رئيس التحرير
خالد مهران

تهدف للقضاء على السوق السوداء..

تفاصيل تحركات البنك المركزى «الجريئة» لرفع القيود على الدولار

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

شهدت الأيام القليلة الماضية، خطوات جادة وجريئة، من البنك المركزي المصرى؛ لتسهيل إجراءات السفر على المواطنين، حيث أصدر توجيهات للبنوك، بتخفيف القيود على الدولار عن طريق زيادة حدود استخدام البطاقات الائتمانية في الخارج ورفع الحد الأقصى لشراء العملات الأجنبية.

كما ألغى البنك المركزي إلزام المسافرين بتقديم إثبات سفر لاستخدام بطاقاتهم في الخارج، مع تأكيده حق البنوك في متابعة الاستخدامات والتأكد من أنها خارج البلاد.

وأوضح أنه في حال عدم تقديم العميل المستندات الداعمة عند الطلب، يحق للبنك تطبيق الإجراءات المحددة في الكتاب الدوري الصادر في 29 أكتوبر 2023 والمعدّل في 11 فبراير 2024.

وفي هذا السياق، بدأت أكبر البنوك في مصر، رفع الحدود القصوى لشراء الدولار والعملات الأجنبية للمسافرين، وزيادة حدود استخدام البطاقات الائتمانية بالخارج، حيث أعلن البنك التجاري الدولي (CIB) رفع الحد الأقصى لشراء العملات الأجنبية للمسافرين إلى 10،000 دولار أميركي أو ما يعادله من العملات الأخرى.

كما خفّض البنك رسوم تدبير العملة للبطاقات الائتمانية لتصبح 3% بدلًا من 5% سابقًا.

وخفّض البنك الأهلي المصرى، رسوم تدبير العملة للبطاقات الائتمانية لتصبح 3% بدلًا من 5%.

كما أعلن رفع الحد الأقصى لتدبير المبالغ النقدية لعملائه المسافرين ليتساوى مع الحد الأقصى المسموح بحمله عند مغادرة البلاد.

بدوه، أعلن بنك مصر رفع الحد الأقصى لبيع الدولار للمسافرين إلى 10،000 دولار أميركي بدلًا من 5،000 دولار، مع خفض عمولة استخدام البطاقات الائتمانية بالعملات الأجنبية إلى 3% بدلًا من 5%، وذلك بدءًا من اليوم 13 أغسطس 2025.

وقرر البنك العربي الإفريقي رفع حد استخدام البطاقات الائتمانية بالخارج حتى 10 آلاف دولار، بالإضافة إلى مضاعفة حدود الشراء بالعملة الأجنبية داخل مصر، وزيادة حدود التدبير النقدي للعملات الأجنبية عند السفر للخارج.

وأعلن بنك QNB مصر، إدخال تعديلات جديدة على حدود ورسوم الاستخدام الدولي لبطاقاته الائتمانية، وشملت القرارات تخفيض رسوم تدبير العملة الأجنبية إلى 2% على المعاملات بالعملات الأجنبية اعتبارًا من الغد على بطاقات الائتمان بما يشمل: التجزئة، الأعمال، ببساطة.

كما رفع البنك الحد الشهري للاستخدام الدولي خارج مصر في حالة السفر لبطاقات الائتمان فيزا سيجنتشر، فيزا إنفينيت، وماستركارد وورلد إيليت، ليصبح 500 ألف جنيه مصري شهريا بدلًا من 300 ألف جنيه مصري شهريا.

تأتي هذه التطورات بعد موجة من رفع حدود الاستخدام الدولي للبطاقات الائتمانية في أعقاب قرار سابق للبنك المركزي في أكتوبر 2023 بفتح الحدود القصوى لاستخدام البطاقات بالخارج للعميل الذي يبلغ البنك بسفره، مع اشتراط تقديم إثبات السفر خلال 90 يومًا.

التخفيف عن الأسر

ويرى الخبراء، أن هناك 5 أسباب وراء قرارات البنك المركزي الجديدة، تتمثل في التالي: «ارتفاع الاحتياطي النقدي، واستقرار سعر الصرف، ومنع اللجوء المستوردين أو المسافرين إلى السوق السوداء، وزيادة مصادر مصر الدولارية، وإعادة الثقة بين المواطن والبنوك».

وقال هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، إن الساحة المصرفية في مصر حاليًا تشهد خطوة مبتكرة من قبل البنوك الرئيسية، إذ تم خفض رسوم إدارة العملة على بطاقات الائتمان إلى 3% عوضًا عن 5%، بينما ذهب بعضها مثل QNB إلى نسبة 2%.

وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أنه في الوقت نفسه، زادت الحدود العليا لاستعمال البطاقات أو اقتناء العملات الأجنبية للمسافرين إلى 10 آلاف دولار، وتم إلغاء شرط تقديم دليل السفر في بعض الظروف.

وأوضح «أبو الفتوح»، أن هذه الإجراءات تترجم فورًا إلى تقليل في العبء المالي الذي يتحمله العميل أثناء الشراء أو السحب خارج البلاد، متابعًا: «على سبيل التوضيح، عملية بسيطة كدفع 100 دولار في مطار أوروبي كانت تُحتسب على البطاقة بـ105 دولارات، أما الآن فستُحتسب بـ103 دولارات فقط». 

وتابع: «قد يبدو الفرق ضئيلًا، لكنه مع الاستخدام المتكرر يصبح حملًا أخف على الأشخاص، خاصة العائلات التي تسافر أو تسدد التزامات منتظمة بالعملات الأجنبية».

وأشار الخبير المصرفي، إلى أنه من جانب آخر، يبرز التوقيت دلالات هامة، فالتوسع في حدود السحب لا يتم إلا بوجود احتياطي كافٍ من النقد الأجنبي لدى البنوك، وهذا يعبر عن ثقة متزايدة في استقرار السوق عقب أشهر من التقييد الشديد، كذلك، تشكل هذه الخطوة إشارة صريحة إلى أن البنوك تسعى لجذب العملاء نحو التعاملات الرسمية، بدل الاتجاه إلى السوق السوداء للعملة.

وأكد أن الفائدة هنا مزدوجة، حيث ستكون مادية فورية عبر تقليل التكاليف على المسافرين، ومعنوية أعمق تتمثل في تعزيز الثقة بين المواطن والبنوك.

وفرة الدولار

ومن ناحيته، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن قرارات البنك المركزي الأخيرة، جاءت مع ارتفاع الاحتياطي النقدي اقترابه من الـ50 مليار دولار، واستقرار سعر الصرف نتيجة لتراجع الدولار في سوق العملات الأجنبية بقيمة 12%.

وأضاف في  تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الفترة الأخيرة شهد السوق المصرفي وفرة في الدولار وزيادة مصادر العملة الصعبة، حيث ارتفع تحويلات المصريين في الخارج، وعودة جزء كبير من إيرادات قناة السويس، بجانب زيادة حجم الصادرات، مما ساعد البنوك على التسهيلات والحوافز أمام المسافرين للخارج والتجار، وتقليل حجم القيود التي تم فرضها في مارس 2024.

وأشار «الإدريسي»، إلى أن القرار إيجابي، ويساعد في دخول العملة الأجنبية في القنوات الشرعية، بدلًا من اللجوء إلى السوق السوداء، وهو ما يساهم في التخلص من فكرة تخزين الدولار كسلعة أو للاستثمار، حيث أصبح هناك من كان ينتظر ارتفاعًا كبيرًا في الدولار يصل إلى 70 أو 100 جنيه. 

وأوضح أن انتهاء السوق السوداء بشكل نهائي يساهم في استقرار الأسعار بشكل كبير، متابعًا: «مهما كان السوق الموازي يرتفع عن سعر البنوك أحيانًا بـ(جنيه) أو أكثر ما يقارب الـ50 جنيهًا، مما يرفع الأسعار مع اعتماد بعض التجار على الشراء خارج القنوات الشرعية للدولار».

وأكد الخبير الاقتصادي، أن ما يحدث وهو رسالة طمأنة للمستثمرين والأفراد بتحسن الوضع المصرفي في مصر وإعادة الثقة في الجنيه مرة أخرى، متسائلًا: «ولكن السؤال الأهم.. هل التحسن سيستمر أم هو مؤقت وخاصة مع ضغوط والديون وشروط صندوق النقد الدولي والتوترات العالمية؟».