رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مصر في القضاء

حمدي رزق
حمدي رزق

ما لا يُدرك كله لا يُترك كله، ووكالة الفضاء المصرية التى ترعى إطلاق القمر الصناعى المصرى «طيبة 1» للاتصالات من قاعدة الإطلاق العالمية بمدينة «كورو» بجويانا الفرنسية فى طرف أمريكا اللاتينية، تأسست بإرادة وطنية تُعنى باللحاق بمسيرة العالم نحو الفضاء، وتشغل مساحتها الفضائية، وتملأ مدارها الفضائى بجدارة واستحقاق.


القمر الصناعى المصرى «طيبة 1» لن يذهب بعد إطلاقه المرتقب بعيدا فى نزهة خلوية، بل فى مهمة تنموية، لعلها المهمة الأجدر بتسليط الضوء على مصر الجديدة، التى تدخل بهذا القمر عصر الاتصالات بالأقمار الصناعية وتودع عصر الاتصالات عبر الكوابل، مصر تتواصل فضائيا، وفى هذا منافع شتى.

مصر تدخل عصر الإنترنت فائق السرعة، فيض من الاتصالات يمكّن من رقمنة الخدمات الحكومية، والتوسعات التنموية، ويعكس آثاره بالغة الأهمية على الزراعة والصناعة والصحة والتعليم والاكتشافات البترولية والغازية والمعدنية، يمكّن من رفد النقلة التعليمية بمدد إضافى يعجّل بثورة التابلت، التى عوقتها طويلا كثافة الأحمال المطلوبة لإنجاز الربط الإلكترونى للبلاد من أقصاها إلى أقصاها.

100 مليون يورو كلفة القمر محسوبة اقتصاديًّا، هذا قمر يوفر خدمات للدولة المصرية لا تقدر بأثمان منظورة، ومؤهل لتقديم خدمات لدول الجوار فى حوض النيل، ما يدعم مشروعات التنمية والاتصالات فى حوض النيل، وهذا عامل جذب مصرى لإحداث نقلة تنموية تستفيد منها دول الحوض، زمن مضى كان الربط الكهربائى ضرورة قصوى مضافًا إليه الربط الإلكترونى، سيكون الأمر مجديًا تمامًا، وينقل دول الحوض من التنافسية والاحتراب إلى التعاونية والاتفاق.

ليس نهاية المطاف، فمصر تدخل بوكالتها الفضائية عالم الفضاء الفسيح، بقاعدة صناعية نجحت فى تصنيع برامج فى «أقمار تجريبية» ذهبت بعيدا إلى الفضاء فى مهام وطنية، وقاعدة بشرية فريدة، الفريق الوطنى يتضاعف أعداد خبرائه وعلمائه.

سياسة الابتعاث الخارجى إلى موطن تكنولوجيا الفضاء فى «أوكرانيا» آتت أُكلها، صارت لدينا فرق جاهزة لدخول عالم التصنيع الفضائى، وفرق لتشغيل الأقمار المصرية فى مداراتها حول الأرض، ومنها الفريق الوطنى الذى سيدير ويقود حركة القمر «طيبة 1» من أرض مصر بعد إطلاقه من جويانا الفرنسية.

أراه قريبًا ومتفائلًا، أرى قمرًا صناعيًا مصريًا، صناعة مصرية مائة بالمائة، يقوم على تصنيعه نخبة مصرية من شباب الجامعات المصرية، الذين تخصصوا فى علوم الفضاء والحاسب، أراهم يجتهدون على أيدى علماء مصريين وأجانب فى خمس جامعات مصرية، جميعًا ينظرون لأعلى، من يرفع عينيه إلى الفضاء لا يُخشى عليه فى الأرض.
نقلا عن "المصري اليوم"