أسعار الذهب تتراجع محليًا تحت ضغط ارتفاع الدولار وتراجع الطلب
سجلت أسعار الذهب في الأسواق المحلية تراجعًا واضحًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي بنسبة بلغت نحو 3.6%، متأثرة بارتفاع الدولار الأمريكي وتراجع الطلب المحلي على المعدن النفيس نتيجة عمليات جني الأرباح، إلى جانب تقييم المستثمرين لتوجهات السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي، وفق تقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن جرام الذهب عيار 21 — وهو الأكثر تداولًا في السوق المصرية — انخفض خلال الأسبوع بنحو 200 جنيه، حيث افتتح التداولات عند 5550 جنيهًا، قبل أن يغلق الأسبوع عند 5350 جنيهًا.
وأضاف أن جرام الذهب عيار 24 سجّل نحو 6114 جنيهًا، بينما بلغ عيار 18 حوالي 4586 جنيهًا، وسجّل عيار 14 نحو 3567 جنيهًا، في حين استقر سعر الجنيه الذهب عند مستوى 42800 جنيه.
وعلى الصعيد العالمي، شهدت الأوقية تراجعًا بنحو 111 دولارًا، حيث انخفضت من 4114 دولارًا إلى 4003 دولارات مع نهاية الأسبوع.
ارتفاع شهري رغم التراجع الأسبوعي
وأشار التقرير إلى أن أسعار الذهب حققت ارتفاعًا على أساس شهري خلال أكتوبر الماضي بنحو 170 جنيهًا، بنسبة 3.3%، إذ بدأ جرام عيار 21 تعاملات الشهر عند 5180 جنيهًا، ولامس مستوى 5900 جنيهًا قبل أن يغلق عند 5350 جنيهًا.
أما عالميًا، فقد ارتفعت الأوقية بنحو 145 دولارًا بنسبة 4%، حيث افتتحت تعاملات الشهر عند 3858 دولارًا، ولامست مستوى 4381 دولارًا، ثم أغلقت عند 4003 دولارات.
وأرجع التقرير هذا الارتفاع الشهري إلى زيادة الطلب من البنوك المركزية حول العالم، واستمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، التي تعزز الإقبال على الذهب كملاذ آمن.
وأضاف أن التراجع الأسبوعي عالميًا جاء نتيجة تقييم الأسواق لسياسة الفيدرالي الأمريكي بعد قرار خفض الفائدة، إذ أدى ارتفاع الدولار واستقرار عوائد سندات الخزانة إلى الحد من مكاسب الذهب، رغم استمرار المخاوف الاقتصادية.
وأشار التقرير إلى أن المعدن الأصفر لا يزال يحافظ على تماسكه حول مستوى 4000 دولار للأوقية، في انتظار مزيد من الوضوح بشأن مسار السياسة النقدية الأمريكية خلال الفترة المقبلة.
الفيدرالي الأمريكي يثير الحذر في الأسواق
قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه الأخير يوم الأربعاء الماضي، في خطوة جاءت متوافقة مع توقعات الأسواق.
لكن تصريحات جيروم باول، رئيس الفيدرالي، عقب الاجتماع أثارت حالة من الحذر، بعدما أكد أن خفض الفائدة في ديسمبر المقبل "ليس أمرًا مفروغًا منه"، ما أعاد بعض الشكوك بشأن استمرار دورة التيسير النقدي.
وبعد تلك التصريحات، تراجعت توقعات خفض الفائدة في ديسمبر من نحو 90% إلى 63% فقط، وهو ما ساهم في بقاء أسعار الذهب قرب أدنى مستوياتها الأسبوعية عند حوالي 3900 دولار للأونصة.
كما ساهم تحسن العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة في تقليص الطلب على الذهب كملاذ آمن، بعد اتفاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ على هدنة تجارية لمدة عام خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي التي عُقدت في كوريا الجنوبية.
الإغلاق الحكومي الأمريكي ومخاوف اقتصادية
في الوقت ذاته، دخل الإغلاق الحكومي الأمريكي أسبوعه الخامس دون أي تقدم ملموس في المفاوضات، مما أثار مخاوف متزايدة من تأثيره على النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن استمرار الإغلاق يهدد برامج الدعم الغذائي SNAP التي يستفيد منها نحو واحد من كل ثمانية أمريكيين، ما قد يزيد الضغوط المعيشية على الأسر ذات الدخل المنخفض.
ومن المنتظر أن تصدر خلال الأسبوع المقبل بيانات اقتصادية مهمة، مثل مؤشر مديري المشتريات الصناعي (ISM)، ومؤشر ADP للتوظيف، ومؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميشيجان، والتي من شأنها أن تعطي مؤشرات واضحة حول اتجاهات التضخم وسوق العمل الأمريكي، وبالتالي مسار أسعار الذهب في المدى القريب.
خلال المؤتمر العالمي السنوي للمعادن الثمينة الذي تنظمه جمعية سوق السبائك في لندن (LBMA)، توقع عدد من الخبراء أن يختبر الذهب مستوى مقاومة قريبًا من 5000 دولار للأوقية بحلول هذا الوقت من العام المقبل، أي بزيادة تقارب 25% عن المستويات الحالية.
وأشارت تقارير صادرة عن بنوك كبرى مثل HSBC، وبنك أوف أمريكا، وسوسيتيه جنرال إلى توقعات مماثلة، بينما قدّرت مؤسسة Metals Focus إمكانية ارتفاع الذهب إلى 5000 دولار، والفضة إلى 60 دولارًا للأوقية بحلول عام 2026.
في المقابل، تبنّت بعض المؤسسات المالية رؤية أكثر تحفظًا، إذ توقع البنك الدولي ارتفاعًا محدودًا بنسبة 5% فقط، بينما رجّح بنك ناتيكسيس أن يبلغ متوسط سعر الذهب 3800 دولار للأوقية في عام 2026.
ورغم هذه التوقعات المتباينة، أكدت معظم المؤسسات أن الذهب لن يشهد هبوطًا كبيرًا، إذ أشار البنك الدولي إلى أن الأسعار ستظل أعلى من متوسط 2015-2019 بنسبة تتجاوز 180%.
مشتريات البنوك المركزية تدعم الاتجاه الصاعد للذهب
كشف مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية حول العالم واصلت تعزيز احتياطاتها من الذهب، حيث سجلت مشتريات بلغت نحو 200 طن خلال الربع الثالث من عام 2025، ومن المتوقع أن يتراوح إجمالي المشتريات السنوية بين 750 و900 طن، وهو ما يدعم الاتجاه الصاعد طويل الأجل للأسعار.
كما أعلن البنك المركزي الكوري الجنوبي خلال مؤتمر رابطة سوق لندن للسبائك (LBMA) أنه يدرس العودة إلى شراء الذهب للمرة الأولى منذ عام 2013، في خطوة تعكس استمرار الثقة العالمية بالمعدن النفيس كأصل استراتيجي آمن.
ورغم التراجع الأسبوعي الأخير، أكد التقرير أن الذهب لا يزال يحافظ على جاذبيته كملاذ استثماري آمن، مدعومًا بموجة الطلب المؤسسي من البنوك المركزية، واستمرار التوترات الجيوسياسية، إلى جانب الضبابية الاقتصادية في الأسواق الأمريكية والعالمية.

