجل الرخاء والتنمية المشتركة.

(الجانب الأيسر من قاعة المقدمة)


على الجانب الأيسر من القاعة، تُعرض الملامح الجيولوجية لشينجيانغ "التي تتشكل من ثلاث جبال تحيط بمنخفضين"، حيث يقسمها جبل تيانشان إلى شمال وجنوب.

 تقع مدينة كَاراماي على الحافة الشمالية الغربية لمنخفض جونغار في شمال الصين، حيث كانت تنانين جونغار تحلق ويتنقل التجار على طول طريق الحرير القديم.

(قاعة العصور القديمة)


يركز هذا المعرض على النشأة الأولى لكَاراماي وتشكل النفط. لقد أتاح التحول الهائل للبحار واليابسة على مدى مئات الملايين من السنين أن تتحول بقايا الكائنات العتيقة المترسبة في الأرض إلى مواد عضوية. 

إن صخور المصدر الهيدروكربونية التي ترسبت من بقايا الكائنات الدقيقة المختلفة خلال العصر البرمي تُعد أهم مصدر للنفط والغاز تحت الأرض في كَاراماي.

(الاستمرار في الجولة)


تُبرز الجولة أن شينجيانغ كانت منذ القدم جزءًا لا يتجزأ من الوطن الأم، وهي أكبر مقاطعة حدودية متعددة القوميات في الصين، تمتلك مساحة شاسعة وكنوزًا طبيعية وحضارة تاريخية عريقة. وقد كانت الأنشطة البشرية القديمة موجودة في شينجيانغ منذ عصور ما قبل التاريخ. وفي 29 مايو 1958، وافق مجلس الدولة على تأسيس مدينة كَاراماي رسميًا.

(قاعة النشأة)


يُعد منجم النفط في دُوشانزي أحد مهود صناعة النفط الثلاثة قبل تأسيس الصين الجديدة، إلى جانب يومن في قانسو ويانان في شانشي، وله تاريخ يمتد لمئة عام في تطوير صناعة النفط. يمثل بئر النفط الأول الذي حُفر في دُوشانزي بداية صناعة النفط الحديثة في شينجيانغ. ويعرض المتحف نموذجًا طبق الأصل لأول بئر نفط وأول معمل تقطير في يامازاكي.

(قصة الكفاح الشاق)


تتناول القاعة قصة الكفاح الشاق لكَاراماي، حيث قال الرئيس ماو تسي تونغ ذات مرة: "من أجل البناء، النفط لا غنى عنه؛ فالطائرات تحلق في السماء والسيارات تجري على الأرض؛ دون نفط، لا يمكن لأحد أن يديرها".
في 15 يونيو 1955، أرسلت إدارة التعدين في دُوشانزي التابعة لشركة شينجيانغ للنفط فريق الحفر الشبابي 1219 المكون من 36 رجلًا من 8 قوميات إلى جبل النفط الأسود (هييو)، في مواجهة صحراء قوبي الشاسعة، أقسموا يمينًا قويًا: "لنستقر هنا قلوبًا، ولنزرع جذورًا، لا نتحرق، لا نموت".
وفي 29 أكتوبر 1955، انبثق تيار صناعي من البئر الأولى في جبل النفط الأسود، معلنًا ولادة حقل كَراماي النفطي، أول حقل نفط كبير في الصين الجديدة. ومنذ ذلك الحين يُحتفل في التاسع والعشرين من أكتوبر من كل عام بعيد ميلاد المدينة، الذي يصادف هذا العام الذكرى السبعين لتأسيس المنطقة الذاتية الحكم واكتشاف الحقول النفطية في كَراماي.
تعرض القاعة صورًا للاحتفالات عند تدفق النفط من البئر الأولى، إلى جانب رؤوس الحفر وبطاقات الأنابيب والعينات الأساسية من البئر كيه-1، ومشهد مُعاد تكوينه لعملية الحفر.
كما توثق صورًا مؤثرة من حفر البئر الثانية عام 1956، حين واجه العمال انفجارًا مفاجئًا في عمق 500 متر وسط رياح قارسة، وتمكنوا بعد ثلاثة أيام من السيطرة على الانفجار، متجمدين تحت برج الحفر في مشهد بطولي أعيد تجسيده بنحت فني داخل القاعة.
وفي خلفية القاعة، تُعرض صور من احتفالات اليوم الوطني عام 1956، حيث حمل فريق حقل نفط شينجيانغ وأهالي العاصمة مجسمًا لحقل كَراماي خلال استعراضهم في ساحة تيانانمين، في مشهد عكس الصدى الوطني الهائل لاكتشاف الحقل.

(دعم البناء الوطني)


أثار اكتشاف حقل كَاراماي النفطي حماسة وطنية واسعة، إذ دعت صحيفة الشعب اليومية في عام 1956 أبناء الشعب للمشاركة في بناء الحقل. وفي عام 1958، ألّف الملحن لويوان من مدينة لانتشو أغنية “كَراماي” التي وصفت صحراء قوبي القاسية بعبارة: "لا عشب ولا ماء، حتى الطيور لا تستطيع الطيران"، لتصبح رمزًا لعزيمة البنّائين.
توافد آلاف العمال وخريجي الجامعات والجنود الشباب إلى كَراماي، حامِلين الأمل والرغبة في الإعمار. وتُعرض في المتحف ملابسهم القطنية والمعاطف الجلدية والأغطية الصوفية التي استخدموها في تلك الأيام.

(الإنجازات والرواد)
 

في عام 1958، نجح فريق الحفر 1202 بقيادة تشانغ يونتشينغ في تجاوز عمق الألف متر لأول مرة، ما أثار موجة تنافس وطنية. ويعرض المتحف مشهد المنافسة التاريخية بين الرفيق وانغ جينشي (الرجل الحديدي) وتشانغ يونتشينغ في موقع كَراماي.
كما يوثق المتحف تجربة "فريق الحفر النسائي رقم 38" الذي ضم 42 عاملة من 8 قوميات مختلفة، من بينهن وو شوهوا وتسايشيا، اللتان تبلغان اليوم 88 و84 عامًا.
ويبرز كذلك عامل النفط ماييتي يوسوبوف، الملقب بـ "الرجل الحديدي لكَراماي"، الذي التقى الرئيس ماو في بكين عام 1965.
وفي خزانة العرض، تُعرض قطعة نادرة تُعرف بـ "الكتاب الحديدي"، صنعها العامل هوانغ زانهان لحماية كتيبات الأدوات من العواصف، شاهدة على روح الإصرار والابتكار لجيل عمال النفط الأوائل.

(تقديم التضحيات)


يجسد نحت فني قصة يانغ شينغلو، ابنة الجنرال يانغ هوتشنغ، التي استجابت لنداء الوطن وذهبت إلى شينجيانغ لإجراء مسح جيولوجي عام 1958. خلال مهمة في بحيرة سانتانغ، واجهت عاصفة ثلجية عاتية قضت على حياتها وهي تحمل خريطة الاستكشاف بيدها، عن عمر 22 عامًا فقط.
وفي عام 1982، تم إطلاق اسمها على التكوين الجيولوجي الحامل للنفط الذي كانت تعمل عليه، تخليدًا لذكراها.

(التطور الصناعي)


تُظهر المعروضات مراحل تطور صناعة التكرير في كَراماي منذ تأسيس شركة كَراماي للبتروكيماويات عام 1959.

 وتشمل المعروضات عينات من النفط الخام ومنتجات مكررة مثل مواد التشحيم والزيت الأبيض الغذائي والأسفلت، بالإضافة إلى زيت هيدروليكي خاص بمركبات الفضاء الصينية "شنتشو".
ويُسلط المتحف الضوء على تحديات ندرة المياه في بدايات المدينة، وكيف نُقل الماء بالجمال لسكانها حتى إنشاء قناة "بايكوان – كَراماي" بطول 75 كيلومترًا بين عامي 1960 و1961، على يد "جيش القناة" المكون من 2600 عامل.

(تطور حياة المدينة)


منذ تأسيس المدينة، شهدت كَراماي تغيرات كبيرة في المعيشة والبنية التحتية. تُوثق الصور مراحل التطور من الخمسينيات إلى اليوم: شق الطرق، إنشاء المحلات والمصانع، وبناء المدارس ورياض الأطفال ومراكز تدريب العمال. كما تم تأسيس مرافق ثقافية وترفيهية مثل النوادي والسينمات والملاعب والمكتبات.
ويُعرض في القاعة تطور أدوات الحفر من رؤوس القشط الثلاثية إلى رؤوس الحفر عالية الأداء PDC المستخدمة حاليًا.

حاليًا.

(قاعة الإصلاح والانفتاح)


مع سياسة الإصلاح والانفتاح، شهدت كَراماي نهضة اقتصادية. ففي عام 1990 أصبحت ثاني أكبر قاعدة إنتاج للزيت الثقيل في الصين، وحققت في 2002 إنتاج 10 ملايين طن من النفط الخام سنويًا، لتكون الأولى في المنطقة الغربية. وفي 2008، تحولت إلى أول حقل نفط رقمي في الصين.
كما تطورت صناعتها البتروكيماوية بسرعة، حيث أُطلق مشروع إيثيلين دُوشانزي عام 1995 بطاقة 140 ألف طن، وتلاه مشروع التكرير والإيثيلين بمليون طن في 2005 الذي دخل التشغيل عام 2009، ليُدرج ضمن "المائة مشروع كلاسيكي كبير" في الذكرى الستين لتأسيس الصين الجديدة.

وفي 2012، حصدت الشركة الجائزة الأولى للتقدم العلمي والتكنولوجي على مستوى البلاد.

(الازدهار الحضاري)


منذ الثمانينيات، تحولت كَاراماي إلى مدينة حديثة مزدهرة، حيث استبدلت المنازل المنخفضة بالأبراج الشاهقة، وتطور التعليم والثقافة والرعاية الصحية والاتصالات والنقل.

كما ساهم وجود المصارف الكبرى في تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، لتصبح كَراماي اليوم نموذجًا للتكامل بين الصناعة والحياة العصرية في غرب الصين.

متحف كاراماي

e476ba4408b9719cebbd24e3338b79ae
22b0e550d0c929942e0017a0fc8504aa
3399ff0ed2fbcfd4b84d315b24491442