دراسة تكشف عن حالة لب الأرض الذي يؤدي لنبضها المغناطيسي
كشفت دراسة حديثة أن لب الأرض الداخلي ليس مادة صلبة تقليدية، بل هو في حالة فائقة، وفي هذه الحالة الغريبة للمادة، تتدفق ذرات الكربون بحرية كسائل عبر شبكة حديدية صلبة.
ويسمح هذا للّب الداخلي للأرض بالتصرف كجسم صلب كثيف، مع الحفاظ على ليونته كالمعادن المنصهرة، ووفقًا لمجموعة من الباحثين الصينيين، يتطابق هذا مع السلوك الغريب للّب الداخلي الذي حيّر العلماء لسنوات.
وبالمثل، قد يلعب تدفق هذه العناصر الشبيهة بالسوائل في لب الأرض دورًا رئيسيًا في الحفاظ على المجالات المغناطيسية للأرض، ويمثل الانتشار الذري داخل اللب الداخلي مصدر طاقة لم يُلتفت إليه سابقًا للدينامو الأرضي.
بالإضافة إلى الحرارة والحمل الحراري الناتج عن التركيب الكيميائي، قد تُسهم الحركة الشبيهة بالسوائل للعناصر الخفيفة في تشغيل المحرك المغناطيسي للأرض.
وتُعدّ كرة سبيكة الحديد التي تزن 102 كوينتيليون طن، والتي تُشكّل اللب الداخلي لكوكبنا، واحدة من أكثر البيئات تطرفًا في النظام الشمسي.
وعلى عمق يزيد عن 3000 ميل تحت السطح، يتعرض اللب لضغط يزيد عن 3.3 مليون ضغط جوي، ويُسخّن إلى درجات حرارة قريبة من سطح الشمس، ولكن أعماق الأرض تُظهر أيضًا بعض السلوكيات الغريبة والمتناقضة.
على الرغم من أن الأبحاث أشارت إلى أن لب الأرض صلب، إلا أنه يتصرف بطرق أخرى كما لو كان معدنًا لينًا.
وتتباطأ الموجات الزلزالية التي تمر عبر اللب الداخلي، كما هو الحال مع الصوت المنتقل عبر الماء، ويُظهر اللب الداخلي درجة من الليونة أقرب إلى الزبدة منها إلى الفولاذ.
وأمضى العلماء سنوات في محاولة فهم كيف يمكن لهذا الجزء من الكوكب أن يكون صلبًا ومرنًا في آن واحد، فأحد الحلول المحتملة هو أنه يجمع بين سلوك المواد الصلبة والسائلة في حالة واحدة من المادة.
وفي هذه الحالة، تصبح ذرات الكربون شديدة الحركة، وتنتشر عبر الهيكل الحديدي البلوري كما لو كانت أطفالًا يرقصون رقصة مربعة، بينما يبقى الحديد نفسه صلبًا ومنظمًا.
ومن شأن هذه الحالة الأيونية الفائقة أن تقلل بشكل كبير من صلابة لب الأرض الداخلي مع الحفاظ على صلابته.
وفي عام 2022، أظهرت محاكاة حاسوبية أن اللب الداخلي قد يدخل هذه المرحلة، لكن الشروط المطلوبة شديدة للغاية، مما يجعل اختبارها صعبًا للغاية.
وفي دراستهم الجديدة، عرّض الباحثون عينات من الحديد والكربون لموجات صدمية قوية لمحاكاة ظروف اللب الداخلي للأرض، ثم قذفوا المعدن بسرعة 25200 كم / ساعة، مما ولّد ضغطًا يعادل 1.38 مليون ضغط جوي ودرجات حرارة تقارب 2300 درجة مئوية.
ومن خلال تحليل الموجات الصدمية الناتجة عن هذه الاصطدامات، وجد الباحثون أن عينات الحديد والكربون أصبحت أكثر ليونة بشكل ملحوظ كلما اقتربت من ظروف اللب الداخلي.
ويشير هذا إلى أنها دخلت في طور أيوني فائق، ومن المرجح أن يكون المعدن الموجود في اللب مماثلًا.
نتائج الدراسة
يعتقد الباحثون أن حركة العناصر الخفيفة قد تُسهم في نقل الحرارة حول الكوكب، وتوفير الطاقة للمجالات المغناطيسية.
وفي المستقبل، قد يُساعدنا ذلك أيضًا على فهم المجالات المغناطيسية والتغيرات في درجة حرارة الكواكب الخارجية البعيدة، وفهم هذه الحالة الخفية للمادة يُقربنا خطوةً نحو كشف أسرار باطن الكواكب الشبيهة بالأرض.