رئيس الحكومة يثير الغضب مجددًا..
لماذا اختار مصطفى مدبولى رفع أسعار الوقود مرة واحدة؟
أثارت تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، حول رفع أسعار المحروقات في البلاد مرة واحدة، حالة من الجدل والغضب في الشارع المصري، والخبراء الاقتصاديين، لا سيما أن القرار لا يراعي الأبعاد الاجتماعية وانخفاض الدخل.
كان الدكتور مصطفي مدبولي، خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة نهاية شهر أكتوبر الماضي، قال إن الخبراء الاقتصاديين، داخل الغرف المغلقة، رأوا أن رفع أسعار المحروقات في البلاد مرة واحدة هو الخيار الأفضل كي يبدأ الاقتصاد في التعافي السريع.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة «مهّدت» لهذا القرار منذ نحو عام، وأنها تحدثت بشفافية حول هذا الموضوع مع المواطنين.
وحول الزيادة رغم انخفاض أسعار الوقود عالميًا، أكد «مدبولي»، أن تسعير الوقود في مصر لا يربط فقط بأسعار خام النفط، بل يعتمد -أيضًا- على تكلفة الاقتراض المحلي والدولي والتكلفة الفعلية لتوفير الوقود داخل الأسواق.
وقررت الحكومة رفع سعر بيع البنزين والسولار في الأسواق، صباح الجمعة 17 أكتوبر 2025، حيث ارتفع سعر لتر بنزين 95 إلى 21 جنيهًا، كما ارتفع سعر لتر بنزين 92 إلى 19.25 جنيه، وزاد سعر بيع لتر بنزين 80 إلى 17.75 جنيه، وارتفع سعر لتر السولار إلى 17.5 جنيه، فيما تمت زيادة سعر غاز تموين السيارات إلى 10 جنيهات لكل متر مكعب.
وتعتمد آلية التسعير التلقائي للمحروقات على متابعة متوسط التغير في أسعار خام برنت العالمية وسعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي إلى جانب التكاليف المحلية الخاصة بالنقل والتكرير والتوزيع.
وخصصت الموازنة العامة للدولة نحو 150 مليار جنيه لدعم المحروقات والكهرباء بواقع 75 مليار جنيه لكل قطاع، حيث المخصصات تشمل الزيادة الأخيرة المخطط لها في أسعار الوقود.
وشهدت موازنة العام المالي 2025-2026 انخفاضًا كبيرًا لدعم الوقود ليصل إلى 75 مليار جنيه، مقارنة بالعام المالي السابق البالغ 154.5 مليار جنيه.
ويرىي بعض الخبراء، أن رفع المحروقات دفعة واحدة يساعد على تثبيت المسار الاقتصادي، بما يُشكل ذلك نقطة «انطلاق» نحو ضبط التكاليف وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وهو ما يُمكن أن يُسرّع من التعافي، كما أن الزيادات المتكررة تؤدي إلى تراكم أثر سلبي على المواطن دون أن يشعر بتحسّن حقيقي في الخدمات أو البنية التحتية.
ولكن يرى البعض الآخر، أن هذا الخيار ليس بلا مخاطرة، حيث رفع الأسعار دفعة واحدة يمكن أن يثير استياء الشعب، خصوصًا إذا لم تكن هناك مصاحبة واضحة لدعم اجتماعي أو زيادة في كفاءة الخدمات، لما لها من تأثير تضخّمي، فتكاليف الطاقة تُعد مدخلًا أساسيًا في سعر السلع والخدمات؛ أي زيادة مفاجئة في المحروقات تؤدي إلى ارتفاعات في أسعار النقل والمنتجات، ما يزيد عبء التكاليف على الأسر.
حماية محدودي الدخل
وفي هذا السياق، قال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي ومدير عام مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، إن الاقتصاد لن ينصلح برفع أسعار الوقود دفعة واحدة، وخاصة أن البعد الاجتماعي يجب أن يضع في تطبيق القرارات.
وأضاف «عامر» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن العدالة الاجتماعية تشترط على الحكومة بتطبيق الزيادات المقررة عن طريق التدريح، وكان ذلك ضمن توصيات صندوق النقد الدولي، والخبراء داخل الغرف المغلقة.
وأشار إلى أن دخل المواطن المصري بيتأكل مع كل زيادة، حيث الدخل لا ينتاسب مع نسبة ارتفاع أسعار الوقود، حيث إن محدودي الدخل لا يستطيعون العيش مع الزيادات الأخيرة.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الدولة دورها حماية محدودي الدخل والطبقات الفقيرة ورفع الأسعار دفعة واحدة يخالف الدور الذي تقوم به الحكومة، متابعًا: «رفع الأسعار دفعة واحدة يحتاج إلى دخل مناسب للمواطن لاستقبال أي زيادات، مع انخفض في نسبة البطالة والفقر وهذا لا يوجد في مصر».
أثار جانبية مباشرة وغير مباشرة
من ناحيته، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، إن الخبراء في الغرف مغلقة التي تحدث عنهم رئيس مجلس الوزراء، يجب معرفتهم وتحويل إلى اجتماع مفتوح، لأن القرار الخاص بارتفاع أسعار المحروقات دفعة واحد أثر سلبي على المواطن.
وأضاف «فهمي» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن صندوق النقد الدولي تحدث عن الزيادة الأخيرة ليس لها داعي، متابعًا: «هذا بجانب الدولة تسطيع جلب موارد تغطي العجز الخاص بالمحروقات، فضلًا عن انخفاض أسعار البنزين في العالم».
وأشار «فهمي»، إلى أن هناك أثار مباشرة وأثار غير مباشرة لارتفاع أسعار البنزين، حيث الأثار المباشرة تتمثل في زيادة النقل والمواصلات، وعليه تترتب الأثار غير مباشر وهي تتمثل في ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات.
وأكد أن تعافي الاقتصاد مرتبط بالسلامة المجتمعية، لذلك يجب الأخذ بجميع الاعتبارات، والأثار الجانبية المباشرة وغير المباشرة، لافتًا إلى أن دخل المواطن ينخفض وغلاء المعيشة يزداد.
وأوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، أن الخبراء الذين نصحوا برفع الدعم مرة واحد يجب مواجهتهم بالأثار الجانبية للقرار، ونسبة الارتفاع الحالية في الأسعار وما ترتب نتيجة آرائهم الخاطئة.



