رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بعد واقعة «شهم البساتين».. «النبأ» تحقق في جريمة قتل الزوج «المخدوع» بشارع حسان دياب

شارع حسان دياب بالبساتين
شارع حسان دياب بالبساتين والمتهمة

لم تكن جريمة القتل التي وقعت بشارع حسان دياب المتفرع من السد العالي بمنطقة البساتين بالقاهرة، وتمثلت في مقتل سائق على يد زوجته ونجلهما، هي الأولى التي شهدها، لكنه سجل سابقا جريمة مقتل «أبو دنيا المكوجي»، القضية المعروف إعلاميا بـ«شهم البساتين».


حكاية شهم البساتين
انتقل محرر «النبأ» إلى موقع الحادث الذي شهدته منطقة البساتين، للوقوف على تفاصيل جريمة مقتل الزوج المخدوع على يد المدام، ليكتشف عند وصوله لمحل الواقعة، أن الجريمة وقعت بشارع حسان دياب الذي شهد منذ عدة أشهر أحداث مقتل مكوجي عقب تدخله لإنقاذ سيدة مسيحية من التحرش على يد جاره إثر إصابته بطعنة نافذة في الصدر بالناحية اليسرى، والذي كان حديث المحروسة وقتها، تتشارك الواقعتان في التهمة - وهي القتل - لكن أحداث كل منها تختلف عن الأخرى.


خدعة المدام للهروب من الجريمة
لم يمر وقتًا طويلًا على حادث قتل «شهم البساتين»، ليستيقظ سكان شارع حسان دياب المتفرع من السد العالي بمنطقة البساتين صباح الخميس من الأسبوع الماضي، على صوت «صريخ» نادية، وهي توهم الأهالي بأنها استيقظت من نومها وجدت أبو العيال «علاء»، 60 عاما، متوفى وفاة طبيعية، لكنها لم تفلح خديعتها، ليفتضح أمرها على يد طبيب الصحة بعدما أكد أن الوفاة ليست طبيعية؛ وتوجد شبهة جنائية.


رحلة «17» عاما تنتهي بقتل الزوج المخدوع
هذه الأحداث دارت في العقار رقم 30 بشارع حسان دياب، والشاهد على رحلة الـ«17» عاما على زواج المتهمة من «علاء» والتي أثمرت عن ثلاثة أطفال، لم تشفع هذه الفترة للزوج المخدوع، وكتبت الزوجة نهاية «أبو العيال» بيديها وبمساعدة نجلهما غير مبالية بمصير الأطفال.


المصير المحتوم
تفننت المتهمة في تحديد مصيرا سيئا لها ولابنائها بعدما تخلص من زوجها بطريقة شيطانية، ليكون مصيرها، ونجلها «مصطفى» المتهم بالاشتراك معها في قتل والده السجن، بينما دور الرعاية هو المصير المحتوم للطفلتين «رحمة، شهد»، خاصة بعدما رفض أهالي المجني عليه والمتهمة استلامهما.


3 أيام على جثة القتيل داخل الشقة
يروي أحداث الواقعة المأساوية لـ«النبأ»، شاب ثلاثيني من عمره - رفض ذكر اسمه - من سكان شارع حسان دياب، قائلًا: «إنه استيقظ صباح يوم الحادث على (صوت وصريخ) في منزل أحد الجيران، وتبين له أن أحد جيرانه توفى، فخرج سكان الشارع لمواساة أهالي المتوفي، وحضر الطبيب للكشف على الجثة وعندما انتهى، فوجئنا بجارتنا المتهمة (نادية) تخبرنا هي الأخرى بأنها استيقظت من النوم وجدت زوجها متوفى أيضا فطلبنا من الطبيب الذهاب لشقتها للكشف على زوجها (علاء)، حينها أخبرهم بعد الكشف على الجثة بأن الوفاة ليست طبيعية».

ويضيف صاحب الثلاثين عاما، «ابلغنا قسم شرطة البساتين، وأحضر حراسة مشددة على الشقة، فتحنا المراوح لتهوية الجثة التي استمرت داخل الشقة لمدة ثلاثة أيام، وطلبنا من رجال المباحث نقل الجثة لمشرحة المستشفى بعد ذلك»، متابعًا: «تم نقل الجثة بعدما اكتشف رجال المباحث الجريمة، وافتضح أمر الزوجة، وتبين أنها هي التي تخلصت من زوجها واعترفت أماهم بأنها وضعت له منوم في الشاي وخنقته بمساعدة نجلهما».


صاحب العقار: «بهدلة»
اقتربنا من العقار رقم 30 بشارع حسان دياب، لنجد صاحب العقار في السبعين من عمره جالسا على كرسي أمام منزله يقف بجواره رجل خمسيني، وبعض الجيران متواجدون بالشارع، حيث يقول صاحب السبعين عاما إن المتهمة وزوجها وأطفالهما قضوا ثلاثة سنوات في شقة «دوبلكس» بالطابق الرابع بالعقار ملكه، لكن لا نعرف عنهم شيئا سواء السلام عليكم فقط، متابعا بعصبية شديد: «أحنا لو نعرف إن ده هيحصل مكناش قعدناهم معانا في البيت، من يوم الحادث واحنا متبهدلين بسببهم».

استمعنا لكلام صاحب السبعين عاما، قبل أن يخبرنا الرجل الخمسيني الذي يقف بجواره بأن صاحب العقار «كفيف» وطلب منا عدم الحديث معه قائلًا: «هو ميعرفش حاجة عن الواقعة ومش هيتكلم معاكم منعًا للمشاكل».


المتهم مصطفى «ابن القتيل من صلبه»
«هي كانت تخرج معرفش تروح فين وبترجع براحتها، كان سايبلها السايب في السايب»، هكذا بدأت «سيدة» أربعينية حديثها لـ«لنبأ» قبل أن تكمل: «زوجها مات وهي وابنها اتسجنا والطفلتين عند جارتنا هتيجي عربية دلوقتي تأخدهم تسلمهما لدور الرعاية والبيت خرب»، متابعة: «أما مصطفي ابنها الذي اشترك معها في الجريمة هو ابن القتيل من صلبه ليس كما أشيع».

وتضيف «علاء زوج المتهمة مكنش شغال لكن هي كانت تشتغل وكانت ظروفها حلوة وتصرف على أبنائها وما كانتش تبخل عليهم في أي حاجة، وكانت تخرج في أوقات متأخرة من الليل وتعود في الصباح، لكن حدث شيء غريب بينهما في الأيام الأخيرة غيّرت علاقتهما فقررت التخلص منه ليس بسبب خلافات مالية كما أشيع أيضًا».

وتكمل: «المتهمة اعترفت أمام ضباط المباحث بأن يوم الحادث شعر الزوج بصداع، وتوجهت الزوجة إلى المطبخ وهي تخبره أنها تجهز له كوب شاي، فوضعت له حباية منوم بالشاي وأحضرته له ليغط بعدها في نومه، ثم قام نجلها بتكبيله وشل حركته، وهي أجهرت عليه بخنقه بيديها وكتمت أنفاسه حتى تأكدت أنه فارق الحياة، ولو عاوز تعرف سلوك المتهمة روح اسأل الجيران عند بيت أهلها».


وكشف أحد جيران أهل المتهمة بشارع الجمهورية، والذي يبعد عن مسرح الجريمة بعدة شوارع - رفض ذكر اسمه - عن تفاصيل في حياة جارته وزوجها قائلا: «أنا أعرف نادية من 15 سنة، أبوها مات بحسرته عليها بسبب (مشيها البطال)، وعلاء جوزها، اتجوزها من 17 سنة، وبسببها إخواته قاطعوه وخلال الفترة دي هو كان عايش معاها وعارف كل حاجة عنها وكان قابل وساكت».

ويكمل: «في الفترة الأخيرة كان عايز يرفع عليها قضية يتهمها فيها إن العيال مش من صلبه ويمكن يكون هو ده الدافع اللي خلاها تفكر في قتله».


رجال المباحث والجريمة
بدأت أحداث الواقعة عندما تلقي المقدم علي فيصل رئيس وحدة مباحث قسم شرطة البساتين، بلاغًا من إحدى السيدات - مقيمة بدائرة القسم، لها معلومات جنائية، وشقيق زوجها مقيم بمنطقة المعادي يفيد بوفاة زوجها، واتهام شقيق زوجها لها بالتسبب فى وفاته لخلافات زوجية.

انتقل الرائد أحمد مختار معاون أول مباحث القسم، إلى مكان الحادث، وبالفحص تبين أن الجثة للمدعو «علاء. م»، 58 سنة، سائق، وأقرت زوجته أنها أثناء قيامها بإيقاظه وجدته متوفى، وفاة طبيعية.

تم تشكيل فريق بحث جنائى تحت إشرف العميد محمد الشرقاوى، رئيس مباحث قطاع جنوب القاهرة، وقاده المقدم على فيصل رئيس مباحث البساتين، وضم كل من الرواد رامي الجمل وأحمد مختار ومحمد خيري ضباط مباحث القسم، توصلت جهوده إلى وجود خلافات أسرية بين الزوجة وزوجها المتوفى، وأنها وراء ارتكاب الواقعة بالاشتراك مع نجلها.

وعقب تقنين الإجراءات تمكن الرائد أحمد مختار معاون أول مباحث قسم شرطة البساتين من ضبط المتهمة ونجلها، وقررت الزوجة بأن المجنى عليه دائم التعدى عليها وأبنائهما بالضرب، وتحصله منها على مبالغ مالية لكونه عاطلا عن العمل، فعقدت العزم على التخلص منه بالإتفاق مع أحد أبنائها، وفى سبيل تنفيذ جريمتها أعدت كوبا من الشاى لزوجها ووضعت له أقراصًا مهدئة به، وعقب احتسائه وخلوده للنوم أقدمت على خنقه بيدها، وقيام الثانى بشل حركته حتى تأكدا من وفاته.

وأضافت المتهمة أنه عقب ذلك استدعت مفتش الصحة لاستخراج تصريح الدفن عقب إدعائها بأن الوفاة طبيعية، وأيد المتهم الثانى أقوالها، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات والتي أمرت بحبسهما على ذمة التحقيقات.

وأمرت نيابة البساتين الجزئية برئاسة المستشار مصطفى البتناوي، رئيس النيابة، والمستشار أحمد عمران مدير النيابة، وإشراف المستشار سمير حسن المحامي العام الأول لنيابات جنوب القاهرة، حبس المتهمة ونجلها 4 أيام على ذمة التحقيقات.