رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الدكتور محمد حمزة يكتب: لماذا لم تسجل مقابر المشاهير في عداد الآثار الإسلامية

النبأ

عندما صدر القرار الجمهوري عام1970م بإنشاء كلية الآثار جامعة القاهرة كان الغرض منه هو إحتياج هيئة الآثار المصرية( مسمى المجلس   في ذلك الوقت) لإعداد الكوادر الوطنية المؤهلة للعمل في الهيئة والتعاون مع الجامعة في كل مايخص العمل الأثري حتى أن فرار تشكيل مجلس الإدارة قد تضمن إن يكون من بين أعضائه عميد كلية الاثار جامعة القاهرة بصفته وكنت انا اخر عميد  في هذا الشأن (2011_2017م) عندما  صدر قرار جديد يخلو من  هذا الأمر؛؛ والمهم   أن جميع منسوبي   المجلس الأعلى للآثار وقياداته من خريجي كلية الآثار  جامعة القاهرة في  المقام الأول ثم  من أقسام الآثار بكليات الآداب وكليات الآثار بالجامعات المصرية الأخرى.

  والمعروف ان أعضاء هيذة التدريس بكليات الآثار   يقومون بدورهم الوطني وواجبهم الوظيفي في تخريج الموارد البشرية والكوادر الوطنية  المدربةو المؤهلة من خلال ثلاثة محاور اساسية1_إنتاج المعرفة2_إكساب المعرفة3_إستثمار المعرفة؛؛  غير إن مايعنينا في هذا المقام هو المحور الثاني  وهو إكساب المعرفة وهذا المحور يكون في خطين  رئيسين الأول على مستوى الليسانس أو البكالوريوس وهو تزويد الطالب بالمعرفة والعلم اللازمين في مجال علوم الآثار كل في تخصصه نظريا وعمليا في مواقع الحفائر والمتاحف  والمهارات المرتبطة بهذا المجال حتى يكون مؤهلا للعمل في الوزارة على إعتبار إنه ا سوق العمل الرئيس لخريجي الاثار؛ اما  المحور الثاني فهو على مستوى الدراسات العليا لكل من لدية الرغبة والقدرة والكفاءة لإستكمال دراساته العليا للحصول على الماجستير والدكتوراه؛ وبالنسبة لموضوع هذا المقال لدينا عدد ضخم  من الرسائل العلمية  في مجالات وافرع الآثار الإسلامية المختلفة في مصر وخارجها يعنينا منها مايتعلق بدراسة أثار القرافة وتراثها المعماري والفني ودور النخبةو الصفوة والايليت في اثراء الحيا ة المصرية خلال القرن 19م والنصف الأول من القرن20م اي خلال عصر اسرة محمد علي 1805_1953م وفي هذا العام الاخير تم الغاء النظام الملكي واعلان قيام النظام الجمهوري المستمر حتى الآن والحمد لله.؛ ومرفق بيان بهذه الرسائل منذ عام1989م وحتى عام 2023م وغالبيتها رسائل  نوقشت واجيزت؛ والقليل يناقش خلال عامنا هذا إن شاء الله.

والمهم أن هذه الرسائل قامت بدراسة وتسجيل وتوثيق كل مقابر القرافة وعمائرها الجنائزية الأثرية منها والتراثية ذات الطراز المعماري والفني والطابع المتميز ؛هذا التسجيل وذلك التوثيق تاريخي وحضاري ووثائقي ومعماري وفني ومن ثم خرجت بنتائج مهمة جديدة ابرزت إستمرارية الطراز المصري الإسلامي خلال تلك الفترة مع إحياء الطراز الفرعوني في بعض المقابر في قرافة المجاورين والغفير والسيدة نفيسة وغيرها وكذلك ابرزت التأثيرات الاوروبية التي تركت بصماتهاعلي العمائر في تلك الفترة عامة والجنائزية منها خاصة  ؛ كما ابرزت كذلك مدى تطور ورقي صناعة الرخام والحجر والخشب والخط من خلال  التراكيب وماتز دان به من روأئع وإبداعات فنية قل إن يجود الزمان بمثلها بحيث تشكل ثروة فنية وزخرفية وخطية لكبار واعلام الخطاطين المصريين والإيرانيين والاتراك وهو مالا مثيل له في صعيد واحد  ومن ثم تحتاج أن يفرد لها متحف مستقل؛ هذا عن النتائج اما اهم ماتتميز به تلك الرسائل فهي التوصيات التي خرجت بها وإنتهت إليها بضرورة تسجيل تلك المقابر في عداد الآثار الاسلامية لما يتوفر فيها  وتتسم به من  قيمة تاريخية ودينيةو علمية وفنية وادبية طبقا للمادة 2من قانون الآثار رقم117لسنة1983م وتعديلاته؛ فلماذا لم يستفد إذن المجلس الأعلى من تلك الرسائل وتوصياتها في تسجيل تلك المقابر لا سيما وان الدراسة موجودة وكاملة ومحفوظة بالمكتبة  وإلا ما هي الجدوى من وجود كليات  الآثار إذن ودورها في خدمة المجتمع  والتعاون مع الوزارة في كل مايخص العمل الاثري ؛ ومساهمة مني في  حل هذا الموضوع  عرضت على مجلس الإدارة عندما كنت عضوا فيه بصفتي عميدا للكلية (2011_2017م) تشكيل لجنة لتسجيل المقابر بقرافة القاهرة  وكنت رئيسا لها عام 2015م  وعضوية بعض الزملاء والأساتذة ومنهم على سبيل المثال د محمد عبد اللطيف العميد الحالي لكلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة وكان يشغل وقتها رئيس القطاع فضلا عن تلميذتي امال العربي مفتشة الآثار المسجلة لدرجة الماجستير تحت اشرافي  عن مقابر الإمام الشافعي في تلك الفترة واجيزت الرسالة عام 2019م؛ الا إنه للأسف لم تفعل تلك اللجنة.

كما آقترحت تشكيل لجنة أخرى لجرد كل مايتعلق بالجبانات بمخازن وزارة الاوقاف اوموجودة في العمائر نفسها وتتبع الاوقاف وكان معي في هذه اللجنة وكيل وزارة الاوقاف وعضو مجلس الإدارة وبالفعل تم اتخاذ اللازم  بخصوص ماهو في قبة شويكار هانم بالغفير والسادات الوفائية بقرافة على ابو الوفا بجوار ابن عطالله السكندري وهي اخر شقة من شقق القرافة؛ الا ان كل شئ توقف ولا ندري لماذا؛؛

وعلى ضوء ذلك فإن عدم  تسجيل غالبية تلك المقابر  في عداد الاثار؛ رغم ان القليل منها ويرجع إلى نفس الفترة مسجل؛ يعد تقصيرا وخللا اداريا  جسيما يستوجب المساءلة القانونية لان رجال الآثار في المجلس الأعلى والوزارة هم   أكثر واولي من يحرص  على تسجيل أثار هذا الوطن الحبيب وتراثه المتنوع الفريد والحفاظ عليه خشية إن  يتعرض للإهمال والسرقة والضياع  والهدم وهذا هو مايحدث الان ومن ثم يكون تبريرهم لما يحدث من خلال ردهم الجاهز والمحفوظ من ايام  مشروع صحراء المماليك والغفير  وشارع قانصوه وكوبر ي الفردوس (جيهان السادات حاليا) إنها ليست أثار وغير مسجلة أثار وهم لايشعرون بردهم هذا انهم يدينون أنفسهم لأنهم تقاعسوا عن تأدية دورهم الوطني وواجبهم الوظيفي في تسجيل كل مايمت إلى تراث مصر وهويته الثقافية بمختلف تنوعاتها ومراحلها  التاريخية الكبري  وفقا للدستور والقانون؛ كما انهم لم بتعاونوا وينسقو ا مع الجامعة في هذا الشأن لا سيما وان حملة هذه الرسائل  هم من أبناء المجلس الأعلى وقطاع الآثار الإسلامية ويعملون مفتشين أثار وفي مراكز التسجيل والبحث العلمي  من جهة ومع وزارة الاوقاف وإدارة الجبانات بمحافظة القاهرة من جهة ثانية؛ وفي ظل هذا التقاعس وذلك الخلل الاداري الذي أوصلنا لمانحن فيه الآن يجب علي القيادات بالمجلس والقطاع ان تترك أماكنها بمحض اختيارها لمن هم اقدر على تحمل الأمانة والمسؤولية الوطنية والعملية؛ ويجب الان وعلى الفور تشكيل لجان علمية من العلماء والباحثين المتخصصين في دراسة القرافة وعلى رأسهم خملة الماجستير والدكتوراه المشار اليهم في البيان المرفق لحصر كل المقابر التي لم تتم دراستها بعد وجرد محتوياتها لتسجيلها وتوثيقها هندسياو معماريا وفنيًا ووثائقيا   وفوتوغرافيا حتى لايتعرض السرقة والاتجار فيه ونفاجئ بوجوده في المزادات العالمية أو المتاحف العالمية الإقليمية ونندم يوم لاينفع الندم؛ وبعد ذلك يتم تسجيلها آذا ما توفرت معايير التسجيل طبقا للمادة2؛ وعلى الوزارة أيضا تسجيل كل المقابر التي وثقت   في رسائل علمية ماجستير أو دكتوراة  واوصت بضرورة تسجيلها في عداد الآثار لتوافر شر وط التسجيل بها طبقا للمادة2ايضا؛ مع نشر َوطبع مالم يطبع  وينشر من تلك الرسائل في مطابع الوزارة حتى يعم النفع ويزداد الوعي بقيمة هذه المقابر وذلك التراث النادر والمتنوع هذامن جهة ومن جهة ثانية يتم تشكيل لجنة عليا من العلماء والباحثين الخبراء في الاثار  والتاريخ والتراث والعمارة  و الفنون والبيئة  والتخطيط العمراني والحفاظ العمراني والتنمية السياحية لوضع الحلول وإيجاد البدائل غير التقليدية للخروج من هذا اامأذق بالمواءمة بين التحديث والعصرنة والمعاصرة والتطوير وبين الحفاظ على الأصالة  والطابع المتميز والنسيج المعماري والحضري   والبيئي والبصري  وهذاهو عين ما يدعوا إليه دائما وابدا الرئيس السيسي في كل مناسبة وهو ماتحدثناعنه من قبل؛ ولو تحقق ذلك فإن هذه المنطقة بعد تطويرها وتنميتها سوف تشكل مع متحف الحضارة ومجري العيون ومجمع الاديان وبحيرة عين الصيرة والقلعة والسلطان حسن والرفاعي ومسار ال البيت محور جذب سياحي  جديد ونادر قل إن يجتمع في صعيد واحد وهو ما سوف يساعد في زيادة عدد التدفقات السياحية والليالي السياحية  ومن ثم زيادة الناتج القومى من العملة الصعبة.

حفظ الله مصر أرضا وشعبا وهوية وقيادة وجيشا وشرطة وعلماء وتاريخا وأثارا وحضارة وثقافة وتراثا إلى ان يشاء الله وحتى يرث الأرض ومن عليها اللهم أمين يارب العالمين.

بقلم:

الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا