حادث مأساوي في المعصرة.. تفاصيل إنهاء حياة خمسيني في لحظة

شهدت منطقة المعصرة صباح اليوم حادثًا مأساويًا جديدًا يعكس مشهد الفوضى والغياب الكامل لاشتراطات الأمان في أعمال التحميل والنقل بالشوارع الجانبية، بعدما لقي رجل خمسيني مصرعه في الحال أثناء قيامه بتحميل كمية من الحديد على «تروسيكل» يملكه في شارع العشرون بدائرة قسم شرطة المعصرة.

تفاصيل الواقعة

وفقًا لما كشفت عنه التحريات الأولية، فقد كان الضحية — رجل يبلغ من العمر نحو 50 عامًا — يعمل في جمع ونقل الخردة، ويستخدم «تروسيكل» كمصدر رزق يومي لنقل الحديد من الورش والمخازن، صباح اليوم، وبينما كان يقوم بتحميل عدد من قطع الحديد الثقيلة على مركبته، اختل توازن الحمولة فجأة، لترتد إحدى القضبان الحديدية باتجاهه وتصيب رأسه إصابة مباشرة قاتلة.

لم تمضِ سوى ثوانٍ معدودة حتى سقط الرجل على الأرض فاقدًا للوعي وسط صراخ الأهالي الذين هرعوا نحوه محاولين إسعافه، لكن دون جدوى؛ إذ كان قد فارق الحياة في الحال متأثرًا بإصابته البالغة.

انتقال قوات الشرطة إلى موقع الحادث

عقب تلقي قسم شرطة المعصرة بلاغًا من الأهالي، انتقل على الفور المقدم إسلام بكر رئيس مباحث القسم، وبرفقته النقيب حسام وجدي معاون المباحث، إلى موقع البلاغ بشارع العشرون لمعاينة المكان وفحص ملابسات الحادث.

تم فرض كردون أمني بمحيط الواقعة، وجرى استدعاء سيارة إسعاف لنقل الجثمان إلى المستشفى العام تمهيدًا لإحالته إلى مشرحة زينهم تحت تصرف النيابة العامة.

وأكدت التحريات الأولية أن الحادث لا يحمل شبهة جنائية، وأن الوفاة جاءت نتيجة حادث عرضي بسبب فقدان التوازن أثناء رفع الحديد على المركبة.

شهادات الأهالي

قال أحد شهود العيان ويدعى "سيد.ع" — من سكان الشارع — إن الضحية كان معروفًا بين أهالي المنطقة، ويعمل بشكل يومي في نقل الخردة والحديد، مضيفًا: "كان دايمًا بيشتغل لوحده، بيحمل الحديد على التروسيكل من غير حد يساعده، وكل الناس كانت بتحذّره إن الحديد تقيل وممكن يقع عليه، بس هو كان بيقول (أكل عيشي)".

وأضاف شاهد آخر أن الحادث وقع في لحظة خاطفة، موضحًا أن الرجل كان يثبت آخر قطعة حديد على الحمولة عندما فقد توازنه، فاختلت المركبة وسقطت القضبان في اتجاهه لتخترق رأسه بشكل مروع، "محدش كان مصدق اللي حصل، ثواني وكان ميت في مكانه"، قال الشاهد متأثرًا.

إجراءات الشرطة والنيابة

باشرت النيابة العامة التحقيق في الواقعة فور إخطارها، وأمرت بانتداب الطبيب الشرعي لتشريح الجثمان وبيان سبب الوفاة بدقة، والتصريح بدفنه عقب انتهاء التقرير الطبي، كما كلفت رجال المباحث بسرعة تحري الظروف المحيطة بالحادث وسماع أقوال ذوي المتوفى.

من جهتها، أفادت مصادر أمنية أن الحادث يؤكد مرة أخرى خطورة التحميل العشوائي للحديد والخردة دون استخدام وسائل أمان أو معدات مناسبة، لا سيما في المناطق السكنية التي تنتشر بها الورش ومخازن الخردة بشكل غير منظم.

ظاهرة متكررة

لم تكن هذه الواقعة الأولى من نوعها في المعصرة، إذ شهدت المنطقة خلال الأشهر الماضية حوادث مشابهة راح ضحيتها عمال وسائقون أثناء تحميل أو تفريغ الحديد والخردة على "تروسيكلات" صغيرة لا تتحمل الوزن الزائد.
ويرى الأهالي أن غياب الرقابة على هذه الأنشطة، إلى جانب ضعف الوعي بإجراءات السلامة، جعل من تلك الحوادث أمرًا شبه متكرر في شوارع المعصرة و15 مايو وحلوان.

مطالب الأهالي

طالب سكان المنطقة الأجهزة التنفيذية بتشديد الرقابة على الأنشطة العشوائية التي تزاول دون تراخيص، خاصة أعمال نقل الخردة والحديد داخل الأحياء السكنية، مع إلزام قائدي التروسيكلات باستخدام أدوات تأمين الحمولة ومعدات حماية شخصية أثناء العمل.

كما ناشدوا الأجهزة المحلية بإزالة تجمعات الخردة المنتشرة في بعض الشوارع الجانبية، لما تمثله من خطر حقيقي على حياة المواطنين والمارة.

نهاية مأساوية

رحل الرجل الخمسيني تاركًا خلفه قصة كفاح يومي انتهت في لحظة مأساوية بسبب غياب الأمان وسوء الأحوال الاقتصادية التي تدفع الكثيرين للعمل في مهن شاقة دون أدنى حماية.

حادث اليوم ليس مجرد واقعة عابرة، بل رسالة مؤلمة عن واقع آلاف العمال البسطاء الذين يخاطرون بحياتهم كل يوم بحثًا عن لقمة العيش، في ظل غياب منظومة تضمن لهم الحد الأدنى من السلامة والكرامة الإنسانية