رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الدكتور محمد حمزة يكتب: أسطورة القرن الـ21.. البتراء مهد الإسلام (الجزء الثاني)

النبأ

  نستكمل في هذا الجزء الثاني مناقشة  أسطورة القرن 21م بالحديث عن  مفردات وعناصر تلك الأسطورة؛ 

 ومنها ان البتراء مذكورة في القران الكريم نفسه تحت إسم ام القرى تارة وإسم الرقيم تارة أخرى بل إن القرأن يضم من بين سوره ال114سورة كاملة بإسمها وهي سورة الحجر وكل مافي هذه السورة ينطبق ويتطابق مع

البتراء؛ ولايقف الأمر عند هذا الحد فإن سيدنا هود وسيدنا صالح عليهم وعلى أنبياء الله ورسله وعلى نبينا   الصلاة والسلام؛ كانوا أنبياء على الاقوام اللي كانوا عايشين فيها.  ومن الأسماء الأخرى للبتراء  سعير وسيلاه وسلع

والعربية الصخرية ومكة وأم المستعمرات أو  المستوطنات وهذه التسمية الأخيرة تعادل مصطلح ام القرى الوا رد ذكره في القران الكريم ؛ كما وصفت ب النبيلةو المباركة والمقدسة؛ وبالتالي فإن مكة الأصلية هي البتراء.  وفيها ولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وعليه نزلت الرسالة  بها والغار لا يزال موجودا فيها واليها كانت تتوجه  قبلة المساجد الاولي المبكرة كما أشرنا في الجزء الأول؛. ومنها  هاجرإلى القدس  بمساعدة اليهود؛؛ وفيها بيت  الله الحرام قبل أن ينقل إلى مكة الحجاز عام78هجرية  وبها زمزم والحجر الأسود قبل  أن ينقله عبد الله  بن الزبير من البتراء إلى مكة الحجاز  ثم بني  الكعبة؛ وفي عام78هجرية بني عبد الملك بن مروان المسجد الحرام لأول مرة في مكة الحجاز بدلا من البتراء ومنذ هذا التاريخ إستقر الأمر على هذا المكان وصار تاريخ الإسلام منذ ذلك الوقت فصاعدا مرتبط بمكة الحجاز. وعلى ذلك  صارت لدينافيما بين 65هجرية و128هجرية؛ طبقا لهذه الأسطورة مكتان؛ مكة البتراء ومكة الحجاز؛ ومنذ عام 128هجرية حيث حدث الزلزال المدمر للبتراء ومكتها صارت لدينا مكة واحدة هي مكة الحجاز؛ وعندما قامت الدولة العباسية 132هجرية /750م تم تزوير التاريخ المبكر للاسلام من خلال نسبة كل الأحداث والوقائع للحجاز في مكة ألمكرمة ثم المدينة المنورة. وهذه الأسطورة صاغها  العديد من المستشرقين الجدد وعلى رأسهم باتريشيا كرون ومايكل كوك ودان جبسون  و  كارل هاينز اوليج وجبرائيل صوما وكريستوف

لوكسنبرج ومن وأتباعهم وانصارهم محمد المسيح وحامدعبد الصمد ومالك مسلماني وروج لها في برنامجه ابراهيم عيسى. وهذا المبنى المتخرب الباقي في البتراء والذي قمنا بتوثيقه ونشره؛ يذكر دا ن جبسون إنه هو الكعبة

الأصلية التي ضربها الحجاج بن يوسف الثقفي بالمنجنيق  وتم إكتشاف بعض المنجنيقات بجوار هذا المبني فهل هو من بقايا ما تم ضرب الكعبةالاصليةبه؛؛؛  وإذا كان الحجاج ضرب كعبة البتراء فهل ضرب أيضا كعبة مكة الني انشأها ابن الزبير لأول مرة بها بعد أن إنتقل إلى مكة ؛؛ وإدا كان هذا المبنى هو الكعبة الأصلية فاين المسجد الحرام اللي المفروض إن الكعبة تتوسطه؛؛؛ فهل يعقل إن الكعبة اللي ضر بت بالمنجنيق  تبقى؛؛ والمسجد الحرام لم يتبق منه شئ؛؛؛   وقد سبق لناالقول ان هذه  الاسطورة  مثلها مثل غيرها من الاراء والفرضيات والنظريات  يسيطر عليهاالجنوح إلى الخيال والخروج عن المألوف وعن الموضوعية ويغلب عليها القصور العقلي والخبل العلمي والجهل المطبق  والتطرف الفكري والشطط؛ حيث أنها لاتمت للمنهج العلمي السليم وقواعده وضوابطه بصلة من قريب أو من بعيد؛ ومن ثم فهي تضرب بعضها بعضا فكيف  تتسق مع القول الاستشراقي الاخر بأن محمدا صلي الله عليه  وسلم  قد ولد بالعراق في قول وفي الشام بمدينة أخرى في قول اخر؛؛؛و. من جهة ثانية فالبتراء  سقطت في يد الرو.مان عام106م وإنضوت تحت لواء الولاية العربية الجديدة التي تأسست عام105 م ومركزها بصري   فهل يعقل إن محمدا ودينه الجديد يظهر في البتراء ولايخبرنا الرومان عن ذلك الحدث الخطير ولو بنتف وشذزات تاريخية عنه ونفس الشئ ينطبق عن إمارة الغساسنة في الشام والمناذرة في الحيرة بالعراق؛؛؛ والتفسير المنطقي والمعقول في هذه الحالة أن يظهر الدين الجديد في موضع بعيد عن أنظار القوتين المتصارعتين وهما الفرس والروم وحلفا ئهم  العرب في شمال الجزيرة وهما المناذرة    والغساسنة؛ حتى يظهر الله دينه  ويمكن له فكانت مكة هي انسب موضع لذلك ولدينا أدلة  أثرية وتاريخية لايعلم عنها المستشر قون وأتباعهم شيئا تؤكد ذلك؛ ومن جهة أخرى لو نشأ الإسلام بالشام أو العراق لوحدنا أدلة تاريخية كثيرة من قبل الفرس والروم وأتباعهم من العرب والسريان وهو مالم يحدث؛؛؛ ولو كان الإسلام شمالي لما سمعنا شيئا عن جزير ة العرب لان  التجربة التاريخية تثبت إن الهجرات ومن ثم   الفتوحات والتوسع تبدأ دائما من الجنوب ثم تنطلق إلى الشمال ثم تتفرع إلى بقية الجهات؛ وهناك دليل تاريخي قبل ظهور الإسلام  مباشرة بل يقال عندبعثته صلى الله عليه وسلم وهو اول تجربة حربية موحدة للقبائل العربية ضد الفرس  وإنتصارهم عليهم في معركة ذي قار في شمال الجزيرة وهذا اول يوم إنتصفت فيه العرب على الفرس كما ذكر رسولنا الكريم علىه الصلاة والسلام؛ وكأن هذا الحدث كان إرهاصة قوية للعرب عندما يدخلون في دين الله أفواجا ويحملون لواء نشره في اقطار الأرض شمالا أولا ثم شرقا وغربا فكان قضائهم الأول على دولتي الفرس والروم وحلفائهم من المناذرة والغساسنة في العراق والشام  كماهو ثابث ومعروف  ولذلك جاءت اول إشارة عن هذه الأحداث في كتابات سيبيوس الار مني عام634م اي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بعامين مع ان سيبيوس ذكر إن محمدا كان هو قائد هذه المعارك وهذا خطأ كبير يحاول المستشرقون  إستغلالة  والترويج له  على اعتبار التشكيك في تاريخ وفاته صلى الله عليه وسلم ومن ثم طرح الر وآيات والسرديات الإسلامية المبكر ة كابن اسحاق جانبا ومن ثم إثارة الشبهات حول كل شئ يتعلق بالتاريخ المبكر للاسلام.  والحق فإن سيبيوس إذا كان هو أول من ذكر اسم محمد من غير المسلمين ممايثبت وجوده التاريخي بشهادة واحد مسيحي أقرب إلى الأحداث من غيره تماما مثل يو حنا النقيو سي في مصر؛ فإنه من جهة ثانية قد ذكر اهم معركة بين المسلمين والرو م في الشام وهي معركة اليرموك الخالدة عام634م  لخالد بن الوليد  ومن ثم تكون إشارته هنا لاسم محمد ليس المقصود بها اسمه بل اتباعه على إعتبار إنه صاحب الدين الجديد وصاحب الدعوة.و الرسالةفالكل يمتثل لاوامره  وتعليماته حتى ولو كان قد توفي ولكن رسالته  واوامره ونواهيه باقية ؛ اما التطاول والأخطاء فيما ذكره سيبيوس  فسوف نعود إلى   نسفها في دراسة لاحقة إن شاء الله تعالى. وعلى  ضوء ما تقدم فعذه الأسطورة  هي من قبيل الخرافات والاعاحيب التي لا أصل لها ولاسند ولاتصمد أمام الأدلة التاريخية والاثرية على السواء؛  والغرض منها واضح و  جلي لايختلف عليه اثنان ولاتنطح عليه عن تان وهو التشكيك وإثارة الشبهات وزلزلة الثوابت وغير ذلك من الأغراض والأهداف الشيطانية الدنيئةو  الخبيثة  وهيهات هيهات إن يطفئوا دين الله ونوره  بأفواهم؛ والحق أحق إن يتبع وصدق الله العظيم( وقل جاء الحق  وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا). 

بقلم:

الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضار الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا