رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل تحركات مصر لوقف الملء الثاني لسد النهضة وافشال مخطط «الخيار العسكري»

النبأ

 

إثيوبيا: لن يستطيعوا حل المشكلة عسكريا أو تدمير السد وسيأتى الجميع لبحث مقترحات تقاسم المياه بعد الملء الثانى

 

شكرى: الدولة المصرية لن تتهاون فى الدفاع عن مصالح شعبها فى حال وقوع الضرر

 

الجيش الأمريكى يدخل على خط الأزمة: القيادة المصرية تمارس قدرا هائلا من ضبط النفس 

 

مدير المخابرات المصرية فى واشنطن ورئيس الأركان في السودان والكونغو

 

 «بخيت»: مصر تمتلك الأدوات القادرة على حسم الأزمة فى حال استمرار التعنت الإثيوبى 

 

«درويش»: تصريحات المسؤولين الإثيوبيين «عنترية» 

 

«المفتى»: كل الطرق تؤدى إلى الحرب والسودان ومصر مضطران لمواجهة إثيوبيا

 

مع اقتراب الموعد الذي حددته أديس أبابا لبدء الملء الثاني لسد النهضة في شهر يوليو الحالي، تسود حالة من الترقب المشهد في القرن الإفريقي بعد أن وصلت أزمة سد النهضة بين مصر والسودان من جانب وإثيوبيا من الجانب الآخر إلى مفترق طرق، حيث ينتظر الجميع موقفا من مجلس الأمن، ويرى مراقبون أن الأزمة وصلت إلى مرحلة خطيرة جدا، وأن رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد لن يتراجع عن تعنته، نظرا للمشاكل الداخلية بالبلاد.

وجاءت تصريحات، مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية، الجنرال بوتا باتشاتا ديبيلي، عن تدمير السد والحل العسكري وتقاسم المياه، لتصب المزيد من الزيت على النار وتزيد الموقف اشتعالا.  

في ظل هذه الأجواء المشحونة بالترقب والتوتر، أصبح «الحل العسكري» وتدمير السد هو الحل الأقرب لهذا الملف الذي يمثل مسألة حياة أو موت بالنسبة للمصريين والسودانيين.

إثيوبيا تحذر من تدمير السد

فقد أكد مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية، الجنرال بوتا باتشاتا ديبيلي، أن بلاده لا تسعى إلى حل قضية سد النهضة مع مصر والسودان عسكريا لكنها مستعدة لهذا السيناريو.

وزعم: "الجانب المصري لا يريد حل المشكلة من خلال المفاوضات. يأتون للنقاش ويرفضون جميع المقترحات. إذا من وجهة نظري خير حل هو المفاوضات، ولن يستطيعوا حل المشكلة عسكريا. لن يحاولوا مهاجمة السد، ولكن حتى لو هاجموه فلن يستطيعوا حل المشكلة أو تدمير السد، لأنه لا يمكن تدميره بقنابل الطائرات المقاتلة، وهم يعرفون أن السد متين". 

مصر.. تصريحات استفزازية

وردّ سامح شكري وزير الخارجية، على التصريحات التي يطلقها مسؤولون إثيوبيون بأنه لا أحد يمكنه ضرب سد النهضة أو الاقتراب منه، على الرغم من أن مصر لم تهدد باستهدافه من الأساس.

وقال شكري خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "كلمة أخيرة" على شاشة "on"،: "نحن نصف هذه التصريحات الإثيوبية بما هي عليه.. هذه تصريحات استفزازية وغير متسقة مع ما نسعى إلى تحقيقها".

وأضاف أن مصر دولة مسؤولة، تنتهج سياسات متوازنة وحكيمة، وتحظى بالكثير من التقدير على المستوى الدولي، كما لها تأثيرات كبيرة في صياغة العلاقات الدولية، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي عليه الالتفات إلى هذه التصريحات الإثيوبية التي تستهدف أديس أبابا من خلالها إبعاد الأنظار عن مضمون القضية إلى تراشق، مؤكدًا أن مصر لن تُستدرج إلى هذا الأمر.

وأفاد شكري بأن مصر تسعى للتوصل إلى اتفاق متكامل حول الملء والتشغيل، يكون قانونيًّا وملزمًا، لكل الأطراف التي تتضمنها الاتفاقيات الدولية، موضحًا أن أي أطروحات أخرى يتم تقييمها وفقًا لمضمونها.

كما وصف وزير الخارجية، تصريحات المسؤولين الإثيوبيين بشأن ملف سد النهضة بأنها استفزازية، مؤكدا أن القاهرة قدمت طلبا جديدا إلى مجلس الأمن الدولي كي ينعقد لبحث الموضوع.

رئيس الأركان في السودان والكونغو

وأعلن الجيش المصري أن الفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، أنهى زيارة إلى الكونغو الديمقراطية والسودان بحث خلالها تطورات الموقف الإقليمي.

وذكر المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية أن فريد ناقش مع نظيره الكونغولي، الفريق أول مبالا موسينسي، تطوير التعاون العسكري في مجالات التدريب والتأهيل، ونقل الخبرات والارتقاء بالقدرات العسكرية لكلا البلدين.

كما بحث فريد مع نائبة وزير دفاع جمهورية الكونغو الديمقراطية، تطورات الموقف الإقليمي والتحديات الأمنية العابرة للحدود والقضايا المؤثرة على الأمن القومى للبلدين، ووقع الجانبان خطاب "نوايا" لتطوير التعاون الثنائي في مجال الدفاع، فى ضوء عمق الروابط التي تجمع البلدين.

كما بحث رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية مع الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، رئيس هيئة الأركان المشتركة السودانية، العمل المشترك لتجاوز الأزمات والتحديات خلال المرحلة الراهنة، بما يدعم رؤى القيادات السياسية والعسكرية بالبلدين، لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار بالمنطقة، واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في المجالات العسكرية.

من جانبه أكد فريد ضرورة تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الجانب السوداني فيما يتعلق بالمصالح المشتركة.

تأتي زيارة فريد إلى الكونغو الديمقراطية والسودان، جارتي إثيوبيا، على وقع أزمة كبيرة مع أديس أبابا على خلفية أزمة سد النهضة، وسط تصعيد كبير مع القاهرة والخرطوم بسبب تعطل المفاوضات بشأن سد النهضة، و"التصريحات الاستفزازية" لإثيوبيا، كما وصفها وزير الخارجية المصري سامح شكري.

الجيش الأمريكي قلق

وأعرب الجيش الأمريكي عن قلقه من أزمة سد النهضة الإثيوبي، لكنه في ذات الوقت أشاد بالسلوك المصري في هذا الشأن.

وقال قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال كينيث ماكينزي، في مقابلة تلفزيونية، إن واشنطن تشعر بكثير من القلق من السلوك الإثيوبي بشأن أزمة سد النهضة.

وأضاف أن مصر تحاول الوصول إلى حل دبلوماسي وسياسي، مشيرا إلى أن القيادة المصرية تمارس قدرا هائلا من ضبط النفس في هذا الملف.

وأوضح ماكينزي أن واشنطن تسعي لإيجاد حل يكون مقبولا لمصر وباقي الأطراف، كما أكد أن بلاده تدرك أهمية نهر النيل بالنسبة للمصريين.

لن نترك المصريين بدون مياه

وقال المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، صامويل وربيرغ، إن بلاده "لن تترك 100 مليون مصري بدون مياه"، مؤكدا أنها ستدفع لاستئناف مفاوضات سد "النهضة" المتعثرة.

وقال وربيرغ: "أمريكا تدعم حق المصريين، وأهمية مياه النيل، وليس هناك أي شك لدينا في حق مصر بمياه النيل، وأمريكا لن تترك 100 مليون بدون مياه وتبذل كل جهدها للوصول إلى أي اتفاق مناسب".

وأوضح أن "واشنطن ستبذل كافة الجهود لتشجع الأطراف الثلاثة (السودان ومصر وإثيوبيا) على استئناف مفاوضات سد النهضة تحت قيادة الاتحاد الإفريقي".

وأضاف: "الولايات المتحدة تهدف الوصول إلى اتفاق سلمي مناسب لجميع الأطراف في قضية سد النهضة، دون اللجوء إلى أي حل آخر"، مبينا أن "المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي غيفري فيلتمان يهتم بشكل أساسي بهذا الملف".

الحل العسكري سيكون كارثيا

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد حذرت في وقت سابق من الحل العسكري لأزمة سد النهضة، وأكدت من أن الحل العسكرى لأزمة السد الإثيوبي سيكون كارثيا على المنطقة.

كما رفض الاتحاد الأوربي حل أزمة سد النهضة عسكريا، وقالت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي: لا حل عسكريا للأزمة بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة.

وأضافت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، أنه يجب التوصل إلى تسوية لأزمة سد النهضة عبر حل متوافق بشأنه بين الدول الثلاث، مؤكدة أنه يجب استئناف مفاوضات سد النهضة تحت رعاية الاتحاد الإفريقي في أسرع وقت.

رئيس المخابرات في واشنطن

وقد قام اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات المصرية بزيارة إلى واشنطن من أجل مناقشة عدد من الملفات، من ضمنها ملف السد الإثيوبي.

وقالت مصر لقناة العربية السعودية، إن القاهرة طالبت الإدارة الأميركية بالضغط من أجل تشكيل مبادرة دولية لحل أزمة سد النهضة الشائكة.

وأوضحت المصادر أن رئيس المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل، عقد جلسات مشاورات مع مسؤولين أمريكيين بارزين من أجل مناقشة عدد من الملفات خلال زيارته الحالية لواشنطن، من ضمنها ملف السد الإثيوبي.

كما أكدت أن القاهرة طلبت بشكل واضح بمبادرة دولية لحل الأزمة بين الدول الثلاث (السودان ومصر وإثيوبيا).

إلى ذلك، طلب رئيس الاستخبارات المصري من واشنطن أن تطرح رؤيتها حول هذا الملف العالق منذ سنوات دون حل، لمنع تفاقمها. واقترح العودة للاتفاق الذي رعته سابقا الإدارة الأميركية، والذي كانت الدول الثلاث ستوقع عليه قبل أن تتحفظ إثيوبيا وتمتنع.

كامل أوضح للمسؤولين الأميركيين بأن عدم التوصل لاتفاق ملزم يهدد استقرار المنطقة وحياة الشعوب في الدول المعنية، ويخلق أزمات كبيرة، وطالب بضغط أميركي من أجل حث إثيوبيا على وقف التصعيد والملء الثاني حتى التوصل لاتفاق ملزم بين دول المصب.

​كل الطرق تؤدي للحرب

ووفق الخبير الدولي، العضو السابق بالوفد السوداني لمفاوضات السد، أحمد المفتي، فإن كل الطرق بشأن سد النهضة تؤدي إلى الحرب.

وأردف: "السودان ومصر مضطران للدخول في مواجهة مع إثيوبيا، فهي تدفعهما لذلك بمحاولتها التحكم في مصير المياه للدولتين".

ورأى المفتي أنه "إذا لم تتحرك حكومتا مصر والسودان، فسيتحرك شعبا البلدين ضد الحكومتين؛ فالضرر سيكون كبيرا على الشعبين".

اتجاه التحدي والتسخين

يقول اللواء حمدي بخيت، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن مصر تسعى منذ بداية الأزمة إلى التوصل إلى حل توافقي يرضى جميع الأطراف من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة، مشيرا إلى أن الجانب الإثيوبي أخذ الموضوع في اتجاه التحدي والتسخين بدلا من اللجوء إلى طرح حلول منطقية لحل الأزمة، لافتا إلى أن هناك تحركات مختلفة لحل الأزمة من جانب مصر والمبعوث الأمريكي والمبعوث الإفريقي، منوها أن مصر تتحرك في كل الاتجاهات وتذهب لكل الدول.

وأضاف«بخيت»، أن موقف مصر واضح منذ بداية الأزمة وهو عدم اللجوء إلى القوة ومع الحلول السلمية بما يرضى جميع الأطراف طبقا للقانون الدولي، واصفا إثيوبيا بالدولة المارقة التي لا تستمع لنداء العقل وترفض كل أشكال الوساطات الدولية والإقليمية، وعلى إثيوبيا أن تنتبه بأن السد لن يجلب لها سوى الخراب، مؤكدا على أن مصر دولة ليست معتدية ولكنها لها الحق في استخدام كل الوسائل للدفاع عن أمنها القومي، لاسيما في قضية تتعلق بالبقاء، مشيرا إلى أن سد النهضة قضية حياة أو موت، وبالتالي لمصر الحق في الدفاع عن مصالحها الاستراتيجية، وخاصة القضايا المرتبطة بالبقاء ومنها موضوع سد النهضة، موضحا أن التصريحات الإثيوبية لا تفيد الأزمة ولكنها تأخذ المنطقة لحالة من عدم الاستقرار، مشيرا إلى أن مصر تميزت بضبط النفس واستنفدت كل البدائل الدبلوماسية لحل القضية.

وتابع الخبير العسكري والاستراتيجي، أنه إذا وضعت إثيوبيا حل أزمة سد النهضة على المحك فإن مصر لن تتأخر، لكنه يرى أنه ما زال هناك أمل في أن تستجيب إثيوبيا لنداء المجتمع الدولي، مشيرا إلى أن مصر وضعت العالم وإثيوبيا والاتحاد الإفريقي أمام مسئولياتهم، مطالبا المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات لإعادت إثيوبيا إلى الطريق الصحيح، مؤكدا على أن مصر لديها الأدوات التي تستطيع بها حسم الأزمة في حال استمرت إثيوبيا في تعنتها وأخذت الموضوع إلى حافة الهاوية.

قنبلة موقوتة

ويضيف اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والإستراتيجي، أن تصريحات المسئولين الإثيوبيين هي تصريحات عنترية، مشيرا إلى أن القيادة السياسية تعمل حساباتها جيدا، لافتا إلى أن هناك بعض المؤشرات التي تكشف خطوة مصر القادمة، منها أن الجيش المصري ما زال موجودا في السودان، ولم يعد منذ التدريبات المشتركة التي جرت هناك، ونقل الملف من وزارة الخارجية إلى الجهات السيادية، مطالبا بترك الأمر للقيادة السياسية.