رئيس التحرير
خالد مهران

مجموعات مُدربة وفوضى بناءة.. «البدوي» يكشف أسرار العنف في 28 يناير وتكتيكات مهاجمة الشرطة

السيد البدوي
السيد البدوي

قال الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب "الوفد" الأسبق، إنه مع اقتراب انتخابات 2010، واجه حزب الوفد موجة من الاتهامات في الإعلام بوجود "صفقة" مع الحزب الوطني، تمنح الوفد 23 مقعدًا في البرلمان، وفي ذلك الوقت، توليت رئاسة الحزب، لتبدأ مرحلة جديدة من المواجهة.

 

وكشف "البدوي"، خلال لقائه ببرنامج "المفاوض"، الذي يُقدمه الإعلامي أحمد عز الدين، عبر منصة "هلا بودكاست"، عن كواليس تلك الأيام، قائلًا إن الدكتور رفعت السعيد، الأمين العام لحزب التجمع آنذاك، أبلغه بغضب صفوت الشريف، القيادي بالحزب الوطني، لرفض السيد البدوي الجلوس معه للتفاوض على المقاعد، وكان رد البدوي حاسمًا: "الوفد مقعد مثل 100 مقعد، ما دمنا لم نحصل على الأغلبية"، معقبًا: "بدلًا من اتخاذ قرار الانسحاب بنفسه، دعيت الجمعية العمومية للوفد للتصويت السري على خوض الانتخابات، ورغم موافقة 54% على المشاركة، أعلنت قراري: "سنخوض الانتخابات، لكن لو حدث أي تزوير في أي مرحلة، سأعلن انسحاب الوفد".

 

وتابع: في اليوم الأول للانتخابات، بدأ التزوير "على عينك يا تاجر"، فكان ردي سريعًا وحاسمًا وأعلنت انسحاب الوفد من الانتخابات، وهو القرار الذي كان له صدى واسع، معقبًا: بعد إعلاني الانسحاب، تلقيت اتصالًا من اللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العامة وقتها، والذي حذرني قائلًا: "يا دكتور سيد، خلي بالك، أنت بتحرق البلد وتتحمل المسؤولية"، لكني كنت مقتنعًا بقراري وتحملت المسؤولية كاملة، ولم يكن القرار سهلًا، فبعض قيادات الوفد اعتبرتني تجاوزت صلاحياتي، مما دفعني لدعوة المكتب التنفيذي للاجتماع، ودخلت الاجتماع حاملًا ورقتين: "الورقة الأولى كانت تأييدًا لقرار الانسحاب، والورقة الثانية كانت استقالتي"، ودعم الوفديون قرار رئيسهم، وخرج قرار انسحاب الوفد من الانتخابات مؤيدًا من المكتب التنفيذي.

 

ولفت إلى أن صفوت الشريف وصف انسحاب الوفد بأنه "فجّر ثورة 25 يناير"؛ فبعد انسحاب الوفد، تبعه الإخوان المسلمون، مما ترك الحزب الوطني يواجه نفسه في الساحة، وبعد انتخابات 2010، بدأ الوفد في تشكيل "برلمان موازٍ" داخل مقره، وشارك بقوة في حراك سياسي مُكثف، أدى في النهاية إلى ثورة 25 يناير، موضحًا أن الوفد كان شريكًا أساسيًا في ثورة 25 يناير، حيث اجتمع بشباب الحزب قبلها بيومين وحثهم على النزول؛ مؤكدًا أن الوفد لم يكن يُخطط لإسقاط النظام، بل كانت مطالبه مقتصرة على حل مجلس الشعب ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات جديدة بنظام القائمة النسبية المفتوحة، وكانت هذه المطالب هي جوهر "المعارضة الوطنية السلمية" التي آمن بها الوفد، ولم يكن في حساباته فكرة الإطاحة بالرئيس مبارك.

 

وأكد أن الإخوان المسلمين لم يشاركوا في مظاهرات 25 يناير، بل نزلوا الميدان يوم 28 يناير، بعد قرار الوفد بالانسحاب، كاشفًا عن أن أحداث الفوضى التي شهدها هذا اليوم، والهجوم على أقسام الشرطة، كانت من تدبير "منظمات مُمولة ومُدربة على أحداث الفوضى البناءة" من وجهة نظر المحافظين الجدد، وأنهم كانوا مُدربين على التعامل مع قوات الأمن.

 

 

وسرد البدوي تفاصيل مثيرة عن التكتيكات التي استخدمتها هذه المجموعات، والتي كانت تستهدف قوات الأمن، والتي تمثلت في تعطيل سيارات الشرطة، حيث كانوا يجهزون زجاجات مليئة باللبن والبيض ويرمونها على زجاج سيارات الشرطة، وعندما يحاول السائق استخدام المساحات، تصبح الرؤية معدومة، مما يسبب الحوادث والفوضى، فضلًا عن مقاومة الغاز المسيل للدموع، وكانت لديهم طرق للتغلب على تأثير القنابل المسيلة للدموع، مثل استخدام مناديل مبللة بمادة البيبسي ووضعها على وجوههم.

 

ونوه بأن هذه الأساليب لم تكن عفوية، بل كانت جزءًا من تدريب مُنظم على التعامل مع قوات الأمن وإحداث الفوضى، وفي مساء يوم 28 يناير، بدأت الهجمات على أقسام الشرطة ومديريات الأمن، وهي الهجمات التي يرى البدوي أنها كانت من تنفيذ خلايا مُدربة، وليست من عمل المتظاهرين العاديين، كاشفًا عن تفاصيل مُثيرة من الأيام الأولى لثورة 25 يناير 2011، حيث يروي كيف اتخذ قرارًا بإقامة مؤتمر صحفي رغم التحذيرات الأمنية، وبعد انتهاء يوم 25 يناير، شعر بأن الثورة قد "انفضت"، وأن المطالب لم يتم إيصالها، فقرر عقد مؤتمر صحفي، ليتفاجأ بحضور أكثر من 42 قناة فضائية أجنبية وعربية، موضحًا أن هذا الحضور الكبير جعله يُدرك أن العالم كان يرى في الأحداث ما هو أبعد من مجرد مظاهرات محلية، فقد كانت هناك مؤشرات على أن "هناك إسقاطًا للنظام".

 

واستطرد: قبل المؤتمر، تلقيت اتصالًا من صديق لي، كان رئيسًا لجهاز الأمن الوطني، والذي أبلغني بأن الرئيس طلب منه الاتصال به، قال له صديقه: "يا دكتور سيد، أنا مش هقدر أحميك أكتر من كده"، موضحًا أن هذا التحذير جاء بعد أن علم بوجود أجهزة مخابرات من 18 دولة في ميدان التحرير، وهي معلومة عرفها بعد 28 يناير، مشيرًا إلى أن هذا الوجود الأجنبي يدل على أن ما حدث لم يكن مجرد يوم عابر.

 

ولفت إلى أنه كان يُدرك خطورة قراره، لكنه كان مصممًا على إيصال صوت الوفد، وقبل المؤتمر، أبلغ قيادات الحزب بما حدث، قائلًا لهم إنه سيتحمل المسؤولية عن أي شيء قد يحدث لشخصه، لكن عليهم أن يتحملوا معه مسؤولية ما قد يحدث للحزب، مثل تجميده أو حله، مختتمًا بالتأكيد على أن قرار عقد المؤتمر كان حاسمًا، وأن الوفد كان يعتبر نفسه قوة مدنية عليها واجب الحفاظ على البلاد.