حرب «بارونات الإعلام» تنهى شهر العسل بين حزبى مستقبل وطن والجبهة الوطنية

على الرغم من اقتراب موسم الانتخابات التشريعية في البلاد والمقرر انعقادها لمجلسي الشيوخ والنواب قبل نهاية العام الجاري، إلا أن القوانين المنظمة لتلك العملية لم تطرح حتى الآن.
ورغم هدوء الموقف داخل أروقة البرلمان والحكومة فيما يخص الاستعدادات للانتخابات النيابية، إلا أن المعركة الانتخابية انطلقت بالفعل بعدما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حربا كلامية بين الإعلامية قصواء الخلالي، والكاتب الصحفي عماد الدين حسين، عضو مجلس الشيوخ، وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني، في مشهد اعتبره البعض مجرد بداية لسجال طويل متوقع قد يصل إلى حد الصدام بين قيادات وكوادر حزب مستقبل وطن والحزب الوليد «الجبهة الوطنية».
بدأت المعركة بنشر الكاتب الصحفي عماد الدين حسين مقال رأي بعنوان «أيها الأحزاب: هل سمعتم بالانتخابات؟!»، موجها انتقادات حادة لكافة الأحزاب السياسية، موضحا أن الأحزاب تكتفي بنشاط اجتماعي إنساني في تنظيم حفلات الإفطار والسحور خلال شهر رمضان، دون اتصال جماهيري واضح.
وأوضح أن انتخابات لمجلس الشيوخ يفترض أن تبدأ قبل الأول من أغسطس المقبل، وانتخابات مجلس النواب يفترض أن تبدأ قبل الأول من أكتوبر المقبل، متابعًا: «وبالتالى فالمفترض أيضًا أن تكون الماكينة الانتخابية لكل الأحزاب والقوى السياسية قد دارت أو على الأقل بدأت فى الدوران».
وأضاف: «ومن خلال متابعة معقولة للنشاط الحزبى فى مصر، فلم نسمع متى الجعجعة، ولم نرَ بالطبع طحنًا باستثناء نشاط ملحوظ فى حزب «الجبهة الوطنية» الوليد، وبعض النشاط فى حزب مستقبل وطن، المنطقى والطبيعى أن تكن الأحزاب أشبه بخلية النحل هذه الأيام استعدادًا للانتخابات، لكن ما نراه لا يشير من قريب أو بعيد داخل غالبية الأحزاب بأنها مهتمة ومكترثة بالانتخابات».
وأشار إلى أن النشاط الوحيد الأساسى الذى رصده للأحزاب فى الفترة الأخيرة هو حفلات الإفطار والسحور الرمضانية، معقبا: «هو نشاط اجتماعي وإنساني مهم، لكن من الخطأ الكبير أن يصبح هو النشاط الجماهيري الوحيد للأحزاب».
وقال «حسين»: «فى الأسابيع الأخيرة قابلت العديد من قادة الأحزاب ولم ألحظ أي اهتمام جدي يتعلق بالانتخابات، ربما المرة الوحيدة التى سمعت فيها حديثًا عن الانتخابات كانت حيرة بعض النواب الحاليين فى اختيار الحزب الذى سوف يخوضون الانتخابات عبره، وهل يتركون هذا الحزب لينضموا إلى حزب آخر أم يستمروا».
وأضاف: «أخشى أن تكون غالبية الأحزاب في انتظار حصولها على جزء من كعكة القوائم التى تضم خليطًا من قوى سياسية مختلفة، كما حدث فى آخر دورة، وبالتالى فهى تعتقد أنه لا داعى لبذل أي جهد انتخابي».
واستكمل: «لا أعرف ما الذى حدث، وما التربيطات والاتفاقات، لكن أمام الأحزاب التى يزيد عددها على 84 حزبًا فرصة حقيقية استغلالًا للانتخابات والتواصل مع الجماهير وتكوين قواعد جماهيرية حقيقية، جيد أن تقدم الأحزاب خدمات اجتماعية واقتصادية للمواطنين، لكن عليها تذكر أن دورها الجوهرى والأساسى وربما الوحيد هو صياغة برامج وإقناع الناخبين بها والتنافس والفوز والوصول للحكم وتشكيل حكومات تنفذ هذا البرنامج».
وتابع: «هذا عن دور الأحزاب، أما عن دور الحكومة فعليها أن تؤمن أن من مصلحتها الشخصية ومصلحة الدولة والمجتمع أن تكون هناك أحزاب حقيقية جادة تجذب الناس، وتجعل النقاش داخل الأحزاب والبرلمان، وليس تحت الأرض، حتى تقطع الطريق على الأحزاب المتطرفة غير المؤمنة بالقانون والدستور والدولة المدنية».

ووصفت قصواء الخلالي حديث عماد الدين حسين بـ«الهزل»، معتبرة ما سطره سقطة إعلامية تثير الاستغراب من صحفي مخضرم -على حد قولها-.
وكشفت «الخلالي» عن مفارقات عديدة في مقال «حسين»، مؤكدة أنه سقط في فخ التناقض حين وصف الأحزاب المصرية البالغ عددها 84 حزبًا بأنها في حالة بيات شتوي يشبه الحيوانات، بينما استثنى حزبه «الجبهة الوطنية» من هذا الوصف رغم اعترافه بأنه حزب وليد.
وأكدت قصواء الخلالي، أن عماد الدين حسين سخر مطمئنا من حزب الموالاة الأكبر «مستقبل وطن» بالاسم، معقبة: ولم يكتفي بذلك بل شبّه جميع الأحزاب بالحيوانات التي تدخل في البيات الشتوي والصيفي والخريفي والربيعي».
وأضافت: «الأغرب أن الكاتب نفسه أقر بعدم وضوح المشهد الانتخابي، ثم طالب الأحزاب بالنزول للشارع وكأنهم يمتلكون عصا سحرية».
وأشارت «الخلالي» إلى أن «حسين» انتقد الأحزاب لعدم استعدادها للانتخابات رغم اعترافه بأن التفاصيل الانتخابية غير واضحة بعد، قائلة: «كيف تحاسب الأحزاب على عدم الاستعداد لمعركة لا يعرف أحد تفاصيلها».
واستكملت: «بالطبع هذه الأحزاب ليست مستعدّة حاليًا بشكل كامل بقوائمها الدقيقة يا عماد بيه، وذلك لأنّها لا تعرف عدد المقاعد المسموحة لها، ولا نوع الأسماء المقبول دخولها كي لا تخسر، ولا تسعيرة الإنفاق والمردود، والمشهد لديها ضبابي تمامًا، فمن أين أتى الأستاذ عماد بهذه المثالية السياسية ليعاير بها الجميع موالاة ومعارضة، وحزبه حتى لن يؤيد ولن يعارض».
واستطردت: «يطالب 84 حزبًا بالنزول للشارع دون أن يشرح كيف يمكن ذلك في ظل الظروف الاقتصادية الحالية وغياب المناخ السياسي المحفز».
وأضافت: «إذًا هو يقول إنّه لا يوجد مُناخ سياسي، ولا بنية مُحفّزة، ولا تشريعات، ولا مُنافسة جادّة، ولا صورة ظاهرة، ولا عدد مقاعد محسوم، ولا مسار رسمي أو تنظيمي واضح، وعايز 84 حزب بمرشّحيهم يكونوا في الشارع فجأة لوحدهم ويلوم عليهم تقصيرهم».
ولفتت «الخلالي» إلى أن المقال جاء في توقيت غريب، حيث يعلم الجميع أن المشهد الانتخابي ما زال ضبابيًا، معتبرة أن هذا الطرح المفاجئ يثير تساؤلات عن دوافعه الحقيقية.
واستنكرت لهجته الاستعلائية قائلة: «النائب عماد الذي تحدّث من علياء عجيب، كأنّه أوتي الحياة السياسية المصرية وما فيها، وورث الحياة الحزبية وما عليها، رافعًا نفسه فوق كلّ السياسيين، وواضعًا حزب الجبهة الوطنية، فوق كلّ أحزاب مصر، رغم وصفه له بالحزب الوليد».
وتابعت: «وربّما بعض الذكاء السياسي، واحترام تجارب الأخرين، وعدم استعداء الجميع ولو كانوا ضعفاء سينفع صاحبه، فالمعارك السياسية لا تُصنع بهذه العشوائية، والاستهتار والغرور في السياسة دَخلَة غشيمة».
واختتمت قصواء الخلالي حديثها، قائلة: «لقد خطب فينا الأستاذ عماد بمقال لا حقيقة فيه؛ غير أنّه أراد أن ينحاز لحزبه بقوّة، ويثبت ولاءً شديدًا، ويؤكد أن أنهم أعظم من كلّ أحزاب مصر، فجعل من الأحزاب قربانًا؛ بأنهم الأحزاب المُقصّرة المتخاذلة الوحشة».

ورغم ما أحدثه هذا المشهد من جدل واسع بين أوساط السياسيين وما ينذر به من اشتعال حرب كلامية بين بارونات الإعلام لا سيما قيادات وكوادر حزبي مستقبل وطن والجبهة الوطنية خلال الفترة القادمة، إلا أن قيادات الحزب لا تزال تحرص على إظهار التنسيق الكامل فيما بينهما فيما يخص الانتخابات والعمل الحزبي.
وقال النائب أحمد عبد الجواد، نائب رئيس حزب مستقبل وطن والأمين العام للحزب، خلال حفل إفطار الحزب السنوي، إن مستقبل وطن لا يستأثر بالعمل السياسي في مصر ويؤمن بالعمل الجماعي.
وأكد «عبد الجواد» أنه يرحب بحزب الجبهة الوطنية في الحياة الحزبية المصرية، متمنيا له التوفيق والنجاح في عمله السياسي خلال الفترة المقبلة، مشددا على رغبة «مستقبل وطن» في فتح قنوات التواصل مع الجميع.

وعلمت «النبأ» من مصادر مطلعة، أن الظهور الأول لحزب الجبهة الوطنية لم يروق لقيادات «مستقبل وطن»، لاستقطابهم عدد كبير من قياداتهم وكوادرهم وعلى رأسهم نائب رئيس الحزب محمد أبو العينين، وتعيينه عضوا بالمجلس التأسيسي للحزب بل وتعيينه نائبا للدكتور عاصم الجزار، رئيس الحزب.
وأضافت المصادر، أن الظهور الأول لقيادات حزب الجبهة الوطنية إعلاميا شهد بعض التلميحات من الدكتور عاصم الجزار، رئيس الحزب، والدكتور ضياء رشوان، نائب رئيس الحزب، اعتبرها البعض مقصودة للإساءة لـ«معسكر مستقبل وطن».
وقتها، قال الدكتور ضياء رشوان، إن مصر ليس بها حزب حاكم حتى يكون هناك أحزاب موالاة ومعارضة، مشيرًا إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب الهابطين من السماء».
بينما أكد عاصم الجزار، أن حزب الجبهة الوطنية يريد إعادة الاعتبار لكلمة سياسة، متابعا: «لا يمكننا القول إن مصر لا توجد سياسة بها، بل توجد حياة سياسية بالفعل لكن بمفهوم نرى أنه بحاجة لإعادة نظر ليكون هناك مزيد من المصداقية».