رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أرقام مرعبة.. «بيدوفيليا» انحراف جنسى يهدد أطفال مصر

«بيدوفيليا» انحراف
«بيدوفيليا» انحراف جنسى يهدد أطفال مصر


«من أمن العقاب أساء الأدب»، لطالما تردد على مسامعنا ذلك القول، الذي يرى الكثيرون أنه ينطبق على ما حدث في واقعة «متحرش المعادي»، التي سبقتها ولحقتها وقائع تعد أخرى على المرأة في المجتمع.

ولعل أكثر ما نال نصيبًا من الشهرة، في الأيام الأخيرة، واقعتي «متحرش المترو» و«سيدة السلام»، ومع ذلك عاد مصطلح «بيدوفيليا»، يتداول بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وهو مصطلح علمي يعني العشق الدافع للتحرش الجنسي بالأطفال.

الحديث عن هذا المرض، أثار الجدل عن هؤلاء الداعين للتستر على مرتكبي هذه الجرائم باسم الدين، بحجة أن الإسلام أمر بالستر، وأن المتحرش لديه أسرة وأطفال لا ذنب لهم فيما فعله.

لم يكن الجدل المُثار حول الواقعة هو كل شيء، بل هناك الكثير من التساؤلات وأهمها هل «بيدوفيليا» مرض نفسي؟ وهل كون الشخص «بيدوفيلي» فإنه يجب أن يكون معفيا من العقاب؟ خاصة أن أرقام الإحصائيات حول انتشار هذا المرض في مصر تثير الرعب، بشأن ما يتعرض له "شرف الأطفال" من تهديد.

اشتعل الغضب على السوشيال الميديا خلال الأسبوع الماضي، بعد تصوير واقعة تحرش بطلها، المتهم محمد جودت الشهير بـ«متحرش المعادي»، بطفلة- كشفت التحقيقات- أنها تبلغ من العمر 7 أعوام و6 أشهر، في مداخل إحدى بنايات المعادي، تحديدًا بميدان الحرية.

وكانت إحدى السيدات اللواتي يعملن في أحد معامل التحاليل الطبية بالعمارة التي وقع فيها الحادث، نشرت مقطع فيديو من كاميرات المراقبة الخاصة بالمعمل، يُظهر الجاني يقوم بفعلته التي أجمع الجميع على وصفها بـ «القذرة»، وخرجت فورًا لإنقاذ الفتاة من براثن الحيوان الهائج –كما وصفه البعض- الذي ألقي القبض عليه بأحد المخازن بمنطقة الزاوية الحمراء.

أرقام مخيفة
أكثر من 20 ألف حالة تحرش جنسي تقع سنويًا في مصر، استحوذ الأطفال على النسبة الأكبر منها والتي وصلت إلى 85%، في حين تعرض 20% منهم للقتل لمقاومة المتحرش أو المغتصب، وفقًا لدراسات رسمية أجراها المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية.

رغم اتباع الأهالي سياسة التكتم على جريمة التعدي الجنسي على أطفالهم، إلا أن إحصائيات المجلس القومي للأمومة والطفولة، أثبتت الواقع المُرعب بعدما كشفت أن 1000 طفل تعرض للاغتصاب في أول عشرة أشهر من عام 2014، وهذه الحالات التي تم الإبلاغ عنها فقط.

أخذت جرائم الاغتصاب والتحرش في التفشي بصورة ملحوظة، وكشفت أحدث الإحصائيات أن المغتصب لطالما ينهي جريمته في الدقائق العشر الأولى، ثم يتبعها بإيذاء نفسي وبدني للطفل وربما تصل إلى القتل مثلما حدث في الكثير من الوقائع.

واقعة التحرش بطفلة المعادي ذات الستة أعوام، أعادت إلى الأذهان وقائع التحرش بالأطفال التي وقعت في سنوات ماضية، لعل أبرزها حادثة «طفلة البامبرز» ابنة العام والثمانية أشهر، عام 2017، والتي اغتصبها شاب في العقد الثالث من عمره، بعدما اختطفها من أمام بيتها بإحدى قرى مركز الدقهلية.

وفي عام 2018 ضاج الرأي العام بشأن قضية طفل المطرية حمزة، الذي اغتصبه عاطلون، ولم يكتفوا بذلك وحسب وألقوه من أعلى إحدى العمائر ليسقط جثة هامدة، ولم يكن يرتدي سوى «بامبرز».

18 % هي نسبة الاعتداء الجنسي على الأطفال من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل، بل إن 35% من تلك الحوادث يكون المتحرش ذا صلة قرابة بالطفل، في حين أن 65% من حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال لا توجد بينهم صلة قرابة، وفقًا لدراسة أعدتها أستاذ الإعلام المساعد بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، فاتن عبدالرحمن.

كما خلصت الدراسة إلى أن 82% من الجرائم وقع في أماكن من المفترض أن تكون آمنة للطفل وحدثت من أناس الطفل يثق فيهم، وأن نسبة 77% من المُعتدين يحبهم الأطفال.

كله بالقانون
الوقائع والأرقام المُشار إليها مرعبة بالقدر الذي يدفع إلى التساؤل هل يمكن اعتبار كل هؤلاء المغتصبين والمتحرشين بالأطفال «البيدوفيلين» مرضى نفسيين أم أن تلك ميول جنسية، أم هناك توصيف آخر؟ وهل هذا يسقط عنهم العقاب؟.

اعترض الكثيرون على أن القانون يعامل المعتدين على الأطفال جنسيًا، معاملة المرضى العقليين، وبحسب البعض، يستغل محامو المتهمين في وقائع التحرش واغتصاب الأطفال، هذه الثغرة ويطلبون عرض المتهم على لجنة أطباء نفسيين لإثبات المرض النفسي، وبناءً عليه يتم تخفيف العقوبة، و«كله بالقانون» وفقًا لتوصيفهم.

وتنص المادة 306 مكرر (أ) من قانون العقوبات على أن "يعاقب المتهم فيها بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه، ولا تزيد على 5 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأي وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية".

تتضاعف مدة الحبس إلى سنة، وتزيد الغرامة من 5 إلى 10 آلاف، في حال تكرر الفعل من الجاني، وتتبع المجني عليه، على أن تتضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حالة العودة في حديهما الأدنى والأقصى.

"يعد تحرشًا جنسيًا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرر (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين"، وفقًا لنص المادة 306 مكرر (ب).

وبحسب قانون العقوبات، "إذا كان الجانى ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغطا تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحا تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنين والغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه".

"البيدوفيليبن" يشتهون الأطفال
«البيدوفيليا» هي اضطراب الولع بالأطفال أو اضطراب الأطفال أو مرض عشق الأطفال، وهو اضطراب نفسي يتميّز بالانجذاب والميل الجنسي للأطفال من كلا الجنسين أو أحدهما؛ وهم الأطفال الرضع إلى الأطفال في سن 13 سنة، بحسب الدليل الإحصائي التشخيصي الخامس للاضطرابات النفسية.

وينقسم المصابون إلى ثلاثة أنواع، الأول: يعانون من خيالات واستثارة جنسية تجاه الأطفال تدفعهم نحوهم دون إيذائهم مع الشعور المستمر بالقلق والخجل والذنب، الثاني: يصل بهم الأمر إلى درجة الاعتداء الجنسي والاغتصاب (هم نادرون)، الثالث: يكتفون بالتحرش بهم من خلال مداعبتهم عن طريق اللمس، والتعرية، والتقبيل للتلذّذ ولإشباع الحاجة الجنسية الملحة التي تتملكهم.

ويؤكد الدليل التشخيصي أن كل المصابين بالبيدوفيليا هم من فئة الرجال، وتعد النساء المصابات بهذا الاضطراب من الحالات النادرة.

اشتهاء الأطفال
"فرق كبير بين المرض النفسي واضطراب الشخصية، البيدوفيلي لديه اضطراب شخصية، وهو شخص واع، على عكس المرضى العقليين ومرضى الذهان"، بهذه الكلمات بدأت أخصائية العلاج النفسي والعلاقات الأسرية، الدكتورة أسماء عبدالعظيم، حديثها مع «النبأ الوطني».



"البيدوفيلي أو المصاب باضطراب اشتهاء الأطفال جنسيًا حصلت له حاجة وهو صغير عملت عنده خلل، وعايز ينتقم أو أنه تعرض للتحرش في صغره واتعود"، بحسب «عبدالعظيم».

مصيبة كُبرى
"هو إيه المثير في طفلة! الغرائز ما لهاش دعوة روح فضي غرائزك في حتة تانية"، وهكذا تستنكر أخصائي العلاج النفسي مبررات المعتدين جنسيًا على الأطفال.

المصيبة الكُبرى من وجهة نظر أسماء عبدالعظيم، أنه في كثير من الأحيان يتم الخلط بين مرضى الاضطرابات الشخصية والمرضى النفسيين، الحالة التي يكون فيها الجاني واعيا لما يقوم به، وبين المريض العقلي أو مريض الذهان الذي لا يعي ما يفعل.

واختتمت «عبدالعظيم» حديثها مع «النبأ الوطني»، بالإشارة إلى أن القاضي يصدر حكمه بناءً على درجة الوعي عند الجاني، وطالبت بضرورة تغليظ العقوبة حتى تكون رادعة لكل متحرش.

المشكلة في القضاة
"القانون يحدد المسؤولية وعدم المسؤولية في حالة الأمراض العقلية وليس الأمراض النفسية، لو حد مضطرب نفسيًا غير مبرر تمامًا أنه يرتكب جريمة ويقول إن أنا عندي اضطراب نفسي أو صدمة حتى يهرب من العقاب"، بدأ المحامي والناشط بمركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، مايكل رؤوف، حديثه مع «النبأ الوطني» بهذه الكلمات لإثبات أن القانون لا يسمح بإفلات المتحرش من الجريمة بحجة المرض النفسي كما يزعم البعض.

وتابع: "الكلام دا كله لا يخضع للإعفاء من المساءلة القانونية، الشخص ما دام عمل الجريمة وهو في كامل قواه العقلية فهو مسؤول عنها، مريض الفصام أو الذهان غير مسؤول عن الجريمة، ولكن دا بيتم الكشف عنه بعد إخضاعه لأطباء نفسيين في مستشفى حكومي تحت ملاحظتهم ويعملوا تقرير يفيد بأنه مريض فعلًا، ففكرة إن يتقال إن القانون مش بيفرق بين المرض النفسي والعقلي، دا كلام غير مضبوط ومش بيحصل".

ولكن المشكلة من وجهة نظر «رؤوف» لا تكمن في كون العقوبة غير رادعة، لاسيما وأن القانون نص على عقوبات مغلظة لكل جريمة، الأزمة تتمثل في فكر وثقافة المجتمع، والذي يستقي منه القضاة فكرهم وثقافتهم: "المشكلة في المجتمع وقناعاته والتي تصل إلى المحكمة مع الأسف، وفي النهاية القاضي جزء من المجتمع مش بمعزل عنه، ولو القاضي ما كانش عنده القدر الكافي من الاستنارة القوية التي يلاحظ من خلالها مدى بشاعة الجريمة ويعطي عقوبة ملائمة للفعل مش هيحصل ردع".

كارثة مادة الرأفة
"مصيبة كبيرة أنه يتم استخدام مادة الرأفة 17 عقوبات، للنزول بالحكم درجتين في معظم قضايا العنف ضد المرأة والطفل، في حين أنه لا يتم استخدامها بهذه الصورة في القضايا الأخرى"، هكذا استنكر المحامي مايكل رؤوف، استخدام القضاة لهذه المادة في قضايا العنف ضد المرأة، لدرجة أن إحدى قضايا التحرش بطالبة في الجامعة من قِبل زميلين أصدر القاضي حكمه بحبسهما أسبوعين فقط، رغم ثبوت التهمة عليهما.

ويؤكد «مايكل» أن أقصى عقوبة في قضايا التحرش قد تصل إلى إعدام، في حالة عدم استخدام مادة الرأفة، ولذلك فهناك مشروع قانون تم تقديمه إلى مجلس النواب لاستثناء أحكام المادة 17 ولا يجوز استخدامها في جرائم العنف ضد المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنه لم يُناقش إلى الآن، الأمر الذي جعله يتساءل مستنكرًا عن أساس التشريع بالمجلس: " الحقيقة أساس التشريع الذي يشرع عليه البرلمان غير مفهوم".

الأنثى مستباحة
واختتم مايكل رؤوف حديثه مع «النبأ الوطني»، بالمطالبة بإعادة هيكلة القضاء وفكر وثقافة القضاة والنيابة العامة المختصة بالتحقيق في هذا النوع من القضايا، للتمكن من الاستماع إلى الضحايا بصورة لا تسبب لها إحراجا ولا تشعر بأنها مُلامة، وذلك من خلال تدريبات تؤهلهم للتعامل مع قضايا العنف ضد المرأة والطفل، مُشيرًا إلى أن المرأة والأنثى بشكل عام مستباحة في كل الأحوال، للدرجة التي تجعل بعض القضاة يستخدمون حججا فارغة من نوع (عنده عيال- مستقبله هيضيع) لتخفيف الحكم على المتهم على حساب الضحية.

ما فيش إحصائيات
"ما فيش إحصائية ومافيش أعداد، هذه حالات فردية، لأنها غير مكررة في كل لحظة ومكان والحالات الفردية تظهر بين الحين والآخر، ولم يكن مُخطط لأي موضوع تم بالمرة"، هكذا عبر أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، فتحي قناوي، في حديثه مع «النبأ الوطني» عن عدم اعترافه بأرقام الإحصائيات المتعلقة بوقائع التحرش بالأطفال، "ليس هناك سيستم معين يتبعه المتحرش، فبالتالي لا نستطيع الإحصاء أو نقول أنها في زيادة".

ورأى أستاذ كشف الجريمة أن واقعة التحرش بطفلة المعادي يكتنفها الغموض، وأن الرأي العام يصدر صورة رهيبة قد لا تكون الحقيقة، على اعتبار أن المتحرش دخل عمارة مؤهلة ليرتكب جريمته، "يعني إيه أروح عمارة فيها ناس طالعة وداخلة أتحرش بحد فيها! وبعدين القصد المبيت مع فعل الشيء لم يكن متواجدا، والعملية لحظية وممنهجة وليست بالشكل الرهيب الذي يصوره الرأي العام".

لماذا نثور!
"العملية ليست بتصوير بنشر صور أو فيديوهات، فلا أحد يعلم بظروف الواقعة"، هكذا اعترض «قناوي» على فكرة التصوير في جرائم التحرش، بدعوى أن كل واقعة لها ظروف معينة.

المجتمع من وجهة نظر «قناوي» مزدوج المعايير،لأنه في اللحظة التي يثور فيها على جرائم التحرش ويصورها وينشرها، لم يلتفت إلى الأماكن العامة والحدائق وما يحدث بها، "ليه بنثور على جرائم التحرش في حين إن جنينة الأسماك وغيرها مليانة شباب وفتايات يتبادلون القبلات والأحضان، والفعلان في القانون يندرجان تحت مسمى فعل فاضح في الطريق العام، وما فيش حاجة اسمها بالتراضي هذه أيضًا جريمة، حتى إنه في حالة تم ضبط زوج وزجته يقبلان بعضهما في الشارع، يعاقبان بتهمة ارتكاب فعل فاضح في الطريق العام".

وتابع: "فلماذا لا يثور المجتمع على مثل تلك الوقائع أيضًا، إن كان يريد أن يواجه كل ما هو منافي للآداب والأخلاق، المفروض نمنع كل التصرفات دي".

التوعية هي الحل
واختتم «قناوي» حديثه مع «النبأ الوطني» بأنه بدلًا من نشر الحالات السلبية (يقصد وقائع التحرش)، أن يتم نشر القوانين التي تعاقب على التحرش، لافتًا إلى ضرورة أن تعمل كافة مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والمؤسسات الدينية والإعلامية على توعية الشباب والسمو بأخلاقياتهم، وعدم تصدير نماذج سيئة لهم باعتبارها قدوة، وأن التوعية الحقيقية تبدأ من الأسرة وتليها المدرسة والجامعة.

فضحه حرام أم نفد رصيده؟

"حرام عليكم استروه ده عنده عيال".. "لا خلاص ده رصيده من الستر خلص"، عبارات ألفتها الآذان منذ أسبوع، بعدما انقسمت الآراء بشأن متحرش المعادي، حيث رأى السواد الأعظم أن الله قد كشف ستره عنه مبررين ذلك بأن رصيده من الستر نفد، ولم يمانعوا من مشاركة الفيديو الذي يوثق واقعة تحرشه بالطفلة، عبر حساباتهم الشخصية أو المجموعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في حين أطلت فئة أخرى أثارت اشمئزاز الجميع، تدعو إلى ستر المتحرش محمد جودت، بحجة أن لديه أطفالا وزوجة وأسرة ربما تتلوث سمعتهم ويتأذون، معتمدين على الحديث النبوي الشريف "من ستر مُسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة"، في حين رأى فريق ثالث ستر بريء من مثل هذه الأفعال القذرة، لاسيما وأنها توقع ضررًا بأشخاص آخرين.

وأثيرت مجموعة تساؤلات أهمها، أليس الستر على المتحرش يزيد من انتشار الجريمة؟ أليست مصلحة المتحرش بها أولى من الستر على الجاني؟ وأي كفة يرجح الشرع المجني عليها أم الجاني بدعوى الستر؟

مفهوم الستر شرعًا
"الستر لا يكون للجرائم والجنايات كالتحرش، الستر المقصود من الحديث يكون للمعصية بين العبد وربه، شرط أن لا يؤذي بها أحدًا"، بحسب وكيل الأزهر السابق، الدكتور عباس شومان.

ورأى «شومان»، أنه من الواجب اتخاذ اللازم لمنع هذا السلوك الشاذ (يقصد التحرش)، وأنه لابد من التعامل مع مثل هذه الجرائم من أكثر من جانب، وتفعيل دور كافة المؤسسات وتكثيف الجهود الدعوية والتعليمية، بالإشارة إلى أن مثل تلك الأفعال منافية للشرائع والأديان والأخلاق.

واختتم «شومان» حديثه مع «النبأ الوطني»، بالتأكيد على ضرورة تغليظ العقوبات في قضايا التحرش؛ لتكون رادعة لأصحاب النفوس الضعيفة، فضلًا عن تفعيل الدور النفسي والاجتماعي للمؤسسات الدولة المعنية بالأمر.

تحصين للمجتمع
"التنكيل بالمتحرشين تحصين وحماية للمجتمع، وبالتالي حماية لأبنائنا، ورادع شديد لكل من تسول له نفسه بارتكاب مثل تلك الجريمة"، بهذه الكلمات بدأ عضو لمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الشيخ خالد الجندي حديثه مع «النبأ الوطني».

وطرح «الجندي»، عدة تساؤلات يجب أن يسألها المطالبون بستر المتحرش، لأنفسهم، وهي: "هل هناك ستر على العاصي أم ليس هناك ستر على العاصي؟ هل المجتمع يتقبل هذا أم لا يتقبل هذا؟ أي الجريمتين أشد هتكا ستر العاصي أم هتك عرض المتحرش بها؟ أليس في الستر تشجيع على المعصية أم أنه تطبيق لشرع الله؟ أم أن الستر هنا لا يتفق مع ستر الله ولابد من هتك ستره؟ أليس الستر أولى من الهتك أم أن الهتك أولى من الستر أليس حق المتحرش بها أولى من الجاني، أم حق الجاني أولى من المتحرش؟".

واختتم عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، حديثه مع «النبأ الوطني»، بأن التحرش بالمتحرشين واجب، وأن المولى سبحانه وتعالى أرسى ذلك، في قوله: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهم رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين"، مُضيفًا أنه لا يجب التعرض لأيٍ من عائلة المتحرش، لاسيما وأن لا ذنب لهم.

افضحوا المعتاد على الخطأ
الرسول عليه الصلاة والسلام قال: "من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة"، المخطئ له عقوبة في القانون، فهل من ضمن القانون فضحه.. وكم عقوبة ستوقع عليه!"، بدأ وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة، الشيخ محمد عزالدين.

واختتم «عزالدين» حديثه مع «النبأ الوطني»، قائلًا: "افضحوا الإنسان المُخطئ الذي اعتاد الخطأ وبات طبعا له ويُرفع أمره للحاكم ليعاقب".

"التحرش أمر مرفوض عُرفيًا وشرعيًا، ولا بد من إظهار خطورته للمجتمع"، بهذه الكلمات بدأ المتحدث باسم جامعة الأزهر، الدكتور أحمد زارع، حديثه مع «النبأ الوطني».

ردع للآخرين
"لا يُمكن نسب التحرش وأي انحراف أخلاقي مشابه إلى مسألة رصيد الإنسان من الستر، لاسيما وأن التهاون مع مثل هؤلاء المجرمين يؤدي لتفشي الفاحشة بين الناس"، بهذه الكلمات أكد «زارع» أن تداول مقطع الفيديو الذي يثبت واقعة التحرش، يأتي من باب الردع للآخرين، لتطهير من مثل الآفات.

واختتم المتحدث باسم الأزهر حديثه مع «النبأ الوطني»، بأن الحدود التي نص الإسلام عليها، كان أمر حضورها مهمًا بالنسبة للمسلمين؛ لردع الآخرين، وفضح المتحرش يتطابق مع ذلك الأمر.