رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كيف كان العقاب الإلهي على مذبحة المماليك؟

عمر طاهر- أرشيفية
عمر طاهر- أرشيفية


فى «الحفيد» كانت كريمة مختار تتصدر المشهد، تغير ملابسها وفى الخلفية بعيدا يقوم مدبولى بالمرور على مفاتيح الكهرباء فى الشقة لإطفائها واحدا تلو الآخر كنموذج للأب المصرى، كان مدبولى القادم من بعيد هو بطل المشهد، ولأجل هذا خُلقت السينما. تمنيت أن أكتب هذا الفيلم، وأن أكتب آخر عن اللحظة التى اكتشف فيها عبدالناصر، وهو يتلقى العلاج فى موسكو، أن قدمه مصابة بـ«الغرغرينا» وعليه أن يصارع الوقت للنجاة من البتر بينما مصر تخوض أشرف معاركها (الاستنزاف). أو فيلم عن غرام جعل «أم كلثوم» توافق أن تكون زوجة ثانية لـ«محمود الشريف»، الزيجة التى قاومها «مصطفى أمين» بشراسة أنهكت قلب زوجة الشريف المريضة فتوفيت، يقول الشريف: «مقال أمين عجّل بجنازة قلبها المرهق»، وهكذا يرى الناس أمين كاتبا كبيرا ماعدا الشريف يراه قاتلا. أو عن الأميرة فايزة شقيقة الملك فاروق التى بقيت فى مصر فوقع فى غرامها (جمال سالم)، جُن بجمالها وأصبح (متوولا) بها، و«التولة» فى المعجم: السحر، وعندما طلب من عبدالناصر السماح له بالزواج منها راوغه، ثم هرّبها ناصر سرا إلى تركيا ليغلق ملفا قد يؤذى الجميع، قال: «هل قامت الثورة ليتزوج الضباط من الأميرات؟»، ثم صدرت أوامر بمحاكمتها غيابيا على الهروب بمجوهرات العائلة المالكة «ليورطها» أكثر فى الهروب وعدم الرجوع، و«الورطة» فى المعجم: الوحل الشديد.

أو فيلم عن لحظة اكتشاف «محمد على» أن العقاب الإلهى على مذبحة المماليك كان مؤجلا، كان محمد على قد أرسل حملات للسودان لجمع رجال من هناك لتشكيل نواة للجيش، واحدة منهم كانت بقيادة ابنه إسماعيل، كان نموذجا فى الفشل والتهور والقسوة، فما كان من ملك منطقة شندى إلا أن رتب مأدبة كبيرة لإسماعيل باشا على شرفه تماما مثل «عزومة المماليك» وقرر الملك أن ينهى المأساة التى كانوا يعيشونها بأنهم أحرقوا إسماعيل بن محمد على حيا، حزن الباشا خاصة أنه فقد ابنه طوسون قبلها بفترة، ثم انتقم بإخضاع السودان لحكمه، يلوم البعض على ناصر أنه فرط فى السودان لاحقا، وأفضل رد قاله صلاح سالم: «قرار الانفصال لا يخص مصر لكنه يخص السودانيين».

فيلم السينما يعبر عن صراع وأزمة، الأمر الذى يجعل كل لحظات حياتنا أفلاما، اللحاق بالركعة الثانية فى صلاة الجمعة، موافقة الكلاينت، خلع الحجاب وارتداؤه، العثور على (ركنة، واسطة، مدرسة قريبة للبيت، لينك للمباراة، تذكرة لحفل عمر خيرت، محام شاطر، طبيب عنده ضمير)، الوقوف بين يدى محصل الكهرباء وهى اللحظة التى يبدو أنها أزمة قديمة من أيام عبدالمنعم مدبولى.

■ مصادر: (أنا والعذاب وأم كلثوم- طارق الشناوى، الصحة والسلطة- يفجينى شازوف، الجريدة الكويتية- وائل أبوالسعود، كل رجال الباشا- خالد فهمى).

نقلا عن "المصري اليوم"