رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تقرير سري يكشف خطة «وزير مبارك» لتأمين البواخر والفنادق السياحية العائمة من «الحرائق»

احتراق البواخر العائمة
احتراق البواخر العائمة والمنشآت السياحية

شهدت مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية عددا كبيرا من وقائع اشتعال النيران والحرائق الضخمة داخل البواخر النيلية والمنشآت السياحية بنهر النيل بنطاق محافظة الجيزة، وتكهن البعض بأن وراء تلك النيران موجة الحرارة المرتفعة التي تشهدها البلاد هذا الصيف، بينما رجح البعض ارتكاب تلك الوقائع بإضرام النيران في البواخر عن عمد بمعرفة أصحابها للحصول على تعويضات مالية كبيرة واسترداد مبالغ التأمين على تلك المنشآت السياحية.


وهو ما دق ناقوس الخطر وجعل حتمية فتح الملف والتحقيق فيه ومعرفة ما توصلت إليه جهات الأمن ورجال المعمل الجنائي في تلك الوقائع من أسباب وملابسات.


وعلمت «النبأ» أن اللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، قرر تشكيل لجنة فنية برئاسة محمد عثمان رئيس حي غرب القاهرة، وعضوية مسئول من الإدارة العامة للحماية المدنية وإدارة الموارد المائية وشرطة المسطحات المائية والأمن الصناعي؛ لمراجعة تراخيص المراكب النيلية بنطاق المحافظة والإطلاع على مدى توافر وسائل الحماية المدنية وحقيقة وضع نظام أمان بالمنشآت من عدمه كـ(طفايات الحريق - وضع إرشادات السلامة الأمنية - يتم تركيب نظام الإنذار الاتوماتيكي).


وفي نفس السياق كشف تقرير سري داخل شعبة الفنادق العائمة بغرفة المنشآت السياحية عن مشروع كان وافق عليه زهير جرانة، وزير السياحة في حكومة أحمد نظيف، بعهد مبارك لتأمين البواخر والفنادق السياحية العائمة من مخاطر الحرائق لوقف نزيف الخسائر الفادحة بقطاع السياحة النيلية بالإضافة إلى حماية مجرى النيل من التلوث بإنشاء محطات إطفاء حريق بجانب محطات صرف لجمع المخلفات بطول البواخر النيلية تصل في كمرحلة أولى إلى 12 محطة بتكلفة وصلت وقتها إلى 31 مليون جنيه.



من جانبه قال اللواء جمال فريد حلاوة، مساعد وزير الداخلية الأسبق ومدير الإدارة العامة للحماية المدنية بالقاهرة، إنه من الصعب أن تكون موجة الحرارة هي الجاني في وقائع اشتعال الحرائق داخل البواخر والمراكب النيلية سواء الثابتة أو المتحركة متابعًا: «لا يجب أن نحمل حرارة الجو المسئولية»، مؤكدًا أن ارتفاع درجات حرارة الجو قد تشعل النيران في الأماكن المفتوحة والزراعات وأماكن تراكم وتجمع المخلفات والقمامة.


وأضاف أن في أغلب الوقائع يكون الإهمال بطل الموقف كوجود مشاكل وأخطاء في التوصيلات الكهربية ما يتسبب في حدوث ماس كهربائي أو ارتكاب أحد العاملين بالمنشأة خطأ غير مقصود كذلك عدم توافر تجهيزات الحماية ضد أخطار الحريق وعدم قيام أصحاب البواخر والمراكب بطلاء الأجزاء الخشبية من منشآتهم النيلية بالدهانات المتخصصة المانعة لاشتعال الحرائق.


وأشار مساعد وزير الداخلية الأسبق، إلى أن أصحاب المنشآت والبواخر لا يهتمون بملف تدريب العمالة وأفراد الأمن على أعمال الحماية المدنية والتصرف في تلك المواقف ومعرفة الاستخدام الأمثل لطفايات الحريق وخراطيم المياه المخصصة للطوارئ.


واستكمل: «كذلك إهمال عنصر توفير أجهزة الوقاية وتجهيزات الحماية تحسبًا للحرائق والطوارئ وفي حالة وجود تلك الأجهزة لا تتم صيانتها وفصحها بشكل دوري لمعرفة مدى صلاحيتها من عدمه».



وأضاف أنه من خلال عمله لفترة طويلة مديرًا للإدارة العامة للحماية المدنية بالقاهرة يرى أن هناك إهمالا كبيرا في التوصيلات الكهربائية بالعديد من المنشآت سواء سياحية أو صناعية أو تجارية متابعًا: «يتم تركيب أسلاك كهربائية ذات حمل ضعيف لا تتحمل الأحمال الخاصة كالتكييفات والإضاءات الضخمة في البواخر النيلية، ولم يتم إجراء صيانة دورية للكهرباء والتأكد من سلامة السلوك والتوصيلات».


وطالب اللواء جمال فريد حلاوة، بزيادة حملات المرور على المنشآت المُطلّة على النيل ومراجعة تراخيصها ومدى سلامتها والتأكد من توافر اشتراطات الحماية المدنية ومدى قيام أصحابها بتدريب العاملين.


واستطرد حديثه لـ«النبأ» قائلًا: «الشعب المصري ليس لديه أي ثقافة بالحماية المدنية والحرائق تبدأ باشتعال بسيط إذا تم التعامل معه من البداية بشكل احترافي لن تصل النيران إلى ما نراه في الحرائق».



وأضاف: «صاحب المنشأة لازم يطمن على الإجراءات قبل الحكومة والمسئولين، أنا أخاف على حاجتي مش أسيب الدنيا تولع وبعدين أقول للحماية المدنية ألحقوني لا أنا لازم ألحق نفسي الأول».


وأكد مساعد وزير الداخلية الأسبق للحماية المدنية، أن الحماية المدنية بوزارة الداخلية تؤمن المسطح المائي بشكل قوي وآمن للغاية ولكن أصحاب المنشآت مازال عليهم دور كبير، مشيرًا إلى أن هناك أصحاب منشآت يخافون من الإبلاغ عن الحرائق خوفًا من المسئولية القانونية وعلمهم بعدم اتخاذهم الاحتياطات اللازمة داخل منشآتهم.


وقال اللواء جمال فريد حلاوة، إن السيطرة على الحرائق داخل أماكن تقع داخل نهر النيل تكون أصعب من المباني والمنشآت العادية بسبب شدة تيار الهواء في مياه النيل وهو ما يزيد من انتشار النيران بشكل أسرع.



وعن تكلفة إطفاء الحرائق في مصر، أفاد بأن كل حريق وله ظروفه مؤكدًا أن سيارة الإطفاء وحدها يتخطى سعرها حاجز الـ2 مليون جنيه، بالإضافة إلى بعض المواد الكيماوية التي يتم استخدامها في عمليات إطفاء الحرائق.


وكشفت تقارير الأدلة الجنائية أمورا خطيرة بعد فحص عدد من وقائع اشتعال النيران بالبواخر النيلية بأن نسبة كبيرة منها كانت بسبب تركيب وصلات كهربائية ضعيفة ومُقلدة لا تتحمل الأحمال الزائدة وهي ما كانت وراء نشوب الحرائق والتهام محتويات تلك المنشآت، وعدم وجود فتحات تهوية، وتخزين مواد سريعة الاشتعال بجوار مصدر حراري.


ووضعت الحماية المدنية بوزارة الداخلية مجموعة من الخطوات الواجب اتخاذها من قبل أصحاب تلك المنشآت النيلية لعدم تكرار الحرائق وتفاديها بعمل مجسات بشكل دوري ومسح سطح المياه حول البواخر وإجراء المعاينة لشمعات الرباط للتأكد من سلامته وعدم وجود أي انقطاع أو بوادر انفصال، عمل مناورات بشكل دوري للتأهب والاستعداد للطوارئ في أي وقت، تدريب العمالة على وسائل الحماية المدنية، نظافة الماكينات جيدًا وإجراء عملية الغسيل الكيماوي للسنتية وإزالة آثار الزيوت لأن البقايا تزيد من الحرائق وتساعد على اشتعال النيران وصيانة وحدات الكهرباء.