رئيس التحرير
خالد مهران

حملات تشويه خبيثة..الأرقام تكشف ماذا حقق شريف فتحي خلال عام بوزارة السياحة؟

شريف فتحي وزير السياحة
شريف فتحي وزير السياحة والاثار

استوقفني مؤخرًا أحد مشاهير الصحافة في مصر، والذي يُنظر إليه باعتباره مفكرًا قبل أن يكون صحفيًا، ففي إحدى حلقاته على صفحته الشخصية ب "فيسبوك"، وجّه انتقادات لعدد من الوزراء، من بينهم وزير الزراعة ووزير الأوقاف ووزير السياحة والآثار.

وبحكم عملي كمحررة صحفية مختصة بملف السياحة والآثار منذ سنوات، ومعايشتي لثمانية وزراء تولوا هذا المنصب، أود أن أتوقف عند نقدك الموجَّه لشخص وزير السياحة والآثار، لا لأدائه، وهو ما ابتعدت فيه عن المهنية الصحفية باختيارك انتقاد الأسماء بدلًا من السياسات والنتائج.

لقد بدا في حديثك نوع من التحسر عند الإشارة إلى وضع اسم الوزير شريف فتحي على حجر أساس افتتاح المتحف المصري الكبير، وكأنك تقلل من دوره، وهو ما يثير الدهشة؛ إذ لم تمنح نفسك الوقت الكافي للبحث والتدقيق في مسيرة الرجل، وظهرت وكأنك تردد روايات منقولة دون تحقق.

الأدهى أنك ربما تأثرت بروايات بعض "أهل الثقة" الذين تحركهم مصالح شخصية ورغبات دفينة في العودة إلى المناصب. وهنا كان هجومك على الوزير مصحوبًا بتساؤلات حول علاقته بالسياحة، أو سبب عدم معرفة الناس باسمه.

اسمح لي أن أوضح:
• شريف فتحي لم يسعَ إلى الظهور الإعلامي أو تحقيق "شو" شخصي، بل ركّز على الترويج الخارجي لمصر عالميًا، وهو ما أثبتته الأرقام والنتائج على أرض الواقع.
• الوزير معروف دوليًا بخبراته العملية الطويلة، لكنه آثر أن تكون إنجازاته هي التي تتحدث عنه لا اسمه.
• على عكس ما ذكرت، فإن المقارنة بينه وبين الشاب عبد الرحمن خالد غير منصفة؛ فالأخير أثار أزمة دولية محتملة بفيلمه المصنوع بالذكاء الاصطناعي، بعد استخدام صور فنانين ولاعبي كرة عالميين دون إذن، ما استدعى تدخل الشئون القانونية بالمتحف المصري الكبير. وبرغم ذلك، اختار الوزير التنازل عن الإجراءات القانونية حفاظًا على مستقبل الشاب.

كما يجب التذكير بأن منصب الوزير سياسي بالأساس، ولا يُشترط أن يكون حاملًا لشهادة أكاديمية متخصصة في القطاع الذي يقوده؛ فهذه ليست بدعة مصرية بل نهج متبع في العالم كله.

وأخيرًا، الأرقام والوقائع تؤكد أن شريف فتحي حقق خلال عام واحد إنجازات بارزة لم يحققها وزراء سابقون في نفس الفترة. وهنا يظل التقييم موضوعيًا: لكل وزير ما له وما عليه، لكن الإنصاف يقتضي الاعتراف بما تحقق على أرض الواقع بعيدًا عن الشخصنة أو الانطباعات.

شهد قطاع السياحة المصري تطورًا كبيرًا في عهد شريف فتحي وزير السياحة والآثار، وحقق أعلى معدلاته مسهمًا في تعافي الاقتصاد الوطني. ففي عام 2024 استقبلت مصر نحو 15.7 مليون زائر، محققةً إيرادات تجاوزت 15.3 مليار دولار أمريكي.

ويُسهم القطاع حاليًا بنحو 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي، ويدعم ما يقرب من 2.7 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة.

كما واصل القطاع أداءه القوي في النصف الأول من عام 2025، حيث استقبلت مصر 8.7 مليون سائح بزيادة قدرها 26% عن العام الماضي، وبلغت الإيرادات نحو 8 مليارات دولار خلال الأشهر الستة الأولى فقط. وفي شهر يونيو وحده ارتفعت الإيرادات بنسبة 22% مقارنة بالعام السابق. ومن المتوقع أن يتجاوز عدد السياح بنهاية العام 18 مليون زائر، بعائدات تتراوح بين 18 و19 مليار دولار.

ولأول مرة تصدّر الساحل الشمالي خريطة السياحة المصرية بقوة، حيث شهد زيادة في عدد الرحلات خلال شهري مايو ويونيو بنسبة 385%، بينما ارتفع عدد الرحلات إلى مرسى مطروح بنسبة 100%.

كما سجل موسم الصيف لأول مرة إشغالًا فندقيًا كاملًا بنسبة 100% في منطقة البحر الأحمر.

ومن المتوقع مع افتتاح المتحف المصري الكبير أن تشهد الحركة السياحية إلى مصر طفرة جديدة، وهو ما يؤكد أهمية السياحة كأحد أهم الأذرع الاقتصادية في توفير العملة الأجنبية، ودعم فرص العمل، والمساهمة في خفض معدلات البطالة. وفي هذا السياق، دشنت وزارة السياحة منصة EG Tap لتدريب طلاب الجامعات المتخصصة في السياحة والفنادق، بالإضافة إلى تدريب العاملين بالفنادق والمطاعم السياحية لضمان تقديم أفضل مستوى من الخدمات للسائحين.

ورغم ما شهدته المنطقة من حروب وتوترات في البحر الأحمر، إلا أن مصر بفضل استقرارها الأمني وجهود وزارة السياحة والآثار، لم تتأثر سلبًا بما جرى، بل على العكس فضّل السائحون البقاء في مصر عن العودة إلى بلادهم، معتبرينها ملاذًا آمنًا لهم.

لم تقتصر جهود شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، على ما تحقق من إنجازات سابقة، بل بدأ العمل على زيادة الطاقة الفندقية في مصر بطريقة سريعة ومنظمة. فقرر إدخال نظام شقق الإجازات (Holiday Home) لاستقطاب فئات من السائحين تفضّل هذا النمط من الإقامة، إلى جانب تقنين أوضاع بعض الوحدات القائمة بالفعل. كما شهد القطاع دخول 5،500 غرفة فندقية جديدة للخدمة، مع خطة لإضافة نحو 6،000 غرفة أخرى بنهاية العام الجاري.

ومنذ توليه حقيبة وزارة السياحة والآثار في 3 يوليو 2024، قام الوزير برحلات مكثفة استثمر خلالها خبراته الدولية وعلاقاته الواسعة، التي اكتسبها من مناصب عربية ودولية مهمة شغلها قبل الوزارة على مدار مسيرته العملية خارج مصر، وقبل توليه منصب وزير الطيران المدني. وقد ساعدته هذه الخبرات في الترويج للسياحة المصرية بالخارج على هامش المعارض والفعاليات الدولية الكبرى.

في عهده، نجحت هيئة تنشيط السياحة المصرية في الترويج للسوق السياحي المصري بمختلف دول العالم المستهدفة، ما ساهم في جذب مزيد من الحركة السياحية. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل ارتفعت أيضًا أعداد زوار المناطق الأثرية، مع تسليط الضوء على وجهات سياحية مميزة كانت مهملة لسنوات طويلة مثل واحة سيوة.

ومن أبرز القرارات التي تعكس التفكير خارج الصندوق، قرار معاملة السائح العربي معاملة السائح الأجنبي في رسوم دخول المناطق الأثرية ابتداءً من يناير 2026، وذلك بهدف زيادة العائدات الأثرية، وتعزيز الاستدامة المالية للقطاع، بما يسمح بتطوير الخدمات، وصيانة المواقع، وإنعاش ميزانية الآثار.

وقد جاء هذا القرار استنادًا إلى النمو الملحوظ في السياحة العربية، حيث استقبلت مصر نحو 2.85 مليون سائح عربي خلال عام 2024، تصدّرهم الزوار من السعودية، تلتها الإمارات والكويت، وشكلوا آنذاك حوالي 18% من إجمالي عدد السياح.

وفي الربع الأول من عام 2025 ارتفعت الأعداد إلى 3.9 مليون سائح عربي بنسبة زيادة بلغت 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وكانت النسبة الأكبر من زوار دول الخليج العربي. وتستهدف وزارة السياحة والآثار مضاعفة هذا الرقم بنهاية العام، بجذب نحو 5 ملايين سائح عربي في إطار خطة شاملة لزيادة أعداد السياح الوافدين إلى مصر.

وأخيرًا، في أغسطس الماضي، نظّمت وزارة السياحة والآثار حدثًا عالميًا بارزًا تم خلاله انتشال ثلاث قطع أثرية مغمورة بالمياه من البحر المتوسط قبالة سواحل أبو قير، ولاقى هذا الحدث صدى واسعًا على المستوى الدولي، وسلّط الضوء على الأهمية السياحية والأثرية لمحافظة الإسكندرية، إلى جانب إبراز المتاحف الأثرية الموجودة بها.

كما شهدت الفترة نفسها افتتاح معرض دائم للوحات الجدارية الخاصة بالملك أمنحتب الثالث في المتحف المصري بالتحرير، حيث اجتمعت هذه اللوحات لأول مرة منذ اكتشافها في منطقة الملقطة غرب الأقصر أواخر القرن التاسع عشر.

إلى جانب ذلك، نُفذت أعمال ترميم موسعة لعدد من المقابر الفرعونية في محافظات مختلفة، من أبرزها مقبرة الآخوين بمدينة أتريبس الأثرية في سوهاج، التي تم افتتاحها أمام الزائرين كجزء من مسار السياحة الثقافية في صعيد مصر، بما يضيف مزارات جديدة ويعزز من جاذبية المنتج الثقافي. وقد جعل وزير السياحة والآثار ملف الترميم والتطوير الأثري على رأس أولويات الوزارة، في ظل سلسلة متواصلة من الاكتشافات التي يصعب حصرها في هذا السياق.

كما أولت الوزارة اهتمامًا خاصًا بـ مسار رحلة العائلة المقدسة، من خلال تطوير نقاطه المختلفة والترويج له باعتباره منتجًا سياحيًا روحيًا فريدًا على مستوى العالم.

لا شك أن وزارة السياحة والآثار، كغيرها من الوزارات الحيوية، ما زالت تحتاج إلى الكثير من العمل والجهد المتواصل، فطبيعة هذا القطاع دائمًا ما تكشف عن تحديات ومشكلات جديدة كلما استمرت عجلة العمل.
لكن الفارق الحقيقي يكمن في الإدارة، فطالما أن المسؤولين لا يقفون مكتوفي الأيدي، ويواصلون العمل بشرف وأمانة، فإن ذلك هو الفيصل الذي يحدد مدى نجاحهم ويصنع الفارق في النتائج على أرض الواقع.
كنت أترقّب من الصحفي والإعلامي الشهير أن يقدّم نقدًا حقيقيًا وموضوعيًا، يعكس رؤية مهنية ترتكز على تحليل الأداء وكشف مواطن القصور إن وجدت. لكن ما ورد في حديثه جاء مخيبًا للتوقعات؛ إذ اكتفى بالتشكيك في السيرة الذاتية للوزير، والتقليل من مكانته بالاستناد إلى انطباعات شخصية، بل واعتبر عدم معرفة بعض الأشخاص باسمه معيارًا للحكم على كفاءته. وهو طرح لا يرقى لمستوى النقد المهني، ويبتعد عن جوهر المسؤولية الإعلامية المفترضة.
إن النقد البنّاء يجب أن يقوم على الحقائق والأرقام والنتائج الملموسة، لا على الانطباعات الفردية أو الأحاديث العابرة.
يذكر ان تولي شريف عدة مناصب هامة بالخارج، مدير إقليمي للشركة الملكية الهولندية للطيرانKLM
• المدير الإقليمي للاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
• رئيس مجلس إدارة شركة إير كايرو.
• المدير التنفيذي للشركة العربية للطيران.
• رئيس مجلس إدارة إحدى شركات السياحة الهامة بالخارج ولها دور كبير في نقل الحرك السياحية من الخارج لمصر.
• رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمصر للطيران.
• وزير الطيران المدني سابقًا.
• أمين عام المنظمة العربية للسياحة.