رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لحفظ حقوق المرأة

شيخ الأزهر يطالب بإحياء فتوى «حق الكد والسعاية».. والهلالي يصدر دراسة بعنوان «حق السعاية فى الوظيفة المنسية».. الفرق بين الإثنين بالتفصيل

الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر

 

أثارت فتوى شيخ الأزهر أحمد الطيب، حول مطالبته بالرجوع للتراث لتفعيل فتوى "حق الكد والسعاية"، الكثير من الجدل، حيث قارن البعض بينها وبين الدراسة التي طرحها الدكتور سعد الدين الهلالي، استاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بعنوان «حق السعاية فى الوظيفة المنسية».. فما هو الفرق بين الإثنين؟. 

الطيب يدعو لضرورة إحياء فتوى «حق الكد والسعاية»

دعا الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إلى ضرورة إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهدا في تنمية ثروة زوجها.

وطالب الطيب خلال لقائه وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز آل شيخ، بضرورة إحياء تلك الفتوى، خاصة في ظل المستجدات العصرية التي أوجبت على المرأة النزول إلى سوق العمل ومشاركة زوجها أعباء الحياة.

وشدد شيخ الأزهر، في بيان نشر على الصفحة الرسمية لمؤسسة الأزهر على "فيسبوك"، على أن "التراث الإسلامي غني بمعالجات لقضايا شتى، إذا تأملناها سنقف على مدى غزارة وعمق هذا التراث، وحرص الشريعة الإسلامية على صون حقوق المرأة وكفالة كل ما من شأنه حفظ كرامتها".

ولفت إلى أن "الحياة الزوجية لا تبنى على الحقوق والواجبات ولكن على الود والمحبة والمواقف التي يساند الزوج فيها زوجته وتكون الزوجة فيها سندا لزوجها، لبناء أسرة صالحة وقادرة على البناء والإسهام في رقي وتقدم مجتمعها، وتربية أجيال قادرة على البذل والعطاء".

القصة تبدأ من عمر بن الخطاب

يعود حق الكد والسعاية في التراث الإسلامي إلى اجتهاد قال به عمر بن الخطاب الخليفة الثاني لنبي الإسلام محمد، عندما جاءته سيدة تدعى حبيبة بن زريق تحكمه في قضية ميراث من زوجها عمر بن الحارث، حيث كان يتاجر فيما تنتجه وتصلحه من عملها في الطرازة، واكتسبا من ذلك مالا وفيرا، فلما مات زوجها ترك مالا وعقارا وتسلم أولياؤه مفاتيح الخزائن، فنازعتهم الزوجة فى ذلك، وحين اختصموا إلى عمر بن الخطاب قضى للمرأة بنصف المال وبالإرث في النصف الباقي، واعتبر أن الزوجة كانت شريكة لزوجها فى الربح والعمل والكسب.

وكيل الأزهر السابق يوضح المقصود بفنوى «حق الكد والسعاية»

وقال وكيل الأزهر السابق عباس شومان إن العديد من الناس ظن بعضهم أنها تعني ما ردده البعض من قبل بأن الزوجة يحكم لها بنصف ثروة زوجها إن هي طلقت، أو تؤيد ما نادى به أحدهم بأن الزوجة تستحق أجرة على تربية أولادها وغسل ملابسهم وطبخها لأولادها وزوجها. 

وأضاف شومان، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "حقيقة الأمر أن المسألة لا علاقة لها بهذه التأويلات، فالمقصود هو حفظ حق المرأة صاحبة الدخل الذي يتسبب في زيادة ثروة الزوج بشكل ملحوظ، كالمرأة صاحبة التجارة، وتلك التي سافرت للإعارة براتب كبير، والأخرى التي ورثت عن بعض أهلها، وخلطت مالها بمال زوجها، وتحول هذا الدخل إلى عقارات أو أرصدة نقدية، فهذا الدخل من حق الزوجة ويدخل في ذمتها المالية وليس ذمة زوجها، ولذا فهي تستحقه إن علم قدره، فإن لم يعرف قدره اجتهد أهل الخبرة في تقديره". 

وأوضح أن استحقاق هذا الدخل لا علاقة له بالطلاق أو الوفاة، فهو بمثابة الأمانة عند الزوج ولها أن تطالب به ليكون في حسابها الخاص وهي زوجة، فإن مات زوجها ومالها مختلط بتركة الزوج أخذته قبل قسمة التركة ثم تأخذ نصيبها في الميراث وهو الربع إن لم يكن لزوجها ولد والثمن إن كان له.

وتابع: "وكذلك إن طلقت تستحق أموالها، إضافة إلى الحقوق المترتبة على الطلاق كالنفقة وغيرها، وهذا الحكم لا يخص الزوجات فقط، بل كل من تسبب في تنمية مال الغير كالابن الذي يعمل مع والده في التجارة أو الزراعة دون بقية إخوته يستحق أن يقدر له ما يكافئ عمله، يأخذه قبل أن يأخذ نصيبه في الميراث، وكذلك الابن الذي يعمل بالخارج ويرسل أموالا فيشتري بها والده أرضا أو عقارا باسمه وليس باسم ابنه صاحب المال".

وشدد على أنه من الظلم قسمة هذا المال بين الورثة من دون رضاه، بل هو حق خالص له إضافة إلى نصيبه في الميراث، وفي جميع الأحوال يراعى الاتفاق بين الأطراف كمشاركة الزوجة صاحبة الدخل في نفقة بيتها بجزء من دخلها، أو خصم جزء من دخل الابن العامل بالخارج مقابل قيام إخوته على خدمة الأرض نيابة عنه، ولذا فإن كل حالة تقدر بقدرها.

وأشار إلى أنه قد يكون الحكم للزوجة مثلا بنصف ثروة الزوج عين الظلم لها، فقد تكون هي صاحبة غالب ثروة الزوج من تجارتها أو علمها في الخارج في وقت لا دخل لزوجها يكفي لنفقة بيته، كما أن الحكم لأخرى بنصف ثروة زوجها يكون ظلما بينا للزوج أو ورثته إن هو مات، حيث إن الزوجة لم تتسبب في زيادة الثروة، حيث إن دخلها من عملها لا يكفيها لمتطلبات عملها أو لا دخل لها أصلا، ولذا فإن المسألة ليست بهذه السهولة التي ظنها البعض، والأفضل من ذلك أن تنفصل الذمم المالية من البداية ويكون دخل كل طرف في حسابه الخاص، أو تحرر عقود المشتريات باسم صاحبها، ويقدر للابن العامل مع والده أجره ليكون خاصا به وغير مختلط بمال والده، حتى لا يقع التنازع والشقاق عند قسمة التركة.

وقالت الدكتورة فتحية الحفني، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر،"إن الكثير من السيدات أصبحن يخرجن للعمل ويساهمن في مصروفات المنزل مع أزواجهن، وحق الكد والسعاية يقضي بتحرير عقود يكتب فيها للزوجة ما تنفقه في الحياة الزوجة، حفظا لحقوقها".

وأضافت: "إن هناك الكثير من الزوجات تشاركن أزواجهن في الحياة الزوجية من خلال عملهن، وكتابة نسبة مشاركة كل منهما في عقود، يضمن للمرأة حقها الذي أنفقته، سواء تم الانفصال أو توفي الزوج".

ولفتت إلى "أن حق الكد والسعاية لا ينص على كتابة نسبة معينة للزوجة في العقود التي يتم تحريرها، وإنما توضع النسبة التي ساهمت بها مع زوجها، ضمانًا لحقوقها".

وأشارت "إلى أنه في حال تزوج الرجل على زوجته التي ساهمت معه في كل شيء، فالكد والسعاية يضمن لها حقوقها، حال حدوث ذلك".

وشددت الدكتورة فتحية الحنفي على أنه "إذا توفي الزوج، وكانت الزوجة مشاركة معه في كل شيء، وتم تحرير عقود بموجب حق الكد والسعاية، تحصل على نصيبها أولا، وبعد ذلك يتم إنفاق مصروفات الجنازة، وسداد الديون، وتوزع التركة".

وختمت بالقول: "هناك الكثير من السيدات، كن يشاركن أزواجهن في كل شيء، وبمجرد أن توفى زوجها تم توزيع التركة عليها وبناتها، والباقي ذهب إلى الورثة، لعدم وجود أبناء، لافتة إلى أن حق الكد والسعاية يمنع ذلك، ويحفظ لها حقوقها كافة".

«الهلالي» يطالب في دراسة باصدار قانون يعتبر خدمة المرأة في بيت زوجها وظيفة مستقلة 

الدكتور سعد الدين الهلالي

وكان الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن المتفرغ بجامعة الأزهر قد اصدر دراسة بعنوان «حق السعاية فى الوظيفة المنسية»، والوظيفة المنسية هنا يقصد بها «الهلالى» وظيفة ربة المنزل أو سيدة البيت، مطالبا فى دراسته بالاعتراف بتلك الوظيفة مستقلة عن صفة الزوجية.

ويستهل الدكتور سعد الهلالى دراسته، بتأكيد ضرورة السعى لتقنين وظيفة «ربة المنزل» كوظيفة مستحدثة يقتضيها التطور البشرى أسوة بالوظائف التى بدأت تطوعية دون مقابل مادى، ثم صارت تكارمية يقبل أصحابها المخصصات بصفة المنح والعطايا، ثم تحولت إلى وظائف مهنية بأجر مرتب، مستشهدا بما استجد على وظيفة «المؤذن» التى أسندها الرسول صلى الله عليه وسلم فى أول الأمر لبلال بن رباح وعمرو بن أم مكتوم ولم يخصص لهما أجرًا ماديًا، حتى إذا طال الزمان واستقرت تلك الوظيفة صارت من الوظائف ذات الأجر عند أهلها.

يقول الهلالى فى دراسته: إن يد الحضارة الإنسانية الرشيدة قد طالت جميع الوظائف الحياتية فى معاملات الناس بالتقنين الرسمى أو العرفى، وتحديد حقوقها الاقتصادية ومستحقاتها المالية إلا أنها لم تقترب بعد فى أكثر بلادنا العربية والإسلامية وكثير من دول العالم الأخرى من أقدم وظيفة فى التاريخ وهى وظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت» التى لا تزال عندنا منسية فى سياسة التقنين، وغامضة فى الفكر الثقافى، ومختبئة فى العادات والتقاليد باحتسابها جزءًا من صفة الزوجية ووضعيتها، وليست مستقلة عنها حتى يتقرر لها حق السعاية أو المشاركة فى الأموال المكتسبة للزوجين خلال فترة الزوجية بعد الطلاق أو الوفاة.

ويضيف الدكتور سعد الهلالى فى مفتتح دراسته قائلا: إن الأديان لم تأت لتنحية الفطرة الكونية والإنسانية واحتلال كرسى حاكميتها فى معايش الناس، وإنما جاءت بتأكيد أصول تلك الفطرة المرعية بالصدق والأمانة، وتنزيهها عن النقائص التى لا تليق بالإنسانية من نحو الغش والخيانة والإضرار بالمتعاملين، مع ترك الإنسانية الرشيدة طليقة بقانون التدافع الفطرى فى تعيين الوظائف المستحقة للأجر، أو المتروكة للمكارمة بالمنح والعطايا، أو المبذولة تطوعًا بالشهامة والمروءة على وفق المقتضيات العرفية التى تدور فى فلك المصلحة الإنسانية المستجدة. فلا مانع من تعطيل وظيفة وإن كانت شائعة فى زمنها مثل الخافضة أو الخاتنة للنساء بعد تجريمه مؤخرًا سنة 2008م، ولا مانع من التنزه أو الترفع عن أجر فى وظيفة كانت مصدر رزق لمن يمتهنها دهرًا لمتغيرات الأعراف مثل وظيفة المرضعة للمولودين التى كانت ذائعة الصيت قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم وبعدها.

ويدلل الدكتور الهلالى على أهمية تطبيق دراسته بقوله: « آن الأوان فى عصر الجمهورية الجديدة التى تعتمد تقنية الرقمنة..، ومع صحوة إنصاف المرأة التى بدأت جزئيًا وتدرجت حتى نهض العالم إليها اليوم بمعناها الشامل أن يتم الاعتراف بوظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت» مستقلة عن صفة الزوجية، وأن تذكر فى حضارة التقنين بحيث يتم إدراجها ضمن الوظائف التأمينية فى ظل سياسة التمكين الاقتصادى للمرأة، أو إدماج المرأة فى التنمية»، مشيرا إلى أن هذا ما يهدف إليه فى هذه الدراسة المختصرة، والتى يتحدث فيها عن «شبهات الرافضين لتقنين حق السعاية فى وظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت»، وأسباب تقنين هذا الحق كما يبين تكييفه الفقهى، وطرق تقدير مستحقاته، وأثر تقنينه عمليًا على أرض الواقع عند المنكرين المتشائمين به وعند المعترفين المتفائلين به، ونتوجها بخاتمة الدراسة وتوصيتها.

تشير الدراسة إلى أن وظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت» خدمية فى ثلاث مهمات، الأولى: إدارة شئون المنزل اليومية بالنفس أو بالإشراف على تجهيز المأكل والملبس وتهيئة السكنى نظافة وترتيبًا لأهله، والثانية: إعانة الزوج فى جدولة أموره ومشاركته فى الرد على هاتفه واستقبال ضيوفه وتذكيره بمهامه واحتماله فى ضغوطات عمله، والثالثة: عند الأكثرين إرضاع المولودين وحضانتهم والقيام على تمريضهم ونظافتهم وألعابهم ومتابعة دروسهم وتدريباتهم وخروجاتهم وأصحابهم ومشكلاتهم.

أما وظيفة «ربة المنزل» أو سيدة البيت»- كما جاء في الدراسة-  فيمكن التعرف على طبيعتها من خلال بيان أقوال الفقهاء فى مسئولية الخدمة والرضاع والحضانة، كما يلي:الخدمة المنزلية كالعجن والخبز والطبخ والغسل وشراء الطعام وغيرها، إرضاع المولود، حضانة الأطفال.

وعن طرق تقدير حق السعاية فى وظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت»، يقول الهلالي في دراسته، أن حق السعاية للزوجة يقدر بأحد طريقين فى الحضارة الإنسانية، وهما التراضى وهو الأصل، أو التقاضى وهو الاستثناء.

وبحسب الدراسة، فمع عدالة قضية حق السعاية إلا أنها ظلت قرابة خمسة عشر قرنًا تؤجل - ولو حكمًا - جيلًا بعد جيل؛ لأن وقتها لم يحن بعد، وإن كثرت فتاوى بعض كبار الفقهاء المالكيين بالمغرب اعتبارًا من أواخر القرن العاشر الهجرى بحق السعاية للزوجة والأولاد والأخوة الذين يكدون مع ذويهم دون سابق اتفاق بينهم، ولكن الرأى العام كان رافضًا الاعتراف بهذا الحق.

ويضيف الهلالي في دراسته، أنه عندما حسمت أمريكا وكثير من الدول الأوروبية فى العقود الأخيرة أمرها بإصدار قوانين نافذة فى إنصاف المرأة ودمجها فى التنمية، وانتشالها من الفقر والعوز بتقرير حق كل من الزوجين عند الطلاق فى نصف ثروة الآخر التى تملكها من كسبه المعتاد وليس من ميراثه أو نحوه، وفى خلال فترة الزوجية وليس قبلها.

من هذا الوقت القريب سارع كثير من فقهاء المغرب المالكيين إلى إشاعة فتوى ابن عرجون التى سبقت أمريكا وأوروبا فى حق السعاية للزوجة لصدورها فى أواخر القرن العاشر الهجرى أو السادس عشر الميلادي، ونجحت دولة مملكة المغرب العربية فى تثبيت هذا الحق فى القضاء والقانون بالمادة (49) من مدونة الأسرة سنة 2004م.

وتشير الدراسة إلى أنه «نظرًا لغرابة حق السعاية المستحق للزوجة على أعراف الدول النامية وواقعها العملى فإن فقهاءهم قد اختلفوا فى بيان آثاره حال تعميمه تبعًا لاختلافهم فى الاعتراف به أو إنكاره، وكلا الفريقين لا يتكلم عن بيانات واقعية ميدانية لعدم حدوثه بعد فى بلادهم، وإنما يتكلم من خياله وتصوره الحالم، فمن كان معترفًا بحق السعاية للزوجة فإنه سيبدى آثارًا إيجابية متفائلة، ومن كان منكرًا لحق السعاية للزوجة فإنه سيقدم آثارًا سلبية متشائمة.

وفى ختام دراسته، يقول الدكتور سعد الهلالى إن حق السعاية المقترح للزوجة فى المحفظة المالية للحياة الزوجية قد بدأته بعض الدول الغربية، وأخذ طريقه نحو الانتشار فى نهضة إنسانية رشيدة تسعى إلى التمكين الاقتصادى للمرأة ودمجها فى سياسة التنمية، وسيكتب له النجاح لبنائه على قواعد الفطرة العادلة، والتخريج الفقهى الإسلامى الصحيح الذى استبق إليه الفقهاء المغاربة المالكيون منذ أكثر من أربعة قرون، وأثبته الشعب المغربى فى قضائه بمدونة أسرته سنة 2004م.

ويضيف أستاذ الفقه المقارن أن التحدى الذى يواجه حق السعاية المقترح للزوجة هو فى الموروثات الثقافية والعادات التراكمية، وليس فى أصول الدين أو الفطرة الإنسانية، مثل التحديات التى واجهت منع الرق وقتل الأسير واحتلال الدول والتمييز بالجنس أو الدين.

واختتم «الهلالي» دراسته بقوله «إن توصية دراستنا لحق السعاية فى وظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت» هى العمل بتوصية النبى صلى الله عليه وسلم تجاه المرأة «استوصوا بالنساء خيرًا».

لا يجوز الاحتكام لقوانين الغرب

يقول الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، أن المرأة في بيتها راعية، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الرجل في بيته راع ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها»، ومن الناحية الشرعية أن المرأة لها ذمة مالية خاصة لا ينازعها فيه منازع، أما إذا كانت المرأة عاملة أو موظفة فعليها أن تدفع جزء من راتبها في البيت مقابل خروجها للعمل، والحديث عن منح المرأة مرتب مقابل عملها في المنزل ليس فيه تكريما للمرأة لأن خدمة المرأة لزوجها وأولادها شرف لها، ولكن للمرأة في الإسلام حقوق، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم «ما أكرمهن إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم»، وقال الله سبحانه وتعالى « ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة»، فمنح المرأة أجر عن العمل في بيتها انتقاص لقدرها، والزوج مسئول أن يأتي لزوجته بخادمة إذا كانت من ذوات الخدم، أي إذا كانت لديها خادمة في بيت أهلها قبل أن تتزوج، ويرى بعض الفقهاء أنه من حق المرأة الحصول على أجرة من أجل ارضاع طفلها، وإذا امتنع الطفل عن الارضاع من ثدي غيرها ففي هذه الحالة واجب على المرأة أن ترضع طفلها، وأضاف أن المقصود من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم « استوصوا بالنساء خيرا» ليس منحها مرتب شهري نظير عملها في بيت زوجها، ولكن المقصود هو أن يتقى الزوج الله فيها ويعاملها معاملة كريمة ترضى الله ورسوله ويلبي لها طلباتها وأن يطعمها ويسقيها ويكسوها، مشيرا إلى أن المرأة في الغرب تشارك زوجها في كل ما يملك مناصفة، وإذا طلقت يأخذ الأب أولاده، مؤكدا على أنه لا يجوز الاحتكام لقوانين الغرب، مشيرا إلى أن هناك اختلاف في الدين والتقاليد بين المسلمين والغرب، متسائلا: هل يجوز للمسلم أكل لحم الخنزير كما يحدث في الغرب، وهل يجوز للمسلم شرب الخمر كما هو مباح في الغرب؟، مؤكدا على أن الإسلام يعلو ولا يعلو عليه، وليس هناك أفضل من تعاليم الإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول « زوجها لتقي، فإن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها»، مؤكدا على أن الغرب ليس حجة على الإسلام، مستبعدا أن يقوم مجلس النواب باصدار قانون بهذا الخصوص، مشيرا إلى أن مجلس النواب فيه نواب كويسين جدا وفاهمين كويس ودارسين قانون وشريعة وعلم اجتماع، موضحا أن شعار الأسرة المسلمة هو « وأخذنا منكم ميثاق غليظا»، منوها أن الغرب ليس حجة على الإسلام، ولكن بالعكس الإسلام يحارب التقاليد الغربية، مؤكدا على أن التقاليد الإسلامية التي نزل بها القرأن الكريم على الرسول الكريم لا يجوز أن نتقدم أو نتأخر عنها.

مغالاة وتشبيه بالحضارة الاوربية

ويقول الشيخ علي عبد الباقي شحاته، الأمين العام السابق لمجمع البحوث الإسلامية، أن هذه الدراسة لا تعبر عن الاحوال الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المصري، وأن فيها مغالاة وتشبيه بالحضارة الاوربية في غير موضعه، مشيرا إلى أن الدكتور سعد الدين الهلالي من المفتونين بالحضارة الغربية وخاصة من النواحي الاجتماعية، مؤكدا على أن ما جاء في الدراسة مخالف لما تضمنه الفقه الإسلامي، لافتا إلى أن تحويل هذه الدراسة إلى قانون سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الطلاق في مصر إلى 95%، موضحا أن الشرع ألزم الزوج بالانفاق على زوجته في كل شئ إذا كانت الزوجة لا تعمل، أما إذا كانت الزوجة تعمل فالشرع ألزمها أن تشارك زوجها أعباء الحياة مناصفة بينهما، مشيرا إلى أن الإسلام اشترط في الزواج الكفاءة الاجتماعية، فالرجل الذي يتزوج من امرأة والدها باشا أو رجل أعمال أو وزير ملزم أن يوفر لزوجته نفس المستوى الذي كانت تعيش فيه في بيت أبيها وأن يحضر لها خادمة، وبالتالي الكفاءة الاجتماعية تصبح شرطا في صحة الزواج، مؤكدا على أن تطبيق ما يقوله الدكتور سعد الدين الهلالي سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الطلاق لعدم القدرة المالية والاقتصادية لغالبية المجتمع المصري، منوها أن الزوجة لا تعمل عند زوجها، ولكن من واجبها شرعا خدمة زوجها وأن تعينه على الكسب، مشيرا إلى أن المرأة المصرية في الريف تعمل إلى جنب زوجها في الحقل والزراعة، لافتا إلى أن الحضارة الغربية منفلته أخلاقيا وليس كلها محاسن والناس في الغرب يمارسون الجنس في الطرقات، مؤكدا على أن الحديث عن تخصيص راتب للمرأة فيه مغالاة وضرب لقاعدة عريضة من المجتمع، مشيرا إلى أن الإسلام جاء لوضضع قوانين وأحكام للغالبية العظمى من المجتمع وليس للقلة، مؤكدا على أن ما جاء في هذه الدراسة فيه غلو في التفكير ومخالفة للشرع لأن الشرع جاء لبناء السلام والمحبة والمودة بين أفراد الأسرة، مؤكدا على أن تحويل هذه الأفكار إلى قوانين سيؤدي إلى ضياع المجتمع وعزوف الشباب عن الشباب ونشر العنوسة، وبالتالي يدفع الشباب إلى تفريغ طاقته في الحرام، معبرا عن احترامه وتقديره للدكتور سعد الدين الهلالي، لكن هذه الدراسة في غير موضعها وغير وقتها، متسائلا: إذا كان الشخص غير قادر على أن يأكل نفسه فمن أين سيأتي بمرتب وخادمة لزوجته، مطالبا الدكتور سعد الدين الهلالي بالرحمة بالفقراء والغلابة، موضحا أن أي فكر يخدم مصالح المجتمع ويحافظ على المودة والسكينة والمحبة بين أفراد المجتمع فهو مطابق للشرع، وأي فكر لا يخدم مصالح المجتمع ولا يحافظ على المودة والسكينة والمحبة بين أفراد المجتمع فهو مخالف للشرع، مشيرا إلى أن بناء الأسرة على أسس المحبة والمودة والسلام من مقاصد الشرع، مؤكدا على أن هذه الدراسة لا تحقق أي مصلحة للمجتمع، بل أنها تؤدي إلى تدمير المجتمع.

 تعبر عن رجل كله مشاعر وأحاسيس

وتقول الدكتورة أمنة نصير، استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب، أن هذه الدراسة تعبر عن رجل كله مشاعر وأحاسيس مثل الدكتور سعد الدين الهلالي وكتر ألف خيره وربنا يبارك فيه، مؤكدة على أن المرأة فعلا تعاني وتتعب وتشقى كثيرا في إدارة المنزل، مؤكدة على أن هذه الدراسة هي كرامة من الدكتور سعد الدين الهلالي، مشيرا إلى أنها نقدمت بمشروع قانون مشابه منذ سنتين في البرلمان، يقترح منح الزوجة التي مكثت في بيت زوجها خمسة سنوات ثم تم تطليقها 5% من راتب زوجها، ومنح الزوجة التي مكثت في بيت زوجها عشر سنوات ثم تم تطليقها10% من راتب زوجها، ومنح الزوجة التي مكثت في بيت زوجها 25 سنة ثم تم تطليقها 25% من راتب زوجها، لكن هذا المشروع تم رفضه وتعرضت هي لهجوم عنيف، مؤكدة على أن ما ذكره الدكتور سعد الهلالي في دراسته لا يؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج أو ارتفاع نسبة الطلاق كما يزعم البعض، لأن الذي يستفيد من هذا القانون هي الأخت والأبنة والأم والزوجة، مشيرة إلى أن البعض يثير حالة من التشاؤم حتى ينفر الناس من الاقتراح، مؤكدة أنها مع تحويل هذه الدراسة إلى قانون ملزم، لافتة إلى أن ما يطالب به الدكتور سعد الدين الهلالي هو تطبيق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «استوصوا بالنساء خيرا»، موضحة أنها تتفق تماما مع الدكتور سعد الدين الهلالي فيما ذهب إليه من أن العاقبة أمام تطبيق هذا المقترح هو الموروث الثقافي وليس الدين، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول «استوصوا بالنساء خيرا، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم»، منوهة إلى أنها عندما تقدمت بمشروع قانون مشابه في مجلس النواب منذ سنتين اتهمها البعض بنقل الثقافة الإنجليزية، مؤكدة على أن ما يقوله الدكتور سعد هو من قلب الشريعة الإسلامية، معبرة عن سعادتها بهذا المقترح، موجهة التحية للدكتور سعد الدين الهلالي على هذا المقترح، مشيرا إلى أن الهجوم على الدكتور سعد بسبب هذا المقترح سيكون أخف لأنه رجل.