ارتفاع أراضي المناطق الصناعية يهدد بهروب المستثمرين وزيادة الأسعار

في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لتشجيع الاستثمار وإنشاء المصانع، قررت الحكومة زيادة أسعار أراضي المناطق الصناعية بنسبة تتراوح بين 10% إلى 250%، لتكون الزيادة الثانية خلال شهرين.
كان نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، الفريق كامل الوزير، قال إن بلاده تطرح الأراضي للمستثمرين بأسعار التكلفة الفعلية للمرافق، تيسيرًا عليهم وتخفيفًا للأعباء المالية.
وشهدت الفترة الماضية، عددًا من القرارات حول المناطق الصناعية التابعة لهيئتي المجتمعات العمرانية الجديدة والتنمية الصناعية، وكذلك المحافظات، حيث تراوحت الزيادة بين 10 و20% في بعض المناطق، بينما تخطت هذه النسبة في مناطق أخرى لتصل إلى 79% في العاشر من رمضان، و150% في المنيا الجديدة، و100% في ملوي الجديدة، و250% في منطقتي الكوثر وغرب طهطا بسوهاج.
تأتي هذه القفزة في الأسعار بعد نحو شهرين فقط من قرار مجلس الوزراء الصادر في يونيو الماضي، الذي أعاد تسعير عدد من أراضي المناطق الصناعية بالمحافظات.
وبحسب القرار الجديد لرئيس مجلس الوزراء الصادر في 18 أغسطس الجاري، فإن الأسعار الجديدة تسري على العقود المبرمة اعتبارًا من يوليو الماضي وحتى يونيو 2026.
ويرى الخبراء، أن ارتفاع أسعار أراضي المناطق الصناعية سيؤثر على أسعار المنتج النهائي، والتكليف الخاصة بالإنتاج، بالإضافة إلى هروب المستثمرين للبحث عن بديل في الخارج، وزيادة تعثر المستثمرين.
ووفقًا إحصائيات رسمية، فأن عدد المصانع المتعثرة والمتوقفة تتراوح بين 11،500 أو 12،000 مصنع، حيث تنوعت الأسباب بين مشاكل التمويل، ونقص المواد الخام، وتحديات الإدارة، وأحيانًا نقص إمدادات الطاقة مثل الغاز الطبيعي.
في المقابل، قدمت الحكومة، عدد من مبادرات وحلول، قيد التنفيذ لمعالجة هذه المشكلات، مثل توفير القروض الميسرة وتقديم التسهيلات للمستثمرين.
عبء جديد
في هذا السياق، علق المهندس علي حمزة رئيس جمعية مستثمري أسيوط، على الزيادات الكبيرة في أسعار الأراضي الصناعية بمحافظات الصعيد، قائلًا: «هذه القفزات تشكل عبئًا جديدًا يعيق جذب الاستثمارات ويهدد المشروعات القائمة».
وأضاف، أن زيادة أسعار الأراضى هو قرار خارج نطاق المعقول، خاصة وأنه يأتي بعد أقل من شهرين على زيادات سابقة تم فرضها في يونيو الماضي، متابعًا: «الأرض هي العنصر الأساسي في معادلة الاستثمار الصناعي، وعندما ترتفع أسعارها بهذا الشكل، فإن المشروع يفقد جدواه الاقتصادية، ويتحول إلى عبء على المستثمر بدلًا من كونه فرصة للنمو».
وأشار «حمزة»، إلى أن المستثمر المحلي، خاصة في صعيد مصر، يواجه تحديات متراكمة تتراوح بين صعوبة استيراد المعدات والمواد الخام، وارتفاع تكاليف التشغيل، لتأتي زيادة أسعار الأراضي كأزمة إضافية تعرقل نمو القطاع الصناعي.
وأوضح رئيس جمعية مستثمري أسيوط، أن هذه الزيادات قد تؤدي إلى تراجع الإقبال على الاستثمار الصناعي، بل وقد تدفع بعض المشروعات الناشئة والجديدة للخروج من السوق؛ لأن رفع تكلفة الأرض بهذا الشكل يضعف فرصها في المنافسة محليًا ودوليًا ولا سيما في الصعيد الذي يعمل بإمكانيات محدودة.
زيادة الأصول الثابتة
ومن ناحيته، قال الدكتور أسامة حفيلة، رئيس جمعية المستثمرين بدمياط الجديدة ونائب رئيس اتحاد مستثمري مصر، إن زيادة أسعار الأراضي سيكون له تأثير على الصناعة والتكلفة النهائية للمنتج أمام المستهلك.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الارتفاعات الحالية في أسعار الأراضي، تؤدي إلى زيادة الأصول الثابتة، مما يؤثر على السيولة التى يمتلكها المستثمر، حيث سيضطر إلى دفع مبلغ كبير في الأرض.
وتابع: «الأرض غير منتجة بخلاف المواد الخام التي تنتج وتعود على الدولة بالضرائب، بالإضافة إلى أن أحد أسباب جذب المستثمر لمصر، هو سعر الأرض المنخفض وتوفير المواد الخام والعمالة والطاقة والبنية التحتية».
وأشار «حفيلة»، إلى أن المستثمر يدرس التكلفة من حيث الأرض والمرافق والضرائب، مضيفًا: «هروب المستثمرين يتوقف على أسعار الأراضى بالمنطقة لو أقل بالطبع سيذهب للخارج، أما إذا كانت في نفس السعر ستظل مصر الخيار جيد أمام المستثمر».
وأوضح رئيس جمعية المستثمرين بدمياط الجديدة، أنه لا يوجد حتى الآن قرار رسمي أو بيانات أرسلت لأعضاء جمعية مستثمري مصر، حول ارتفاع أسعار أراضى المناطق الصناعية.
يؤثر على المنتج النهائي
بدوره، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن جميع الأراضي سواء صناعية أو سياحية، ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الماضية.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هذه الارتفاعات جاءت ضمن خطة الحكومة لزيادة الإيرادات العامة للدولة، لافتًا إلى أن الحكومة رفعت أسعار الرسوم دون اللجوء لزيادة الضرائب.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن ارتفاع أسعار الرسوم والأراضي، سيؤثر على المنتج النهائي والمواطن البسيط هو الذي سيتحمل التكلفة، مما يخفض حركة الأسواق والبيع والشراء، ومن ثم تترتفع أعداد المصانع المتعثرة والمتوقفة.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الارتفاعات ستكون عبء على المستثمر والمستثمر سيضطر لنقله للمستهلك، موضحًا أن ذلك سيمثل تحدي أمام المستثمر لأنه يدرس التكلفة والعائد، حيث إن وجد عائد كبير سيستمر في الاستثمار، وإذا انخفض العائد سيضطر إلى الخروج.