النقض تؤيد.. الإعدام لقاتل الفتاة الأسترالية في حلوان: جريمة حب انتهت بجثة محترقة

أيّدت محكمة النقض الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة – دائرة حلوان، بإجماع الآراء، والقاضي بإعدام المتهم المصري الأسترالي ريمون.ر.ح شنقًا حتى الموت، بعد إدانته بقتل المجني عليها نيكول عادل كرم، الفتاة الأسترالية من أصول مصرية، داخل شقة سكنية بحلوان، ثم إشعال النيران عمدًا في مسرح الجريمة لإخفاء آثار فعلته.
وكانت محكمة الجنايات برئاسة المستشار محمد عطية، وعضوية المستشارين عصام اليماني وطارق درة، وسكرتارية عمر عاشور ومحمد فاروق، قد أصدرت حكمها بالإعدام بعد إحالة أوراق المتهم إلى فضيلة المفتي، الذي أبدى الرأي الشرعي المؤيد لتنفيذ القصاص، لتطوي بذلك العدالة صفحة جريمة بشعة دارت فصولها بين القاهرة وسيدني ودبي، وراحت ضحيتها شابة بريئة باسم الحب والاستغلال العاطفي.
كما تقدم المحاميان وائل حسين زكريا وأحمد الشتيحي بدعوى تعويض مدني لصالح مالكي الشقة بمبلغ مليون جنيه، فيما طالب المحامي رامي عوض بتعويض قدره خمسة ملايين جنيه عن أسرة المجني عليها.
جريمة في شقة محترقة
تعود أحداث الجريمة إلى نوفمبر الماضي، حين تلقت أجهزة الأمن بلاغًا بالعثور على جثة فتاة داخل شقة محترقة في مدينة حلوان، تبين لاحقًا أن الجثة تعود للفتاة نيكول عادل كرم، أسترالية الجنسية ومصرية الأصل، وعُثر عليها متفحمة وسط أثاث الشقة المحترق.
التحقيقات الأولية أكدت أن الشقة مملوكة لصديق خال المتهم، وأن الحريق كان متعمدًا، مما أثار الشكوك حول جريمة قتل مقترنة بإخفاء الجريمة عن طريق إشعال النيران.
علاقة حب قديمة.. ونهاية مأساوية
المتهم ريمون.ر.ح، محاسب يبلغ من العمر 35 عامًا، يحمل الجنسيتين المصرية والأسترالية، وهاجر إلى سيدني مع أسرته وهو طفل في الثانية من عمره، وتعرّف على المجني عليها خلال دراسته الجامعية، وأُعجب بها لكنه لم يجرؤ على مصارحتها بحبه، حسب أقواله أمام النيابة.
تزوج لاحقًا من امرأة أخرى عام 2013، ثم انفصل عنها في 2017. وبعد سنوات من الانقطاع، تواصل مع نيكول مجددًا تحت ذريعة شراكة في مشروع عمل، ليعيد إحياء العلاقة العاطفية بينهما، حسب اعترافاته، كان يمنحها 1500 دولار أسبوعيًا، واتفقا على الزواج خلال عام.
العودة إلى مصر.. وترتيبات الزواج
عاد المتهم والمجني عليها إلى مصر لقضاء شهر كامل بين الفنادق والمعالم السياحية، واستعدادًا للزواج، حصل المتهم على شهادة "عدم وجود موانع زواج" من كنيسته في أستراليا، وتوجه لكنيسة بحلوان لترجمة الشهادة واعتمادها رسميًا في مصر، وكانت الأمور تسير كما يبدو نحو الارتباط، إلى أن وقعت المأساة.
60 ألف دولار تشعل فتيل الجريمة
في يوم الواقعة، دعا ريمون المجني عليها إلى الشقة محل الجريمة، وهناك طلبت منه سداد ديون مستحقة عليها للبنوك الأسترالية، بلغت 60 ألف دولار. أخبرها بأنه سبق أن منحها 10 آلاف دولار، وأنه غير ملزم بتغطية ديونها بالكامل.
نشب خلاف بينهما، وتطورت الأمور إلى مشادة كلامية، قالت له فيها – حسب أقواله – "إنها كتير عليه"، ثم دفعته وضربته بيديها، فشعر بالإهانة والغضب، واعتبر أنها تستغله ماديًا ولا تحبه.
الشاكوش.. والدم والنار
وفقًا لاعترافاته، لم يتمالك أعصابه، فسحب شاكوشًا كبيرًا من أعلى الثلاجة، وانهال به على رأسها، بعد الضربة الأولى، توجه إلى الحمام لغسل الدماء من يديه، لكنها – على حد قوله – تبعته، فأسقطها أرضًا وتركها تتألم، دون أن يهرع لنجدتها.
ثم قرر إشعال النيران في المكان لإخفاء الجريمة، واستخدم زجاجة بنزين، وأشعل النار في محتويات الشقة بالكامل، وغادر المكان بسرعة، متجهًا إلى مطار القاهرة، ومنها إلى دبي، ظنًا أنه أفلت من العقاب.
مطاردة دولية.. وسقوط بالإنتربول
فور اكتشاف الجريمة، بدأت النيابة في جمع الأدلة، وطلبت تحريات المباحث وتقارير الأدلة الجنائية، وتبين أن الحريق تم بفعل فاعل، وتتبعت الأجهزة الأمنية تحركات المتهم، وصدرت مذكرة ضبط وإحضار دولية بحقه عبر الإنتربول.
تمت ملاحقته في الإمارات، وبتنسيق أمني مشترك، أُلقي القبض عليه هناك، وتم ترحيله إلى القاهرة وسط حراسة مشددة، ليواجه التحقيق والمحاكمة في مصر.
اعترافات تفصيلية أمام النيابة
أمام وكيل النائب العام بحلوان المستشار سامر أبو العزم، انهار المتهم وأدلى باعترافات تفصيلية عن علاقته بالمجني عليها، وظروف الجريمة، ودوافعه التي وصفها بأنها "عاطفية وغاضبة".
أقر بأنه قتلها عمدًا بعد مشادة كلامية، وأنه أشعل النار في الجثة لإخفاء الجريمة، مؤكدًا أن ندمه جاء "متأخرًا"، حسب ما ورد في أقواله.
خبراء القانون: القتل العمد مع سبق الإصرار
يرى خبراء القانون أن الحكم بالإعدام جاء متوافقًا مع النصوص الجنائية المصرية، التي تُغلّظ العقوبة في حالات القتل العمد المقترن بإحراق أو محاولة طمس الأدلة.
المحامي محمد المحلاوي أوضح أن المتهم استدرج المجني عليها إلى مكان غير مأهول، ثم قتلها عمدًا، وأضرم النيران لإخفاء الجريمة، وهو ما يثبت توافر نية القتل مع سبق الإصرار، ويؤسس لعقوبة الإعدام قانونًا.
العدالة تنطق.. والمجتمع يتساءل
قضت المحكمة، وصدّقت النقض على الحكم، لكن تبقى الجريمة علامة استفهام دامية في ملف العلاقات العابرة للحدود، حيث تداخلت فيها مشاعر الحب، والمال، والخداع، وانتهت بجثة محترقة ورسالة قاسية: أن الاستغلال العاطفي قد يودي بصاحبه إلى القبر، أو إلى المشنقة.