رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل أخطر تقرير حكومي يرصد تطورات قضية سد النهضة

سد النهضة
سد النهضة


ثلاث تطورات مهمة جدا حدثت خلال الأيام القليلة الماضية في ملف سد النهضة الإثيوبي، الذي توقفت المفاوضات بشأنه بسبب الحرب الأهلية الدائرة في إثيوبيا، وكان التطور الأول، يتعلق بعقد الحكومة الإثيوبية برئاسة رئيس الوزراء آبي أحمد أول جلسة لها بموقع سد النهضة.

ورغم أن التليفزيون الإثيوبي الرسمي، كشف أن هذا الاجتماع بحث تقييم عمل الوزارات والمؤسسات الحكومية الكبرى وتحديات الاقتصاد في ظل ما تشهده إثيوبيا من حرب شمالي البلاد ضد جبهة التيغراي، إلا أن بعض المحللين والمعلقين اعتبروا الاجتماع رسالة إلى دولتي المصب، مصر والسودان، بأن موقف إثيوبيا من سد النهضة لم يتغير رغم الحرب الدائرة هناك، وأن الحكومة الإثيوبية ماضية في خططها بخصوص السد العظيم.

أما التطور الثاني هو، استقالة جيفري فيلتمان، المبعوث الأمريكي إلى منطقة القرن الإفريقي من منصبه، وتعيين الدبلوماسي المخضرم ديفيد ساترفيلد، سفير واشنطن لدى أنقرة المنتهية ولايته بدلا منه.

يذكر أن فيلتمان كان يحمل وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية الخاصة بملف سد النهضة، والتي تقوم على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم حول كيفية تشغيل وملء السد، وهو ما يتوافق ويتطابق مع وجهة النظر المصرية السودانية.

وفي آخر تصريحات له بخصوص هذا الملف، قال فيلتمان، إن الحرب في إثيوبيا عطلت مفاوضات سد النهضة، مؤكدا تفهمه لما وصفها بـ«الهواجس المائية» لمصر والسودان بشأن سد النهضة، مطالبا الجانب الإثيوبي بالعمل مع بقية الأطراف على طاولة المفاوضات وليس في ساحات المعارك، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يولي اهتمامًا بالحاجة الملحة لاتفاق إثيوبي مصري مقبول للطرفين، بشأن سد النهضة.

وفي شهر مايو الماضي، قام فيلتمان بزيارة إلى القاهرة، التقى خلالها بالرئيس عبد الفتاح السيسي، وأكد خلالها، أن الإدارة الأميركية «جادة في حل تلك القضية الحساسة، نظرا لما تمثله من أهمية بالغة لمصر وللمنطقة، والتي تتطلب التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة».

وتمثل التطور الثالث، في التقرير الحكومي الصادر من قبل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي ألقى الضوء على أزمة المياه العذبة في مصر وتحدياتها المستقبلية وخاصة فيما يتعلق بقضية سد النهضة الإثيوبي.

وذكر التقرير، أنه من بين التحديات الوشيكة التي يواجهها نهر النيل ودلتاه، بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير، معرفا البناء بأنه سد ضخم مبني على أعالي النيل الأزرق الذي يمد مصر بنسبة كبيرة من حصتها من المياه.

وأوضح التقرير أنه على الرغم من عدم مشاركة مصر في عملية التخطيط للسد أو تنفيذه فإنها وافقت على التعاون مع إثيوبيا والسودان في تكليف مكاتب استشارية دولية لإجراء الدراسات الفنية اللازمة لتقييم تصميم السد وتأثيره في بلدي المصب «مصر والسودان»، إلا أن هذه الدراسات لم تستكمل بعد.

وبحسب التقرير، من المتوقع أن تؤثر عملية ملء السد تأثيرا خطيرا في مدى توافر المياه بمصر، كما ستؤدي إلى خفض نصيب الفرد من المياه، ومن ثم ستؤثر في مختلف الأنشطة الاقتصادية ولاسيما في حالة ملء إثيوبيا خزان السد على نحو غير متعاون.

وتابع التقرير أنه حال استغرقت عملية الملء 5 سنوات فقط، كما خططت إثيوبيا، سيزيد معدل النقص التراكمي لمياه السد العالي بأسوان إلى 92 مليار م3، موزعة على مدى عدة سنوات، وسرعان ما سينخفض منسوب المياه في بحيرة ناصر إلى 147م3، فيتعذر تعويض الفاقد من المياه.

وعلاوة على ذلك، سيكون لملء سد النهضة الإثيوبي الكبير وتشغيله تأثير سلبي في إنتاج السد العالي من الطاقة الكهرومائية، فمثلا حال استغرقت عملية ملء سد النهضة 5 سنوات ستصل التكلفة المرتبطة بانخفاض إنتاج السد العالي من الطاقة الكهرومائية بعد 10 سنوات من عملية الملء إلى نحو 16.4 مليار دولار، مما يعيق قدرة مصر على ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الموثوقة والمستدامة.

فهل سيكون لهذه التطورات تأثير على سير مفاوضات سد النهضة «المتوقفة»، الفترة القادمة؟، وما هي السيناريوهات المتوقعة لحل الأزمة في ضوء هذه التطورات؟

مصر تتفهم الأهداف التنموية لإثيوبيا

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد أوضح في آخر تصريح له عن أزمة سد النهضة، أن مصر تتطلع إلى التوصل لاتفاقية "متوازنة وملزمة" بشأن سد النهضة الإثيوبي في أقرب وقت.

وقال الرئيس في كلمة خلال فعاليات "أسبوع القاهرة للمياه"، إن مصر لن تدخر جهدًا في دفع أجندة المياه بالأمم المتحدة والمحافل المتعددة الأطراف.

كما أوضح أن مصر تتفهم الأهداف التنموية لإثيوبيا، ولكن مع الحد من الأضرار المائية والبيئية والاقتصادية لسد النهضة على مصر والسودان، مشيرا إلى أن مصر وضعت خطة استراتيجية لإدارة موارد المياه حتى 2037 بتكلفة تقديرية تبلغ 50 مليار دولار.

إفلاس سياسي

يقول الدكتور عباس شراقي، خبير المياه في جامعة القاهرة، إن الحكومة الإثيوبية عادت بعد فترة من الصمت المطبق للحديث عن سد النهضة بادعاءات كاذبة، ما يدل على إفلاسها السياسي.

وأضاف «شراقي»، أن مجلس الوزراء الإثيوبي عقد اجتماعا بموقع "سد النهضة" في إعلان لعودة أديس أبابا للاهتمام بالسد بعد حربها مع جبهة تحرير التيغراي على مدار أكثر من 14 شهرا.

وتابع خبير المياه، أن الحكومة الإثيوبية تسعى لتشغيل أول توربينين على مستوى منخفض (565 مترا فوق سطح البحر) في أقرب وقت ممكن ربما خلال أيام أو أسابيع بعد أن كان مقررا نهاية 2014 والسنوات السابقة وآخرها أكتوبر الماضي.

وافاد بأن التوربينان ينتجان حوالي 700 ميغاوات (350 كل منهما) ويتطلب ذلك مرور ثلاثة مليارات متر مكعب تم تخزينها الموسم الماضي إلى مصر والسودان، وقد لا تكفي التشغيل حتى بدء موسم الأمطار في يونيو القادم إذا بدأ التشغيل الأيام القادمة، موضحا أن هناك ادعاء إثيوبي في مخاطبة الشعب بأن هذه الكمية من الكهرباء سوف تكفي 20% من سكان إثيوبيا.

وتابع «شراقي»: "ولمعرفة الرقم الحقيقي نحسبها طبقا للاستهلاك المصري حيث إن مصر تستهلك حوالي 30 ميغاوات لحوالي 100 مليون نسمة أي 300 ميغاوات لكل مليون نسمة، وبالتالي 700 ميجاوات تكفي لحوالي 2.3 مليون نسمة 24 ساعة يوميا كما هو الحال في مصر".

وأكد خبير المياه، أن ملء خزان السد يبدأ خلال موسم الأمطار الذي يستمر من يونيو حتى سبتمبر كل عام، ويرتبط مستوى التخزين بارتفاع الممر الأوسط للسد، وبالتالي لا يمكن البدء في تنفيذ أي إنشاءات بهذا الممر خلال تساقط الأمطار أو تزايد احتمالات سقوطها.

ضغط اقتصادي

وقال اللواء الدكتور سمير فرج، المفكر الاستراتيجي ومدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق بالقوات المسلحة، إن سد النهضة كان ارتفاعه في البداية 95 مترا ويحقق تخزين 15 مليار متر مكعب، أما الآن الارتفاع وصل إلى 145 مترا ويحقق تخزين 75 مليار متر مكعب.

وأضاف في برنامج الحكاية الذى يقدمه الإعلامي "عمرو أديب"، والمُذاع عبر فضائية "إم بي سي مصر"، أن سد النهضة لا يمثل لنا مشكلة، مردفا: «لا نستطيع أن نقوم بضربه، لأن سد النهضة إذا وقع غدا بسبب ضعف الأساس الخاص به ستغرق السودان»، متابعا: "قضية سد النهضة ستُحل سياسيا، واللجوء للقتال هو آخر حل"، مؤكدا: "مصر تضغط اقتصاديا على إثيوبيا".